شركات طيران عاجزة عن الطيران
قبل أيام قليلة عانى قرابة تسعين ألف بريطاني الويل وسهر الليل، وهم خارج بلادهم، بعدما أفلست شركة الطيران التي كان من المفترض ان تعيدهم من البلدان التي يقضون فيها عطلاتهم، ففي الثالث عشر من سبتمبر الجاري توقفت شركة «إكس.إل»، ثالث كبريات شركات النقل الجوي في بريطانيا عن العمل، بعد تجميد أرصدتها وأصولها الثابتة والمنقولة.. وفي إيطاليا ضخت الحكومة حتى الآن 5 مليارات دولار في أوصال الناقل الوطني أليتاليا التي لم تعد لها أي جدوى اقتصادية بعد الخسائر المتلاحقة التي تكبدتها خلال السنوات الأخيرة، ولا تجد الشركة المسؤول الشجاع الذي يشيعها الى مثواها الأخير.. وهناك نحو خمسين شركة طيران عالمية على وشك لفظ أنفاسها الأخيرة، ومن بينها ساس (الاسكندينافية) ولوت البولندية وماليف المجرية وأولمبيك اليونانية.. وفي بريطانيا هناك بقية من روح في الخطوط البريطانية وراينير وفيرجن.
أرباح الخطوط البريطانية انخفضت بنسبة 90% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ففي ظل ارتفاع أسعار الوقود فإن طائرات الشركة تستهلك محروقات قيمتها 15 مليون دولار يومياً.. هل تعرفون كيف تعتزم هذه الشركة خفض نفقات التشغيل؟ قررت تخفيف حمولات طائراتها بجعل السكاكين والملاعق التي تقدم للمسافرين مع الوجبات أقصر وأقل سمكا! وجعل أكواب الشرب أقل وزنا بجرامين لكل كوب وبذلك يصبح هناك وفر قدره 628 جراما في وزن الأكواب.. تقديم عدد أقل من الصحف للركاب (طيران الإمارات تخطط لجعل الصحف الكترونية بحيث يقرأها الراكب على الشاشة التي أمامه).. شركة أول نيبون All Nippon اليابانية قررت تقديم الطعام في صحون ورقية وأن تكون مقاعد طائراتها مصنوعة من ألياف الكربون مما يوفر 5% من اجمالي وزن المقاعد.. شركة فيرجن قالت: مفيش لزوم للسماعات في الرحلات الجوية.. عنك ما سمعت موسيقى ولا تابعت فيلم!.. شركة القطارات البريطانية ترانزبِناين إكسبريس أبلغت الركاب بأن أبواب قطاراتها ستفتح للنزول والصعود لنصف دقيقة فقط بدلا من دقيقتين.. ليش يا جماعة؟ قالوا: الإبقاء على الأبواب مفتوحة لدقيقتين صيفا يجعل الهواء الساخن يتسلل الى العربات وشتاء يسرب الهواء الدافئ، مما يستهلك طاقة اضافية للمحافظة على درجة الحرارة المطلوبة.. وبفتح وإغلاق الأبواب لثلاثين ثانية فقط سيتسنى توفير 7% من الطاقة اللازمة لتشغيل القطارات أي ما يعادل الوقود الذي يكفي لتشغيل الف سيارة عادية لسنة كاملة.
أعرف أن كثيرين من القراء سيتساءلون: مالنا نحن وكل هذا؟ هؤلاء خواجات بخلاء! ما الفائدة من توفير 628 جراما الذي هو وزن خاتم في يد أي “صايع” عندنا من وزن الأكواب في الطائرات؟ التخفيضات التي تبدو شكلية ستوفر للخطوط الجوية البريطانية قيمة 40 ألف لتر من الوقود سنويا.. يا جماعة هذه شركات طيران تدار بكفاءة وكل شيء فيها محسوب بالميللي والمليم.. قبل نحو 15 سنة عندما فكروا في خصخصة شركة طيران عربية اكتشفوا ان هناك 1600 موظف وعامل مقابل كل طائرة مملوكة للشركة.. وكانت الخصخصة وجعل الشركة رابحة يتطلب طرد 75% من العاملين فيها لأنهم من الناحية الفعلية بلا عمل، وعبء على الشركة.. وتم صرف النظر عن الخصخصة لتظل الشركة تعمل بأسلوبها العشوائي الذي يسبب الضغط والسكري للركاب ويملأ جيوب موظفين وعمال لا عمل لمعظمهم.
https://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008...0920228585.htm
الجزء المظلل باللون الأسود هو الحقيقة المرة التي لاتستوعبها بعض شركات الطيران في منطقتنا العربية والنتيجة إغلاق الشركة وإفلاسها أو أن تظل عبئاً على ميزانبة الدولة إذا كانت شركة حكومية