:: Flying Way ::

:: Flying Way :: (https://www.flyingway.com/vb/index.php)
-   ][ عــذب الـكــلام ][ (https://www.flyingway.com/vb/forumdisplay.php?f=95)
-   -   آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏ (https://www.flyingway.com/vb/showthread.php?t=27104)

thunder 13-05-2008 05:28 PM

آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
الصديق في هذه الدنيا عملة نادرة جداً . ‏
من يملك صديقاً صدوقاً فهو يملك ثروة لاتقدر بثمن .. ‏
عندما تفرح تجده بجانبك .. ‏
عندما تضيق عليك الدنيا تجد من يساعدك.. ‏
عندما تحزن تجد من يكفكف دموعك .. وينسيك همك وحزنك ‏
عندما تحتاج إلى من تتحدث معه بعمق تجد أذناً صاغية تسمع لك .‏
حتى عندما تموت تجد من يحملك إلى قبرك ويحمل على كاهله استقبال المعزين فيك.. ‏
لكن ماأقساها وما أوجعها وماأمرها تلك اللحظة التي تكتشف أن صديقك يخونك أو ‏يضعك جسراً للوصول إلى مبتغاه وهدفه ..‏
وماأصعبها وأكثرها إيلاماً تلك اللحظة التي تشك في مصداقيته وأمانته وتكتشف أنك ‏مخطئ .. ‏
مؤلم ‏
مؤلم ‏
لحظات تتجرعها كالعلقم وآهات تقذفها من أعماق أعماق أعماقك إلى الفضاء لكنها ‏لاتجدي عن شعور الألم والغصة التي تعتصر قلبك وروحك . ‏
تتمنى أن تخسف بك الأرض أو أن تموت دون أن تفعلها..‏
فتحت عيناي في هذه الدنيا على مشاكل وصراعات أبي وأمي من جهة وأمي وزوجة ‏أبي من جهة أخرى ... ‏
أمتد الصراع عندما كبرت حتى وصل بيني وبين أخواني من أبي .. ‏
كل يوم مشاكل وصراع .. ‏
أصبحت أحمل كرهاً لهم لايطاق.. ‏
وأصبحوا كذلك لايطيقون رؤيتي ولايحتملون الجلوس معي .. ‏
امتد الصراع لسنوات .. ‏
توفي أبي ..‏
وانتقلت مع أمي منزل جدي في مدينة أخرى .‏
أرتاح قلبي وهدأت أعصابي بعد أن بعُدت عن أخواني من أبي .. ‏
كانوا يشكلون عقدة لي في حياتي .. ‏
عددهم أكثر وكنت وحيداً في مجابهتم .. والكثرة تغلب الشجاعة كما يقولون.‏
في أول يوم دخلت المدرسة منتقلاً إلى مدينتي الجديدة ... حدث خلاف بيني وبين أحد ‏الطلاب امتد الى شجار .. فترسبات الخلاف والصراع لازالت تتحرك في أطرافي .. ‏
تدخَّل الطلاب لفك النزاع ونجحوا في ذلك .. ‏
أعدت ترتيب لباسي .. وخرجت من القاعة إلى حيث دورات المياة لأغسل وجهي ‏ويداي من آثار الاشتباك قبل دخول المعلم.‏
عندما خرجت من دورات المياه إذا بزميلي الذي تعاركت معه قبل قليل يهم بالدخول ‏لدورات المياه .. ‏
رمقته بنظرة كراهية وحقد .. نظرة شريره .. ‏
لكنه ابتسم .. وهو مازاد حنقي وغضبي .. ثم مضيت ‏
