أعلن رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خلال اجتماع حول البرامج طويلة الأمد لـ " الشركة المتحدة لصناعة الطيران"، أن على الشركة أن تضع أمامها هدف إنشاء ثالث مركز عالمي لصناعة الطائرات من حيث الحجم والعدد، إلى جانب شركتي "بوينغ " و "أيرباص"، سواء في القطاع الحربي أو المدني، وذلك بحلول عام 2020. كما أشار رئيس الوزراء الروسي إلى أن المهمة الرئيسة لهذه الشركة تكمن في زيادة " إنتاج طائرات مدنية قادرة على المنافسة"، أما " حصتها من الحجم الإجمالي للإنتاج فيجب أن ترتفع من 30% إلى 50% ".
تبدو هذه المهمة، بلا شك، طموحة جداً. لاسيما إذا أُخذ بالاعتبار أنه إلى جانب " بوينغ " التي صدّرت إلى الأسواق خلال العام الماضي 731 طائرة ( 83 طائرة حربية و648 طائرة مدنية) و "أيرباص" التي صدرت 657 طائرة ( 31 طائرة حربية و 626 طائرة مدنية)، توجد في السوق العالمية للطائرات شركات كبيرة أخرى، منها على سبيل المثال شركات إنتاج الطائرات الإقليمية " أي تي آر" و "بومبردير " و إيمبراير" التي صدّرت لزبائنها في العام الماضي 74 و55 و90 طائرة على التوالي، كما أنها تعتزم تطوير إنتاجها في المستقبل.
سوق صعبة
وفقاً لبيانات " الشركة المتحدة لصناعة الطيران"، فقد سلّمت لزبائنها في العام الماضي 126 طائرة، بينها 96 طائرة حربية وطائرة نقل وطائرة خاصة، و30 طائرة مدنية.
وقبل ذلك بعام كانت الشركة قد أصدرت تقريراً يتضمن تسليم الزبائن 23 طائرة مدنية، كما خططت لأن تنتج في العام الجاري ما لا يقل عن 36 طائرة من طراز" سوخوي ـ سوبر جيت" SSJ- 100، ناهيك عن الطائرات الأخرى التي يتوقع الخبراء أن يصل عددها إلى 50 طائرة. وإذا أُخذ في الحسبان أن حجم إنتاج الطائرات المدنية لم يتجاوز في الآونة الأخيرة بضع طائرات فقط، فإن هذه الزيادة كبيرة جداً، ذلك أن صناعة الطائرات الروسية ما زالت تتخلف حتى عن الشركات الإقليمية الثلاث.
يتطلب تغيير هذا الوضع دخول استثمارات واسعة النطاق لتطوير مجمع إنتاج الطائرات المدنية في إقليم إيركوتسك، ووفقاً للاتفاقية الموقعة ما بين " الشركة المتحدة لصناعة الطيران" وحكومة هذا الإقليم وعدد من المشاركين الآخرين في إطار منتدى " بايكال" الدولي الذي جرى مؤخراً تحت شعار " كلاس تيرا"، فإن ذلك سوف يتيح إنشاء مجمع لإنتاج الطائرات بحيث تصبح شركة " إيركوت" العلمية الإنتاجية حلقته الرئيسة، من خلال توحيد الشركات الموجودة حالياً وانضمام شركات جديدة لصناعة الآلات، بالإضافة إلى خفض سقف المتطلبات حتى يتسنى انضمام شركات من قطاع الأعمال المتوسط والصغير إلى هذا الاتحاد.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد أشار ميخائيل بوغوسيان رئيس " الشركة المتحدة لصناعة الطائرات" بأن نموّ وتائر إنتاج الطائرات أظهر ضرورة تقليص التكاليف في عدد من الاتجاهات الرئيسة لتطور الشركة. وأكد بوغوسيان قائلاً بأن " تقليص التكاليف على حساب البحث عن الاحتياطات الداخلية يُعد عاملاً رئيساً في زيادة حجم الإنتاج". ويبدو أن هذه الخطوات سوف تعمل في المستقبل على زيادة إنتاج طائرات SSJ -100 إلى 60 طائرة سنوياً، بينما وصل عددها في العام الماضي إلى 30 طائرة، في حين أنه من المتوقع إنتاج 40 طائرة هذا العام.
