[Bu_Jassem]

شهدت فعاليات دورة عام 2007 من معرض باريس الجوي التي نظمت الشهر الماضي في ضاحية لوبورجيه الفرنسية تأكيداً على قوة التوجّه السائد لدى شركات الخطوط الجوية الإماراتية والقطرية للإنفاق بسخاء على شراء الطائرات العملاقة وتطوير خططها الطموحة الرامية لاحتلال موقع متميز في الأسواق العالمية للنقل الجوّي التجاري·
ولقد كتب للصفقات التي عقدتها هذه الشركات لشراء الطائرات أن تحتل العناوين الرئيسة لوسائل الإعلام العالمية· وهناك كثير من القرائن الميدانية التي تثبت أن شركة ''الاتحاد للطيران'' التي تمتلكها حكومة أبوظبي ليست بعيدة أبداً عن ركوب موجة التطوير والانطلاق إلى آفاق جديدة مرسومة بدقة وعناية·
ويقول تقرير بقلم المحلل الخبير هيوج توملينسون تنشره مجلة ''ميد'' اليوم الأحد: ''إن صناعة الطيران التجاري في الشرق الأوسط استقطبت أقصى درجات الاهتمام في معرض باريس الجوي أواسط شهر يونيو الماضي عندما ظهر بوضوح أن شركات الخطوط الجوية الخليجية عازمة على الإنفاق بسخاء منقطع النظير لشراء أحدث الطائرات العملاقة''·
وفيما بدا واضحاً أن شركة طيران الخليج قد دخلت مرحلة إعادة شاملة للهيكلة الإدارية لوقف نزيف أفقدها كثيراً من محفظتها النقدية السائلة، فإن عدد الشركات الخليجية التي يمكن تصنيفها في فئة النخبة، تقلص إلى ثلاث هي: ''طيران الإمارات'' و''الاتحاد للطيران'' ثم ''الخطوط القطرية'' التي أصبحت جديرة باستكمال هذا الثالوث؛ ولقد نجحت هذه الشركات في تحقيق إنجازات باهرة في الأسواق·
طموحات ''الاتحاد''
''الاتحاد للطيران'' الشركة الأحدث من بين كبريات شركات النقل الجوي في منطقة الخليج· وكانت أعلنت من باريس مؤخراً عن طلبية لشراء 12 طائرة عملاقة من بينها 4 من طراز ء043-006 وبما يضمن لها تأمين حاجتها وتنفيذ خططها المسطّرة حتى عام ·2010 ومع نهاية العام الجاري، سوف تمتلك ''الاتحاد للطيران'' أسطولاً يتألف من 31 طائرة تعمل على خطوط نشيطة تغطي 43 وجهة عبر العالم·
غير أن الشركات الخليجية المنافسة لـ''الاتحاد'' تسعى بدورها إلى تحقيق الريادة في الأسواق، وفي هذا الإطار سجلت شركة الخطوط الجوية القطرية في معرض باريس طلبية لشراء 3 طائرات من الـ''سوبر جمبو ء''083 التي تصنعها شركة إيرباص الأوروبية، كما عمدت إلى توثيق وتأكيد طلبيتها لشراء 80 طائرة من عائلة ''إيرباص ء·''053
أما ''طيران الإمارات'' فقد طلبت 8 طائرات أخرى من الـ''سوبرجمبو ء''083 بعد أن كانت سجلت سابقاً طلبية لشراء 55 نسخة من الطائرة نفسها·
ويرى توملينسون أنه بالنظر لأن هاتين الشركتين الرائدتين هما ملكية حكومية، فإن حظوظهما في النجاح ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحجوم الاستثمارات التي توظفها حكومتا أبوظبي ودبي في مجال استكمال وتطوير وتوسيع البنى التحتية الوطنية الجوية خاصة منها المطارات·
وترمي عمليات توسيع وإعادة تطوير مطار أبوظبي إلى رفع طاقته في استقبال المسافرين إلى 26 مليون مسافر سنوياً، إلا أن مطار جبل علي في دبي الذي يجري العمل فيه الآن على قدم وساق، سوف يتمكن من استقبال ما يزيد عن 120 مليون مسافر سنوياً· وبالرغم من هذا المعدل العالي في النمو الذي تشهده صناعة الطيران في منطقة الخليج العربي، إلا أن الشكوك تتعاظم الآن حول ما إذا كان في وسع المنطقة أن تحتمل وجود ثلاث من كبريات الشركات العالمية للنقل الجوي التجاري·
ويشير التقرير إلى أن جيمس هوجان المدير العام التنفيذي لشركة الاتحاد للطيران يبدو قليل الاهتمام بمثل هذه التساؤلات، حيث يقول: ''لقد أنجزنا بعض الأعمال الرائعة ومع الطلب الذي سجل على الجيل الجديد من الطائرات أصبحت الشركات الخليجية للنقل الجوي تمتلك فرصة كبيرة للتفوق''·
ويضيف هوجان: ''أصبحنا الآن نكتسب الزبائن من الأسواق الأوروبية، وفي وسعنا نقل الركّاب من الولايات المتحدة إلى أستراليا عبر مطارات الشرق الأوسط، فضلاً عن شروعنا بإطلاق خدماتنا في القارة الأفريقية والهند والشرق الأوسط·· ولا شك أن هذا يعبر عن الفرص العظيمة المتاحة أمامنا والتي لم تبلغ ذروتها حتى الآن''·
