الملك فيصل والأمير سلطان -رحمهما الله- مع الكابتن النصار
يعتبر القائد نهار النصَّار أول طيار سعودي يقطع المحيط ويدور حول العالم قبل أن تتدفق ينابيع الذهب الأسود في سواحل منطقتنا الشرقية بسنواتٍ قليلة، وبالتحديد في مدينة الخبر، عام 1355هـ الموافق عام 1936م، ولد نهار بن عبدالرزاق بن محمد النصّار، حيث استقر والده هناك بعد أن نزح أجداده من السليل، في وادي الدواسر، للسكن ببلدة الصفرَّات ثم في عشيرة سدير، إلى أن ارتحل جده محمد بن نصّار، وإخوته عبدالله وسعد وناصر، قرابة عام 1280هـ، إلى مدينة الزبير، وسط ظروف معيشية صعبة مرت على إقليم نجد وما حولها، وهناك عمل محمد وابنه عبدالرزاق، وإخوة عبدالرزاق، جمّالين يعملون على نقل الحجاج والمعتمرين ويتولون تنظيم الرحلات ونقل البضائع، ورُغم نجاح عبدالرزاق في أعماله وتجارته إلا أنه قرر في الثلاثينيات الميلادية، أن يعود هو وأخوه سعد للمنطقة الشرقية، وذلك مع انطلاق أعمال التنقيب عن النفط في المنطقة، التي تُوِّجت فيما بعد باكتشاف أول بئر نفطية في المملكة (بئر الدمام رقم 7، أو بئر الخير)، وعاد عبدالرزاق النصّار وأخوه سعد ليعملا في البداية في شركة أرامكو، ومن ثم تفرغا للعمل كمقاولين استثماراً منهما لما شهِدته المنطقة آنذاك من فرص تجارية واستثمارية بعد ظهور النفط وتوافد العاملين والسكان على المنطقة.
بداياته في التعليم
في المنطقة الشرقية وتحديداً في مدينة الخبر عاش القائد كابتن طيّار نهار النصّار طفولته ومقتبل شبابه، وعلى الرغم من صعوبة الظروف وبسبب ندرة الخدمات وفرص التعليم آنذاك، والتحق بالكتاتيب بمدينة الخبر، فدرس القرآن الكريم، وتعلم أسس القراءة والكتابة، كما تعلم شيئاً من اللغة الإنجليزية على يد معلمة هندية كان زوجها يعمل طبيباً في مدينة الخبر، وكان والده حريصاً على تعليم أبنائه فاستغل تواجد هذا الطبيب وزوجته بالقرب منهم فاتفق معها لتعليم أبنائه اللغة الإنجليزية، كما اتفق مع شخصٍ آخر ليُعلِّم أبناءه علوم الدين واللغة العربية إلى أن تم افتتاح المدرسة الأميرية، التي سميت فيما بعد مدرسة الخبر الأولى، ثم حملت اسم مدرسة معاذ بن جبل الابتدائية مؤخراً، وحينذاك كان نهار من أوائل الطلاب الذين التحقوا بالمدرسة الأميرية، وبعدها التحق بشركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، وذلك في الظهران منتصف عام 1950م، ليعمل مراسلاً مكتبياً في جزءٍ من وقت عمله، ويواصل تعلُّمه اللغة الإنجليزية وبعض العلوم الأساسية في مدرسة الشركة.
وكان نهار النصّار يرافق والده عبدالرزاق النصّار إلى مطار الظهران، حديث النشأة، حيثُ كان عبدالرزاق يعمل مقاولاً يتولى إنشاء بعض مرافق المطار وبينما كان الأب يُتابع أعماله هناك، كان الابن نهار يتأمل هبوط وإقلاع الطائرات من وعلى مدرج المطار، وكان منظراً مدهشاً وحدثاً غريباً بالنسبة لطفلٍ صغير، حيث كان الطفل نهار يعّبر لوالده وهو في المطار عن رغبته في الطيران.
