[الطيار الجزائري]

بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



لم يمض شهر على سقوط طائرة ايرباص من نوع ايه 330 تابعة لشركة الطيران الفرنسية «اير فرانس»، حتى تبعتها حادثة مماثلة لسقوط طائرة أخرى أيضا من نوع ايرباص لكن من طراز ايه 310 تابعة لشركة الطيران اليمنية، وكان الناجي الوحيد في كلا الحادثين فتاة مراهقة فقط في الحادثة اليمنية ونجت بأعجوبة، لكن الحادثتين اعتبرتا أسوأ حادثتين جويتين خلال هذا العام، وفيما الأسباب أقرب الى الوضوح في الحادثة اليمنية مما هي في الحادثة الفرنسية، فانه وعلى رغم التشاؤم وزيادة المترددين في السفر جوا، تبقى الطائرة محتفظة بأعلى سجل للأمان بين المركبات ووسائل النقل الأخرى التي يعتمدها البشر. ويبقى السؤال مطروحا: ما هي أسباب تلك الحوادث المميتة؟ وهل السفر بالطائرة مازال آمنا كما هو شائع ؟ ،،

ليس بالأمر السهل أن نحلل أسباب وقوع الحوادث الجوية، وغالبا ما تأخذ عملية معرفة الأسباب وقتا زمنيا طويلا نسبيا، حيث يجمع المختصون أدلة عديدة ويتبعون خيوطا كثيرة قد تقودهم الى تشكيل صورة أكثر وضوحا عما جرى بالفعل في الكوارث الجوية؛ ومن هذا المنطلق، لا بد من التريث في تحديد الأسباب وراء حدوث مثل تلك الكوارث الجوية، خصوصا أن الخبراء العاملين في فك طلاسم وغموض حادثة سقوط الطائرة التابعة لشركة الخطوط الجوية الفرنسية الأخيرة قد أعلنوا حديثا أن الطائرة المنكوبة قد ارتطمت على ما يبدو بمياه المحيط الأطلسي قبل أن تتناثر أجزاؤها هنا وهناك، خلافا لما كان معتقدا بأنها قد انفجرت قبل أن تلامس مياه المحيط، وهذا بدوره قد غير مجرى التحقيق في ملابسات الحادث، حيث بات يطرح فرضيات عدة، احداها أن خطبا ما قد أجبر طاقم القيادة على الهبوط بهذه الوضعية المميتة، أو أن أحدا ما قد استولى على قمرة القيادة وقام بالتعمد بالهبوط بها وبسرعة كبيرة في الماء لاخفاء أمر ما أو الانتحار؟ كل هذه الفرضيات باتت تلوح في الأفق؛ أما في ما يتعلق بالطائرة اليمنية فالأمر مختلف تماما.




أحد الأمور التي لا يمكن السيطرة عليها هو اهمال جانب السلامة في بعض الناقلات الجوية في عدد من دول العالم؛ وخصوصا الناقلات التي تكون مملوكة للحكومة والتي تخضع لنظام بيروقراطي عقيم، وآخر للتدمير الذاتي؛ فهنا يدفع الركاب والطاقم الثمن دون هوادة؛ لقد بينت بعض الاحصائيات التي أعدتها منظمات للطيران المدني تعنى بسلامة الطيران وما يتعلق به، أن بعض الناقلات الجوية لا تتقيد بتاتا بقوانين السلامة والاجراءات المتعلقة بالصيانة الدورية وتدريب الطاقم بصورة صحيحة، وتفتقر معظمها للأدوات والمعدات التي تكفل ذلك الأمر، اما لسوء الحالة الاقتصادية أو لتفشي الفساد الاداري بالناقلة الجوية من دون رقيب أو حسيب، وهذا ما يفسر كثرة عدد الحوادث الجوية الأخيرة.



مع دخول الألفية الثانية للميلاد ومرور قرن على الطيران خلاله عام 2003، كانت هناك حوادث وكوارث جوية مثيرة وشهيرة رغم التقدم في تكنولوجيا الطيران، وسنلقي الضوء على أبرزها هنا مع استثناء ما حدث في 11 من سبتمبر عام 2001 من حوادث ارهابية.



