[عاشق A380]

لم تعد الأفكار الثورية تغري المستثمرين بمجال النقل الجوي، فليس هناك أي دليل على جدية استبدال الأسطول الجوي العالمي من الطائرات الأقل سرعة من الصوت الحالية بطائرات فضائية أشبه بمكوك الفضاء ولا حتى بمركبات جوية فائقة السرعة؛ لكن التحول القادم سيكون في طرح الحلول نحو جعل السفر أكثر كفاءة واقتصادية وبالطبع مردودا وربحية من السابق. وهذا لا يتحقق سوى بتطبيقات باتت تتخذ أشكالا لها فعليا على أرض الواقع. فكيف ستكون عليه المطارات والطائرات والخدمات الأخرى في المستقبل القريب؟ وما هو المحرك الرئيسي نحو ذلك التحول القادم؟ في الموضوع القادم تكمن الاجابة.،،
يستمر الطلب على الترحال جوا في ازدياد يوما بعد يوم وفترة بعد فترة؛ فرغم الوضع الاقتصادي العالمي غير المستقر والآخذ في الانكماش والتقوقع نجد أن حركة الطيران تزداد كثافة، بل ان حجم المسافرين عن طريق الجو بلغ 2.8 مليار مسافر فقط في عام 2011، ويتوقع أن يقفز هذا العدد الى 3.6 أو 4 مليارات في عامي 2016 و2017 تباعا وهذا بدوره سيحتم ايجاد حلول لاستيعاب هذا التوسع والزيادة في حركة النقل الجوي ومن هذا المنطلق تمخضت عنه عدة حلول.

مطارات أكبر
نظرية ما يعرف بمدينة مطار باتت واقعا ملموسا والدليل مطار آل مكتوم الدولي أو المركز العالمي الذي بني في منطقة جبل علي بامارة دبي في دولة الامارات العربية المتحدة؛ ويتخذ هذا المطار العملاق وضعيته كمركز دولي مكتف ذاتيا ولوجستيا، بحيث يخدم شريحة كبيرة وضخمة من القطاعات مثل الشحن والمعارض والخدمات المتنوعة الى جانب النقل الجوي؛ ولعل فكرة انشاء مدينة مطار كانت قد تبلورت قبل أكثر من عقد أو ربما عقدين من الزمن في الولايات المتحدة حينما طرحت تلك الفكرة في مؤتمر دولي وكان النموذج الذي سيتبنى تلك الفكرة هو مطار أورلاندو بولاية فلوريدا الا أن أسبابا اقتصادية بحتة قد منعت من تطبيق ذلك هناك؛ ومن جهة أخرى تشيد الصين مدينة مطار لوجستية هي الأخرى، وهو مطار داكسينج في بكين، حيث ستتراوح مساحة ذلك المطار بـ 55 كلم مربع، وهو بذلك يفوق حجم جزية برمودا ويمكنه استيعاب حجم ركاب يفوق ذلك الذي لمطاري هيثرو بلندن وJFK في نيويورك مجتمعين.

قاعات ذكية
دشنت طيران الامارات مبنى جديدا في مطار دبي الدولي، وهو مخصص لطائراتها الايرباص A380، ويعتبر الكونكورس A، وهو أول مبنى في العالم مخصص لطائرات الايرباص A380 في العالم، وهو جزء من المبنى 3، وسوف يصبح مقراً ومنطلقاً لطائرات الامارات من هذا الطراز العملاق، حيث سيخدم المسافرين الى أكثر من 20 وجهة عالمية ضمن شبكة خطوط طيران الامارات، بما في ذلك رحلات الايرباص A380 الى أوروبا التي ستسيرها كوانتاس الأسترالية بموجب اتفاقية الشراكة المبرمة مع طيران الامارات. وتبلغ المساحة الاجمالية للكونكورس الجديد 528 الف متر مربع، موزعة على 11 دوراً، وهو قادر على التعامل مع 15 مليون مسافر سنوياً، حيث يوفر لهم تجربة غير مسبوقة من الراحة وتنوع المرافق الخدمية، مثل صعود ركاب الدرجتين الأولى ورجال الأعمال من صالات الانتظار الخاصة بهم مباشرة الى الطائرات، ومحلات السوق الحرة والمطاعم والمقاهي المتنوعة والسبا. وتعد صالات الدرجتين الأولى ورجال الأعمال في الكونكورس الجديد الأكبر من نوعها على مستوى العالم. كما يحتوي الكونكورس على فندقين ضمن طابق كامل، أحدهما من فئة خمس نجوم والثاني أربع نجوم. وينتقل الركاب من المبنى 3 الى الكونكورس A بواسطة قطار تحت الأرض وحافلات ليلتحقوا برحلاتهم التي تقلع من 20 بوابة عندما يكتمل تشغيل المبنى.

