جنود مجهولون في منظومة سلامة الطائرات
كتب علي الشاروقي: {صحيفة القبس \ الكويت }
«من غرفة مظلمة مليئة بالاجهزة التقنية يراقبون الاجواء، ويرصدون مسارات الطائرات المغادرة من البلاد والقادمة اليها، ومن خلال شاشات الرادار يحللون الرموز ويحولونها الى معلومات ملاحية مفهومة لذوي الشأنين الامني والعسكري».
انهم المراقبون الجويون الذين يضطلعون بمهام جسيمة ويسهرون على تنظيم حركة الطائرات وحماية اجواء البلاد من اي اختراق، فضلا عن مراقبة سماء الكويت ورصد اي طائرة تدخل المناطق الجوية المحظورة.
المراقبون الجويون هم الجنود المجهولون في منظومة الحركة الجوية، لذا كان لا بد من التعرف على طبيعة عملهم عن قرب وتسليط الضوء على بعض المهام الموكلة اليهم، لا سيما بعد رفضهم المشاركة في الاضراب عن العمل لساعات، والذي دعت اليه نقابة العاملين في الادارة العامة للطيران المدني قبل اشهر.
«القبس» رافقت عددا من المراقبين الجويين والتقت مراقب عمليات الرادار طارق الغريب، الذي ابتدأ حديثه بالتأكيد على خطورة مهام المراقبين الجويين قائلا «لو اضربنا عن العمل لساعة واحدة لاصطدمت الطائرات بعضها ببعض في الاجواء، ولاخترقت سماءنا طائرات معادية،
لذا نرفض المشاركة في اي اضراب تدعو اليه اي جهة.
قال الغريب «لقد سحبنا عضويتنا من نقابة العاملين في الطيران المدني لان طبيعة عملنا مختلفة، وقوانين المراقبة الجوية غير قوانين هذه الادارة، وقد اسسنا جمعية المراقبين الجويين الكويتية للاهتمام بهذه المهمة الحساسة وتقديم وتقديم الخدمات المطلوبة لأعضائها.
المراقبون الجويون يطالبون بانصافهم وتحسين اوضاعهم واقرار الامتيازات المالية والخدمات المطلوبة لهم، ونقل الغريب عنهم جملة مطالب ابرزها صرف بدل الخطر لهم ومكافآت الاعمال الصعبة.
مهمة صعبة
واضاف اثناء تأدية مهام توجيه الطائرات يتعرض المراقب الجوي لضغط شديد نظرا للتركيز المستمر من اجل الوصول للغاية المنشودة وهي سلامة الحركة الجوية.
ولفت الى ان تنسيق حركة الطائرات يبدأ من على الارض وفي الجو، ليس بالعمل الهين، ولانجاز ذلك يتم وصل وحدات المراقبة الجوية بشبكة معلومات ملاحية مركزية، ويتم تبادل المعلومات الخاصة بالطائرات بين هذه الوحدات للتأكد من انجاز العمل المطلوب، اذ يقوم طاقم مدرب بإدارة عمليات المراقبة الجوية من قاعة مظلمة وباردة نسبيا، وفيما يتعلق بالتعامل مع الطائرات التي تصعب رؤيتها بالعين، فإن ذلك يتم من خلال اجهزة وشاشات الرادار، حيث يتم تحليل الرموز والمعطيات الموجودة على الشاشات لتحويلها الى معلومات ملاحية مفهومة لدى المراقب.
معلومات
وحول الخدمات والانشطة المزمع تقديمها من خلال جمعية المراقبين الجويين، قال «بدأت الجمعية تهدف الى تعريف المجتمع بعمل المراقبة الجوية، وقد تم تدشين موقع الكتروني متخصص بالأمور الفنية الخاصة بهذه المهنة، ويتم من خلال نشر وتبادل المعلومات من اجل تطوير المراقبة الجوية وخدمة منتسبيها، بالإضافة الى عمل اعلانات تعريفية ونشرها في ارجاء مبنى المطار الدولي، وقد لقي الموقع استحسانا من قبل غالبية المراقبين والطيارين لما يحتويه من معلومات غاية في الاهمية، فضلا عن تقديم الخدمات للأعضاء وحماية حقوقهم.
لا للإضرابات
واردف الغريب «نسعى للاهتمام بالامور الفنية المترتبة على هذه المهنة الحساسة وتهيئة السبل للمراقبين لممارسة مختلف اوجه النشاط وشغل اوقات فراغهم، فضلا عن تقديم الخدمات لكل الاعضاء وتحقيق المزيد من المكتسبات، وتوثيق سبل التعاون التام بين اعضاء الجمعية ومختلف الهيئات والجمعيات العربية والاجنبية المهتمة بشؤون المراقبة الجوية، وذلك في اطار القوانين وتزويد الاعضاء بالمعلومات المتعلقة بتطورات علم المراقبة الجوية في مجال الطيران. ورفع مستوى اداء الاعضاء النفسي والاجتماعي والثقافي عن طريق اقامة ندوات ومحاضرات وحفلات، والمشاركة في المحافل العربية والدولية بما يحقق اهداف الجمعية وبما لا يتعارض مع انظمة البلاد المرعية. هذا ولا يجوز للجمعية التدخل في السياسة او المنازعات الدينية او اثارة العصبيات الطائفية والعنصرية، ولا يجوز ايضا تنظيم او رعاية الاعتصامات والإضرابات.
