[محمد احمد عسيري]

عالجوا خطوطنا بالرقية
أ.حمود ابو طالب

يقول المثل الشعبي «العواجيزي» : قلبي على ولدي انفطر وقلبه علي حجر. وخطوطنا الجوية ليست ولدنا ولا بنتنا، لكنها منا وفينا وتحمل اسم وطننا ومن حقها علينا أن ندعمها ونقف معها في السراء والضراء، مع أن الضراء صفة لمرحلتها الحديثة بعد أن كانت السراء عنوان ماضيها. أي أننا نحاول أن نرفع معنوياتها ونشعرها بأننا لا زلنا معها رغم كل شيء. نضحي كثيرا في سبيل أن تتحرك النخوة والشهامة في عروقها لتنتشل نفسها من النقائص والعيوب التي أصبحت تلازم سمعتها وتصر هي على تأكيدها، أي أنها لا تعطينا فرصة الدفاع عنها أو تلمس الأعذار لها أو حسن الظن بها، تخذلنا بقوة عندما نحاول الوقوف في صفها لأنها بمحض إرادتها تختار أقوى الأدلة ضدها، فلا يستطيع أبرع المحامين تبرئتها.
الآن ونحن على أبواب الصيف والعطلة السنوية بدأت أعراض مرضها المزمن تظهر من جديد بشكل حاد كما هي العادة في مثل هذا الموسم من كل عام. إنه مرض عضال لم تنفع معه كل الأدوية الحديثة، وربما تكون مصابة بمس من «جني» يتمتع بصلابة غير عادية ومقاومة شرسة تتطلب تدخل شيخ متمكن في العلاج بالرقية.

إن دعمنا وتعاطفنا مع خطوطنا يبلغ مداه حين تكون الخيارات متاحة على عدد لا محدود من شركات الطيران العالمية في رحلاتنا الخارجية ومع ذلك نقرر اختيار الخطوط السعودية، ربما ما نمارسه يشبه محاولتنا إعادة بناء الثقة بالنفس للمريض النفسي من خلال الإيحاء له بأنه شخص سليم كغيره من الأصحاء. في الرحلات الداخلية نعذر خطوطنا العزيزة لأنها الوحيدة في الساحة، أي مهما فعلت فلا بديل عنها. تستطيع أن تعاملنا أسوأ معاملة ومع ذلك ليس لنا غيرها، في هذه المرحلة على الأقل، وقبل أن تعرف معنى المنافسة على الكعكة الداخلية.

ولكن بالنسبة للرحلات الدولية فإن العجب من حال الخطوط السعودية لا ينتهي. صحيح أن هناك تقدما محدودا في بعض الجوانب، لكن ما زالت النظرة البدائية للمسافر موجودة في تعامل الخطوط، ونعني بها نظرة اللامبالاة والإهمال في الخدمات وكأنها تفضلت عليه بالسفر مجانا. أكتب هذه السطور وأنا على متن إحدى رحلات خطوطنا الدولية بعيدة المدى، لم أستطع الانتظار حتى أصل لأعبر عن خيبتي من تفاصيل الرحلة. منذ لحظة الجلوس على المقعد اكتشفت أنه مصاب بتصلب المفاصل، لا حركة إلى الخلف أو الأمام. الملاحون يؤكدون أن فريق الصيانة تفقد مقاعد الطائرة قبل الإقلاع وكلها تعمل ولربما السبب حظي التعيس، ولكن نفس المشكلة حدثت للراكب بجانبي وخلفي وغيرهم، ومستحيل أن يحدث ذلك بالصدفة. وإلى هذه اللحظة قبل الهبوط بعد 13 ساعة طيران ونحن كتماثيل الشمع على الكراسي. وإذا أرادت خطوطنا المكاشفة فإنه بالإضافة إلى مشكلة الكراسي فإن مستوى الخدمة على الرحلة بشكل عام ومهنية المضيفين والمضيفات واهتمامهم بالراكب لا يرقى إلى ما تقدمه الخطوط الأخرى. لقد شاهدنا مفارقات كثيرة على خطوطنا واعتقدنا أنها ستختفي، ولكن يا حسرة.
https://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0521602671.htm