[rashed]

طيران الإمارات تنشئ شركة طيران اقتصادي على غرار العربية والجزيرة صراع الأجواء القادم في الخليج الطيران الاقتصادي أنعش سوق السفر جواً وزاد من المنافسة

04/04/2008
،، كنا قد سمعنا قبل أعوام قليلة من أن طيران الإمارات بصدد إنشاء شركة للطيران المنخفض التكاليف تحمل اسم «إمارات إكسبريس» تخصص لها طائرات عملاقة فائضة عن أسطول الإماراتية من فئة إيرباص A380 العملاقة، بحيث تحمل ما يزيد على 600 راكب أو أكثر، ولكن سرعان ما تم تجاهل الأمر وكأن الموضوع قد نُسي تماماً. ولكن اليوم ها نحن أمام إعلان رسمي لتأسيس شركة للطيران الاقتصادي تنافس الشركات الأخرى بالمنطقة من نفس النمط، وهذا بدوره يطرح تساؤلات عدة حول الأسباب وراء إطلاقها، ومدى تأثيرها على الشركات الأخرى من نفس النمط، وحتى على الشركات الأخرى، إن لم يكن على الشركة التي انبثقت منها، وهي طيران الإمارات نفسها. وقبل الإجابة عن تلك التساؤلات ينبغي لنا استعراض ما وصل إليه الطيران الاقتصادي في الخليج اليوم.،،
في 18 مارس الماضي أطلقت طيران الإمارات مولودتها المستقلة ذاتياً التي لم تسمّ بعد، وهي شركة طيران اقتصادي منخفض التكاليف، تقوم طيران الإمارات بتقديم الدعم لها ومساعدتها خلال مرحلة التأسيس وأخذ موقع لها بين الشركات الأخرى المنافسة من نفس الفئة. وجاء إنشاء هذه الشركة تعزيزا للنمو الكبير في معدل الحركة الجوية والسفر جواً في المنطقة بصفة عامة، وفي دولة الإمارات في دبي، إن صح التعبير، بصفة خاصة. كما أن الغرض من إنشائها هو تعزيز دور مطار آل مكتوم في منطقة جبل علي الذي يتم إنشاؤه حاليا، ومن المقرر أن تتمركز فيه هذه الشركة، وتحويل جزء كبير منه إلى محور رئيسي للطيران الاقتصادي مزيحاً مطار الشارقة مستقبلاً، حيث لا تنوي الشركة الأم «طيران الإمارات» الانتقال إلى مطار آل مكتوم، بل البقاء والتمركز في مطار دبي الدولي الحالي.

أجواء مشجعة
هناك توقعات تفيد بأن منطقة الشرق الأوسط ستكون الأسرع نمواً في نقل الركاب، حيث سيبلغ معدل النمو ما بين 7 ــ 8% ابتداء من وقتنا الحالي حتى عام 2015، ورغم أن أسواق الطيران في المنطقة تخضع لبعض الإجراءات، لكن بعض الحكومات قد قامت بتطبيق سياسة «الأجواء المفتوحة»، الأمر الذي سهل من دخول شركات جديدة في صناعة النقل الجوي، وتعتبر كل من دولة الإمارات وسلطنة عُمان والكويت، الدول الثلاث الرائدة في تبني تلك السياسة، حيث ان سوق دول مجلس التعاون لديها مساحة واسعة لاستيعاب شركات الطيران المنخفض التكاليف بسبب معدلات النمو تلك، إلى جانب وجود طلب على هذا النمط من السفر من قبل المستهلكين الراغبين في تشكيلة أسعار متفاوتة القيمة.

الطيران الاقتصادي في الخليج
منذ انطلاق طيران العربية المملوكة لحكومة الشارقة، كشركة للطيران الاقتصادي المنخفض التكاليف عام 2003، وهذا النمط من الشركات يزداد شعبية مع الوقت، والطيران في توسع تام، الأمر الذي شجع ظهور منافسين لها، سرعان ما أوجدوا موطئ قدم لهم في هذا السوق من النقل الجوي، ونعني هنا طيران الجزيرة الكويتي التي تعتبر غير مملوكة أو ممولة من أي جهة حكومية في الشرق الأوسط، الأمر الذي يجعلها نموذجاً حقيقياً لشركة الطيران المخصصة يمكن أن يحتذى. وقد نقلت هذه الشركة المحلية ( نقصد هنا الكويت)، التي أنشئت عام2005، في العام الماضي (2007) 1،2 مليون راكب، وهو ضعف الرقم الذي حققته في عام 2006، وهذا دليل على نموها السريع، كما بلغ حجم أسطولها من الطائرات 40 طائرة، 6 منها في الخدمة الفعلية و34 الباقية تسلم على مراحل، متخطية بذلك عدد الطائرات في الخطوط الجوية الكويتية، الشركة الرئيسية في الدولة، والبالغ 17 طائرة. عموماً كلتا الشركتين العربية والجزيرة حققتا أرباحاً كبيرة منذ إطلاقهما، وهذا ما يؤكد أن سوق الطيران المنخفض التكاليف في الخليج يشهد نمواً كبيراً.