قواعد وقوانين
ونفى وجود اي خلافات مع نقابة الطيران المدني قائلا: قد يستغرب البعض اقدام المراقبين الجويين على انشاء جمعية خاصة بهم مع وجود نقابة للعاملين بالادارة العامة للطيران المدني، الا ان قوانين المراقبة الجوية تختلف تماما عن اي قوانين ادارية اخرى، الامر الذي لا تلم به النقابة، ولا يمكن الالمام بتلك القواعد والقوانين الا من قبل منتسبي مهنة المراقبة الجوية، وهذا من شأنه ان يذلل العقبات والصعوبات التي يواجهها المراقبون الجويون.
وقال: لقد قامت نقابة العاملين بالطيران المدني اخيرا بتنظيم اضراب غير منظم ويفتقر للتنسيق مع الشركات الاجنبية المشغلة للرحلات القادمة للكويت والمغادرة منها لعدة ساعات، وقد ارسلت النقابة وقتذاك رسائل نصية عن طريق الهواتف النقالة للتحريض على الاضراب، الا ان قسم الملاحة الجوية لم يشارك في هذا الاضراب نظرا لما يترتب عليه من اضرار تمس سمعة دولة الكويت.
واضاف: لا يمكن للمراقب الجوي ان يقوم بالاضراب نظرا لحساسية هذه المهنة، بل آثر المراقبون القيام بمهامهم على اكمل وجه، حيث تختلف هذه الوظيفة عن غيرها، فنحن نفخر باننا بوابة الكويت والعين الساهرة على الاجواء ضد من ينوي التسلل اليها او اختراقها بدون اذن، وترتب على ذلك الاضراب ان قام بعض المراقبين الجويين بسحب عضويتهم من النقابة لعدم قدرتنا على دعم الاضراب وعدم رغبتنا بذلك.
تصادم الطائرات
واشار الغريب الى انه في حال وجود اي مطالب يتم التنسيق مع المسؤولين من اجل الحفاظ على الارواح، فالاضراب كفيل بان يؤدي الى كوارث لا تحمد عقباها كتعرض الطائرات لخطر الاصطدام او دخولها في مناطق عسكرية محظورة، مما يؤدي الى اسقاطها من قبل اي منظومة دفاعية، وبمعنى آخر، يتسبب الاضراب في فوضى عارمة نتيجتها سلبية على جميع مستخدمي الاجواء من المسافرين وغيرهم.
وتحدث عن مهام المراقب الجوي، قائلا: قد يتصور البعض ان الطائرات يتحكم بها الطيار وحده، بل على العكس تماما، فالطيار يقوم بتنفيذ تعليمات المراقب الجوي بحذافيرها في جميع مراحل الرحلة من الاقلاع حتى الهبوط في مطار الوصول. ان المراقب الجوي هو الجندي المجهول في هذه العملية، فهو الذي ينظم حركة مرور الطائرات على ارض المطار وفي الجو، وحتى في الطبقات العليا من السماء، وعلى جميع الطيارين الامتثال لاوامر وتعليمات ضابط عمليات الرادار والمراقبة الجوية حفاظا على السلامة، ولتحقيق ذلك يتعاون الطرفان المراقب والطيار من اجل انجاز الرحلات في اقصر مدة ممكنة مع الالتزام بمعايير السلامة المنصوص عليها من قبل المنظمة العالمية للطيران المدني.
أشهروا جمعيتنا
طالب المراقبون الجويون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات المختصة الأخرى باشهار جمعيتهم الوليدة والاعتراف بها ممثلا شرعيا لهم من اجل ان تمارس نشاطها بصورة شرعية.
المراقبون ونقابة الطيران المدني
نفى المراقبون الجويون ان يكون وراء انسحابهم من نقابة العاملين في ادارة الطيران المدني اي عداء شخصي فيما بينهم وبين مسؤولي النقابة، لكن طبيعة عملهم مختلفة عن بقية العاملين في مجال الطيران، كما ان القوانين التي تحكم عملهم غير قوانين الادارة. واوضحوا ان نقابة الطيران المدني قد تدعو الى اضرابات كما حدث في السابق، لكن المراقبين الجويين لايمكن ان يتوقفوا عن العمل، فهم يطالبون بحقوقهم بطرق اخرى ليس من بينها الاضرابات والاعتصامات.
يقظة وحذر
قال طارق الغريب ان المراقب الجوي خلال عمله في مراقبة الطائرات يتعامل مع الكثير من الرموز والارقام وعليه ان يقوم بحلها وتحويلها الى معلومات تقدم للمسؤولين في الطيران المدني.
واضاف انه على المراقب ان يكون حذرا طوال الوقت لمنع اي خطر ومواجهة اي طارئ.
خبرات ومهارات
أكد المراقبون الجويون ان لديهم خبرات في رصد الظواهر الجوية والضغط الجوي وسرعة الرياح وغيرها من الأمور التي تؤثر في حركة الطائرات.
