[Flying Way]

بواسطة مشرف قسم الضيافة الجوية
مفهوم الضيافة

تشكل الضيافة موروثاً ضارب الجذور في المجتمعات العربية منذ آلاف السنين، وتعتبر واحدة من أهم القيم العربية الأصيلة، وهي ترتبط بصفة تميز الإنسان العربي وهي صفة الكرم، وبذلك كانت وما تزال هي وحسن الوفادة جزءاً جوهرياً من عناصر الشخصية العربية كغيرها من القيم الأخرى كالشجاعة والعفو عند المقدرة وإغاثة الملهوف ومساندة الضعيف.

وعلى مر العصور احتفظت الشخصية العربية بمقوماتها تلك وحافظت على قيمة الضيافة حتى أصبحت هذه القيمة قيمة ملازمة للفرد العربي، ويحكي التاريخ بفخر عن رجال ونساء طبقت شهرتهم الآفاق لاتصافهم بالكرم حتى أصبحوا أعلاماً بارزين يشار لهم بالبنان.

ويقف مجتمعنا العربي السعودي مثالاً يساق على احتفاظ الشخصية العربية بمكنوناتها وعناصرها الإيجابية ونزوعها إلى الاعتناء بالضيف والاهتمام به وبذل كل غال ورخيص في سبيل إكرام وفادته، ولعل في مثل هذه الخصوصية ما يجعل ناقلنا الوطني "السعودية" أكثر شركات الطيران حرصاً على الاهتمام بعملائها كضيوف يستحقون منها كل الرعاية والاهتمام، ويستقى هذا من صميم رسالتها التي أصبح العميل محورها الرئيسي (أن تكون ناقلاً جوياً عالمي المستوى، سعودي السمات، فائق العناية بعملائه، حريصًا على رعاية موظفيه).

التحول التاريخي

على الرغم من أن الضيافة كقيمة حضارية تاريخية قد ميزت مجتمعنا العربي السعودي، لكنها كمهنة واحتراف تأرجحت بين السالب والموجب على مدى سنوات تطور هذا المجتمع، ولعل ما ساهم في ترسيخ الأمور السلبية وغلبتها ما شهدته بلادنا الحبيبة من طفرة ونمو اقتصادي منذ بداية خمسينات القرن الماضي، فقد أتاحت تلك الطفرة ازدهاراً سريعاً وفتحت أمام المواطن مداخيل اقتصادية لم تكن تدفعه إلى اللجوء لبعض المهن التي كان ينظر إليها كمهن هامشية لا تليق بالفرد السعودي، ومن بين تلك المهن مهنة الضيافة الجوية التي لم تكن تتجاوز النظرة إليها في أفضل الحالات النظرة إلى النادل الذي يقدم الخدمة في أحد المقاهي أو الأماكن العامة، وبطبيعة الحال كانت تلك النظرة ضيقة الأفق، لا تدرك بعمق متفرعات هذه المهنة ولا تلم بمضامينها الواسعة العريضة حين تقصرها فقط على تقديم الطعام والشراب، ولعل مما ساعد في تعميق تلك النظرة أن مهنة الضيافة الجوية نفسها كانت مهنة مستحدثة اقتضتها التطورات العصرية بظهور الطيران كأحد وسائل الانتقال في العالم، لكن تلك النظرة السلبية لم تكن لتمنع بعض الشباب السعودي الواعي والطموح عن اقتحام مجال الضيافة الجوية، فقد أقدم بعضهم على التحدي وتجاوز كل الصعاب والعقبات، فارتاد هذا المجال في الخطوط السعودية، وشكل بذلك الرعيل الأول من الملاحين الذين قامت على أكتافهم نهضة وتطور الخدمة الجوية في "السعودية" على مر السنوات.

وبهذا التحول الإيجابي، برزت مهنة الضيافة الجــوية كواحـدة من أهم المهن بل وأكثرها أهمية في مجال صناعة الطيران، فزادها ذلك قبولاً في نفوس وأذهان أفراد المجتمع، فحين يجرب المرء نفسه السفر بالطائرة فإنه لا محالة يقف على الدور المهم والرائد والأساسي الذي يلعبه الملاح طيلة وقت الرحلة، ومن هنا انطلقت هذه المهنة لتحتل مكانتها المرموقة كغيرها من المهن والسبل لكسب العيش في هذا العصــر المتجدد، ولم يعـد في الالتحاق بها ما ينتقص من كرامة وسمعة شاغلها، بل أصبحت من أكثــر المهــن الجــاذبة للشباب السعودي الذي وجد فيها من المميزات والحوافز ما جعل إقدامه عليها يتضاعف على مر السنين.