في فترة الاستراحة .. وبينما كنت أتجول في فناء المدرسة .. أمسك يدي أحدهم من ‏الخلف .. ‏
عندما استدرت إلى الجهة الأخرى .. وجدت زميلي نفسه الذي تعاركت معه قبل ‏قليل.‏
بادرني قائلاً: اعتذر منك أخي على ماحدث قبل قليل.. ‏
فتفاجأة بالموقف .. ولم أقدر على الحديث .. فقد عشت في بيئة لايمكن لأحد أن ‏يعتذر على خطأ ارتكبه بل يزيده اصراراً على المضي في الخطأ..‏
لم أتعود في حياتي أن أتسامح من أحد .. أو أن يأتي احدهم ليتسامح مني على فعل ‏ارتكبه .. فعبارة التسامح ليست موجودة في قاموس حياتي ‏
كان الموقف بين الشك واليقين .. ‏
هل هذا الطالب يقصد مايقوله .؟ أم أنه يتهكم علي.. ‏
فقضية التهكم والاستفزاز والسخرية جزء من حياتي عشتها مرات ومرات.. ‏
قلت له: ماذا تقول ؟ ‏
قال: أخي أنا أخطأت في حقك وأرجوك أن تسامحني ؟
قلت: هل تعني فعلاً ماتقول؟
قال: نعم .. أرجوك أن تعفو عن خطأي الذي ارتكبته هذا الصباح .. وأن تقبلني ‏كزميل وصديق في نفس الوقت ..‏
كصديق؟!‏
مفهوم جديد .. وعبارات جديدة لم أتعود على سماعها في حياتي .. ‏
قلت: عذرك مقبول .. وأرجوا ألا تعود لمثل هذه الحماقات .. ‏
قال: أعدك بذلك .. لكن لماذا لاتقبلني كصديق؟!.‏
قلت: وماذا تعني بكلمة صديق ... ‏
قال: أن نجتمع سوياً على الخير وأن نكون مثل الأخوة وأكثر .. ‏
قلت: ليس لي أخوة .. وأحتاج فعلاً أن يكون لي أخ ‏
قال : أنا أخوك .. فصافحني ولنتسامح .. ‏
صافحته بحراره .. وكانت المرة الأولى التي ينتابني شعور غريب لم أقدر على تفسيره أو ‏حتى وصفه .. ‏
عدنا إلى قاعة الدرس ومنذ ذلك اليوم لم نتفترق .. سواء في المدرسة أو خارج ‏المدرسة...‏
امتدت بنا سنوات الدراسة الأبتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية وأخيراً الجامعية .. ‏
امتدت علاقتنا حتى خارج المنزل ..إلى أهلي وأهله .. ‏
صارت علاقتنا قوية جداً جداً.. ‏
وأصبحت أنعم بمعاني الأخوة والصداقة .. بعد أن افتقدتها في مراحل حياتي الأولى .. ‏
عندما تخرجنا من الجامعة سوياً التحق بالعمل في منشأة .. والتحقت بالعمل في منشأة ‏أخرى .. ‏
لاأعرف في حياتي إلا أمي وهو .. ‏
ولا يعرف في حياته إلا أهله وأنا .. ‏
وامتدت جذور العلاقة إلى الأعماق .. لايزعزها مزعزع .. ولاينغصها منغص .. ‏
صرت أفهمه ويفهمني .. ‏
من كلماته ومن تعابير وجهه ومن تصرفاته أقرأ مابداخله ..‏
ومن كلماتي وتعابير وجهي وتصرفاتي يقرأ مابداخلي .. ‏
أصبحنا جسدين في روح واحده .. ‏
قلب واحد في جوفين .. ‏
حتى أن العلاقة والصداقة جعلتنا نتفق حتى في موعد الزواج ..وكان زواجنا في يوم ‏واحد وتاريخ واحد وفي مكان واحد .. ‏
