المنامة - CAPA
قال تقرير إلى شركة (CAPA) المختصة في الطيران العالمي وتحليل بيانات السوق وخدمات المعلومات ودعم الخطط الاستراتيجية لشركات الطيران حول العالم: «يبدو أن محاولة طيران الخليج الأخيرة للتحول إلى الربحية، والتي بدأتها الناقلة في نهاية العام 2012، قد بدأت بتحقيق نتائج جيدة وسريعة للناقلة الوطنية المتعثرة لمملكة البحرين. وتقضي الخطة الجديدة التي تأتي ضمن سلسة طويلة من محاولات إنعاش الناقلة بتقليص حجم الشركة للتعويض عن الخسائر الكبيرة التي منيت بها الناقلة عبر السنين».
وأضاف التقرير: «مع نهاية الربع الأول من العام 2013، أعلنت طيران الخليج أنها حققت وفراً في التكاليف بلغ نسبة 21 في المئة، وجاءت هذه النسبة كنتيجة لتخفيض تكاليف إيجار الطائرات، وتخفيض مصروفات الرحلات والموظفين، وإغلاق الخطوط غير المربحة تجارياً.
العائدات ارتفعت بنسبة 21 في المئة أيضاً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بفضل تزايد الطلب على الرحلات الإقليمية وارتفاع عائدات المبيعات في البحرين، بالإضافة إلى إعادة هيكلة أسطول الناقلة وشبكة وجهاتها. بالنتيجة، أعلنت الناقلة أن خسائرها في الربع الأول من العام 2013 بلغت نصف ما كانت عليه في الربع الأول من العام 2012.
وبهذا، تكون النتائج المحققة أفضل بنسبة 11 في المئة من النتائج المؤملة من خطة إعادة الهيكلة، وهي تثبت جدوى القرارات الصعبة التي اتخذتها الناقلة من خلال تلك الخطة. كما أن الناقلة جاءت ضمن أكثر الناقلات التزاماً بالمواعيد في المنطقة، وهو تغير ملحوظ في عملياتها على مدى السنوات السابقة. ورغم التحسن، إلا أن على طيران الخليج قطع شوط طويل حتى تصبح ناقلة مجدية تجارياً.
نقلاً عن نائب رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب عبدالحكيم الشمري، فإن طيران الخليج كلفت البحرين ما يقارب مليار دينار بحريني (2.65 مليار دولار أميركي) على مدى السنوات الأربع الماضية. مالك الناقلة، شركة ممتلكات البحرين القابضة (الصندوق السيادي للثروة الوطنية)، عزت خسائرها البالغة 270.1 مليون دينار بحريني (717 مليون دولار) في العام 2011 إلى ملكيتها للناقلة. في العام 2009، صرح الرئيس التنفيذي السابق لممتلكات طلال الزين أن الناقلة شكلت «عبئاً غير مقبول على الاقتصاد الوطني» وأنها موجودة فقط بفضل الدعم الحكومي لها.
الربيع العربيألقى بثقله
على طيران الخليج
الأزمة الاقتصادية العالمية، والربيع العربي، والأحداث في البحرين كلها ألقت بظلالها على محاولات طيران الخليج في التحول إلى الربحية على مدى السنوات الماضية. حركة السفر في البحرين انخفضت بشكل ملحوظ بين العام 2009 والعام 2011، الأمر الذي أثر على طيران الخليج أكثر من نظيراتها من ناقلات المنطقة.
حركة السفر في مطار البحرين
الدولي: 2007 - 2012
حركة السفر من/إلى مطار البحرين الدولي تحسنت بنسبة 8.8 في المئة في العام 2012، ولكن معدل أعداد المسافرين بدأ في العودة إلى ذروته فقط في العام 2009.
كما أن المنافسة الإقليمية كانت على أشدها. المراكز الرئيسية للناقلات الخليجية الكبرى - طيران الإمارات، وطيران الاتحاد، والخطوط الجوية القطرية - كلها تقع على مقربة 500 كيلومتر من البحرين. كما إن طيران الخليج تواجه منافسة شرسة من الناقلات الاقتصادية مثل طيران العربية وطيران ناس وفلاي دبي. إفلاس وتصفية شركة الطيران الخاصة طيران البحرين في يناير/ كانون الثاني 2013 عن القليل من الضغوطات التي تعاني منها الناقلة الوطنية؛ رغم أن إخفاق طيران البحرين ليس بالإيجابي على سوق الطيران عموماً.
