[عاشق A380]

كثيرا ما نفاجئ برؤية طائرات سواء قتالية أم مدنية قديمة العهد إلا أنها تخضع لتعديلات وتحديث كي تعمل مدة أطول من عمرها الافتراضي؛ لكن هذا الأمر ليس بالضرورة أن يثير الذعر بيننا؛ والسبب يرجع إلى نوعية المواد والظروف التي تعرضت لها الطائرة أثناء تشغيلها وبالتالي سنرى أن هناك طائرات أكبر من عمر طياريها لا تزال في الخدمة حتى يومنا هذا. إن إطالة عمر الطائرة في التحسينات أحيانا يكون نتيجة للظروف الاقتصادية العصيبة، نظرا لارتفاع سعر الطائرات الحديثة وتكلفة تصنيعها. في مضمون الموضوع التالي سنتطرق لطبيعة الإجراءات المترتبة لعملية التحديث وإطالة العمر بالنسبة للطائرات في المجالين إضافة للتطرق إلى نموذجين مختلفين كمثال على ذلك.

تستند فلسفة تطوير وتحديث الطائرات القديمة الى الحاجة لتحسين مستوى أداء الطائرة، كي تتمكن من مقابلة التطورات المستمرة في انظمة المطارات والتحكم الجوي وغيرها لذا فإن عمليات التحديث تستهدف اطالة عمر الطائرات بما يتماشى ومواكبة التطور التكنولوجيِ وقد أدى تطور نظم الطيران وخفض تكاليف التشغيل الى الاهتمام بفلسفة التطوير للطائرات القديمة بدلا من عملية شراء طائرات جديدةِ ويشتمل التطوير على استبدال انظمة الطيران القديمة بأخرى أكثر تطورا، او اضافة انظمة حديثة اخرى تزيد من أداء الطائرة وتحقق مسايرة التقدم التكنولوجي بأسلوب مبسطِ وتتنوع عمليات التطوير والتحديث المطلوبة من مستخدم لآخر وفقا لمتطلبات ونوعية الطائرات وطبيعة التشغيل التي تستند في الغالب لأغراض اقتصادية بحتة.



كلفة عالية
تعتبر الطائرات من أغلى النظم التكنولوجية، حيث تستهلك جزءا كبيرا من ميزانيات الدول والمؤسسات، فمثلا تزيد اسعار الطائرات الحديثة العاملة حاليا في العديد من الناقلات الجوية مثل البوينغ B777 والايرباص A380 وA330 على 280 مليون دولار للطائرة الواحدة لذا يؤدي التطور في تكنولوجيا تصنيع الطائرات والمحركات والالكترونيات وأنظمة ادارة الطائرات والمطارات وأنظمة كابينة القيادة الى حتمية تجديد وتحديث الناقلات الجوية لأساطيلها، كما أن عملية تحديث الطائرات القديمة تفيد الناقلات في عمليات البيع لتلك الطائرات عندما تقرر تلك الناقلة تجديد أسطولها من الطائرات، بحيث تسمح لها بالدخول الى مجال التكنولوجيا الحديثة بتكاليف اقل، وقد تتمكن من تصدير طائراتها المحدثة الى دول اخرى فتحقق بالتالي عائدا ماديا مربحا.



نقص قطع الغيار
ظهرت مشكلات متعددة في ما يتعلق بالوصول الى مصادر للامداد بقطع الغيار اللازمة للطائرات القديمة، اذ اصبح وضعا غير اقتصادي بالنسبة للمصانع والشركات المنتجة للطائرات وانظمتها أن تستمر في انتاج قطع الغيار للطائرات القديمة، بل اصبح هذا الوضع يهدد الطائرات القديمة بالتوقف عن العمل في حالة عدم توافر قطع الغيار اللازمة لها، وقد يضطر المستخدم احيانا الى استخدام بعض قطع الغيار ذات المواصفات المختلفة مما يؤثر في النهاية على كفاءة أداء الطائرة، ناهيك عن خطورة نزع بعض الاجزاء من طائرة متوقفة ووضعها أو تركيبها في طائرة أخرى عاملةِ، لذا فإن عملية التحديث باستخدام بعض القطع الجديدة قد تسمح بمرونة تشغيلية أكثر وتوفر على الناقلات الأموال التي قد تنفق في شراء طائرات حديثة معقدة بعض الشيء، تتطلب تدريبا للكادر العامل بدءا من الطيارين الى الطاقم الطائر وانتهاء بالمهندسين والفنيين المتخصصين بعملية الصيانة.


