[serag eldin]

إجراءات ومسارات محددة تساهم في الحد من التلوث واستهلاك الوقود الطيران بكفاءة ونظافة






،، يعد التخطيط للرحلات الجوية البعيدة المدى من دون توقف، من الأمور المعقدة في مجال الطيران في وقتنا الحالي، خصوصا مع ظهور جيل من الطائرات المتطورة القادرة على الطيران بكفاءة واقتصادية عالية من دون نقطة توقف في الوسط لإعادة التزود بالوقود كما كان في السابق. وقد بادرت العديد من الجهات سواء شركات الطيران أو إدارات وهيئات الطيران المدني بالبحث عن أنسب الحلول والإجراءات التي من شأنها أن تسهم في تمكين شركات الطيران من الحد من استهلاك طائراتها للوقود، وهذا بدوره يساهم في خفض انبعاث الغازات الضارة بالبيئة، ومن تلك الإجراءات ما يطلق عليه «المسارات المرنة». ولكي تتم معرفة كيفية أداء مثل تلك الرحلات بكفاءة عالية لا بد من التعرف على عدة أمور تتطلبها الرحلات الجوية قبل القيام بها.،،

في عام 2003 طورت طيران الإمارات بالتعاون مع الخدمات الجوية الأسترالية برنامجا مبتكرا لإدارة المجال الجوي وتخطيط أفضل مسار جوي للرحلات أطلق عليه Flex Tracks أو المسارات المرنة، بحيث يتضمن هذا البرنامج استخدام تكنولوجيا متطورة على الأرض وفي الجو عبر قمرة القيادة للطائرة يتيح مراقبة الطقس ومتابعة الرياح الدافعة أو الخلفية التي تؤثر على سرعة الطائرة، واختيار أفضل الظروف والمسارات الممكنة لكل رحلة جوية المراد القيام بها. واليوم ومع مرور خمس سنوات على بدء تطبيق ذلك البرنامج تمكنت طيران الإمارات من توفير نحو 10 ملايين لتر من الوقود واختصار ما مجموعه 772 ساعة طيران وتقليل كمية الانبعاثات الغازية بما يعادل 26 طنا من ثاني أكسيد الكربون و163 طنا من أكاسيد النيتروجين الضارة بالبيئة.

تأثير الرياح على مسارات الطائرات
احد العوامل المهمة في أداء رحلة جوية هو تحديد اتجاه الرياح، ولأن الطائرة تتأثر تأثرا شديدا باتجاه الريح خصوصا على الارتفاعات العالية. حيث تشتد تيارات الرياح نظرا لانعدام العوائق الأرضية فتارة قد تكون مثبطة لسير الطائرة عندما تكون باتجاه متعاكس معها، وتارة أخرى تكون لصالحها عندما تكون بالاتجاه نفسه، لكن مع ازدياد الرحلات الجوية الطويلة المدى، وارتفاع أسعار الوقود، بات تأثير اتجاه الريح العلوية أمرا حيويا ومهما في التعامل معه، خصوصا أن شركات الطيران باتت تقنن في كمية صرفها للوقود قدر الإمكان. حيث يراعى وضع أنسب الاتجاهات بالنسبة للخط الجوي، كي تكون الرياح ذيليه قدر الإمكان، أي اتجاهها يكون خلف الطائرة في الجو كي تدفعها، بدلا من أن تكون رياحا معاكسة طوال الوقت فتقلل من سرعتها وتكبحها، وبالتالي تزيد من حرقها للوقود وربما تقلل من مداها الأقصى المرجو؛ كما أن الرياح الخلفية لها فوائد اقتصادية أخرى، مثال على ذلك أنها تتطلب دفعا اقل للمحرك وبالطبع سرعة متوسطة زائد سرعة الرياح الإيجابية تلك، مما سيعني إنهاكا أقل للمحرك، وبالتالي عمرا أطول له.

التيارات الهوائية النفاثة
تحلق الطائرات النفاثة عادة على ارتفاعات شاهقة أي ما بين ارتفاعي 29 و50 ألف قدم (غالبا لا يتم تجاوز 45 ألف قدم)، وغالبا ما تكون عملية التحليق في خط مستقيم خلال تلك الارتفاعات، وتتم في طبقة جوية تسمى التروبوبوز Tropopause وهي الطبقة الانتقالية ما بين طبقتي التروبوسفير السفلى الملاصقة لسطح الأرض، وما بين طبقة الستراتوسفير العليا، ومن المعروف ان للغلاف الجوي للارض اربع طبقات (التروبوسفير والستراتو سفير والميزوسفير والثرموسفير)، وطبقة التروبوبوز هذه يتفاوت ارتفاعها فوق خط الاستواء الى 65 الف قدم، بينما هي اقل علوا على القطبين حيث 20 الف قدم ارتفاعا، لكن الفريد في هذه الطبقة هو ثبات درجة الحرارة تقريبا الى 56.5 درجة تحت الصفر وهو ما يجعل من الطيران خلالها بالنسبة لكفاءة المحركات امرا غاية في الاهمية، حيث ان درجة الحرارة المتدنية تلك لا تنهك المحركات، بل تجعلها تعمل بكل كفاءة واقتصادية ويحدث في هذه الطبقة التيارات الهوائية النفاثة او Jet Stream التي هي عبارة عن انابيب من الهواء المتدفق بعنف، ذو عرض يصل الى 160 كلم وبعمق 3 كلم، وهي تلعب دورا في توازن درجة الحرارة العالمية، وتصل سرعاتها الى سرعات جنونية احيانا بما يتجاوز 500 كلم/ساعة وربما 600 كلم ساعة حسب التغير في درجة الحرارة واختلاف الضغط الجوي للارض. ولان الأرض كروية فانها تتعاكس في الاتجاه من خط عرض الى آخر.

