ر أكثر من شهرين ونصف على سقوط طائرة الإيرباص في أعماق المحيط الأطلسي الأمر الذي أدى لمقتل مائتين واثنبن وثمانين من الركاب وطاقم الطائرة. ورغم تكثيف الجهود للعثور على أحد الصندوقين الأسودين باستخدام أحدث الأجهزة إلا أن الأمر لم ينجح حتى الآن. ورغم أنه من الصعب تحديد أسباب سقوط الطائرة دون الحصول على بيانات الرحلة من الصندوق الأسود إلا أن هناك الكثير من القرائن التي تم جمعها والتي تسلط بعض الضوء على الأسباب التي ربما أدت لتحطم الطائرة. السلطات الفرنسية التزمت الصمت حتى اللحظة حيال الكارثة فوق الأطلسي، وللمفارقة فإن تلك السلطات نفسها سارعت لاتهام الخطوط اليمنية بالإهمال فور سقوط طائرة الإيرباص اليمنية فوق المحيط الهندي! رغم أن بعض التقارير تحدثت عن إصابة الطائرة اليمنية بصاروخ من إحدى القطع البحرية العسكرية الكثيرة المنتشرة في القرن الإفريقي.
نعود للطائرة الفرنسية ولماذا الصمت الفرنسي عن الموضوع ومنذ بدايته وحتى اللحظة. من المعروف أن شركة إيرباص هي مشتركة بين أربع دول أوروبية وهي بريطانيا، ألمانيا، أسبانيا وفرنسا حيث تتم صناعة المحركات في بريطانيا ، وقمرة القيادة والهيكل في ألمانيا، والأجزاء الأخرى في أسبانيا وفرنسا ويتم التجميع النهائي للطائرات في تولوز في فرنسا. تقليدياً ومنذ الخمسينيات من القرن المنصرم كانت ولا زالت تصنع هياكل الطائرات من الألمونيوم حيث أنه معدن خفيف الوزن وقوي في نفس الوقت وبالتالي فهو الأنسب لصناعة الطائرات.
في ظل الصراع بين شركة أيرباص الأوروبية ونظيرتها الأمريكية بوينج تسعى كل منهما للفوز بأكبر المبيعات في السوق العالمية. ورغم أن شركة ايرباص الأوروبية حديثة العهد (عمرها حوالي عشرين عاماً) مقارنة مع بوينج الأمريكية التي يزيد عمرها عن المائة عام إلا أن شركة ايرباص تفوقت في السنوات الأخيرة من حيث المبيعات. السبب أن شركة ايرباص بدأت باستخدام ألياف الكربونcarbon fibre في صناعة أجزاء من الطائرة منها الدفة والذيل بدلاً من الألمونيوم كما هو معروف. ألياف الكربون هي قوية ولكنها إذا تعرضت للجهد فهي تتمزق مثل الورق بعكس الألمونيوم الذي إذا تعرض للجهد فإنه لا يتمزق ولكن يتشوه deformation
السبب في استخدام ألياف الكربون أن وزنها أخف من الألومنيوم وبالتالي تستطيع الطائرة حمل أوزان أكثر بنفس كمية الوقود. وبالتالي فإن طائرات الايرباص من ناحية اقتصادية أفضل من طائرات البوينج ولكن من ناحية أمن وسلامة فالأمر مشكوك فيه.
إحدى القطع التي تم انتشالها من حطام الطائرة الفرنسية هو الدفة والذيل وهما كما ذكرت مصنوعين من ألياف الكربون. الخبراء الذين رأوا الدفة قالوا أنها قطعت من مكانها ((shear وهذا ربما ناتج عن الإجهاد الذي تعرضت له الطائرة نتيجة دخولها منطقة عواصف والدفة جزء مهم جداً في توجيه الطائرة. إن تم حرف الدفة بزاوية كبيرة فإنها تتعرض لجهد كبير ناتج عن تيارات الهواء الشديدة وفي حالة ألياف الكربون فهذا يؤدي لتمزق الدفة عن جسم الطائرة مثل الورقة.
السلطات الفرنسية حاولت منذ البداية أن توهم بأن أجهزة قياس السرعة على جانبي الطائرة ربما هي السبب وراء سقوطها رغم أن الخبراء نفوا أن يؤدي عطل كهذا لسقوط الطائرة.
مشكلة ألياف الكربون ليست جديدة فقد حصلت حوادث سابقة ناتجة عن ذلك. في العام 2001 أقلعت طائرة أيرباص من مطار نيويورك. الطائرة دخلت في منطقة هوائية مضطربة ناتجة عن طائرة أخرى أقلعت قبلها بدقائق في نفس المسار, الطيار وللخروج من هذا الإضطراب الهوائي حرك الدفة يميناً وشمالاً حركات متتالية الأمر الذي أدى لتمزق الدفة عن الطائرة ومن ثم سقوط الطائرة ومقتل جميع ركابها. وفي العام 2005 حصل حادث مماثل حيث انفصلت دفة الطائرة ولكن الطيار نجح في الهبوط اضطرارياُ بأعجوبة.
من المؤكد أن شركة ايرباص آخر ما تفكر فيه هو الإعلان عن الأسباب الحقيقية لتحطم الطائرة لأن ذلك سيؤثر على صناعة الطائرات، ورغم ذلك فإن ايرباص لن تفكر في التوقف عن استخدام ألياف الكربون.