ارتبطنا ارتباط وثيق لايمكن أن نفترق بعده .. ‏
أعرف عنه كل شيء ويعرف عني كل شيء.. ‏
نتبادل الأفكار والآراء .. ‏
مرت حياتنا دون أن تعترضها أي عقبة .. ‏
يحدثني عن طموحاته ومشاريعه المستقبليه وأنا كذلك.. ‏
لم يشغلنا الزواج عن رؤية بعضنا وعن اجتماعاتنا اليومية ..‏
لايمكن أن يمر اليوم دون أن أراه .. وإن صعبت الظروف أحدثه بالهاتف .‏
أطمئن عليه ويطمئن علي .. ‏
ذات يوم دخلت المنزل قادماً من العمل.. ‏
متعب منهك .. ‏
اتحسس طريقي إلى سريري لأنام .. ‏
فتحت غرفة باب غرفة النوم وإذا بزوجتي ممسكة برأسها وهي تصرخ .. ‏
أسرعت اليها .. ‏
أنا: مابك ... ‏
زوجتي: آه ألم فظيع .. بطني آه يابطني .. ‏
أنا: لكن لازال الوقت مبكراً على الولادة..‏
زوجتي: لاأدري ولكن الألم ولايمكنني التحمل.. ‏
أنا: ولماذا لم تتصلي بي في العمل .. ‏
زوجتي: لم أرد ازعاجك وأخذت أقراص مهدئة لكن الألم لم يخف.‏
أنا: قومي ولنذهب إلى المستشفى.‏
نهضت من السرير .. ‏
ركبنا السيارة ..وهي تصرخ من الألم .. ‏
ادرت محرك السيارة وأنا لاأعلم أين أذهب؟
حاولت أن اتذكر اقرب المستشفيات إلى المنزل .. لكنني فشلت.. ‏
بعد مروري بشارعين من منزلي .. رأيت لوحة كبيرة تشير إلى موقع مستشفى خاص.. ‏
وتذكرت المستشفى الخاص القريب من المنزل ... ‏
أسرعت إلى المستشفى وأدخلت زوجتي قسم الطوارئ .. ‏
ذهبت إلى الاستقبال لتعبئة البيانات وتسديد الرسوم .. ‏
عندما رجعت إلى قسم الطوارئ بالأوراق وجدتهم قد ادخلوها قسم العمليات بعد أن ‏انهارت وأغمي عليها .. ‏
جاءت إحدى الممرضات تركض إلى ومعها بعض الأوراق لأوقعها .. ‏
قلت لها : ماذا حدث لزوجتي وأين هي الآن؟
قالت: زوجتك في غرفة العمليات تحتاج إلى عملية عاجلة ونريدك أن توقع على هذه ‏الأوراق لإنقاذ حياتها.. ‏
شعرت أن الموضوع خطير ولابد من انقاذ زوجتي .. ‏
وقعت على الأوراق بسرعة شديده، وانصرفت الممرضة بسرعه إلى داخل غرفة ‏العمليات.. ‏
أمضيت ساعات .. انتظر أي خبر أو أي معلومة عن مصير زوجتي التي لازالت ‏بالداخل.. ‏
أعصابي مشدوده وفكري مشتت .. ‏
ياربي ماذا حدث لزوجتي؟
الوقت يمضي ببطء .. ومع مروره يزداد خوفي وقلقي ..‏
يالله .. يالله.. اللهم اشفها وانت الشافي.. ‏
أجلس على كراسي الانتظار قليلاً .. وأمشي في صالة الانتظار كثيراً ذهاباً وعودة.. ‏
عندما أتعب أقذف بجسدي على الكرسي.. ‏
أفزع .. عندما يُفتح الباب .. وأعود إلى هدوئي عندما يكون الخارج من غرفة ‏العمليات أحد المساعدين .. ‏
أراقبه بنظراتي حتى يتخطى مكان جلوسي.. ‏