ولم يقف شغفه بالطيران عند هذا الحد، بل يذكر كل من علي البلوشي وناصر النغميش، وهما من زملائه القدامى في أرامكو، كيف أنه أثناء عمله معهم في الشركة، في بدايات حياتهم الوظيفية، كان يحمل الأوراق والملفات منطلقاً بها بين دهاليز ومكاتب الشركة مقلداً صوت ومسير الطائرة ولم تكن هذه المشاهد لتمر على بعض الموظفين النابهين في أرامكو، حيث نقلوه من العمل مراسلاً في مكاتب الشركة إلى العمل فنياً تحت التدريب في ورشة الشركة المخصصة للطائرات في مطار الظهران وأحدث هذا التحول نقله في مسار ومستقبل الشاب نهار، الذي دأب على معرفة كل ما يتعلق بالطائرات، وراح يسأل طاقم الفنيين الإيطاليين، الذين كانوا يعملون هناك، عن كل ما يعن له السؤال عنه وقد كان هؤلاء الإيطاليون حريصين على أن يتعلم نهار كل ما يسألهم عنه، لذلك كانوا يجيبون على تساؤلاته اللحوحة بكل دقة وأمانة، ولم ينس نهار هذا الجميل لهم، إذا ظل طوال مسيرته المهنية يتواصل مع هؤلاء المدربين ومع أسرهم حتى بعد رحيلهم عن المملكة.
تعلُّم الطيران
في عام 1953م بدأ الشاب نهار تعلّم الطيران، الذي أصبح إحدى أولوياته، إذ ما كاد هذا العام ينقضي إلا ونهار يسافر إلى مصر حيث أرسله والده ليلتحق بمدرسة (سانت أندراوس) في الإسكندرية، ليحصل على شهادة الثانوية التي ستؤهله للالتحاق بمعهد الطيران، وفي عام 1954م التحق بمعهد مصر للطيران في «إمبابه»، وتلقى تدريبه في علوم الطيران على يد المدربة المشهورة عزيزة محرم فهيم، وواصل تدريبه في المعهد حتى شهر مايو عام 1956م. وبعد ذلك أرسله والده إلى بريطانيا للاستزادة من علوم الطيران وهناك التحق بجامعة ساوثهامتون للعلوم الجوية، حيث حصل على رخصة طالب طيران، واستمر يدرس بها حتى شهر سبتمبر من عام 1956م، ولكنه اضطر إلى قطع دراسته هناك بسبب العدوان الثلاثي على مصر، الذي شاركت فيه بريطانيا.
عاد نهار النصَّار إلى مصر، حيث التحق بمجموعة من الشباب السعوديين كانت الحكومة قد أرسلتهم لدراسة الطيران، هم بهاءالدين أسعد، وعبدالحميد مالكي، وصادق رفيق، وبدرالدين عاشور، وفريد عقاد، ومحمد علي جستـنية، ومراد أبو مسعود، وخضر حجار، ومصطفى نصرالدين، وهاشم صدقة، وعبدالحليم أولياء، وعبدالرحيم أولياء، وعبدالله قزاز، فاستكمل معهم دراسة علوم الطيران، في معهد مصر للطيران، حتى شهر نوفمبر عام 1957م، حيث حصل على إجازة الطيران الخاص، وفقاً لما ذكره القائد الطيّار بهاء الدين أسعد.
ويستذكر القائد طيّار جزاع الشمري، وهو أحد أقدم الطيارين السعوديين، بعض أسماء الطيارين السعوديين الذين عادوا من مصر، ويقول إن نهار النصار عاد ليعمل طيّاراً وتفرغ لمهنته التي لطالما حلم بها، أما زميله القائد بهاء الدين أسعد، ابن المدينة المنورة، فقد عمل طياراً ثم تولى إدارة المدرسة المعنية بتدريب الطيارين السعوديين عام 1959م، وبذلك فهو أول مدير سعودي لمركز تدريب الطيران بجدة، كما تم اختيار عبد الحليم أولياء، ابن مدينة جدة، الذي عاد طياراً، ليُصبح مديراً للعمليات الجوية، أما ناجي عتيق فقد عمل طياراً لمدة ليست بالطويلة ثم رحل إلى الأردن، في حين عمل عثمان ماك طياراً على طائرة بوينق 707.
ويتذكر القائد جزاع الشمري، أنه هو والقائد نهار النصار والقائد أحمد مطر، كلهم عملوا في أرامكو قبل دخولهم عالم الطيران، بيد أن نهار كان قد سبقهم بسنوات، وتبعه بعد مدة وعلى غير اتفاق مسبق القائد أحمد مطر ثم انضم إليهم القائد جزاع الشمري الذي يذكر بعض الأسماء التي عملت مع القائد نهار النصّار في قسم الرحلات الملكية مثل عبد العزيز الصمعان، وصالح قاري، وأخيه أحمد قاري، ومحمد عيد، وفيصل الرشيد، ومحمد خان وغيرهم.
