ينظر الأبٌ..الراقد في وداعة...
لعيني إبنه....
يلمح بداخل محاجرهما قلقٌ بالغ...
قلق يشوبه الحب..والخوف...
فتأتي كلماته....
كأنامل دافئة تمسح قلب إبنه...
الأب:بصوت واهن..ضعيف..."أنا لا أرى الدنيا بغيرك فلا تغب عني"
فيتحول القلق في عيني الإبن..إلى دمعة إمتنان..
ويندفع نحو ذاك الجسد الغالي..
الأبن:بصوتٍ يغالبه الإنفعال..
أنا من لا يرى الدنيا بغيرك أنا أسير لجودك وكريم سجاياك
أنا كنت ذليلا لولا الله ثم فضلك أنا كنت نكرة بين الناس
فأجبرتهم على إكرامي والإحسان إلي لا بسطوتك وجبروتك ولكن لطيبتك و لنبلك
فكل من حولي يحبك ويحبون من يحبك
ويحبون من تحبه وأنا أيضا أحبك
فهم أحبوني لظني أني الله قد أحبني بعد حبك لي
أبي الحبيب تراب قدميك فخر لرأسي
أبي الحبيب أنا سعيد أنك
تحبني ....
وقبل أن يداخل نفسه الغرور بظنها أنها أدت الواجب نحو والديه..
يزجرها بقوله..
يانفسُ..
أتظنين أني بار بوالدي في أعماقك
أعترف أنا لست بار بهما
ولكنهما فضلاء قد أغناهم الله عني
فسموهم يرضون مني بالقليل ولكريم أخلاقهم
يشعرونني بأنه أضحي لأجله بالكثير
فيالهما من أبوين صالحين
جعلوا مني إبنا بارا
أتعلمين أني أخشى أن أقبل قدم والدي
لأنه يغضب علي جدا ولا يرضاه لي
سامحه الله
والله أنني لأتلذذ وأسعد
عند تقبيلي لتلك الأقدام الشريفة
التي لم تعرف إلا طريق العبادة والطهارة والشرف
تلك الأقدام التي وقفت لتجلسني
في ظل ورغد وبذخ وترف من الدنيا
تلك الأقدام التي تشققت من طول الوقوف
لتحمي حمانا وترعانا وترحمنا يوم ضعفنا
قدم أسأل الله أن يثبتها
يوم تزل الأقدام
ويجعل موطئها جنة الفردوس
أب كأبي وأم كأمي
يستحقان الكثير وأنا مقصر
حق لهم أن يتملكوني
فلست بعدهم حرا
أنا عبد مملوك لمن
حق له أي يكون سيدي وأنا العبد
ويغفو..الوالد الغالي...
وعيونٌ الإبن..تكتب له تلك الكلمات...
مع كل رفة جفن...
بلا محبرة ..
ولا ورق...
بل..
بنبض قلب....ذاك الإبن..
اللهم....
ياصاحب الجود والمن...
يامن لا يعجزك شيءٌ في السماء ولا في الأرض..
إشف عبدك الضعيف...
ومدّ له في عمره...
وبارك له في ولده...
وإختم لنا ياربُ أعمالنا...
وأجالنا بخير....
بطاعة...
وأرزقنآ برحمتك..جنات النعيم...
وصلي اللهم على خير المرسلين..
محمد صلى الله عليه وسلم...
آمـــيــــن..,,,