الدعم الحكومي جاء مشروطاً
في أواخر العام 2012، أقرت الحكومة البحرينية مبلغ 185 مليون دينار بحريني (491 مليون دولار) كدعم مالي لطيران الخليج. وفي الحين الذي شكل فيه هذا المبلغ أقل من ثلث الدعم المالي الذي طالبت به الناقلة؛ جاء ذلك الدعم الحكومي مشروطاً - إقرار المبلغ كان مرهوناً بأن تتخذ الناقلة إجراءات صارمة للتقليل من خسائرها والتحول إلى الربحية.
وقبل الحصول على الدعم المالي، طرحت الناقلة عدداً من الحلول تضمنت بيع الشركة أو إغلاقها أو إنشاء ناقلة جديدة. ولم تكن أياً من هذه الحلول مجدية تجارياً أو سياسياً؛ الأمر الذي قاد إلى اتخاذ قرار تقليص حجم الشركة وإعادة هيكلتها.
في يناير 2013، كشفت الناقلة عن خطتها للوصول بعملياتها إلى «الحجم الصحيح»، وتقليص أسطولها وشبكة وجهاتها وقواها العاملة، وطرح خطة عمل جديدة. وقد أعلنت طيران الخليج عن عزمها تقليل خسائرها بنسبة 24 في المئة مع نهاية العام تحسين معدل إشغال المقاعد بنسبة 9 في المئة.
وقد قضت خطة إعادة الهيكلة بتقليل عدد طائرات أسطول الناقلة من 36 إلى 26 طائرة، وأن يتكون ذلك الأسطول بالكامل من الطائرات من طراز الإيرباص للسنوات المقبلة. وقد تخلصت الناقلة من طائراتها الإقليمية من طراز الإمبراير، واستقرت على استخدام خليط من الطائرات من طراز A320 لرحلاتها في الشرق الأوسط والرحلات ذات المدد المتوسطة. وقد أبقت الناقلة على 6 طائرات من طراز A330 لاستخدامها في الرحلات ذات المدد الطويلة في كل من أوروبا وجنوب شرق آسيا وغيرها من الأسواق المطلوبة. وقد قللت الناقلة من معدل عمر أسطولها ليصبح 4.3 عاماً.
وبالتوازي مع ذلك، قامت طيران الخليج بتعديل طلباتها للطائرات؛ الأمر الذي قلل دينها العام على المدى الطويل والبالغ 5 مليار دولار أميركي إلى النصف. طلبية الناقلة لـ 20 طائرة من طراز A330 استبدلت بطلبية لـ 8 طائرات من طراز A320ceo - وجميعها تشغل حالياً - و16 طائرة من طراز A320neo المحدثة، والمزمع استلامها مع نهاية العقد الحالي.
كما أن طلبية الناقلة لـ 24 طائرة بوينغ من طراز 787 - والتي أثارت الكثير من الجدل - قد عدلت من 12 إلى 16 طائرة. العدد النهائي للطائرات المطلوبة ستحدده «الحاجة الاستراتيجية» للشركة مع نهاية العقد. الطائرات من طراز 787 ستحل محل الطائرات من طراز A330؛ بالإضافة إلى استخدامها في الرحلات ذات المدد الطويلة للوجهات الجديدة المؤمل إطلاقها.
الشرق الأوسط
يبقى محوراً لشبكة الوجهات
ومع إعادة هيكلة الأسطول، تم تقليص وإعادة هيكلة شبكة وجهات الناقلة للتركيز على العمليات المباشرة. الناقلة تركز حالياً على أسواقها في الشرق الأوسط حيث تشغل واحدة من أكثر شبكات الوجهات نضجاً في المنطقة.
وجهات الشرق الأوسط مسئولة عن القدرة الاستيعابية لنحو ثلثين من مقاعد الناقلة ونحو 24 في المئة من معدل إشغال المقاعد الخاص بها. مراكز الأعمال في كل من دبي، والدوحة، والكويت، والدمام، والرياض، وجدة، وأبوظبي هي أكثر الوجهات الإقليمية أهمية للناقلة.
