[عاشق A380]

يعد قطاع النقل الجوي قطاعاً خدمياً وماليا هاماً لعدد غير قليل من دول العالم وتحديدا لتلك التي تعتزم تنويع مصادر دخلها وتميزها كمقصد سياحي . وللنقل الجوي بشقيه ، نقل المسافرين ونقل البضائع (Cargo) خصائص عديدة يتميز بها عن وسائل النقل الأخرى بالسرعة في أداء الخدمة ، وانطلاقاً من أهمية التسويق لهذا القطاع فإن لخطط الترويج المستدامة التي يجب أن لا تتوقف في مؤسسات النقل الجوي أهمية كبيرة في تحقيق الأرباح .
والمتتبع لسوق النقل الجوي على الصعيد العالمي يدرك أن هذا السوق يشهد منافسة محمومة لم يشهدها من قبل ، فهناك بضعة مئات من شركات الخطوط الجوية العالمية وإنْ صنفت مائة منها الأفضل بمعيار حجمها وسعة وجهاتها. كما أن شركات النقل الجوي الحكومية منها والخاصة صارت تعتمد على التخطيط الاستراتيجي بعد أن انهار أو تصدع عدد منها.
فهناك في شركات النقل الجوي الكبرى إدارة خاصة للدراسات وللبحث والتطوير تتابع تطورات الاقتصاد العالمي والعوامل والأحداث التي تحدد توجهات الشركة . وفي دراسة حديثة لخصت تطورات صناعة النقل البحري والتنبؤ بأهم اتجاهات سوق هذا القطاع . فمنذ تأسيس قطاع النقل الجوي في الأول من يناير عام 1914 ، كان النقل الجوي العنصر الأهم في حركة التجارة العالمية ، فإن الطلب على السفر في ازدياد كبير، ففي عام 2014 تم نقل أكثر من 1.6 مليار شخص . ومن الصعب اليوم إيجاد أي شركة لا تتصل بشكل ما بالنقل الجوي ، إذ يتم نقل ثلث بضائع العالم جواً، ويدعم النقل الجوي أكثر من 2.2 تريليون دولار من النشاطات الاقتصادية، وتتكامل سلسلة التوريد للشحن الجوي في الشركات المتنوعة من بائعي الورد المحليين وتجار الخضراوات والصيدلانيين وبائعي المجوهرات إلى مصنع الهاتف النقال والتلفاز أو السيارات. ومع نمو النقل الجوي التجاري أصبح العالم أكثر تقارباً، ونما مستقبلنا بشكل أكبر. كما أن النقل الجوي سيركز على جعل خدماته عاملا لتنشيط الاقتصاد العالمي.
وعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة للقطاع، فإن الطريق إلى الأمام لن يكون خالياً من التحديات، وستتضمن التحديات أمورا كثيرة مثل الضرائب والتشريعات والبنية الأساسية والتمويل والبيئة والأمن والتوزيع. وعلى الرغم من تطور وازدهار قطاع النقل الجوي عالمياً وتسجيله نسب نمو عالية فضلاً عن تقديمه خدمات مميزة وعالية الجودة فإن شركات قطاع النقل الجوي في عدد من الدول النامية وحتى بعض الدول المتقدمة كادت أن تفلس ، وأن بعضا منها لجأ إلى الاندماج.
الطيران العماني من جانبه حافظ على التطور . ولكي يحقق المزيد من الأرباح لابد أن يضع معيار الإنفاق والعائد من أهم أسس التطوير المستقبلي . فالجدوى الاقتصادية من أهم عوامل نجاح الشركات وخير دليل على ذلك بروز وتطور شركات الطيران في الدول المجاورة بشكل لافت حتى أضحت هذه الشركات لاعباً دولياً قوياً يحسب له ألف حساب ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى الدولي أيضاً . رغم أنها مؤسسات حكومية ، إلا أنها تدار بكفاءة عالية.
وأجبرت المنافسة الشديدة بين شركات الطيران الأمريكية شركة (دلتا) على تخفيض أسعار عروضها الخاصة بنسب تصل إلى 50%، مشيرة إلى أن الفائدة المرجوة من ذلك ستظهر على المدى البعيد، في حين أن تأثيرها على المدى القصير، يشير إلى انخفاض كبير في العوائد والأرباح.
وقال مسؤولون في شركة (دلتا) الأمريكية: إن هذه الخطوة، التي بدأ العمل بها ، هي الأكبر من نوعها التي تقوم بها شركة طيران كبرى في المنافسة الحادة بينهم على اكتساب أكبر عدد ممكن من الزبائن الجدد .
