بريطانيا للبيع من يشتري؟
تباع الاصول التاريخية للمملكة المتحدة بمعدل لم يسبق له مثيل بشكل جعل بعض الخبراء البريطانيين يحذرون من انه لن تمر فترة طويلة قبل ان تختفي كل الاسماء البريطانية الاقتصادية العملاقة·· فقد أنفقت الشركات الاجنبية، ما اجماليه 91,4 مليار دولار خلال العام الماضي لشراء مؤسسات بريطانية مقارنة مع 41 مليارا (24 مليار جنيه استرليني) في ·2004
ولا يوجد قطاع واحد في بريطانيا لم تهتم به رؤوس الاموال الاجنبية، وتكفي نظرة واحدة على صفقات البيع وعروض الشراء التي ظهرت على مدار الشهور القليلة الماضية لنعرف انها تشمل كل شيء·· المطارات والسفن والبنوك وأنابيب الغاز وبورصات الاسهم وصولا الى مصانع الكيماويات والزجاج وشركات الاتصالات وأيضا الاعلام·
ويقول ادموند كونواي من صحيفة ديلي تليجراف ''الاسماء التجارية البريطانية تواجه عروض بيع شرسة منذ أكثر من عام والتكالب على شراء مؤسساتنا يشبه السعي المحموم بحثا عن كنز ضخم· فهل آن الاوان لنودع الاسماء التجارية البريطانية قائلين: ارقدي في سلام في القبر''·· ويبدو ان الصورة العامة تؤيد هذا السيناريو·
واستحوذت هيئة موانئ دبي على ''الدرة الحقيقية'' للامبراطورية البريطانية عندما اشترت شركة ''بي اند او'' العملاقة للشحن، وهيئة المطارات البريطانية التي تملك مطاري هيثرو وجاتويك تلقت اشعارا بان تتوقع عرض شراء من اسبانيا، وبورصة لندن للاوراق المالية في طريقها للبيع، وبنك ستاندرد تشارترد بشبكته الدولية العملاقة التي أسسها على مدى أكثر من 100 عام يتوقع عرض شراء من بنك اميركي·
كما تتطلع شركة ''جازبروم'' الروسية لشراء ''سنتريكا'' التي توزع الغاز على 13 مليون منزل في المملكة المتحدة، وشركة ''بي او سي'' الرئيسية في مجال الغازات الصناعية تواجه عرضا من شركة كيماوية المانية· أما مؤسسة ''بيلكنجتون'' وهي آخر شركة مستقلة في المملكة المتحدة لانتاج الزجاج فقد تتلقى عرض شراء من ''نيبون شيت جلاس'' اليابانية· وهناك تكهنات بان شركات اميركية واسبانية تريد شراء مؤسسة ''أي تي في'' الاعلامية· واجمالي الاسعار المتوقعة لهذه الصفقات يصل لحوالي 70 مليار دولار·
ويقول ويل هاتون في مقال نشره بصحيفة ذا اوبزرفار ''نعرض درر القطاعين المالي والخدمي البريطاني للبيع في المزاد بهدف سد عجز تجاري قياسي ناجم عن عجز الصناعة البريطانية عن انتاج بضائع وخدمات رديئة لا تلبي رغبات السوقين المحلي او الاجنبي· ولانه لا يوجد في الافق ما يشير للحد من هذا العجز فان المزاد سيستمر حتى النهاية''·
ويبدي كثير من الخبراء البريطانيين قلقا ازاء هذه الصفقات التي تتم بهدوء دون اعتراض من اية جهة· ويبرر هاتون هذا الهدوء قائلا ''ربما لاننا دولة أكثر نضجا تجاه الاستثمارات الاجنبية·· ربما لاننا اكثر انفتاحا ثقافيا·· ولكن أيا ما كان التبرير فاذا استمر هذا المعدل فلن يمر سوى 30 عاما وبعدها يكون غالبية البريطانيين خارج القطاع العام يعملون لدى شركات أجنبية· وستنضوي الاصول البريطانية والاسماء التجارية البريطانية التي تم تأسيسها على مدى عقود، تحت ألوية أجنبية· فهل يمكن ان نقبل هذا''·
ولا يعني هذا ان بريطانيا لا تشترى أصولا في دول اخرى، فقد ضخت الشركات البريطانية 106 مليارات دولار لشراء مؤسسات في الخارج ارتفاعا من 72 مليارا في ،2004 لكن هاتون يرى انه لا توجد دولة في العالم يتم بيع أصولها لرأس المال الاجنبي بهذه السرعة''·