طائرات أكبر
أكد خبراء ومختصون بمجال الطيران أن عهدا جديدا من السفر الجوي قد باتت بوادره تتشكل مع ظهور طائرة ايرباص العملاقة A380، بحيث سيكون ممزوجا بكثير من المتعة والتسلية والأمن والسلامة وكذلك البيئة الصحية من خلال ما تتمتع به كابينة الركاب للطائرة والمكونة من طابقين اثنين. ويقول تقرير نشرته مجلة فوربس ان العهد الذي كان فيه ركاب الطائرات يعدون الثواني وهم فوق السحاب كي يهبطوا من الطائرة على الأرض مرة أخرى، بسبب الخوف من الطيران أو الضجر أو حتى الشعور بالتعب، قد ولى الى غير رجعة. ونتيجة لاستغلال المساحة الداخلية في الطائرات الحالية بصورة أكثر ذكاء بات الراكب يشعر براحة أكبر، فركاب الدرجة الأولى على سبيل المثال، باتوا يملكون لا مجرد مقاعد وثيرة وحسب، بل أصبح لديهم في بعض شركات الطيران كبائن (سويت) خاصة بأبواب تضفي لهم مزيدا من الخصوصية والهدوء، كما بات حتى راكب الدرجة السياحية يتمتع بمزيد من المساحة المتاحة حتى مع توزيعة المقاعد (3-3-3) أي تسعة ركاب جنبا الى جنب في طائرة مثل ايرباص العملاقة 380 بسبب التصميم المتطور لمساحة الكابينة المثالية بواسطة أحدث أنظمة الكمبيوتر، مما وفرت لمقعد الدرجة السياحية مزيدا من الاستقلالية عن المقعد المجاور له.

وسائل ترفيه لا متناهية
بدأت الناقلات الجوية كطيران الامارات على سبيل المثال لا الحصر توفير شاشات جديدة لنظامها الخاص بالمعلومات والاتصالات والترفيه الجوي ice على الطائرات الجديدة من طراز بوينغ 777. وتتميز الشاشات الجديدة بأنها أكبر وأعرض وأكثر سهولة في الاستخدام وبصورتها الواضحة ذات الدقة العالية HD، حيث يبلغ قياسها 27 بوصة في الدرجة الأولى، و20 بوصة في درجة رجال الأعمال، و12.1 بوصة في الدرجة السياحية. ويمكن تغيير القنوات واستعراض البرامج بالنقر على الشاشة بسهولة استخدام الايفون والايباد هذا الى جانب ميزة القدرة على التواصل المباشر والمستمر مع شبكة الانترنت جوا، والتي توفر للركاب خدمات لا متناهية، خصوصا على الرحلات التي تزيد مدتها على 10 ساعات للطيران.

مزيد من التحفظ
العقد المقبل ستكون طائرات ايرباص العملاقة من طراز A380 ذات 525 مقعدا فما فوق تجوب العالم، وكذلك سيكون الأسطول العالمي من الطائرات قد تضاعف عما هو عليه الآن، هذا الى جانب النمو المستمر في عدد المسافرين جوا، وستدخل الى الخدمة طائرات مصنوعة كليا من المواد المركبة كالبوينغ 787، وستكون معظم الطائرات ذات محركين اثنين فقط وأكثر اقتصادية وكفاءة، بينما أسعار الوقود ستكون في أعلى مستوياتها. وسيتعين على شركات الطيران ايجاد كيفية تسويق مقاعدها بالطريقة التي تكفل لها البقاء، لا بعدد طائراتها ولا حجم الطائرة المستخدمة، فقط موازنة الخيارات المتاحة بالصورة الصحيحة لضمان الاستمرار.



رابط المصدر