وتستمر طيران الخليج في تسيير رحلاتها إلى وجهات مختارة في أوروبا وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية. وفيما يخص معدل إشغال المقاعد؛ لايزال مطار لندن هيثرو متصدراً بقوة الوجهات، تليه مانيلا وبانكوك ودلهي.
كما قامت الناقلة بإغلاق ثماني وجهات غير مجدية تجارياً في نهاية العام 2012، وقامت بتقليص شبكة وجهاتها في بداية العام 2013 من 49 وجهة إلى 33 وجهة فقط. ويعد هذا التعديل مقبولاً مقارنة بما تم طرحه من تعديل على الشبكة في أواخر العام 2012، حيث كان من المتوقع أن تقلص الناقلة شبكة وجهاتها إلى أقل من 30 وجهة.
وقد طالت يد التقليص العديد من الوجهات الأوروبية للناقلة - فأغلقت وجهات جنيف وأثينا وميلان في منتصف العام 2012، لتلحقها كوبنهاغن وروما مع نهاية العام. كما انسحبت طيران الخليج من عدد من الوجهات في أسواق جنوب آسيا، بما في ذلك كاثمندو ودكا وكولومبو وكابول؛ وأنهت الناقلة أيضاً رحلاتها إلى نيروبي.
في الشرق الأوسط، أوقفت طيران الخليج رحلاتها إلى عدن والبصرة وأربيل. ونظراً للخلاف السياسي والوضع الأمني؛ لم تستأنف الناقلة بعد رحلاتها إلى الوجهات الإيرانية؛ والتي كانت من أكثر وجهات طيران الخليج ربحية قبيل بدء الربيع العربي.
مشاكل طيران الخليج
تنذر بالتحول إلى إضراب
إلا أن التحول بالربحية لم يأت دون مشاكل، وأكثرها تلك المتعلقة بالقوى العاملة للناقلة. طيران الخليج تعد إحدى الشركات الأكثر توظيفاً للبحرينيين في البلاد وتقليص القوى العاملة فيها أصبح موضوعاً حساساً سياسياً؛ خصوصاً مع الأحداث التي لاتزال تلقي بظلالها على المملكة.
عندما أقر الدعم الحكومي، أعلنت طيران الخليج أنها بحاجة «لمواءمة قواها العاملة لتلبي الاحتياجات التشغيلية والإدارية واحتياجات الصيانة للأسطول والشبكة المعدلين»؛ فهي تهدف لتقليص العمالة إلى 2800 موظف بموجب استراتيجية إعادة الهيكلة. ويتحقق هذا التقليص من خلال مزيج من عدم تجديد العقود، والانتهاء الطبيعي للعقود، وطرح برنامجاً اختيارياً للتقاعد المبكر، بالإضافة إلى إغلاق وإعادة هيكلة المحطات الخارجية.
مع نهاية فبراير/ شباط 2013، تمكنت الناقلة من تقليص العمالة بنسبة 15 في المئة دون إعطاء أرقامٍ محددة. وفي الوقت نفسه، وصلت نسبة البحرنة في المقر الرئيسي للناقلة نسبة قياسية هي 85 في المئة، فقد أعلنت في السابق أن نسبة البحرنة الكلية فيها هي 60 في المئة وأنها تهدف إلى الوصول إلى نسبة 75 في المئة. وفي الحين الذي لا تشكل فيه تلك النسبة معياراً كافٍ للتحسن، إلا أنها تعد أمراً ضرورياً على الصعيد السياسي.
نقابتا طيران الخليج الرئيسيتين - نقابة عمال طيران الخليج الوطنية ونقابة عمال طيران الخليج - أعلنتا صراحة عن عدم رضاهما بتقليص العمالة بحسب خطة إعادة الهيكلة، وبالطريقة التي تم بها ذلك التقليص. ورغم التزام طيران الخليج بالوصول إلى الحجم الصحيح «بشكلٍ عادل وشفاف» و «الاستمرار في أن تظل الناقلة موظفاً رئيسياً ملتزماً بتطوير العمالة الوطنية في حقل الطيران»، رفضت نقابة عمال طيران الخليج رسمياً خطة تقلبص العمالة. وقد طالبت النقابة طيران الخليج والمشرّع البحريني بتأمين الوظائف للبحرينيين؛ متهمة الناقلة بالضغط على البحرينيين للتقديم لبرنامج التقاعد المبكر الاختياري.