أسباب الإقبال
يرصد المراقبون عدة أسباب للتركيز على الأسماء البريطانية في مقدمتها ان هذه المؤسسات لها انتشار دولي كبير، فالبورصة البريطانية على سبيل المثال تحصل على 60% تقريبا من أرباحها من أنشطة خارج البلاد· وشركة ماركوني اند او تو للاتصالات والتي اشترتها تليفونيكا الاسبانية العام الماضي مقابل 17 مليار دولار، تجمع حوالي 40% من ايراداتها من أنشطة عمليات في المانيا وايرلندا، ومن ثم فان شراء شركة بريطانية يعطي للمشتري طريقة سريعة للانتشار دوليا·
ويشير نيل سين مدير الاندماجات وعمليات الشراء في مؤسسة توماسون المالية الى نقطة أخرى تتعلق بقوانين العمل وبيئة الاستثمار التي يؤكد انها مواتية جدا في المملكة المتحدة، ويقول ''بريطانيا سوق مفتوح جدا حيث القيود على الاستثمار ضعيفة جدا في حين لا يوجد أي عداء سياسي تقريبا تجاه رؤوس الاموال الاجنبية· بل ان مؤتمر النقابات العمالية يبارك هذه الصفقات على أساس انها تصب في مصلحة العامل البريطاني''· وربما يكون رأيهم صائبا، فالاحصائيات تؤكد ان عدد الوظائف التي أتاحتها الشركات الدولية في المملكة المتحدة زاد على 39 الف وظيفة العام الماضي·
وعلى النقيض فان دولا اوروبية اخرى مثل فرنسا ولوكسمبورج وبلجيكا وضعت قائمة أسماء شركات قومية تحظى بحماية سياسية وقانونية من عمليات الشراء الاجنبية· ويرفض السياسيون الالمان بيع أصولهم في حين اتضح ان رئيس البنك المركزي الايطالي حاول العام الماضي عرقلة صفقات لمستثمرين أجانب·
م ن ق و ل
تباع الاصول التاريخية للمملكة المتحدة بمعدل لم يسبق له مثيل بشكل جعل بعض الخبراء البريطانيين يحذرون من انه لن تمر فترة طويلة قبل ان تختفي كل الاسماء البريطانية الاقتصادية العملاقة·· فقد أنفقت الشركات الاجنبية، ما اجماليه 91,4 مليار دولار خلال العام الماضي لشراء مؤسسات بريطانية مقارنة مع 41 مليارا (24 مليار جنيه استرليني) في ·2004
ولا يوجد قطاع واحد في بريطانيا لم تهتم به رؤوس الاموال الاجنبية، وتكفي نظرة واحدة على صفقات البيع وعروض الشراء التي ظهرت على مدار الشهور القليلة الماضية لنعرف انها تشمل كل شيء·· المطارات والسفن والبنوك وأنابيب الغاز وبورصات الاسهم وصولا الى مصانع الكيماويات والزجاج وشركات الاتصالات وأيضا الاعلام·
ويقول ادموند كونواي من صحيفة ديلي تليجراف ''الاسماء التجارية البريطانية تواجه عروض بيع شرسة منذ أكثر من عام والتكالب على شراء مؤسساتنا يشبه السعي المحموم بحثا عن كنز ضخم· فهل آن الاوان لنودع الاسماء التجارية البريطانية قائلين: ارقدي في سلام في القبر''·· ويبدو ان الصورة العامة تؤيد هذا السيناريو·
واستحوذت هيئة موانئ دبي على ''الدرة الحقيقية'' للامبراطورية البريطانية عندما اشترت شركة ''بي اند او'' العملاقة للشحن، وهيئة المطارات البريطانية التي تملك مطاري هيثرو وجاتويك تلقت اشعارا بان تتوقع عرض شراء من اسبانيا، وبورصة لندن للاوراق المالية في طريقها للبيع، وبنك ستاندرد تشارترد بشبكته الدولية العملاقة التي أسسها على مدى أكثر من 100 عام يتوقع عرض شراء من بنك اميركي·