في كل مرة أمنى النفس أن يكون الخارج يحمل أنباءاً سارة .. ‏
لكن الانتظار يطول ‏
كل ساعة تمر أشعر بضربات قلبي تزيد ويزداد خوفي وقلقي.. ‏
فُتح الباب للمرة الأخيرة .. ‏
خطوات تضرب صوتها مسامعي كضرب مطرقة على جدار صلب.. ‏
تقترب الخطوات .. وأنا أسمع ضرباتها الشديدة في أذني .. ‏
كلما تقترب .. يزيد القلق والخوف .. ‏
لم أقدر على النظر إلى صاحب تلك الخطوات. ‏
ولم اقدر على رفع رأسي من الأرض ..لشعوري بثقل تلك الخطوات ..‏
وقفت تلك الخطوات على مسافة قريبة مني .. ‏
رفعت رأسي وإذا بطببيب يحمل سماعته على كتفه .. وملامح تدل على مفاجأة .. ‏
قفزت من الكرسي وصرخت : ماذا حدث لزوجتي يادكتور..‏
أجابني : هل أنت فلان بن فلان. ‏
قلت : نعم..‏
قال: وزوجتك اسمها فلانه بنت فلان. ‏
قلت: نعم .. أرجوك ماذا حدث لها..‏
أشاح بوجهه إلى الجهة الاخرى وهو يقول: عظم الله أجرك وأحسن عزاءك وإنا لله وإنا ‏إليه راجعون..‏
هالني الموقف وارتعدت اطرافي ولم أقدر على الوقوف فجلست على الكرسي .. ‏
صرخت ..يادكتور .. زوجتي .. ماذا حدث لها بالضبط .. ‏
اقترب مني وربت على كتفي .. ‏
قال: ياأخي أنت مسلم وهذا قضاء وقدر .. سلم أمرك لله .. فزوجتك حدث لها ‏نزيف حاد قبل دخولها إلى المستشفى وحاولنا وقف هذا النزيف .. لكن الأمور تفاقمت.. ‏وكان الأجل أسرع من كل المساعدات التي أجريناها لها .. ‏
قلت: الحمد لله على قضاء الله وقدره ورحمها الله رحمة واسعة وأدخلها فسيح جناته ‏وإنا لله وإنا إليه راجعون..‏
انصرف الطبيب من صالة الانتظار وبقيت ..في حالة هلع وفزع من المصاب الجلل.. ‏
لا أدري ماذا أعمل وماذا أفعل.. ‏
لم أجد في ذاكرتي إلا هو صديقي .. ‏
اتصلت به والعبرات تخنق صوتي ...‏
لم اقدر أن أقول له سوى : أنا في المستشفى الخاص في قسم الطوارئ .. تعال بسرعة، ‏وأغلقت الهاتف...‏
حبست دموعي وآهاتي .. وأنا أتجول قسم الطوارئ .. ‏
استرجع لحظات حياتي السعيدة مع زوجتي .. ‏
لقد رحلت ‏
ذهبت إلى غير رجعة . ‏
لم تنغص حياتي لحظة واحدة.‏
لم يحدث منها مايكدر حياتي.. ‏
كانت لحظات جميلة رائعة، قضيناها سوية..‏
دخل صديقي وأنا غارق في خيالي.. ‏
بادرني : مابك .. ماذا حدث؟
قلت: له وأنا أحاول أن أمسك به بيدان مرتعشتان .. ‏
زوجتي ماتتب .. ‏
قال: هاااااه .. ماذا قلت؟
قلت: لقد ماتت للتو في غرفة العمليات
اغرورقت عيناه بالدموع ،وقال: رحمها الله رحمة واسعه وادخلها فسيح جناته وإنا لله ‏وإنا إليه راجعون ، أحسن الله عزاءك وعظم أجرك وآجرك على مصيبتك..‏
أمسك بيدي وقبل رأسي .. ‏
تساقطت الدموع منهمرة من عيني وبكيت بصوت مرتفع.. ‏