الصراع في دبي
تقدر نسبة حركة الطيران المنخفض التكاليف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 4% من معدل الحركة الجوية، في حين انها 30% في الولايات المتحدة وأوروبا، وإذا ما ركزنا على دول الخليج، وتحديداً دولة الإمارات، فسنجد أنها تبلغ 12% من حجم الرحلات المقلعة هناك، وهذا بحد ذاته مذهل، فبالعودة إلى عام 2003 حينما انطلقت أولى شركات الطيران المنخفض التكاليف بالمنطقة، وهي العربية، لم يكن هذا النمط معروفاً ولا متواجداً، وبالتالي فقد نما بمعدل كبير خلال السنوات الأربع الماضية، أما اليوم فإن 22 خطاً جوياً يتنافس عليها فقط طيران العربية مع طيران الإمارات، علماً بأن لكل شركة طيران مطارها الرئيسي الذي تعمل منه، وهما يبعدان 15 كلم أحدهما عن الآخر. بيد أن وضع العربية في السوق أفضل بسبب أن معظم العمال ومحدودي الدخل الذين يعملون في دبي يقطنون في الشارقة، موقع العربية، وبالتالي فإن الكفة تميل ناحية شركة طيران العربية عندما يتعلق الموضوع بالسفر إلى الدول المجاورة والإقليم، وهذا ما دفع بطيران الإمارات لتدارك الأمر قبل فوات الأوان وإطلاق شركة طيران اقتصادية تعمل من دبي واختارت أن تتمركز في مطار آل مكتوم العملاق في جبل علي، مما انعكس سلباًَ على طيران الاتحاد في أبوظبي الأقرب من تلك الناحية، والتي أدخلت أخيرا إلى أسطولها الجوي طائرات ذات الممر الأحادي كي تنافس شركات الطيران الاقتصادي بحمولتها الصغيرة من الركاب وتكاليف تشغيلها الاقتصادية. إلى هذا، ظهرت شركات طيران من النمط نفسه في الهند، الأمر الذي بات يهدد تهديداً مباشراً سوق الطيران في دبي.

تسويق مدينة مطار جبل علي
وكما ذكرنا فإن الغاية أيضاً من جعل شركة الطيران الاقتصادي الجديدة لطيران الإمارات تتمركز بمطار آل مكتوم في مدينة جبل علي اللوجستية، هو تسويق هذا المطار وتحويله لأكبر محور للطيران الاقتصادي بالمنطقة، تماماً على غرار ما تنوي فعله برلين بمطارها الجديد قيد الإنشاء، «مطار براندنبيرغ». وتهدف هذه الخطوة أيضاً إلى منافسة شركات الطيران الاقتصادي بالمطار نفسه كطيران الجزيرة التي يعتقد أنها أول شركة طيران اقتصادي تتخذ لها مقراً تشغيلياً غير الذي في الكويت بمطار جبل علي، وهي في الوقت الحالي تشغل رحلات من مطار دبي الدولي إلى وجهات مثل البحرين ومناطق متفرقة بالهند ومسقط وصلالة والمالديف وبيروت.

مستقبل الطيران
الاقتصادي في الخليج
يرى بيل ماك نايت، المدير في «ايه تي كيرني» الجوية العالمية، أن شركات الطيران المنخفض التكاليف ستثبت وجودها، وأن في غضون 5 إلى 10 سنوات سيكون هناك خليط أوسع من منتجات الطيران في المنطقة. والحقيقة ان هناك مساحة كافية حتى الآن لإنشاء مثل تلك الشركات، ونعني بها العربية والجزيرة وطيران البحرين، وفي المملكة العربية السعودية طيران سما وناس، وهو أمر سيؤدي إلى تنافس حاد، لكن قد تطور إلى صراع مرير، فرز عدداً من الخاسرين.

..وهل يغير الطيران الاقتصادي الناقلات الأخرى أم العكس؟
كشف استطلاع للرأي أجرته شركة أوروبية لأبحاث التسويق ازدياد شعبية الطيران الاقتصادي في أوروبا. وأظهر الاستطلاع أن من بين ركاب الطيران الاقتصادي أشخاصاً يحصلون على رواتب عالية ودخول مرتفعة ويشغلون مراكز مهمة، يستقلون في الغالب الطيران الاقتصادي بشكل متكرر، كما أن الطيران الاقتصادي له شعبية كبيرة لدى الأشخاص كثيري السفر عن طريق الجو. غير أن النمو المحتمل وهذه الشعبية التي يحظى بها الطيران الاقتصادي لن يكون حسب زعم تلك الشركة بمنأى عن مراقبة شركات الطيران التقليدية، خصوصاً وأنه قد ثبت تاريخياً أن نمو شركات الطيران الاقتصادية في بعض المناطق في العالم أدى إلى حالات إفلاس وإعادة هيكلة في شركات طيران تقليدية. والحقيقة أن شركات الطيران الاقتصادي قد فرضت تغييراً لمصلحة المستهلكين والقطاع. وتتسابق شركات الطيران التقليدية للتطور على قطاع متدني الأسعار على غرار تلك الشركات، لكن شركات الطيران الأقل كلفة تنجح فقط في الرحلات التي تستغرق أقل من 3 ساعات في الغالب. وهذه الرحلات غالباً ما تتفادى المطارات الكبرى. إن ارتفاع الأسعار وتزايد التعقيدات في النقل الجوي قد يقلص فارق النفقات بين شركات الطيران المتدني الأسعار والشركات الكبرى وهذا الذي يحدث بالفعل حالياً، ومع أن الكثير من شركات الطيران المتدني الأسعار قد تكون مربحة، فإن الكثير منها يفلس. إن من المرجح أن تتعايش الشركات المتدنية الأسعار والشركات التقليدية، أو تندمج، وخير مثال على ذلك شراء الناقلة الألمانية الوطنية اللوفتهانزا حصة بلغت 19 % من أسهم شركة جيت بلو الأميركية للطيران المتدني الأسعار، ومن شأن ذلك أن يفتح على اللوفتهانزا منافذ أكثر انطلاقاً من مطار جون كنيدي بنيويورك وكذلك أن يضمن مزيدا من المسافرين على متن الجيت بلو.