طقس الأجواء العليا
هناك العديد من الظواهر غير التيارات النفاثة التي قد تعيق الطائرات عندما تكون معاكسة لمساراتها، وعاملا مساعدا عندما تكون خلفها فتدفعها، فتصبح عاملا اقتصاديا لها. فمثلا هناك نوع معين من الغيوم يطلق عليه سيروس Cirrus وهو سحاب رقيق كأنه ريشة عملاقة مرتفعة، تتكون من جسيمات ثلجية، وعلى الرغم من انها قد لا تؤذي الطائرات فإنها احيانا قد تتضمن اضطرابات هوائية (مطبات) عنيفة مزعجة او بما يعرف Cat او Clear Air Turbulence اي مطبات هوائية غير مرئية تنتج عن اصطدام طبقة هوائية دافئة باخرى باردة عن طريق التيارات الهوائية المتدفقة او النفاثة، وكثيرا ما يلاحظها الركاب على الرغم من صفاء الجو.

المسالك الجوية تحددها ظروف الطقس
ان عوامل الطقس الجوي سواء تلك التي على سطح الأرض أم تلك التي في الارتفاعات العلوية، تحدد مجرى الملاحة الجوية بالنسبة للطائرات، حيث انها حيوية وضرورية لضمان انجاز الرحلة الجوية، لذلك وقبل القيام ببناء خط جوي ما، يتم عمل إجراءات أساسية معينة، مثل الترخيص بالطيران على مثل هذا الخط الجوي المقترح، وتحديد نوع الطائرات المراد استخدامها على مثل هذا الخط المفتوح، وهذا يساعد في اختيار المسار الجوي الأمثل، خصوصا من حيث معدلات حالة الطقس الجوي الإحصائية، التي يتم الحصول عليها من قبل هيئة الأرصاد الجوية للدولة، الذي يمر بها ذلك الخط الجوي المزمع إنشاؤه، وحتى يتم تقدير حمولات الوقود الدنيا في كل مرحلة، فإذا كانت النتائج مرضية بالنسبة للدائرة التجارية بالطيران المدني، يتم بعد تقدير التكلفة والربحية الحقيقية لذلك الخط الجوي ومن ثم الحصول على الموافقة الرسمية للمسار الجوي. \

حساب كمية الوقود
عادة ما تتطلب خطة الرحلة الجوية Flight Plan، حساب كمية الوقود اللازمة لاداء الرحلة مع تفصيل بيانات توزيع الوقود، مع اضافة نسبة معينة من الوقود الى الكمية المخصصة للرحلة للحالات الطارئة او الأخطاء الملاحية او عند التعرض لرياح معاكسة، ولان معظم الطائرات الحديثة باتت بمحركين للمدى الطويل جدا، تطلب التعقيد الذي يصطحب هذا النوع من الطائرات والرحلات، وضع مدى ملاءمة حالة الطقس في الحسبان بجميع الاحوال. كما يجب التمعن ودراسة حركة الرياح في ارتفاعات التحليق في خرائط الطقس الجوية التي تعطي صورة عن حركة الرياح في تلك الارتفاعات، فالتعاون الناجح ما بين مخطط الرحلات Dispatcher والطيار وكذلك المتنبئون الجويون يمكن ان يؤتي بنتائج اقتصادية مجزية بالنسبة للناقلات الجوية، مع الأخذ بعين الاعتبار عنصر السلامة. فالطائرة يجب انتمتلئ بالوقود الكافي مع مراعاة وزن الحمولة المناسب.

كيفية معرفة الرياح المعاكسة من الذيلية
عند الطيران بالطائرة في الارتفاعات العالية، او حتى الدنيا منها، لا بد من اخذ اتجاه الرياح في الحسبان، لذلك فان الرياح «الذيلية» Tailwind اي الخلفية التي تدفع الطائرة تكون محبذة طوال الوقت، لكن عندما يكون اتجاه التحليق بعكس تلك الريح (الرياح الامامية Headwind) فان الحيطة والحذر مطلوبان عند تخطيط الرحلة قبيل الاقلاع لحساب كمية الوقود المناسبة لاكمال الرحلة. فالرياح الامامية او المعاكسة، او العكسية كما يتم تداولها احيانا، تعمل على كبح سرعة الطائرة وتزيد من كمية صرفها للوقود. ولكي نعرف ان الرياح باتجاه عكسي ام خلفي، يكون ذلك عن طريق ملاحظة الفرق ما بين السرعة الهوائية والسرعة الارضية فالسرعة الارضية Ground Speed هي سرعة الطائرة بالنسبة الى سطح الارض، وتتوقف على اتجاه الريح. اما السرعة الهوائية Air Speed فهي سرعة الطائرة بالنسبة الى الهواء المحيط. فاذا كانت افضل السرعة الهوائية اقل من السرعة الارضية فان ذلك يعني ان الطائرة تتعرض لرياح خلفية، اما اذا كان العكس فان الطائرة تتعرض لرياح معاكسة.

القبس الكويتية