شهادة الطيران
عاد نهار النصَّار إلى المملكة وهو يحمل إجازة الطيران من معهد مصر للطيران، والتحق بالعمل في الخطوط الجوية العربية السعودية كمساعد طيار في الأول من ديسمبر عام 1957م، وظـل كذلك حتى شهر نوفمبر من عام 1958م، حيث أمر الملك فيصل رحمه الله الذي كان ولياً للعهد آنذاك بضرورة وجود قادة طائراتٍ من السعوديين، لأن كل قادة طائرات الخطوط السعودية آنذاك كانوا من جنسيات أجنبية وقد تمكن نهار النصَّار، مع زميله بهاء الدين أسعد، من اجتياز الاختبار اللازم، وأصبحا بذلك أول سعوديين ينـالان رتبة قائد (كابتن) طائرة تجاريةٍ، على طائرات دي سي 3، وكان نهار أصغرهما سناً إذ كانت سِنُّه لم تتجاوز 23 عاماً ثم واصل القائد الطيّار نهار النصَّار الطيران والتدريب على مختلف الطائرات التي انضمت إلى أسطول الخطوط السعودية.
وفي عام 1959م، عُيِّن مسؤولاً عن الطلاب المتقدمين لدخول دورة الطيران في الخطوط السعودية مع استمراره في الطيران ومن بين طلاب الطيران الذين أشرف عليهم كان الكابتن أحمد مطر رحمه الله الذي أصبح فيما بعد مدير عام الخطوط الجوية السعودية، والذي قال عن معرفته وعلاقته بالكابتن نهار النصّار: «كان أول لقاء بيني وبين الكابتن نهار النصار رحمه الله في الظهران في شهر أكتوبر من عام 1959م، أثناء أدائي الفحوص الطبية للالتحاق بمدرسة الطيران وقد بقيت علاقتي بالكابتن نهار مستمرة، وكانت علاقة احترام بكل المقاييس»
ويستذكر بعض زملاء النصّار فخره واعتزازه بما كان عليه والده وأجداده، فحين أصبح طيّاراً متميزاً على مستوىً عالمي، لم ينس أن يُعبِّر عن فخره بأجداده الذين كانوا «جمّالين» يقودون أهم وسيلة نقل في عصرهم، فيما هو يواصل مسيرتهم بقيادة أحدث وسيلة نقلٍ في عصره، وقد أشارت إلى ذلك صحيفة «ذا كانزاس ستي تايمز» الأمريكية في مقالٍ لها، عن التطور في المملكة بعنوان «المملكة العربية السعودية تنطلق بأجنحة التغيير» نُشر في عددها الصادر يوم الإثنين الأول من فبراير عام 1965م.
وفي شهر سبتمبر من عام 1960م،تزوّج القائد نهار النصّار، ومَنّ الله عليه فرزق بابنتهُ الكبرى؛ المهندسة شويكار، ثم ابنهُ المهندس نواف، وفي نهاية عام 1961م، ابتعث نهار النصّار إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على شهادة «طيار خطوط جوية»ATR من هيئة الطيران الفدرالية الأمريكية، التي يقول القائد جزاع الشمري إنها كانت أعلى شهادة في الطيران، وقد أنجز نهار دراسته واجتاز جميع الاختبارات النظرية والعملية المطلوبة، وحصل على الشهادة في مارس من عام 1962م، كما شهدت نهاية عام 1963م نجاح الكابتن نهار النصَّار في اختبار الطيران على طائرةٍ نفاثة من طراز بوينق بعد إنهائه التدرب عليها، فكان بذلك أصغر طيارٍ سعودي وعربي، وأصغر طيارٍ في العالم حتى ذلك التاريخ، يقود طائرةً نفاثة، وفقاً لما ذكرته صحيفة « ذا كانزاس ستي تايمز» في عددها الصادر يوم الإثنين الأول من فبراير عام 1965م، وقد تلقى إثر هذا الإنجاز، برقية تهنئةٍ من الأمير سلطان وزير الدفاع والطيران والمفتش العام آنذاك رحمه الله.
وفي عام 1963م، أيضاً عُيّن القائد نهـار النصَّار كبيراً للطيارين في الخطوط السعودية، ولكنه سرعان ما استعفى من هذا المنصب الإداري، مفضلاً الاستمرار في الطيران وفي عام 1965م، كان القائد نهار النصَّار من ضمن المجموعة التي اختارت الزي الرسمي للطيارين السعوديين، في الخطوط السعودية، وكان هو أوّل من ارتداه كما واصل الترقي في الطيران على طائرات بوينق النفاثة من طراز 707 و720 وصولاً إلى طراز 747، حتى أصبح قائداً على هذه الطائرات.