أنواع التطوير
تنقسم عمليات التطوير والتحديث الى قسمين رئيسيين لتطوير الطائرات القديمة: الأول: اسلوب يسمى Refurbishing أي «التجديد» ويعني اطالة عمر الطائرة بالتصميم نفسه مع احتفاظها بخصائصها الفنية القديمة نفسها خلال العمر الجديدِ والثاني: اسلوب يسمى Retrofitting أو عملية «اعادة التجهيز» ويعني استبدال بعض المكونات القديمة في الطائرة بمكونات حديثة أكثر تطورا، أو باضافة مكونات حديثة بما تؤدي الى تحسين كفاءة الطائرة، وزيادة نسبة الأداء لمواكبة القدرات التي تتمتع بها الطائرات الحديثة، ويتراوح مجال العمل هنا بين تركيب جزء بسيط بالطائرة الى تغير كبير فيها بالكاملِ.


برامج التحديث المدنية
على الصعيد المدني، تشتهر بعض الطائرات بعمليات تحديثها المستمرة التي لا تعرف التوقف، ومثال على ذلك طائرات بوينغ للركاب والشحن. وسنتناول أشهر تلك الطائرات التي أجريت ولا تزال تجرى عليها عمليات ترقيع وتجميل (تحديث) مستمرة سواء من قبل المصنع نفسه أو بواسطة شركات مقاولات أخرى، وأشهر تلك العمليات هي اضافة الجنيحات على أطراف الجناح لطائرة بوينغ 737 وحتى البوينغ 757 و767 والتي أثمرت تحسين اقتصاداتها بالوقود وأكسبتها مدى أطول من ذي قبل؛ مما جعل شعبيتها أكثر وأوسع انتشارا. أما من ناحية التحديث داخل أروقة المصنع نفسه فان بوينغ لم تجر تعديلا لطائرة ركاب مثل تلك التي أجرتها ولا تزال تجريها لطائرات بوينغ 737 والتي لقب النموذج الأخير بماكس – MAX، والذي بات يحصد الصفقات تلو الصفقات تماما كما يحصد نده المثير ايرباص 320 نيو – NEO الأشهر على الاطلاق.



على الجانب العسكري
لا توجد طائرة عسكرية لم تجر لها عملية تجديد وتطوير في العالم؛ ولعل أشهرها القاذفة العملاقة بوينغ بي – 52 العتيدة التي لا تعرف الشيخوخة، بل تعدى عمرها العملي عمر طياريها؛ أما أكثر المشاريع التي باتت تلاقي اهتماما بالغا في عمليات التحديث والتعديل ذلك الذي يتعلق بأسطورة سلاح الجو الأميركي المقاتلة التي لم تهزم في معركة جوية قط الإف – 15 أو F-15 المعروفة بلقب «ايغل» اي النسر، والتي تحظى بمكانة مرموقة لدى اوساط سلاح الجو الاميركي، وكذلك باحترام اسلحة الجو العالمية الاخرى لما لها من سجل حافل في التفوق والسيادة الجوية المطلقة، حيث يتمتع النموذج المعدل منها بخواص تعود الى الجيل الذي يليها وهو الخامس؛ وهذا بدوره يجعها أكثر ضراوة وقوة.

ان عملية التحديث تعتمد اعتمادا كبيرا على قدرة بدن الطائرة على التحمل لمدة زمنية اضافية؛ وهو ما يمكن التكهن به لكن لا يمكن توقعه أو التنبؤ به.


رابط المصدر