قال لي: هيا بنا إلى المنزل وأمسك بي يساعدني على المشي إلى السيارة .. ‏
ذهبت إلى المنزل وأبلغت الجميع الذين قدموا للتعازي .. وكان صديقي بجانبي يقوم ‏على خدمتي في هذا الوقت العصيب .. ويستقبل المعزين ويودعهم .. ‏
في المساء أبلغت الجميع أن الصلاة على زوجتي غداً بعد صلاة الظهر .. ‏
انصرف الجميع من المنزل وبقيت مع صديقي .. الذي طلبت منه أن يذهب ليرتاح ‏وغداً صباحاً نلتقي.. ‏
رفض الفكرة في البداية ولكن بعد إلحاحي عليه .. تقبل على مضض وغادر المنزل.. ‏
تجولت في المنزل .. استعيد ذكرياتي مع زوجتي .. ‏
في كل زاوية ومكان لنا ذكرى .. ‏
انتهت خطواتي إلى الصالة.. ‏
كم من الليالي سهرنا هنا ‏
كم من اللحظات تحدثنا هنا ..وضحكنا ..وفرحنا .. ‏
أصبحت اليوم ماضي وذكرى .. كباقي الذكريات.‏
رن هاتفي المحمول .. كان الرقم غير معروف بالنسبة لي ‏
كان على الطرف الآخر موظف الاستقال بالمستشفى الذي قدم التعازي أولاً ثم أبلغني أن ‏هناك حساب متبقى يجب تسديده قبل اخراج الجثة من الثلاجة لدفنها.. وطلب مني الاتصال ‏بقسم المحاسبة لمعرفة المبلغ وتسديده، وأن المستشفى لن يسمح باستلام الجثة قبل تسديد ‏المبلغ.‏
اتصلت على قسم المحاسبة والذي أبلغني أن تكاليف العناية الطبية والعمليات التي اجريت ‏لزوجتي قبل وفاتها .. مبلغ وقدرة 25000.‏
قلت له: أن هذا المبلغ كبير جداً، ولايمكنني تسديده اليوم أو حتى بعد أسبوع.‏
قال: هذا المبلغ بعد التخفيض ولم نأخذ أجرة الثلاجة.‏
قلت له: لكن زوجتي مستحيل أن تبقى في الثلاجة أكثر من هذا المساء ولابد من دفنها غداً، ‏فإكرام الميت دفنه.‏
قال: انا مجرد موظف وهذه هي تعليمات المستشفى.‏
قلت له: سأحضر لكم ضمانات، فقط أريد أن أستلم الجثة لأدفهنا وبعد ذلك نتفاهم على ‏تسديد المبلغ.‏
قال: آسف المبلغ لابد من تسديده نقداً قبل أن يتم تسليمك الجثة.‏
أقفلت خط الهاتف .. وأنا أحمل هماً ومصيبة أخرى غير مصيبتي في زوجتي ..‏
يالله .. كيف أسدد المبلغ.. ‏
فما لدي لايكفي لتغطية نصف المبلغ.. ‏
دارت بي الأفكار وعصف بي الهموم .. حتى تذكرت صديقي.. ‏
ولكن صديقي لا أعرف ظروفه المادية.. ‏
لم يسبق لي أن تعاملت معه مالياً .. ولم يسبق أن طلب مني مالاً أو طلبت منه مالاً .. ‏
أعرف كل تفاصيل حياته ولكن الأمور المالية لا أعرف عنها شيء وبطبعي لا أهتم في ‏الأمور المادية .. ظروفي المادية جيدة ولم تضطرني يوماً على الاستعانة به.‏
لكن اعتقد أن ظروفه المالية ممتازه فقد اشترى منزلاً جديدًا منذ فترة ولديه سياره فارهه ‏‏..ومستواه المعيشي ممتاز...‏
إذن ليس هناك مشكلة .. فسأتصل به ليوفر لي المبلغ الليلة .. ليتم التسديد في الغد. ‏
اتصلت بصديقي وابلغته الأمر .. ‏
لكنَّ بدأ لي مرتبكًا ومتفاجئ بالأمر.. ‏
استغربت وقلت في نفسي بالتأكيد فهذه أول مرة أتحدث معه وأطلب منه مالاً، قد يكون ‏تفاجأ بالأمر.‏
كنت قلقاً ومتنرفزاً للغايه .. وزاد قلقي ونرفزتي ماكان عليه من حال عندما كنت أتحدث ‏معه.. لكنه طمأنني بأن الأمر بسيط وسوف يتدبر الأمر... ويتصل بي لاحقاً..‏
مرت الساعة تلو الساعة وأنا أنتظرته على أحر من الجمر ليتصل بي .. لكن لافائدة .. ‏