من الصعب إدارة ناقلة
بأصوات البرلمان
وقد أثار تقليص القوى العاملة في طيران الخليج الرأي العام لدرجة أن مجلس النواب صوت في نهاية يناير 2013 على تجميد عملية التسريح في الناقلة مؤقتاً لحفظ وظائف البحرينيين. كما أوقف البرلمان برنامج التقاعد المبكر، ما حدا بطيران الخليج إلى طرح عوائد أكبر ومزايا أكثر للموظفين البحرينيين الذين اختاروا ترك العمل في الناقلة. كما أوصى البرلمان بتعيين 100 طيار بحريني في الناقلة، بغض النظر عن تقليص الأسطول وشبكة الوجهات.
وكلما ارتفعت أصوات عدم الرضا عن إعادة الهيكلة، كلما زادت التهديدات بإضراب عمالي. ورغم الاجتماعات بين النقابتين وإدارة طيران الخليج ووزارة العمل البحرينية حول طبيعة إعادة الهيكلة وماهيتها؛ واصلت النقابتان في ضغطهما المباشر على وزارة العمل والبرلمان لوقف تقليص العمالة للوصول بها إلى الحجم الصحيح. وقد وضعت نقابة عمال طيران الخليج خياراً للإضراب؛ إلا أن أيّاً من النقابتين لم تبدأ حملة جدية للتأثير على الصناعة بعد. هذا، واعترفت طيران الخليج أن تقليص عمالتها يعد خياراً صعباً وغير محبذ سياسياً، إلا أنها ببساطة تحتاج إلى تقليص قواها العاملة لتتمكن من تقليص خسائرها. تقليص العمالة سيستمر كجزء من عملية إعادة الهيكلة،ولكن ردود فعل النقابتين ورجال السياسة يبقى مبهماً.
طريق طويل يؤدي إلى مستقبل طيران الخليج المشرق
تتمنى طيران الخليج أن تصبح ناقلة مجدية تجارياً مع نهاية العام 2013، ورغم توقع استمرار خسائرها في الوقت ذاته. إن أهمية طيران الخليج للبحرين كأداة في السياسة العامة الوطنية يجعل من إعادة هيكلتها وتأهيلها أمراً حساساً سياسياً.
حكومة البحرين وشركة ممتلكات القابضة يصران أن عملية تحويل الناقلة إلى الربحية ستكون بحسب المبادئ التجارية، رغم أن البرلمان يميل إلى استخدام طيران الخليج ككرة سياسية ويدعي عدم قدرته على مقاومة التدخل. يتوقع الوصول بالقوى العاملة إلى الحجم الصحيح مع نهاية العام، على رغم أن إصرار النقابتين والتدخل السياسي قد يتطلب وقتاً أكبر لإتمام هذه العملية.إن عملية إعادة الهيكلة تضع طيران الخليج في الاتجاه الصحيح، إلا أن الناقلة تواجه منافسة لا تحسد عليها خارج النطاق المحلي أيضاً؛ فبالمقارنة مع نظيراتها في المنطقة، أسس التكلفة في طيران الخليج تعد عالية ومنتجاتنها تحتاج إلى المزيد من التطوير رغم تحسنها. طيران الخليج مازالت لا تستطيع المنافسة مع نظيراتها الاثنتين من ذوات الخدمات الشاملة في المنطقة، أو مع الناقلات ذات الكلفة المنخفضة؛ ولذا فهي تبحث عن سوقها الخاص. وحتى خروج طيران البحرين من السوق - ضحية سياسية أخي مثل طيران الخليج - لا يحسن من هذا الوضع المؤسف. إن أهداف الناقلة واضحة: تقليص الحجم والكلفة، وزيادة العوائد، وتحسين الأداء التشغيلي.
عام 2013 سيشكل عاماً مليئاً بالتحديات لطيران الخليج، ولكن إذا استطاعت الناقلة تحقيق أهدافها الثلاثة؛ سيكون لديها أرضية صلبة للانطلاق منها. بعد عقد من الخسائر الثقيلة، تحتاج الناقلة إلى لملمة جروحها لوقف نزيف الدعم المالي الحكومي على أقل تقدير. إن أحدث خطة لإنعاش الناقلة هي خطة شاملة، ولكن الوقت سيثبت إن كانت تلك الخطة ملائمة لمعالجة الإشكالات المؤسسية والهيكلية للناقلة على المدى البعيد.