في 30 من يناير في هذا العام، سقطت طائرة ايرباص كينية في المياه بعيد اقلاعها بقليل من أبيدجان بساحل العاج، وقتل 179 شخصا كانوا على متنها.
وفي 25 من يوليو تحطمت الطائرة الشهيرة كونكورد وقتل جميع من كانوا على متنها اضافة الى 7 أشخاص كانوا على الأرض بعيد اقلاعها بقليل من مطار «ديغول» بباريس حيث اصطدمت بفندق صغير.
في نفس العام وتحديدا في 23 من أغسطس تحطمت طائرة تابعة لطيران الخليج من نوع ايرباص 320 في مياه الخليج بالقرب من مطار المنامة الدولي وهي تحاول الهبوط فيه، وقتل 143 شخصا كانوا على متنها.



بغض النظر عما تخلل هذا العام من هجمات ارهابية في 11 من سبتمبر، فقد وقعت 4 حوادث جوية مميتة في هذا العام، أبرزها سقوط طائرة ايرباص 300 تابعة لشركة طيران «أميركان ايرلاينز» الأميركية، ومقتل جميع من كانوا على متنها الى جانب عدد ممن كانوا على الأرض.



كان رصيد هذا العام 8 حوادث مميتة في عدة أماكن متفرقة، كان أبرزها حادث تصادم طائرة من نوع «توبوليف 154» روسية كانت تحمل أطفالا في رحلة مدرسية الى أسبانيا بأخرى من نوع بوينغ 757 تابعة لشركة «دي أتش أل» للشحن فوق الأجواء الألمانية ومقتل جميع ركاب الطائرتين.


4 حوادث كانت رصيد هذا العام، وجميعها حصدت أرواحا عدة، وأبرزها حادثة طائرة الخطوط الجوية السودانية التي قتل جميع من كانوا على متنها عدا طفل صغير كان الناجي الوحيد، وحادثة سقوط بوينغ 727 كانت في طريقها الى بيروت منطلقة من جمهورية بنين الأفريقية فور اقلاعها.

أبرز حادث جوي خلال هذا العام كان سقوط طائرة مصرية لشركة «فلاش اير» من نوع بوينغ 737 تقل سياحا فرنسيين في طريقها من مدينة شرم الشيخ الى القاهرة في البحر الأحمر، ومقتل جميع من كانوا عليها وعددهم 148 شخصا.


فيما لم يرد حادث جوي يذكر في عام 2005 لم يكد العالم يتنفس الصعداء حتى جاء عام 2006 بعدد لا يستهان به من الكوارث الجوية، حيث وقعت 6 حوادث مميتة رغم وجود نجاة الا أن عدد القتلى كان أكر، وكان أبرزها تحطم بوينغ 737 نايجرية بعد اقلاعها وسط رياح عاتية، وتصادم طائرة برازيلية من نوع بوينغ 737-800 مع أخرى برازيلية من نوع « امبرايير» حيث تحطمت البوينغ وقتل من كان عليها فيما نجت الأخرى من دون وقوع ضحايا.


3 حوادث وسقوط طائرتي بوينغ 737، واحدة تابعة للخطوط الجوية الكينية والأخرى للخطوط الجوية الأندونيسية «آدم اير»، وقد نجم عن تحطمهما مقتل جميع من كانوا على متنهما.


حادثان الأول لطائرة روسية من نوع بوينغ 737، والأخرى لايرباص سودانية. ونجم عن الأول مقتل جميع من كانوا على متن البوينغ وعددهم 88 شخصا، والآخر ادى الى اشتعال الطائرة على الأرض ونجاة 117 شخصا من أصل 217.
ختاما، هاهو العام الحالي لم ينته ورصيده 3 حوادث، جميعها لطائرات من نوع ايرباص، حيث هبطت احداها في نهر هدسون بأميركا من دون وقوع ضحايا، والأخريان الفرنسية التي لم ينج أحد من ركابها، واليمنية التي كما ذكرنا نجت فيها راكبة مراهقة فقط. لكن ورغم كل ما تم ذكره من حوادث، عزيزي القارئ؛ يجب أن تعلم أن ما مجموعه 72 ألف طائرة تقلع في رحلات في اليوم الواحد، وأنت تقرأ هذه السطور، هناك 72 ألف طائرة قد أقلعت أو ستقلع متجهة في رحلات جوية، أي ما يعادل 6.2 ملايين شخص يسافرون جوا على متن تلك الطائرات، انه حتما عدد رهيب، من دون وقوع أي حادث عدا عدد قليل في السنة اذا ما قورن بعدد الرحلات الجوية التي تتم يوميا، فلابد من الاذعان الى ان الطيران لا يزال آمن وسائل النقل البشرية، ولا يمنع الحذر وقوع القدر، فلا تنس ربط الحزام والتوكل على الله.