[serag eldin]

أزمة كبيرة تلاحق قطاع الطيران.. وآثارها أخف على آسيا والشرق الأوسط 68 شركة أفلست أو علقت رحلاتها الجوية في 2008





تعاني شركات الطيران تراجع النشاط الاقتصادي العالمي، فتباطؤ حركة النقل الجوي خلال الأشهر القليلة الماضية تظهر بوضوح تام. وهي تذكر بالأزمة التي لحقت بقطاع الطيران بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وبأثر تفشي مرض السارس في 2003.
وحول حركة النقل الجوي فقد انخفضت في سبتمبر بنسبة – 2،9% وفي أكتوبر – 1،3%، كما أن التراجع في نقل البضائع سجل – 7،9% في شهر أكتوبر.
وأشار التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) الذي يضم 230 شركة،إلى أن الحركة الجوية انخفضت في كل المناطق الجغرافية وتوقع أن ينخفض عدد الركاب بنسبة 3 في المائة عام 2009 في أحسن الأحوال.
وبالعودة إلى أحداث 11 سبتمبر فان الانتعاش عاد إلى قطاع الطيران بعد عام ونصف العام، الأمر غير المتوقع حدوثه في وقت قصير وذلك لاختلاف الأسباب، فهناك أزمة جيوسياسية ونفسية أما الآن فالأزمة أعمق واشمل من ذلك بكثير، والفترة التي ستستغرقها غير واضحة أيضا.
وانخفاض الطلب اجبر شركات الطيران على الاستجابة لحالات الطوارئ عن طريق تخفيض حركة الرحلات الجوية وتعديل الرسوم والأسعار، وتتجه الشركات إلى مزيد من إجراءات التقشف وتقليل المصاريف الثابتة، وذلك بهدف التمكن من الاستمرار والنهوض بأقل خسائر من الأزمة العاصفة.

الشركات الأميركية أكثر قدرة على المناورة
وفي هذا السياق فان الشركات الأميركية أكثر قدرة على التأقلم مع الأوضاع من نظيراتها الأوروبية فهي سبق ان اتخذت إجراءات منها تخفيض الأسطول العامل وإلغاء خطوط داخلية بنسبة تراوحت بين 10 و20 في المائة وذلك بعد ارتفاع أسعار النفط مما سمح لها باستيعاب حركة الركود الحالية وضمان التكيف مع الأوضاع والتعامل مع قاعدة زيادة التكاليف، فقبل 10 سنوات كانت الفاتورة النفطية تمثل 13 في المائة من مصاريف التشغيل لكنها لامست حدود الأربعين في المائة وأكثر مع ارتفاع أسعار الوقود. ولا بد من الإشارة إلى أن انخفاض أسعار البترول الحالي قدم لهذه الشركات فرصة ثمينة لالتقاط الأنفاس بعد أن ذاقت الأمرين، ولكن المشكلة الرئيسية هي عدم استقرار الأسعار ولا احد يعرف ما سيكون عليه سعر برميل البترول بعد ستة أشهر من الآن. وفي عام 2008، أعلنت 68 شركة طيران صغيرة أو متوسطة الحجم إفلاسها أو علقت رحلاتها الجوية حتى إشعار أخر.
ووفقا لأخر أرقام صادرة عن الاياتا فان صناعة الطيران خسرت 5 مليارات دولار سنة 2008 ويتوقع أن تخسر 2،5 مليار دولار في هذه السنة.
ويشير خبراء في مجال الطيران إلى أن شركات عملاقة مثل ايرفرانس ــ كيه أل أم، لديها احتياطيات نقدية تزيد على 6،4 مليارات يورو ناتجة عن الدمج والتشغيل وعن زيادة التركيز على تخفيض المصاريف، فأسطولها الجديد يتميز بأنخفاض استهلاك الوقود بنسبة 19 في المائة كما أن التكاليف المرتبطة بالتسويق والمبيعات خفضت بنسبة 13 في المائة.

الفرص المتاحة
لا بد من التركيز على أن في الأزمات فرصا متاحة، فقد تتسارع عمليات شراء ودمج شركات الطيران الأوروبية بعضها مع بعض، وهناك حاليا أكثر من مائة شركة ومن مختلف الأحجام، وشهدت الأشهر الأخيرة من السنة الماضية محاولات ــ لا تزال مستمرة ــ من شأنها أن تؤدي إلى تشكيل تحالفات واسعة تسيطر على قسم كبير من حركة المسارات الجوية خصوصا الطويلة منها، حيث يمكنها ذلك من تغذية محطة كبيرة محورية من محطات ومطارات اصغر حجما وموزعة جغرافيا.
وفي اوروبا يتم التركيز على ثلاث شركات رئيسية هي، اير فرانس ــ كيه ال ام، لوفتهانزا، وبريتش ايرويز. وهذه الأخيرة تجري مفاوضات اندماج مع الاسبانية ايبيريا ومع الاسترالية كانتاس (فشلت المحاولة الأولى). لوفتهانزا من جانبها، استحوذت على 45 في المائة من شركة طيران بروكسل البلجيكية والتي بدورها اختيرت لتدخل بحصة في رأسمال شركة الطيران النمساوية كجزء من عملية خصخصتها. من جهتها اير فرانس كيه ال ام تأمل في أن تشتري 10 إلى 20 في المائة من شركة اليطاليا.
ولا بد من التطرق إلى شركات الطيران المنخفضة التكلفة فقد تأثرت سلبا في الفترة الماضية، ذلك أن هذا النوع من الشركات الاقتصادية حساسة جدا تجاه أسعار البترول وقد شهد هذا القطاع شراء شركة ريان اير الايرلندية لـ 30 بالمائة من منافستها اير لانغوس. ومنذ ظهور هذا النوع من الطيران حتى اليوم ارتفعت حصته السوقية فهي وصلت في الولايات المتحدة إلى 30 في المائة وفي أوروبا الغربية إلى 18 في المائة (أرقام 2007) ويجب الاعتراف بأن الطيران الاقتصادي دخل مرحلة المنافسة وقد يعزز من حصته السوقية خصوصا في فترة الأزمة الحالية.
ويشير خبراء في مجال النقل الجوي إلى وجود عوامل ايجابية في الأزمة الحالية منها انخفاض سعر الوقود وهبوط أسعار الفائدة مما يقلل من كلفة التمويل إضافة إلى سهولة الحصول على الطائرات سواء بالإيجار أو بالتملك.
كما انه لا تزال هناك أسباب وجيهة للأمل في غد أفضل، فاحتياجات النقل الجوي ستتزايد خصوصا في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة، ووفقا للاتحاد الدولي للنقل الجوي فان نحو 2،75 مليار شخص سيسافرون جوا بحلول عام 2011 أي بزيادة 620 مليون شخص عن سنة 2006. هذا العدد من الركاب في المقام الأول سيتركز في الشرق الأوسط واسيا.

القبس الكويتية

لو جورنال دو فاينانس