قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } (النساء:76).
وقد قصّ الله علينا في موضع آخر حقيقة كيدِ الشَّيطان وضعفِه، وذلك يوم بدر، يوم قال للمشركين: {لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48]، وذلك لمّا رَأى المَلائِكة تُقاتِل مع المُؤمنين، وَرؤوس المُشركين تتطاير..
هذه هي حقيقة كيدِ الشَّيطان ومكرِه.. وليس ذلك خاصّاً بالجِهاد في سبيلِ الله، بل في كُلّ وقت وآن، وفي كُلّ زمان ومكان، وفي ذلك عزاء لمن ابُتلوا بتسلُّط الشَّيطان عليهم بالوَساوِس والأحَزان، أو ما يُسمّى بالوسواس القَهرِي، وقد نبّه إلى ذلك نبيّا الكريم ـ عليه من ربّه أفضلِ الصَّلاةِ وأتمّ التَّسليم ـ فقد شكا إليه بعض أصحابه ما يجدونه من الوَساوس الشَّيطانيّة، فقال لهم مسليّاً ومعزيّاً: (( ذاك صريح الإيمان ))، وفي رواية: (( الحمد لله الذي ردّ كيده إلى الوسوسة )) ، فهو ـ لِضَعفِه وقِلّة حِيلتِه ـ لا يَملك غير هذه الوساوس، فإذا عَلم العبد ذلك، واستعان بالله، ولازَم ذِكره والإلتجاء إليه، ولم يلتفِت إلى هذه الوساوس؛ لم تَضُرّه، وعصمه الله منها.