طيَّار الملك
وشهدت بداية الستينيات الميلادية، تطوراً كبيراً في مسيرة القائد نهار النصّار المهنية، فقد كان كبيرُ الطيارين في الخطوط السعودية أنذاك «الكابتن سام بقلر»، هوالذي يتولى قيادة الطائرة في الرحلات الملكية، وكان القائد نهار النصار مساعداً له ولكن منذ عام 1963م، أصبح القائد نهار النصار هو من يقود الطائرة الملكية، واستمر على هذا حتى وفاته، رحمه الله وقد أقلّت الطائرات التي قادها نهار النصَّار كلاً من الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله، عندما كان ولياً للعهد، والأمير سلطان، رحمهم الله جميعاً.
ويتذكر القائد طيار جزاع الشمري مجموعة من الرواد الأوائل الذين كانوا مع القائد نهار النصّار ضمن المجموعات الأولى من دفعات الطيران المدني؛ كالقائد عبد العزيز الصمعان، والقائد محمد خان، بالإضافة إلى عدد من الطيارين الأمريكيين كـالقائد سام بقلر، الذي أشرنا إليه آنفاً، والذي كان مع القائد نهار النصّار في قيادة طائرة الملك فيصل، رحمه الله، في رحلته المشهورة من مدريد إلى الولايات المتحدة.
ويواصل القائد جزاع الشمري حديثه عن هذه الرحلة فيقول: كانت طائرة الملك فيصل رحمه الله متجهة من مدريد إلى الولايات المتحدة، بقيادة القائد طيار نهار النصّار وزميله سام بقلر، وبينما كانت الرحلة في طريقها إلى الولايات المتحدة، متجاوزة الحدود الإقليمية لجمهورية البرتغال، وسط مياه المحيط الأطلسي، تعرضت إلى بعض الأعطال، مما دعا القائد نهار النصّار لأن يخبر الملك فيصل بالأعطال ويطلب توجيهاته بيد أن الملك قال له: أنت قائد الطائرة وأنت أعلم بحالها، لذلك اعمل بما يقتضيه عملك ولا حرج عندها رأى القائد نهار ضرورة العودة إلى أقرب مطار، وهو مطار لشبونه عاصمة جمهورية البرتغال، وبعد الإذن بالنزول في مطار لشبونة، وما إن نزل الملك فيصل إلى المطار إلا ووجد رئيس الوزراء البرتغالي في انتظاره هناك، دون موعد سابق، ويرى البعض أن هذا اللقاء أسهم في عودة العلاقات العربية مع جمهورية البرتغال التي كانت متأثرة لأسبابٍ تتعلق بالقضية الفلسطينية.
وفي عام 1968م، عُيّن القائد نهار النصَّار مدرباً للطيارين على طائرات البوينق 707 في الخطوط الجوية العربية السعودية، مع استمراره في الطيران، وفي عام 1971م، أصبح مشرفاً على طائرات البوينق، كما أكمل في نفس العام رحلة حول العالم مع الملك فيصل رحمه الله، وكانت هذه أول رحلة تقوم بها الخطوط الجوية العربية السعودية حول العالم، وكان هو أول طيارٍ يقوم بمثل هذه الرحلة وفي عام 1973م عُيـّنَ مديراً إدارياً لتدريب الطيارين مع استمراره بالطيران وفي عام 1974م عين مساعداً لمدير التدريب بجانب عمله في الطيران وكمدربٍ للطيارين .
وفي سبتمبر من عام 1975م، كُلّف القائد نهار النصَّار إنشاء قسم للرحلات الملكية يكون مستقلاً عن العمليات الاعتيادية للخطوط الجوية السعودية، فكان بذلك أول من أسّس هذا القسم، ورغم مسؤولياته هذه استمر الكابتن نهار النصَّار بالعمل قائداً للطائرة الملكية وفي عام 1976م عُيّن مديراً لعمليات الرحلات الملكية مع استمراره في الطيران، وبعدها بعام واحد أي في عام 1977م أصبح أول مديرٍ عام لعمليات الرحلات الملكية وفي مُنتصف عام 1993م،عُيِّن مساعداً لمدير عام الخطوط السعودية لعمليات الرحلات الملكية، وخلال مسيرته المهنية الحافلة حاز النصَّار العديد من الأوسمة وشهادات التقدير.