قال تقرير إلى شركة (CAPA) المختصة في الطيران العالمي وتحليل بيانات السوق وخدمات المعلومات ودعم الخطط الاستراتيجية لشركات الطيران حول العالم: «يبدو أن محاولة طيران الخليج الأخيرة للتحول إلى الربحية، والتي بدأتها الناقلة في نهاية العام 2012، قد بدأت بتحقيق نتائج جيدة وسريعة للناقلة الوطنية المتعثرة لمملكة البحرين. وتقضي الخطة الجديدة التي تأتي ضمن سلسة طويلة من محاولات إنعاش الناقلة بتقليص حجم الشركة للتعويض عن الخسائر الكبيرة التي منيت بها الناقلة عبر السنين».
وأضاف التقرير: «مع نهاية الربع الأول من العام 2013، أعلنت طيران الخليج أنها حققت وفراً في التكاليف بلغ نسبة 21 في المئة، وجاءت هذه النسبة كنتيجة لتخفيض تكاليف إيجار الطائرات، وتخفيض مصروفات الرحلات والموظفين، وإغلاق الخطوط غير المربحة تجارياً.
العائدات ارتفعت بنسبة 21 في المئة أيضاً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بفضل تزايد الطلب على الرحلات الإقليمية وارتفاع عائدات المبيعات في البحرين، بالإضافة إلى إعادة هيكلة أسطول الناقلة وشبكة وجهاتها. بالنتيجة، أعلنت الناقلة أن خسائرها في الربع الأول من العام 2013 بلغت نصف ما كانت عليه في الربع الأول من العام 2012.
وبهذا، تكون النتائج المحققة أفضل بنسبة 11 في المئة من النتائج المؤملة من خطة إعادة الهيكلة، وهي تثبت جدوى القرارات الصعبة التي اتخذتها الناقلة من خلال تلك الخطة. كما أن الناقلة جاءت ضمن أكثر الناقلات التزاماً بالمواعيد في المنطقة، وهو تغير ملحوظ في عملياتها على مدى السنوات السابقة. ورغم التحسن، إلا أن على طيران الخليج قطع شوط طويل حتى تصبح ناقلة مجدية تجارياً.
نقلاً عن نائب رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب عبدالحكيم الشمري، فإن طيران الخليج كلفت البحرين ما يقارب مليار دينار بحريني (2.65 مليار دولار أميركي) على مدى السنوات الأربع الماضية. مالك الناقلة، شركة ممتلكات البحرين القابضة (الصندوق السيادي للثروة الوطنية)، عزت خسائرها البالغة 270.1 مليون دينار بحريني (717 مليون دولار) في العام 2011 إلى ملكيتها للناقلة. في العام 2009، صرح الرئيس التنفيذي السابق لممتلكات طلال الزين أن الناقلة شكلت «عبئاً غير مقبول على الاقتصاد الوطني» وأنها موجودة فقط بفضل الدعم الحكومي لها.
الربيع العربيألقى بثقله
على طيران الخليج
الأزمة الاقتصادية العالمية، والربيع العربي، والأحداث في البحرين كلها ألقت بظلالها على محاولات طيران الخليج في التحول إلى الربحية على مدى السنوات الماضية. حركة السفر في البحرين انخفضت بشكل ملحوظ بين العام 2009 والعام 2011، الأمر الذي أثر على طيران الخليج أكثر من نظيراتها من ناقلات المنطقة.
حركة السفر في مطار البحرين
الدولي: 2007 - 2012
حركة السفر من/إلى مطار البحرين الدولي تحسنت بنسبة 8.8 في المئة في العام 2012، ولكن معدل أعداد المسافرين بدأ في العودة إلى ذروته فقط في العام 2009.
كما أن المنافسة الإقليمية كانت على أشدها. المراكز الرئيسية للناقلات الخليجية الكبرى - طيران الإمارات، وطيران الاتحاد، والخطوط الجوية القطرية - كلها تقع على مقربة 500 كيلومتر من البحرين. كما إن طيران الخليج تواجه منافسة شرسة من الناقلات الاقتصادية مثل طيران العربية وطيران ناس وفلاي دبي. إفلاس وتصفية شركة الطيران الخاصة طيران البحرين في يناير/ كانون الثاني 2013 عن القليل من الضغوطات التي تعاني منها الناقلة الوطنية؛ رغم أن إخفاق طيران البحرين ليس بالإيجابي على سوق الطيران عموماً.