أعصابي مشدودة أدخل من غرفة إلى غرفة ومن الصالة إلى الفناء الخارجي للمنزل ممسكاً ‏بهاتفي المحمول .. وفي كل مرة أرمقه بنظره عله يصيح معلناً اتصال صاحبي لكن لافائدة.‏
تمر الدقائق والساعات كأنها شهور وسنين.. ‏
بدأ الدم يغلي في عروقي .. واتصلت على هاتفه المحمول لكن .. لا أحد يجيب.. ‏
مرة أخرى أتصل ولكن لاأحد يجيب.. ‏
بدأ الشيطان يوسوس لي .. وأنا لا أصدقه .. ‏
أين هو ؟ لماذا لم يتصل؟ لماذا لايرد على هاتفه؟
أسئلة كثيرة لا أجد لها أجابة ...‏
بدأت أشعر بالاختناق .. ‏
كلما مضى الوقت كلما أحكم الطوق على عنقي.. ‏
انتصف الليل ولاخبر عن صديقي ولااتصال..‏
بدأت أشعر أن ذلك الرجل ماكان إلا أكذوبةً اسمها صديق .. ‏
بدأ طول الانتظار يقضى على ماتبقى لي من أمل في اتصال صديقي ‏
بقدر ماكنت في حالة حزن شديد على فراق زوجتي إلا حزني كان أضعاف أضعاف لما ‏حدث من صديقي .. فالساعة الآن تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل وليس هناك بصيص ‏أمل بعودة صديقي العزيز ..‏
بدأت أفكر جدياً في حل للمأزق .. وهداني تفكيري أن أبحث في متعلقات زوجتي أو ‏مجوهراتها لعلي أجد مايخرجني من هذه الأزمة .. ‏
وجدت ذهب ومجوهرات زوجتي في صندوق خاص في دولاب ملابسها في غرفة النوم .. ‏
حملت الصندوق إلى الصالة ووجدت أن هذا الذهب والمجوهرات يكفي بالغرض وسيحل ‏المشكلة .. ‏
اطمئن قلبي أن المشكلة في طريقها للحل .. ولكن لازال موقف صديقي يؤلمني..‏
عند الصباح ذهبت مسرعاً إلى مجمع أسواق الذهب القريب من المستشفى وقمت ببيع ‏الذهب وذهبت للمستشفى لسداد المبلغ..‏
وأنا في طريقي للمستشفى .. الهاتف يرن .. من ؟
انه صديقي.. زاد غضبي وتوترت أعصابي عندما رأيت رقم هاتفه يتصل بي..‏
فما فعله بي بالأمس ليس قليلاً..‏
حاول الاتصال بي أكثر من مره .. لكنني لم أرد على اتصاله..‏
وصلت للمستشفى وسدد المبالغ.. ثم قمت باجراءات الدفن وتجهيز الجثه لنقلها للمستشفى ‏للصلاة عليها..‏
أثناء جلوسي بانتظار تجهيز الجثة.. ‏
كنت غارقاً في التفكير وتحليل تصرفات صديقي بالأمس..‏
أردد .. لماذا ياصديقي العزيز تفعل بي هذا؟
لماذا تتركني في أسوأ لحظات حياتي.. لماذا؟
فجأة دخل علي صديقي المستشفى...‏
جاء يمشي بخطوات بطيئة حتى وصل الكرسي الذي كنت أجلس عليه .. ‏
قبَّل رأسي .. ثم جلس بجانبي..‏
أحسست برعشه ..تضرب اطراف جسمي..‏
التفت اليه وقلت: كنت أتمنى أن تكون صادقاً معي .. في أسوأ لحظات حياتي تتخلى عني .. ‏وأنت تعرف أنني لا أعرف في هذه الدنيا سواك..‏
كنت أتمنى لو اتصلت بي بالأمس وقلت لي لاأقدر على مساعدتك ..فأتدبر الأمر لوحدي..‏
كنت أتمنى وأتمنى .. لكنك ياصديقي بتصرفك قتلت كل الأشياء الجميله..‏
كان يجلس بجانبي مطأطأ الرأس .. ‏
قلت: أدري لاتقدر على رؤيتي ففعلتك تجعلك هكذا..‏
كنت اتحدث منفعلاً ... يداي ترتعشان.. أريد أن أبكي ولكن دموعي حبيسه..‏
صمت يلف المكان.. ‏
قام صديقي من الكرسي متجهاً نحوي .. ومد لي كيساً لا أدري مابه ..‏
قلت له : ماهذا ؟
قال: المال الذي طلبت.‏
قلت: ولكني المبلغ سُدد.‏
قال: لكنك طلبت المبلغ وهذا هو المبلغ.. ‏
نظرت إليه نظرة طويله غير مصدق أن هذا صديقي الذي كنت أفتخر به بالأمس