في عيونهم
ويؤكد كلُّ من عرف القائد نهار النصَّار أنه تميز بالاعتدال، وحسن الخلق، وكان محبوباً من أهله وذويه وزملائه، هادئ الطباع محباً للاطلاع على كل جديد، خاصةً في مجال الطيران وكان منضبطاً دقيقاً يحب الالتزام في العمل، ويذكر زميله؛ القائد جزاع الشمري، أنه كان شخصاً محبوباً ومتمكناً ومحباً لعمله، كما ذكر القائد الخبير عبدالله وزنة، أن نهار النصّار هو أستاذه ومعلمه على طائرة البوينق 707، كما كان زميله فيما بعد ويتذكر القائد وزنة كيف كان اسم نهار متداولاً بين الطلاب الطيارين، الذين كان اسمه يتردد على مسامعهم أثناء التدريب، وعلى ألسنة أساتذتهم ومدربيهم، حتى أنهم كانوا حريصين على رؤيته، لأنه يكاد يكون السعودي الوحيد بين مجموعة من الطيارين الأمريكيين، ويضيف القائد وزنة أن نهار كان اجتماعياً بطبعه، نظامي في شؤون حياته، وكان عازفاً بقدر ما يستطيع عن تولي المناصب والانشغال بشؤون الإدارة، راغباً في التفرغ لمهنته التي طالما كان يحلم بها في مقتبل شبابه وهي الطيران وكان اجتماعياً، كما يتذكر القائد الطيّار عبد العزيز الحلواني كيف أن زملاء القائد نهار النصّار، آنذاك كانوا يطلقون عليه لقب «طيّار الملك»، وذلك لارتباطه وتفرُّغه، بشكلٍ تامٍ تقريباً، للعمل مع الملوك؛ بدءاً من الملك سعود، ثم الملك فيصل، ثم الملك خالد، فالملك فهد رحمهم الله، ويصفه الحلواني بأنه كان رجلاً نظامياً مخلصاً في عمله، وبأنه أول طيار سعودي يعبر المحيط، كما أنه من ذلك الرعيل الذين أزاحوا، بالتدريج، شركة تي دبليو أي (TWA) الأمريكية، لإحلال الكفاءات السعودية محلها فيما يقول القائد الخبير أحمد سايس إن نهار النصار كان رجل المرحلة، لاسيما وأنه من السعوديين القلائل الذين شهدوا مرحلة الريادة في مجال الطيران المدني مُتذكراً أنه كان يزامله في الرحلات الملكية، ويحل محله حال غيابه أو أثناء تمتعه بإجازته السنوية.
وفاته
في صبيحة يوم الأربعاء السادس والعشرين من صفر عام 1415هـ، الموافق للثالث من أغسطس عام 1994م، وفي المستشفى العسكري بمدينة جدة، انتقل إلى رحمة الله تعالى الكابتن طيَّار نهار بن عبدالرزاق بن محمد النصّار، بعد صراع مرير مع المرض دام أربعة أشهر، فانتهت بذلك حياةٌ كريمة خدم فيها وطنه تسعةً وثلاثين عاماً، وطار خلالها ثمانية عشر ألف ساعة وسبع دقائق وتسع عشرة ثانية، وكان واحداً من الرواد الذين اقتحموا، بجرأةٍ ومُثابرةٍ وكفاءةٍ وتَميُّز، مجال الطيران الذي كان حُلماً يُراود الكثيرين،وتقوم عائلة الكابتن نهار النصّار حالياً بجمع تفاصيل سيرته لنشرها في كتابٍ سيصدر قريباً بهدف تقديم نموذجٍ واقعي يمكن أن يقتدي به الجيل الجديد من أبناء الوطن في مواجهة مصاعب الحياة وتحدياتها، في سبيل تحقيق الأحلام والطموحات، سواءٌ أكان هذا الجيل طامحاً للعمل في مهنة الطيران أو غيرها من المهن، رحم الله القائد نهار النصّار رحمةً واسعة.
الكابتن النصار في قمرة القيادة
يتسلم شهادة المواطن الفخري لولاية تكساس
النصار خلال زيارته لمصنع «روز رايس» لصناعة محركات الطائرات
ظ†ظ‡ط§ط± ط§ظ„ظ†طµط§ط±.. ط·ظ?ط§ط± ط§ظ„ظ…ظ„ظˆظƒ - ط¬ط±ظ?ط¯ط© ط§ظ„ط±ظ?ط§ط¶