الدعم الحكومي جاء مشروطاً
في أواخر العام 2012، أقرت الحكومة البحرينية مبلغ 185 مليون دينار بحريني (491 مليون دولار) كدعم مالي لطيران الخليج. وفي الحين الذي شكل فيه هذا المبلغ أقل من ثلث الدعم المالي الذي طالبت به الناقلة؛ جاء ذلك الدعم الحكومي مشروطاً - إقرار المبلغ كان مرهوناً بأن تتخذ الناقلة إجراءات صارمة للتقليل من خسائرها والتحول إلى الربحية.
وقبل الحصول على الدعم المالي، طرحت الناقلة عدداً من الحلول تضمنت بيع الشركة أو إغلاقها أو إنشاء ناقلة جديدة. ولم تكن أياً من هذه الحلول مجدية تجارياً أو سياسياً؛ الأمر الذي قاد إلى اتخاذ قرار تقليص حجم الشركة وإعادة هيكلتها.
في يناير 2013، كشفت الناقلة عن خطتها للوصول بعملياتها إلى «الحجم الصحيح»، وتقليص أسطولها وشبكة وجهاتها وقواها العاملة، وطرح خطة عمل جديدة. وقد أعلنت طيران الخليج عن عزمها تقليل خسائرها بنسبة 24 في المئة مع نهاية العام تحسين معدل إشغال المقاعد بنسبة 9 في المئة.
وقد قضت خطة إعادة الهيكلة بتقليل عدد طائرات أسطول الناقلة من 36 إلى 26 طائرة، وأن يتكون ذلك الأسطول بالكامل من الطائرات من طراز الإيرباص للسنوات المقبلة. وقد تخلصت الناقلة من طائراتها الإقليمية من طراز الإمبراير، واستقرت على استخدام خليط من الطائرات من طراز A320 لرحلاتها في الشرق الأوسط والرحلات ذات المدد المتوسطة. وقد أبقت الناقلة على 6 طائرات من طراز A330 لاستخدامها في الرحلات ذات المدد الطويلة في كل من أوروبا وجنوب شرق آسيا وغيرها من الأسواق المطلوبة. وقد قللت الناقلة من معدل عمر أسطولها ليصبح 4.3 عاماً.
وبالتوازي مع ذلك، قامت طيران الخليج بتعديل طلباتها للطائرات؛ الأمر الذي قلل دينها العام على المدى الطويل والبالغ 5 مليار دولار أميركي إلى النصف. طلبية الناقلة لـ 20 طائرة من طراز A330 استبدلت بطلبية لـ 8 طائرات من طراز A320ceo - وجميعها تشغل حالياً - و16 طائرة من طراز A320neo المحدثة، والمزمع استلامها مع نهاية العقد الحالي.
كما أن طلبية الناقلة لـ 24 طائرة بوينغ من طراز 787 - والتي أثارت الكثير من الجدل - قد عدلت من 12 إلى 16 طائرة. العدد النهائي للطائرات المطلوبة ستحدده «الحاجة الاستراتيجية» للشركة مع نهاية العقد. الطائرات من طراز 787 ستحل محل الطائرات من طراز A330؛ بالإضافة إلى استخدامها في الرحلات ذات المدد الطويلة للوجهات الجديدة المؤمل إطلاقها.
الشرق الأوسط
يبقى محوراً لشبكة الوجهات
ومع إعادة هيكلة الأسطول، تم تقليص وإعادة هيكلة شبكة وجهات الناقلة للتركيز على العمليات المباشرة. الناقلة تركز حالياً على أسواقها في الشرق الأوسط حيث تشغل واحدة من أكثر شبكات الوجهات نضجاً في المنطقة.
وجهات الشرق الأوسط مسئولة عن القدرة الاستيعابية لنحو ثلثين من مقاعد الناقلة ونحو 24 في المئة من معدل إشغال المقاعد الخاص بها. مراكز الأعمال في كل من دبي، والدوحة، والكويت، والدمام، والرياض، وجدة، وأبوظبي هي أكثر الوجهات الإقليمية أهمية للناقلة.