وأشار المسؤولون إلى أن التأثير الإيجابي على المدى البعيد سيتأتى من الزيادة الكبيرة المتوقعة في حركة النقل الجوي، الأمر الذي سيعّوض الانخفاض الكبير في العوائد على المدى القصير. كذلك ستخّفض (دلتا) للطيران، وهي ثالث أكبر شركة طيران أمريكية، من قيمة استبدال التذاكر من 100 دولار إلى خمسين دولاراً فقط؛ كما ستقلل من القيود المتعلقة بعروض (المبيت ليلة السبت)، المعمول بها ضمن عروض الشركة الخاصة. ومن المتوقع أن تدفع الخطوة، التي قامت بها شركة (دلتا)، شركات الطيران الرئيسية الأخرى إلى القيام بخطوات مماثلة، إذ تدرس شركة (يونايتد إيرلاينز) تلك الخطوة بعناية دون اتخاذ القرار بعد، وذلك بحسب الناطقة باسم الشركة.
من جهتها، قالت شركة (يو أس إير ويز)، وعلى لسان الناطق باسمها: إن لديها عروضاً خاصة مماثلة لعروض (دلتا) على عدد من الرحلات النشطة، لكن الناطق رفض الإفصاح عن المزيد من التفاصيل. كذلك رفض متحدث باسم شركة (نورث ويست إيرلاينز)، رابع أكبر شركة طيران أمريكية، الإفصاح عن أية تفاصيل بخصوص خطط عروض أسعار مستقبلية، لكنه قال: إن الشركة ستواصل تقديم أسعارها التنافسية الحالية.
وكانت (نورث ويست) قد أشارت إلى أن الخطوة التي قامت بها (دلتا) ستعمل على خفض عوائد شركات الطيران بصورة ملحوظة، وهو ما أفصحت عنه شركة (دلتا)، إلا إنها قالت: إن هذا التأثير سيكون على المدى القصير فقط.
وتشير التوقعات إلى أن الأعوام المقبلة ستكون المنافسة على أشدها لقطاع النقل الجوي خليجيا وعربيا وعالميا ، لذلك فإن الناقل الوطني العماني (الطيران العماني) بصدد وضع خطة توسعية تستهدف الاستغناء عن الدعم الحكومي والاعتماد على إيراداته الخاصة بل وتحقيق الربحية بحلول عام 2017، وذلك عن طريق التركيز على استغلال الحركة العابرة (الترانزيت) في مطار مسقط الدولي ورفعها بنسبة 10% لتصل إلى 70%.
وأجرت شركة الطيران العماني دراسة شاملة ووضعت خطة استثمارية لعشر سنوات، مشددا : انه على الشركة أن تعتمد على الاستثمار الذاتي والاستغناء عن الدعم الحكومي في غضون ثلاث سنوات. وتتضمن الخطة الاستثمارية تدريب أطقم الطائرات والموظفين وأطقم الضيافة الجوية ليكونوا مضيافين وودودين أكثر، كما تتضمن الخطة إضافة 24 طائرة جديدة تدخل الخدمة اعتبارا من أكتوبر المقبل وحتى 2018 ، وسوف تستلم الشركة خلال 12 شهرا 16 طائرة من نوع (بوينج وايرباص) وذلك ضمن مجموعة الطائرات الـ 24 المتعاقد عليها، وبهذا سوف يرتفع الأسطول إلى 55 طائرة من 31 حاليا. ويتوقع ارتفاع نسبة التعمين بالشركة من 60% إلى 70% خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى خطة تمتد لعشر سنوات في هذا الإطار.
وتدرك الشركة أن أهم التحديات التي يواجهها الطيران العماني هي التغلب على الخسائر التي تصل إلى 100 مليون ريال، مشيرا إلى أن الشركة لا تزال في طور الاستثمار وأن تحقيق الأرباح ليس هدفا في هذه الفترة.
تجدر الإشارة إلى أن إعادة النظر بالوجهات الحالية للطيران العماني الأقل ربحية التي يمكن استبدالها بوجهات واعدة بحجم النشاط التجاري وحركة المسافرين .
ولابد أن نتذكر أن النقل الجوي طالما كان من أهم عوامل تطوره ونجاحه هو السلامة والتميز بالخدمة . غير ناسين أن الطيران العماني كان من بين عدد من شركات النقل الجوي التي يسجل لها تاريخ خال من الحوادث، كما أن السلطنة الدولة الأكثر أمانا وسلما وتلك ميزة مضافة.

د. محمد رياض حمزة –



رابط المصدر