مصر للطيران في عصر الفريق أصبح لها شكل تاني عن العصر الرياني.. في الشكل والمضمون، ففي عصر شفيق أصبحنا نستمتع بالسما بعد أن أصبح لنا اسم علي الخريطة العالمية للطيران الدولي بدخولنا تحالف «استار ألانس» والذي يضم أكثر من ٢٠ شركة طيران عالمية.
ـ أحمد شفيق بدأ قبل هذا منظومة الإصلاح والتطوير من خلال قناتين.. القناة الأولي تطوير الطرازات وإنشاء أول شركة لصيانة الطائرات في مصر فأصبحنا نصون طائراتنا وطائرات الغير بعد أن حصلنا علي صلاحية «الأيزو» في صيانة الطائرات العملاقة التي جذبت دولاً كبري إلينا وبدأت تقصدنا في صيانة طائراتها..
ـ شفيق لم يكتف بالإصلاح والتطوير الفني في الأجهزة والمعدات والطائرات بل اتجه إلي صيانة البشر، كان يهمه ترميم النفوس التي خربها العصر الرياني فتبني الكفاءات التي كانت محرومة من طاقة نور في عصر الشللية والتي كانت تتحكم في الترقيات أو السفر إلي الخارج.. ولأول مرة يقوم شفيق بتصعيد شبان لم يروا النور في العصر الرياني ويتم تعيينهم لإدارة المحطات والمكاتب الخارجية..
ومن خلال تجربته معهم أثبتوا جدارة وعطاء فوق العادة حتي أصبح من الصعب التفريط فيهم بعد سن المعاش.. وهناك أمثلة كثيرة علي هذا منها محمود حامد الذي احتفظ به شفيق بعد بلوغه سن المعاش.. وكانت بداية حياته في المبيعات حتي أصبح من قيادات القطاع التجاري وبقي مديراً لمصر للطيران بإنجلترا سنوات فحقق لها مبيعات جعلها تنافس الخطوط الأوروبية بما فيها الخطوط البريطانية،
من هنا جاءت علاقته بوزير الطيران الذي لا يرتبط إلا بالناجحين في مواقعهم.. فعينه رئيساً لشركة الأسواق الحرة والكرنك للسياحة خلفاً للطيار توفيق عاصي الذي تمت ترقيته إلي رئاسة الشركة الأم.. وعاصي ليس غريباً علي مصر للطيران فهو الطيار الأول لطائرة الرئاسة لكفاءته ونبوغه..
وقد استثمر شفيق هذا النبوغ يوم أن أسند له شركة الأسواق الحرة والتي كانت في انهيار.. إلي أن أعاد إليها الروح في زمن قياسي فحققت أرباحاً تفوق إجمالي مبيعاتها في عشر سنوات، ويبدو أن هذه الشركة كانت بوابة الصعود لرئاسته للشركة الأم.
ـ وإذا كان توفيق عاصي قد تسلم شركة عالمية نجح سلفه المهندس عاطف عبدالحميد في تبني فكر أحمد شفيق بتحديث أسطولها والاحتفاظ بمقعدها طوال هذه السنين في عضوية «الياتا»..
ودخولها تحالف «استار ألانس» فعاصي قادر علي تحقيق المزيد من النجاحات.. وإذا كان الرجل هادئاً لا يتكلم كثيراً إلا أنه يحمل في رأسه أفكاراً وطموحات تحتاج في تنفيذها إلي كتيبة من البشر المخلصين..
ولذلك أصبح مطلوباً منه أن يعيد ترتيب البيت والتخلص من بقايا الشللية وأعداء النجاح الذين لا يزالون يعششون داخل قطاعات مصر للطيران، بعد أن نجحوا في التسلل إلي المواقع القيادية في القطاعات المالية والإدارية «بالكوسة»..
وربما تكون ثقة رؤسائهم فيهم هي السبب علي اعتبار أنهم الكفاءات النادرة التي ساهمت في توحشهم مع مرؤوسيهم فكانوا سداً منيعاً أمام أي ترقية لهم.. للأسف لم يتعلموا أخلاقيات وقيم رجل مثل سمير عبدالخالق رئيس القطاع المالي بالشركة الأم وكيف يتعامل مع مرؤوسيه بأخلاقيات أولاد البلد.. لكن لأنهم يختلفون عنه في الخلق وفي الأداء..
فتراهم ينشطون مع حركة الترشيح للإعارة إلي المكاتب الخارجية خارج مصر.. يتفننون في تجميع المأموريات لفئة علي حساب فئة وهم لا يفرقون بين مأموريات الراتب.. وبين مأموريات البدل حتي يرتفع رصيد مأموريات الخارج بالتضليل فيتبدل ترتيبهم وتصعد أسماؤهم فيتم استبعادهم من قائمة المرشحين.. وبهذا يضمنون سفر قائمة المحظوظين..
كل هذا يتم بلا رقيب، لأن ثقة رؤسائهم فيهم تعطيهم حصانة من المراجعة أو التدقيق.. وترتفع أياد كثيرة إلي السماء وهي تقول «حسبنا الله ونعم الوكيل».
هذا الانفلات، في وجود رجل بعقلية توفيق عاصي، غير مقبول، وبالتالي لن تجد الدبابير لها عشاً داخل مصر للطيران لأن الرجل ليس سهلاً وليس من عادته أن يستسلم لضعفاء النفوس.
ثم الذي أعرفه عن أحمد شفيق أنه لم يخلع هويته العسكرية حتي الآن، لأن عسكريته نجحت في ضبط المعايير لحماية الكفاءات من الأحقاد، فهو يكره الانفلات ويكره البغض والكراهية.. وإذا كان قدره أن يشيل شركة عائلية مثل مصر للطيران فيها أولاد الخال والخالة..
والعم والعمة والزوج والزوجة، حتي وصل عدد العاملين فيها إلي ٢٤ ألف موظف وموظفة في حين أن ٤ آلاف منهم يكفون لإدارتها.. ورغم ذلك الرجل لم يستبعد أحداً منهم.. وإذا كان أحمد شفيق قد تحمل مسؤولية توفير القوت لهذه الكتل الوظيفية.. فهو لن يستطيع أن يغسل قلوب الحاقدين المغلوبين الذين يرتكبون ظلماً في حق مرؤوسيهم ويا ويل أحدهم عندما يقع في قبضة شفيق،
فالرجل يفرم الظالم حتي ولو كان قريباً من أي مسؤول، ولذلك طلب من كتيبة الأمناء الذين يعملون معه وهي كتيبة يرأسها المهندس محمد كردي وكيل الوزارة لشؤون مكتبه وهشام زهران مدير مكتبه وعمرو نجاتي سكرتيره أن يفتحوا أبواب مكاتبهم ويستقبلوا كل من له شكوي.. هذا الإجراء وحده كان سبباً في انضباط المعايير والدقة في القرار حتي لا يظلم أحد..
تعليق