[kuwaity_pilot]

تمتعت خطوط الإمارات بعدد من المزايا التي تفوقت بها على منافساتها، حيث إن قاعدتها في مطار دبي، إلى جانب مطارات أخرى في الخليج، تمثل عملية مستمرة لـ 24 ساعة يومياً، الأمر الذي يعني أن وقت الطيران لا يتم هدره في الانتظار لليلة واحدة. ويضاف إلى ذلك أن «الإمارات» لا تفرض سوى القليل من الضرائب، أو حتى لا تفرض ضرائب، على أرباح الشركات.

يقول دافيد كامنسكي، من مجلة الطيران «فلايت إنترناشيونال» Flight International، إن خطوط الإمارات الجوية «استطاعت أن تجد كُوّتها في عالم الطيران كشركة تشغل خطوط نقل جوي طويلة، وبتكلفة تشغيل متدنية، وهو الأمر الذي يعتبر بمثابة الكأس المقدسة في صناعة النقل الجوي.

وإذا استطعت إدارة التشغيل على مثل هذه الخطوط بعيدة المسافات وبتكلفة قليلة، فإن من المحتمل أن تحقق أرباحاً كبيرة.

ظلت خطوط الإمارات الجوية منذ رحلتها الأولى في عام 1985 منشغلة ببرنامج توسع طموح. ولديها الآن 135 طائرة عاملة، كما أنها أوصت على 158 طائرة تبلغ قيمتها 52 مليار دولار، باستثناء الخيارات.

غير أن شركة خطوط الإمارات أعلنت في شهر أيار (مايو) الماضي، أن أرباحها في السنة المنتهية بنهاية آذار (مارس) الماضي، تراجعت بنسبة 72 في المائة لتبلغ 972 مليون درهم إماراتي (268 مليون دولار أمريكي).

وقالت شركة الخطوط الجوية هذه إن اللوم يعود إلى أسعار النفط التي حلّقت عالياً، الأمر الذي أدى إلى تراجع الربحية، حيث خسرت الشركة مبلغ 1.57 مليار درهم إماراتي (428 مليون دولار أمريكي) حين أخفقت استراتيجيتها التحوطية، وفقاً لحساباتها.

اعتدلت أسعار النفط في الوقت الراهن، غير أن الشركات في دبي تواجه مشاكل مالية، حيث تواجه الإمارة هذه السنة عدداً من المطالبات المالية وسط انهيار في أسعار العقارات المحلية. والسؤال هو ما إذا كان باستطاعة الخطوط الجوية هذي، الحفاظ على نموها الدراماتيكي في ظروف صعبة؟ أو أنها قد تجاوزت قدراتها.

حذر جيوفاني بيسيغناني المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي، في دبي في شهر حزيران (يونيو) الماضي، «من أن الأرض قد تحركت، ومن أن صناعتنا (النقل الجوي) قد اهتزت، حيث إن هذا هو أصعب وضع واجهته هذه الصناعة».

ومع ذلك، شهد مطار دبي الدولي خلال الشهر ذاته، ارتفاعاً بنسبة 10.3 في المائة على أساس سنوي، في عدد الركاب الذي وصل إلى 3.36 مليون راكب.

قال الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس مجلس إدارة شركة دبي العالمية، وخطوط الإمارات الجوية، إن الإمارة ما زالت ملتزمة ببرنامج استثماري في مطاراتها تبلغ قيمته 17.2 مليار دولار أمريكي.

يتضمن ذلك إنشاء ما يراد له أن يكون أكبر مطار في العالم، حيث سوف يحمل اسم مطار آل مكتوم المركزي لشركة دبي العالمية، في جبل علي. ومن المقرر أن يضم هذا المطار العملاق، المتوقع أن يتم افتتاح مدرجه الأول في العام المقبل خمسة مدارج، بحيث يستطيع استيعاب 160 مليون راكب في العام.