ويستشهد هوجان بقرائن تاريخية للتأكيد بأن الشرق الأوسط يمكنه استيعاب ثلاث من الشركات الجوية الكبرى حيث يقول: ''إن المقارنة التي أرغب في عرضها هنا تتعلق بشركات نشأت وترعرعت في كل من: لندن، وباريس، ونيويورك، وفرانكفورت، وأمستردام· وفيما يتعلق بالوقت الراهن، فإننا نرى الظاهرة نفسها وهي تتكرر في كوالا لامبور، وسنغافورة، وبانكوك''· ويشير هوجان إلى أن أبوظبي بالرغم من أنها لم ترتق إلى مستوى المدينة التي يمكنها أن تأسر السياح العالميين، إلا أنها ستصبح كذلك في غضون السنوات الخمس أو العشر المقبلة· ويقول: ''هناك مشاريع سياحية كبيرة في أبوظبي· ونحن، باعتبارنا الناقل الرسمي للدولة، سوف نستفيد من هذا الواقع الجديد''·
ويشير إلى أنه تم استثمار أكثر من 200 مليار دولار في تطوير أبوظبي، ولا شك أن هذا النشاط سيخلق حركةً جويةً تجاريةً، مؤكداً أن ''الاتحاد للطيران'' وضعت نفسها في المكان المناسب لخدمة هذه السوق·
ويمضي التقرير في تحليله لواقع سوق النقل الجوي التجاري في المنطقة فيشير إلى أن هذه التطورات التي تشهدها أبوظبي لا بد أن تترافق مع قدرة موازية على ريادة سوق النقل التجاري بقيادة ''الاتحاد للطيران''·
اختلاف النماذج
ولقد تمكنت ''طيران الإمارات'' من القفز خطوة واسعة أمام منافسيها من خلال استراتيجية ''الرعاية'' ذات الطابع الإعلاني، والتي نشرتها في العديد من دول العالم بما فيها رعاية ستاد نادي أرسنال لكرة القدم في لندن، وفريق نيوزلندا في كأس الأميركتين للقوارب الشراعية، والعديد من التظاهرات الرياضية الأخرى· ولكنّ أجندة ''الرعاية'' في شركة الاتحاد للطيران ما زالت محدودة· ويعلق هوجان على هذا الواقع بقوله: ''لا يمكنك أن تقارن بين الشركتين؛ فلقد فاق عمر شركة طيران الإمارات 20 عاماً فيما لا يزيد عمر( الاتحاد للطيران) عن أربع سنوات''، ويضيف: ''نحن لا نعتزم السير على منوالها بل سنعمد إلى بناء النموذج الخاص بنا، وما زلنا حتى الآن نهتم بتطوير اسمنا التجاري''·
ونقل التقرير أيضاً تصريحاً لنارايانان رامباكريشنان الشريك في مجموعة ثذحا التي يوجد مقرها في البحرين قوله: ''لقد نجحت شركة طيران الإمارات في تحقيق مهمة رائعة عندما أصبحت شركة عالمية حقيقية، ولا شك أنني سأصاب بالدهشة لو أن شركة الاتحاد للطيران التي تمتلكها حكومة أبوظبي لم تنجح في تحقيق هذه المهمة ذاتها في الوقت المناسب''·
ويقول: ''بالرغم من أن البنية التحتية اللازمة لتحقيق هذا الهدف لم تتوافر تماماً حتى الآن، إلا أنها سوف تستكتمل قريباً، وينبغي أن نشير أيضاً إلى أن (الاتحاد للطيران) مملوكة تماماً لحكومة أبوظبي، وليست شركة طيران مستقلة، ومثلما وجدنا كيف أن شركة الإمارات للطيران أصبحت تدعّم الاستراتيجية التنموية لدبي، فإننا سنرى قريباً شركة الاتحاد للطيران وهي تقوم بهذا الدور، ونحن نتصور أن يخلق النمو المتسارع في إمارة أبوظبي ازدحاماً أكبر على الخطوط الجوية التجارية، كما أن الاستثمار في تطوير البنى التحتية للمطار سوف يساهم في تعزيز هذه الظاهرة''·
وبالطبع فإن الثقة بالأداء لا ترتبط بمعطيات الحيّز الضيق لسوق النقل الجوي التجاري في الخليج، بل يعتقد هوجان أن القوة السوقية المتزايدة لقطاع الطيران في منطقة الشرق الأوسط تنفي أي احتمال لنشوب مواجهة تنافسية خطيرة بين شركات الخطوط الجوية الخليجية· ويعبر هوجان عن هذا الواقع بقوله: ''هناك انتقال في مركز الثقل من شركات الخطوط الجوية الآسيوية والأوروبية إلى الشركات الخليجية الكبرى، ويكمن الهدف الآن في اقتناص حصّة مناسبة من الأسواق المتوزعة في بقية أنحاء العالم، ولا يبدو الأمر وكأنه يتعلق بحالة من التنافس بين الناقلين الخليجيين المحليين بقدر ما ينطوي على سعيهم لاقتناص الحصص السوقية من منافسين عالميين''· وينقل التقرير عن منى موسى المديرة التنفيذية لشؤون صناعة الطيران في منظمة الناقلين الجويين العرب شعورها بالخوف من الواقع السائد في سوق الطيران الخليجية حيث تقول: ''هناك خطر ماثل من أن تكون المنطقة غير قادرة على ضمان عنصر الاستدامة لثلاث من الشركات الكبرى للخطوط الجوية بالرغم من أن شركة الاتحاد تمكنت منذ تأسيسها من تحقيق مشاركتها القوية في السوق، ولقد وجدنا ما حدث لشركة طيران الخليج، وقد يعني هذا أن مرحلة التنافس في السوق سوف تأتي لاحقاً''