كما تتطلع شركة ''جازبروم'' الروسية لشراء ''سنتريكا'' التي توزع الغاز على 13 مليون منزل في المملكة المتحدة، وشركة ''بي او سي'' الرئيسية في مجال الغازات الصناعية تواجه عرضا من شركة كيماوية المانية· أما مؤسسة ''بيلكنجتون'' وهي آخر شركة مستقلة في المملكة المتحدة لانتاج الزجاج فقد تتلقى عرض شراء من ''نيبون شيت جلاس'' اليابانية· وهناك تكهنات بان شركات اميركية واسبانية تريد شراء مؤسسة ''أي تي في'' الاعلامية· واجمالي الاسعار المتوقعة لهذه الصفقات يصل لحوالي 70 مليار دولار·
ويقول ويل هاتون في مقال نشره بصحيفة ذا اوبزرفار ''نعرض درر القطاعين المالي والخدمي البريطاني للبيع في المزاد بهدف سد عجز تجاري قياسي ناجم عن عجز الصناعة البريطانية عن انتاج بضائع وخدمات رديئة لا تلبي رغبات السوقين المحلي او الاجنبي· ولانه لا يوجد في الافق ما يشير للحد من هذا العجز فان المزاد سيستمر حتى النهاية''·
ويبدي كثير من الخبراء البريطانيين قلقا ازاء هذه الصفقات التي تتم بهدوء دون اعتراض من اية جهة· ويبرر هاتون هذا الهدوء قائلا ''ربما لاننا دولة أكثر نضجا تجاه الاستثمارات الاجنبية·· ربما لاننا اكثر انفتاحا ثقافيا·· ولكن أيا ما كان التبرير فاذا استمر هذا المعدل فلن يمر سوى 30 عاما وبعدها يكون غالبية البريطانيين خارج القطاع العام يعملون لدى شركات أجنبية· وستنضوي الاصول البريطانية والاسماء التجارية البريطانية التي تم تأسيسها على مدى عقود، تحت ألوية أجنبية· فهل يمكن ان نقبل هذا''·
ولا يعني هذا ان بريطانيا لا تشترى أصولا في دول اخرى، فقد ضخت الشركات البريطانية 106 مليارات دولار لشراء مؤسسات في الخارج ارتفاعا من 72 مليارا في ،2004 لكن هاتون يرى انه لا توجد دولة في العالم يتم بيع أصولها لرأس المال الاجنبي بهذه السرعة''·
أسباب الإقبال
يرصد المراقبون عدة أسباب للتركيز على الأسماء البريطانية في مقدمتها ان هذه المؤسسات لها انتشار دولي كبير، فالبورصة البريطانية على سبيل المثال تحصل على 60% تقريبا من أرباحها من أنشطة خارج البلاد· وشركة ماركوني اند او تو للاتصالات والتي اشترتها تليفونيكا الاسبانية العام الماضي مقابل 17 مليار دولار، تجمع حوالي 40% من ايراداتها من أنشطة عمليات في المانيا وايرلندا، ومن ثم فان شراء شركة بريطانية يعطي للمشتري طريقة سريعة للانتشار دوليا·
ويشير نيل سين مدير الاندماجات وعمليات الشراء في مؤسسة توماسون المالية الى نقطة أخرى تتعلق بقوانين العمل وبيئة الاستثمار التي يؤكد انها مواتية جدا في المملكة المتحدة، ويقول ''بريطانيا سوق مفتوح جدا حيث القيود على الاستثمار ضعيفة جدا في حين لا يوجد أي عداء سياسي تقريبا تجاه رؤوس الاموال الاجنبية· بل ان مؤتمر النقابات العمالية يبارك هذه الصفقات على أساس انها تصب في مصلحة العامل البريطاني''· وربما يكون رأيهم صائبا، فالاحصائيات تؤكد ان عدد الوظائف التي أتاحتها الشركات الدولية في المملكة المتحدة زاد على 39 الف وظيفة العام الماضي·
وعلى النقيض فان دولا اوروبية اخرى مثل فرنسا ولوكسمبورج وبلجيكا وضعت قائمة أسماء شركات قومية تحظى بحماية سياسية وقانونية من عمليات الشراء الاجنبية· ويرفض السياسيون الالمان بيع أصولهم في حين اتضح ان رئيس البنك المركزي الايطالي حاول العام الماضي عرقلة صفقات لمستثمرين أجانب·
م ن ق و ل