يميل المحللون الواعون بتجربة طيران الخليج إلى إبداء الحذر، حيث إن شركة طيران الخليج التي تتخذ من البحرين مقراً لها، والتي أصبحت فيما بعد ملكاً لأربع دول خليجية، توسعت خلال الثمانينات بسرعة كبيرة، ولم تعد كما كانت عليه في ذلك الحين أبداً، كما يقول هؤلاء المحللون.

والأمر الأكثر من ذلك هو أن دول الخليج الأغنى مثل أبو ظبي التي تملك طيران الاتحاد، وقطر التي تملك الخطوط الجوية القطرية، تتحرك لتشغيل أساطيلها الجوية في الأسواق الرئيسية التي تعمل فيها شركة الإمارات، كما أن بإمكانها استغلال مزايا التكلفة ذاتها، التي كانت الإمارات هي الرائدة فيها.

يقول كامنسكي: أعتقد أن القضية المطروحة هنا هي التوقيت، حيث إن لدى شركة الإمارات عدداً ضخماً من الطائرات التي أوصت عليها. وسوف يكون هنالك مجال تشغيل لها عاجلاً، أم آجلاً. ولكن الأمر يتعلق بما إذا كان جدول التشغيل الزمني لشركة الإمارات، يتماشى مع الاقتصاد العالمي ومع اقتصاد دبي.

قد يبدو في هذا الوقت من الغريب إطلاق شركة خطوط جوية أخرى، في ظل أسوأ انكماش شهده العالم خلال عدة عقود من الزمن، حيث أطلقت دبي في الأول من حزيران (يونيو) شركة فلاي دبي Flydubai، وهي أول غزوة لها لسوق الخطوط الجوية التي تراعي ظروف ذوي الميزانيات المحدودة. ويواجه هذا الإطلاق منافسة راسخة في صورة شركة العربية Air Arabia التي تعمل انطلاقاً من الشارقة، وسما السعودية، وشركة الجزيرة الكويتية. وبسير خطوط فلاي دبي Flydubai على نهج إمارة دبي، فإنها لن تكون سوى شركة طموحة. وتخطط هذه الشركة الجديدة لشراء ما مجموعه 54 طائرة بوينج 737 – 800s.

يقول غيث الغيث، الرئيس التنفيذي لشركة فلاي دبي Flydubai، إن حصة شركات الطيران متدنية أسعار التذاكر في أوروبا تبلغ نحو 20 في المائة من المسافرين جواً، وإن هنالك توقعات بأن ترتفع هذه النسبة إلى 50 في المائة. وأما في الشرق الأوسط، فإن هذه النسبة من المسافرين جواً باستخدام طائرات التذاكر الرخيصة، فلا تزال تتشكل من خانة حسابية واحدة.

يقول بيل ماكنايت، من شركة الاستشارات كيرني Kearney، إنه ما لم تنشر شركة فلاي دبي Flydubai حسابات منفصلة عن شركات دبي، فإنه سوف يكون من الصعب معرفة ما إذا كان هذا المشروع ناجحاً، أم لا. ويضيف أن بإمكان أي شركة خطوط جوية تقديم تذاكر بأسعار أدنى، على الأقل في الأجل القصير. والسؤال هو ما إذا كانت تلك الشركات قادرة على تحقيق أرباح من خلال ذلك. ولذلك فإن الأمر يعتمد بشدة على هيكل التكاليف لديها.

تقول شركة فلاي دبي Flydubai إنها لم تتخذ بعد قراراًـ حول ما إذا كانت ستصدر بيانات مالية منفصلة، كما تفعله شركة الإمارات.

يعتقد كامنسكي أن مشروع شركة دبي Flydubai يمثل تحركاً دفاعياً من جانب حكام دبي، الذين شجعهم نجاح المنافسين المجاورين لهم.

ويضيف: أعتقد أن جانباً من ذلك هو إيقاف الكثير من التوجه المندفع، نحو إنشاء خطوط جوية أخرى ذات تذاكر سفر منخفضة في المنطقة، لأنه إذا لم تكن قادراً على هزيمتهم، فإن عليك الانضمام إليهم. وأشك في أن ذلك يبقي على جزء من السوق في دبي، بدلاً من أماكن أخرى».

المصدر:فاينانشال تايمز