قال: أرجوك .. أتوسل إليك أن تأخذ المبلغ..‏
قلت له: أين أنت من أمس .. كنت أتمنى هذا المبلغ بالأمس ..‏
كنت أريد أن أفتخر أمام العالم أن صديقي وقف معي في محنتي ..لكنك بكل أسف خذلتني
كنت أريد أن آخذ هذا المبلغ وأنا أطير به فرحاً.. لكنك حرمتني هذه الفرحة.‏
آسف ياصديقي.. فقد أتيت بعد انتهى كل شي وانتهى كل شي ولن أقبل منك أي شي.‏
قال:لا..لا أرجوك لاتقل هكذا أنت تقتلني بكلامك.‏
أرجوك اسمعني .. قبل اصدار حكمك الأخير..‏
التفت بعيداً إلى الجهة الأخرى لا أريد أن أرى وجهه..‏
قال:لا ألومك على كل الكلام الذي قلته..معك كامل الحق لكن ارجوك اسمعني..‏
أخذ يردد أرجوك ياصديقي أكثر من مره بصوت مخنوق ..‏
قلت: تفضل أنا أسمعك..‏
قال: حينما اتصلت بي بالأمس وطلبت مني المال.. لم يكن لدي سوى بعض المئات في ‏حسابي البنكي.. فتفاجأت بالطلب وذهبت أبحث عمن يقرضني مالاً في هذا الوقت المتأخر ‏من الليل .. وكما تعرف لاأعرف في هذه الدنيا إلا أنت .. لكني فشلت في أن أجد شخصاً ‏يقرضني المال.. فقضيت الليل اضرب كفاً على كف أدور في المنزل أبحث عن مخرج .. وهو ‏مالفت نظر زوجتي ، وعندما سألتني .. اخبرتها بكل شي .. فحزنت لحزني وقلقت لقلقي.‏
سهرنا طول الليل أنا وهي نبحث عن مخرج .. وفي النهاية أشارت علي أن تبيع ذهبها لتوفير ‏المبلغ، وهو ماحدث بالفعل حيث بقيت طول الليل حتى الصباح وذهبت إلى السوق وبعت ‏الذهب واستلمت المبلغ ..واتصلت عليك ولم ترد على اتصالاتي، فأتيت إلى المستشفى ‏لتوقعي أن تكون متواجداً هنا وهو ماحدث بالفعل وهذه هي فاتورة البيع تأكيداً على ‏كلامي..‏
كان يتحدث وكان كلامه كالسكاكين تقطع قلبي وشراييني .. ‏
التفت إليه قلت: والبيت الجديد والسيارة الجديدة من أين؟
قال: كل حياة الرفاهية التي أعيشها هي ديون ياصديقي..‏
قلت: كيف ؟! ديون .. ‏
قال: نعم ديون.. ولو كان المبلغ متوفرًا لما انتظرت إلى هذا الوقت، بل كان موجوداً تحت ‏أمرك ساعتها .. وسأقبل رأسك .. ‏
واستطرد ياصديقي لايمكن أن تتحول صداقة السنين الطويلة إلى مجرد كذبة..لن أبيعك بالمال ‏أبداً .. بل سأترك المال ومظاهر الحياة من أجلك .. بل من أجل رضاك وابتسامتك ‏وسعادتك .. من أجل لحظة أجلس فيها معك وأتحدث معك ..‏
ياصديقي .. أرجوك لاتشك فيني لحظة واحدة ..ولاتعتقد أبداً أنني في يوم ما سأتخلى عنك ‏أبداً أبداً.. وسأكون معك إلى آخر رمق في حياتي..‏
انهارت قواي ولم تعد قدماي على حملي ..‏
فكلماته كانت قوية وأصابتني في مقتل..‏
جثوت على ركبتي عند ركبتيه وأنا أبكي .. أرجوك ياصديقي سامحني .. أخطأت بحقك ‏واتهمتك بالخيانة والكذب .. فسامحني أرجوك .. ‏
جلس على ركبتيه وقبَّل رأسي .. ‏
قال: أنا لم أغضب عليك أبداً ولن أغضب عليك أبداً وليس في نفسي عليك شيء.. فقد ‏سامحتك منذ أول مشاجرة بيني وبينك في المدرسة حتى الآن ..أنت أخي وصديقي ورفيق ‏عمري وبدونك لن أعيش لحظة واحدة فامسح دموعك ولاتعطي الموضوع أكبر من ‏حجمه.. فلدينا ماهو أهم ..‏
قلت له: برغم الألم والحزن على فراق زوجتي إلا أنني لايمكن أن أخفي مشاعر الفرح ‏والسرور لأنك لازلت صديقي .. ‏
فآه من الشك وآه من العجلة ..وآه آه ياصديقي.‏