وتستمر طيران الخليج في تسيير رحلاتها إلى وجهات مختارة في أوروبا وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية. وفيما يخص معدل إشغال المقاعد؛ لايزال مطار لندن هيثرو متصدراً بقوة الوجهات، تليه مانيلا وبانكوك ودلهي.
كما قامت الناقلة بإغلاق ثماني وجهات غير مجدية تجارياً في نهاية العام 2012، وقامت بتقليص شبكة وجهاتها في بداية العام 2013 من 49 وجهة إلى 33 وجهة فقط. ويعد هذا التعديل مقبولاً مقارنة بما تم طرحه من تعديل على الشبكة في أواخر العام 2012، حيث كان من المتوقع أن تقلص الناقلة شبكة وجهاتها إلى أقل من 30 وجهة.
وقد طالت يد التقليص العديد من الوجهات الأوروبية للناقلة - فأغلقت وجهات جنيف وأثينا وميلان في منتصف العام 2012، لتلحقها كوبنهاغن وروما مع نهاية العام. كما انسحبت طيران الخليج من عدد من الوجهات في أسواق جنوب آسيا، بما في ذلك كاثمندو ودكا وكولومبو وكابول؛ وأنهت الناقلة أيضاً رحلاتها إلى نيروبي.
في الشرق الأوسط، أوقفت طيران الخليج رحلاتها إلى عدن والبصرة وأربيل. ونظراً للخلاف السياسي والوضع الأمني؛ لم تستأنف الناقلة بعد رحلاتها إلى الوجهات الإيرانية؛ والتي كانت من أكثر وجهات طيران الخليج ربحية قبيل بدء الربيع العربي.
مشاكل طيران الخليج
تنذر بالتحول إلى إضراب
إلا أن التحول بالربحية لم يأت دون مشاكل، وأكثرها تلك المتعلقة بالقوى العاملة للناقلة. طيران الخليج تعد إحدى الشركات الأكثر توظيفاً للبحرينيين في البلاد وتقليص القوى العاملة فيها أصبح موضوعاً حساساً سياسياً؛ خصوصاً مع الأحداث التي لاتزال تلقي بظلالها على المملكة.
عندما أقر الدعم الحكومي، أعلنت طيران الخليج أنها بحاجة «لمواءمة قواها العاملة لتلبي الاحتياجات التشغيلية والإدارية واحتياجات الصيانة للأسطول والشبكة المعدلين»؛ فهي تهدف لتقليص العمالة إلى 2800 موظف بموجب استراتيجية إعادة الهيكلة. ويتحقق هذا التقليص من خلال مزيج من عدم تجديد العقود، والانتهاء الطبيعي للعقود، وطرح برنامجاً اختيارياً للتقاعد المبكر، بالإضافة إلى إغلاق وإعادة هيكلة المحطات الخارجية.
مع نهاية فبراير/ شباط 2013، تمكنت الناقلة من تقليص العمالة بنسبة 15 في المئة دون إعطاء أرقامٍ محددة. وفي الوقت نفسه، وصلت نسبة البحرنة في المقر الرئيسي للناقلة نسبة قياسية هي 85 في المئة، فقد أعلنت في السابق أن نسبة البحرنة الكلية فيها هي 60 في المئة وأنها تهدف إلى الوصول إلى نسبة 75 في المئة. وفي الحين الذي لا تشكل فيه تلك النسبة معياراً كافٍ للتحسن، إلا أنها تعد أمراً ضرورياً على الصعيد السياسي.
نقابتا طيران الخليج الرئيسيتين - نقابة عمال طيران الخليج الوطنية ونقابة عمال طيران الخليج - أعلنتا صراحة عن عدم رضاهما بتقليص العمالة بحسب خطة إعادة الهيكلة، وبالطريقة التي تم بها ذلك التقليص. ورغم التزام طيران الخليج بالوصول إلى الحجم الصحيح «بشكلٍ عادل وشفاف» و «الاستمرار في أن تظل الناقلة موظفاً رئيسياً ملتزماً بتطوير العمالة الوطنية في حقل الطيران»، رفضت نقابة عمال طيران الخليج رسمياً خطة تقلبص العمالة. وقد طالبت النقابة طيران الخليج والمشرّع البحريني بتأمين الوظائف للبحرينيين؛ متهمة الناقلة بالضغط على البحرينيين للتقديم لبرنامج التقاعد المبكر الاختياري.
