[عاشق A380]

في 2013 حلق 3.1 مليار شخص على متن الطائرات، أي ما يُعادل نصف سكان الكوكب تقريبا.


سجلت شركات الطيران زيادة في حوادث الركاب المتمردين منذ عام 2007، وبحسب أرقام مؤقتة شهد عام 2013 أكثر من ثمانية آلاف حالة اضطراب وسلوك غير لائق.

هذا العام احتفلت صناعة الطيران بالذكرى المئوية لتأسيسها في عام 1914، عندما عبرت أول رحلة تجارية في العالم خليج تامبا في ولاية فلوريدا. لكن حتى بعد 100 عام يبدو أن كثيرا من المسافرين، وبعض التنفيذيين في شركات الطيران، لا يزالون يجهلون كيفية التصرّف بأدب ولباقة.

في شهر آب (أغسطس)، اضطرت رحلة لشركة طيران يونايتد كانت متجهة من نيوآرك إلى دنفر، إلى الهبوط في شيكاغو بعد أن رشقت إحدى المسافرات الماء على رجل كان يستخدم مسند الركبة للحؤول دون تحرك مقعدها إلى الخلف.

هذا الشهر ذكرت أسوشييتد برس أن بعض المسافرين الصينيين المنزعجين من ترتيب المقاعد في رحلة طيران إيرآسيا التايلاندية، ألقوا الماء الساخن على مضيفة الرحلة ورموا عليها قطع المكرونة وهددوا بتفجير الطائرة.

كذلك تشو هيون آه، نائبة رئيس شركة الطيران الكورية الجنوبية وابنة رئيس مجلس الإدارة، اضطرت إلى الاستقالة بعد أن طلبت من إحدى الرحلات المغادرة العودة إلى مبنى المطار في نيويورك، لأنها كانت غاضبة من إحدى مضيفات الرحلة التي قدمت مكسرات المكاديميا التي طلبتها في كيس وليس على طبق.

في اجتماعه العام السنوي في حزيران (يونيو)، دعا اتحاد النقل الجوي الدولي إلى ضرورة التصرّف حيال "العدد المتزايد من الأحداث الخارجة عن السلوك السليم والتخريبية على متن الطائرات".

هل أصبح الطيران فعلاً غير متحضر إلى هذه الدرجة؟ يصرّ اتحاد النقل الجوي الدولي أنه يملك تقارير من شركات الطيران الأعضاء تُظهر زيادة في حوادث الركاب المتمردين منذ عام 2007. كما تُشير الأرقام المؤقتة لعام 2013 أن هناك أكثر من ثمانية آلاف حالة من الاضطراب.

لكن أرقام اتحاد النقل الجوي الدولي تعتمد على الإبلاغ الطوعي من قِبل شركات الطيران في العالم. وزيادة الدعاية بشأن حوادث التمرد ربما تكون قد أدت إلى قيام شركات الطيران بالإبلاغ أكثر عنها.

الأرقام أيضاً لا تغطي فقط الاضطرابات الأكثر خطورة على متن الطائرات، مثل المواجهة الفعلية مع الطاقم أو مسافرين آخرين، لكن أيضاً انتهاك قواعد عدم التدخين ورفض ربط أحزمة المقاعد.

الأرقام من إدارة الطيران الفيدرالي الأمريكي لا تُظهر زيادة في سوء سلوك الركاب الخطير. وقالت الوكالة إنها استلمت 167 تقريرا من شركات الطيران عن ركاب تدخلوا في واجبات أفراد الطاقم في عام 2013 - بانخفاض كبير عن الرقم المرتفع البالغ 330 حالة في عام 2004.

هذا لا يُقلل من خطورة الاضطراب الذي يحدث، لأن الطبيعة المغلقة للطائرة تعني أن كل واحد من أولئك الركاب غير المنظمين يؤثر في مئات الآخرين.

لو أن تشو كانت قد تصرفت بذات الغطرسة في المكتب الرئيسي، لكانت قد أغضبت موظفا واحدا من الموظفين التعساء بدلاً من إزعاج مراقبي الحركة الجوية، وموظفي مواعيد الرحلات في المطار، فضلا عن 250 راكبا.

تكلفة تحويل مسار طائرة مُحلّقة بسبب راكب خارج عن السيطرة يمكن أن تكون عالية - ربما تصل إلى 200 ألف دولار.

ولمكافحة هذه المشكلة، دعا اتحاد النقل الجوي الدولي الحكومات للتصديق على بروتوكول مونتريال، الذي تم وضعه هذا العام لتحديث اتفاقية طوكيو عام 1963. البروتوكول الجديد يجعل من السهل محاكمة الذين يسيئون التصرف في بلد شركة الطيران، أو بلد وجهة السفر، أو أي بلد ثالث تم تحويل مسار الطائرة إليه. هذا هو الصحيح؛ أولئك الذي يقومون بتعطيل الرحلات ينبغي أن يتم معاقبتهم.

مع ذلك، القصة الحقيقية لأعوام الطيران التجاري المائة ليست الاضطراب، لكنها تكمن في الطريقة الجيدة التي تعلّم بها الركاب وأفراد الطاقم التعايش مع بعضهم بعضا.

كل يوم، ملايين الناس الذين لا يعرفون بعضهم بعضا مرتبطون في مقاعد ضيقة، معظمهم يلمسون معاصم بعضهم بعضا، وركبهم مضغوطة أسفل المقاعد التي ربما تكون متحركة إلى الخلف.

بالنسبة لبعضهم، يعتبر الطيران جزءا منتظما من الأعمال. وآخرون ذاهبون للقاء أحبائهم أو تركوهم خلفهم. وبعضهم يذهب إلى أماكن غير مألوفة من أجل الدراسة. وآخرون يهاجرون، أو ربما يسافرون للقاء أحفادهم لأول مرة، أو لدفن أب أو أم. تلك الرحلات الليلية التي تتحرك في السماء، بالنسبة لكثير من الناس، هي أوقات مُظلمة وتأمليّة.

وخلال رحلاتهم، تقتصر تحركات الركاب على السير بين الحين والآخر في الممرات الضيقة إلى الحمامات. وأثناء ذلك، عليهم أحيانا المرور عبر عربات أفراد الطاقم، أو بعضهم بعضا.

كما أنهم ينامون نوماً خفيفاً في رفقة هؤلاء الغرباء. ويتم إطعامهم وفقاً للجدول الزمني لشركة الطيران، وليس الجدول الخاص بهم. كذلك يتم حرمان المدخنين من النيكوتين.

في العام الماضي حلق 3.1 مليار شخص على متن شركات الطيران في العالم، أي ما يُعادل تقريباً نصف عدد سكان الكوكب. أولئك الركاب العدوانيون أو المسيئون البالغ عددهم ثمانية آلاف، رغم أن تصرفاتهم غير مقبولة وتستحق العقاب، إلا أنهم يشغلون أقل من نصف حديقة ميدان ماديسون في نيويورك أو ساحة O2 في لندن.

في عام الذكرى المئوية لصناعة الطيران، يعد تصرف جميع مليارات الركاب الآخرين تقريبا بطريقة جيدة فيما بينهم، أمرا يُحسب إلى شركات الطيران التي تولت إدارتهم على نحو جيد ـ وإلى اللباقة وضبط النفس من جانب الركاب أنفسهم.



رابط المصدر