كتبه:‏Thunder

العميد 13-05-2008 06:34 PM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
الله الله الله ... شكرا كابتن على القصة ... جميلة جدا

كابتن001 13-05-2008 07:38 PM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
هذي قصيرة اجل الطويله وش بتكون ...........
امزح معك يعطيك العافيه ياصديقي,,,,,,,,

تاورجي 14-05-2008 12:38 AM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
قصة رائعة حتى اخر حرف ,,

ما شاء الله تبارك الله

ما زلت متابع .... فلا تحرمنا من المزيد

اخوك المحب

ابو معاذ

thunder 14-05-2008 03:42 PM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
العميد ..
شكراً لك

كابتن 001
نضع الاحرف والكلمات .. فلاندري ستصبح طويله ام قصيرة . المهم أن هناك من يقرأ
شكراً لك

تاورجي
تابع وستجد المزيد قبل أن ينضب المعين ..

تحياتي

COLUMBUS 14-05-2008 03:56 PM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
الصديق في صدقة مثل النور الذي يشع من المصباح

وخيانة الصديق مثل الظلام الذي يسود المحيطات في منتصف الليل

شكراُ لك على هذا الموضوع عزيزي

أحترامي و تقديري

ZAZO 14-05-2008 06:57 PM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
thunder

ماشاء الله .. عيني عليك بارد
يعطيك ألف عافية
ولا تحرمنى من جديدك

تقبل خالص تحياتي
ZAZO

thunder 17-05-2008 07:40 AM

رد: آه ياصديقي .. (قصة قصيرة)‏
 
COLUMBUS
ZAZO
شكراَ لحضوركما وكلماتكم الجميلة
تحياتي


الساعة الآن 01:30 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

حق العلم والمعرفة يعادل حق الحياة للأنسان - لذا نحن كمسؤلين في الشبكة متنازلون عن جميع الحقوق
All trademarks and copyrights held by respective owners. Member comments are owned by the poster.
خط الطيران 2004-2024