من الصعب إدارة ناقلة
بأصوات البرلمان
وقد أثار تقليص القوى العاملة في طيران الخليج الرأي العام لدرجة أن مجلس النواب صوت في نهاية يناير 2013 على تجميد عملية التسريح في الناقلة مؤقتاً لحفظ وظائف البحرينيين. كما أوقف البرلمان برنامج التقاعد المبكر، ما حدا بطيران الخليج إلى طرح عوائد أكبر ومزايا أكثر للموظفين البحرينيين الذين اختاروا ترك العمل في الناقلة. كما أوصى البرلمان بتعيين 100 طيار بحريني في الناقلة، بغض النظر عن تقليص الأسطول وشبكة الوجهات.
وكلما ارتفعت أصوات عدم الرضا عن إعادة الهيكلة، كلما زادت التهديدات بإضراب عمالي. ورغم الاجتماعات بين النقابتين وإدارة طيران الخليج ووزارة العمل البحرينية حول طبيعة إعادة الهيكلة وماهيتها؛ واصلت النقابتان في ضغطهما المباشر على وزارة العمل والبرلمان لوقف تقليص العمالة للوصول بها إلى الحجم الصحيح. وقد وضعت نقابة عمال طيران الخليج خياراً للإضراب؛ إلا أن أيّاً من النقابتين لم تبدأ حملة جدية للتأثير على الصناعة بعد. هذا، واعترفت طيران الخليج أن تقليص عمالتها يعد خياراً صعباً وغير محبذ سياسياً، إلا أنها ببساطة تحتاج إلى تقليص قواها العاملة لتتمكن من تقليص خسائرها. تقليص العمالة سيستمر كجزء من عملية إعادة الهيكلة،ولكن ردود فعل النقابتين ورجال السياسة يبقى مبهماً.
طريق طويل يؤدي إلى مستقبل طيران الخليج المشرق
تتمنى طيران الخليج أن تصبح ناقلة مجدية تجارياً مع نهاية العام 2013، ورغم توقع استمرار خسائرها في الوقت ذاته. إن أهمية طيران الخليج للبحرين كأداة في السياسة العامة الوطنية يجعل من إعادة هيكلتها وتأهيلها أمراً حساساً سياسياً.
حكومة البحرين وشركة ممتلكات القابضة يصران أن عملية تحويل الناقلة إلى الربحية ستكون بحسب المبادئ التجارية، رغم أن البرلمان يميل إلى استخدام طيران الخليج ككرة سياسية ويدعي عدم قدرته على مقاومة التدخل. يتوقع الوصول بالقوى العاملة إلى الحجم الصحيح مع نهاية العام، على رغم أن إصرار النقابتين والتدخل السياسي قد يتطلب وقتاً أكبر لإتمام هذه العملية.إن عملية إعادة الهيكلة تضع طيران الخليج في الاتجاه الصحيح، إلا أن الناقلة تواجه منافسة لا تحسد عليها خارج النطاق المحلي أيضاً؛ فبالمقارنة مع نظيراتها في المنطقة، أسس التكلفة في طيران الخليج تعد عالية ومنتجاتنها تحتاج إلى المزيد من التطوير رغم تحسنها. طيران الخليج مازالت لا تستطيع المنافسة مع نظيراتها الاثنتين من ذوات الخدمات الشاملة في المنطقة، أو مع الناقلات ذات الكلفة المنخفضة؛ ولذا فهي تبحث عن سوقها الخاص. وحتى خروج طيران البحرين من السوق - ضحية سياسية أخي مثل طيران الخليج - لا يحسن من هذا الوضع المؤسف. إن أهداف الناقلة واضحة: تقليص الحجم والكلفة، وزيادة العوائد، وتحسين الأداء التشغيلي.
عام 2013 سيشكل عاماً مليئاً بالتحديات لطيران الخليج، ولكن إذا استطاعت الناقلة تحقيق أهدافها الثلاثة؛ سيكون لديها أرضية صلبة للانطلاق منها. بعد عقد من الخسائر الثقيلة، تحتاج الناقلة إلى لملمة جروحها لوقف نزيف الدعم المالي الحكومي على أقل تقدير. إن أحدث خطة لإنعاش الناقلة هي خطة شاملة، ولكن الوقت سيثبت إن كانت تلك الخطة ملائمة لمعالجة الإشكالات المؤسسية والهيكلية للناقلة على المدى البعيد.
تعليق