منجم ذهب لصناعة الطيران
وفق حسابات مجلة " فزلوت" ( إقلاع) المختصة بشؤون الطيران، فإن صناعة الطائرات في روسيا صدرت للزبائن في العام الماضي 96 طائرة حربية ( من دون حساب عدد طائرات النقل والطائرات الخاصة) من بينها 68 طائرة لوزارة الدفاع الروسية، و28 طائرة مقاتلة بحسب عقود تصدير مختلفة.
ومن المتوقع أن تشهد نتائج هذا العام نمواً أكبر في التوريدات الداخلية للطائرات الحربية، ففي أغسطس/ آب من العام الماضي أكد ميخائيل بوغوسيان رئيس " الشركة المتحدة لصناعة الطائرات" في مقابلة مع محطة " صدى موسكو" الإذاعية، أن وزارة الدفاع الروسية تخطط لشراء 90 طائرة في عام 2014، وهذا ما يعادل تقريباً العدد نفسه الذي أنتجته " الشركة المتحدة لصناعة الطائرات" في عام 2013 لجميع زبائنها، علماً بأن هذا النمو تحقق نتيجة قيام الشركة بتحديث سلسلة إنتاجها باستمرار.
بدوره، يشير أندريه فومين رئيس تحرير مجلة " فزلوت" المختصة بشؤون الطيران إلى أن " المسألة ليست في استكمال عقود التصدير الضخمة، بقدر ما هي الزيادة المتصاعدة للتوريدات المخصصة للطائرات الجديدة لوزارة الدفاع الروسية".
وفي روسيا، تصبح السوق الداخلية للطائرات الحربية في مقدمة الأولويات بالنسبة لقطاع صناعة الطائرات بأكمله. وفي الوقت نفسه، فإن الزبائن الأجانب أقبلوا على شراء هذه الطائرات برغبة كبيرة، بعد رؤية البلدان المنتجة للأسلحة تشتري هذه النماذج أو تلك من الطائرات الروسية.
وفي نهاية المطاف، فإن حصة روسيا في الأسواق العالمية للطيران الحربي تزداد باطراد، ما يعني زيادة إيرادات قطاع صناعة الطائرات الروسي وإمكانيات تمويل مشاريعه المدنية
صراع من أجل المستقبل
تبدو آفاق الأسواق العالمية للطائرات الحربية واعدة للغاية، ووفقاً لتوقعات مركز تحليل التجارة العالمية للأسلحة، فإن سوق التصدير العالمية للطائرات الحربية سوف تحتاج خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 2014 ـ 2017 إلى حوالي 530 طائرة بقيمة 52.1 مليار دولار.
وللمقارنة، فقد جرى خلال عامي 2012 – 2013، في جميع أنحاء العالم، وفق عقود واتفاقيات تراخيص، تسليم 472 طائرة بقيمة 29.9 مليار دولار، كما توجد توريدات للقوات المسلحة الوطنية.
وفي هذا القطاع، يوجد منافسون أقوياء لروسيا أيضاً، فخلال عامي 2012 – 2013 صدّرت شركتا " بوينغ " و" لوك هيد مارتين " الأمريكيتان إلى الأسواق الداخلية والخارجية على التوالي 74 و83 ( 2012) و75 و44 ( 2013) طائرة مقاتلة من مختلف الأنواع. كما صّدر مجمع " Eurofighter GmbH" الدولي لزبائنه خلال الفترة نفسها 45 طائرة من طراز " Typhoon"، أما الفرع الحربي من شركة " أيرباص" فقد أنتج 29 و31 طائرة حربية في عامَي 2012 و 2013 على التوالي.
إلى ذلك، فإن محفظة العقود الأخيرة بخصوص الطائرات الحربية لدى شركة " أيرباص" تتضمن إنتاج 206 طائرات، وبالتأكيد فإن هذه الشركة سوف تكون سعيدة بزيادة أرقامها على حساب التراجع الطوعي لحصة صناعة الطيران الروسية في الأسواق العالمية.
رابط المصدر