لم تكن الإجازة الصيفية هذا العام خالية من الكوارث الجوية، رغم الارتفاع الملحوظ في حجم المسافرين جوا حتى مع ارتفاع أسعار الوقود؛ وبدءاً من سقوط طائرات شحن جوية وصولا إلى سقوط طائرات مليئة بالركاب كان أبشعها الحادثين الأخيرين لطائرة «سبان إير» الإسبانية والبوينغ 737 لشركة الطيران التابعة لإحدى دول آسيا الوسطى، والأخيرة لم ينج منها سوى عدد قليل. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي أصاب قطاع الطيران الذي كان يشهد انتعاشا وازدهارا قبل عام وأن عجلة النمو مستمرة رغما عن الظروف المالية والاقتصادية التي خلفها ارتفاع سعر برميل النفط؟ ولماذا حدثت مثل هذه الحوادث رغم الإجراءات الوقائية التي تتخذها شركات الطيران للحؤول دون حصول ذلك؟.. في هذا الأسبوع سنتطرق إلى بعض الأسباب التي يعزى لها التسبب بكوارث جوية مع وضع إجراءات الإخلاء عند الطوارئ تحت المجهر لمدى فعاليتها من عدمها.
عاد معدل سقوط الطائرات في الآونة الأخيرة إلى الارتفاع بصورة مثيرة للقلق رغم أن الخبراء في مجال الطيران ما زالوا يعتبرون الطيران هو أكثر وسائل السفر أمنا، واشتملت هذه السنة على حوادث متعددة وكثيرة للطائرات، ناهيك عن إيقاف عدد من شركات الطيران الكبرى لبعض أساطيل طائراتها بعد أن بينت الفحوصات الدورية وجود أعطال وتصدعات بالبدن فيها الأمر الذي جلب خسائر لم تكن في الحسبان لتلك الشركات خصوصا مع ارتفاع أسعار الوقود الذي صاحب ذلك؛ ويعزو البعض سبب احتفاظ تلك الشركات بأساطيلها المتصدعة والقديمة من الطائرات إلى عدم توافر السيولة النقدية لديها نتيجة الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها شركات الطيران العالمية في الوقت الحالي، لشراء طائرات جديدة أكثر أمانا وأفضل أداء واقتصادية في التشغيل لاستبدالها، وهذا بحد ذاته معضلة تحتاج إلى حل.
إيرباص تتفوق
وبينما كانت الطائرات من طراز إيرباص الأوروبية الصنع هي الأقل تعرضا للحوادث أو السقوط، كانت طائرات بوينغ الأميركية وتوبوليف الروسية الأكثر تعرضا للحوادث والتي بعضها كانت مميتة، والسبب في تفوق إيرباص يرجع إلى عدة عوامل أهمها حداثة عمر طائراتها عن تلك التي لبوينغ والتي يعود بعضها إلى فترة قديمة، حيث أن الطائرات التي تستعمل في معظم شركات الطيران التي لديها إيرباص هي من الجيل المزود بنظام الطيران بواسطة الأوامر الكهربائية Fly-By-Wire والتي يقودها كمبيوتر يقوم بحساب الأوامر التي تصدر عن الطيارين في ثوان معدودة قبل أن يسمح بالقيام بها دون أن يسمح بخروج الطائرة عن الحدود القصوى للطائرة وبالتالي يقلل ذلك وربما في بعض الأحيان يمنع من حدوث الأخطاء، وليس هذا وحسب، بل يتدخل هذا النظام أحيانا في إحداث ردة فعل فورية عند حدوث طارئ ما، حيث أن ردة فعل الكمبيوتر الحسابية هي أضعاف ما لدى الإنسان، الأمر الذي يعزز من فرص الأمان في الطائرة.
سر التفوق
هذا ما تدعوه إيرباص «بمحتوى الطيران المحمي». ومثال على ذلك، حادثة جوية مماثلة لطائرتين في رحلة جوية، الأولى من صنع إيرباص، والثانية من صنع بوينغ، وأثناء قيام الطائرتين بالإقلاع من على المدرج، وبسبب قوة دفع المحركين المزودة بهما الطائرتان تطايرت قطع من أرضية المدرج واصطدمت بجنيحات الموازنة الأفقية (الذيل الأفقي) ولم يع الطياران لما حدث، واستمرا بالإقلاع، وما إن ارتفعت الطائرتان عن المدرج بقليل حتى اعترتهما هزة قوية نتيجة الأضرار التي لحقت بالجنيحات الأفقية للطائرتين، والنتيجة توقف طائرة البوينغ 737 عن الإقلاع، بينما استمرت الإيرباص 320 في الإقلاع بعد أن تدخل نظام المحتوى المحمي بها وعالج الموقف وتوقفت الاهتزازات بعد أن أرسل الكمبيوتر الملحق بالطائرة إشارات إلى دفتي الجناح الخلفيتين اللتين يطلق عليهما elevons وهما عبارة عن سطوح تعمل كقلابات ailerons عندما يتم تحريكها عكسيا لميلان الطائرة يمينا أو شمالا، وكروافع elevators عندما يتم تحريكها بالتوازي مع بعضها البعض سواء إلى الأسفل أم الأعلى وهذه السطوح تعوض تعطل السطوح الرافعة على الجنيحات الأفقية، وكل هذا دون أي تدخل أو أن يعي الطياران ذلك.
ما مدى أمان عاكس الدفع؟
تعزو التقارير الأولية لتحطم الطائرة التابعة لشركة «سبان إير» إلى عمل نظام عاكس الدفع للمحرك أثناء الإقلاع، ويستخدم في الغالب نظام عاكس الدفع أثناء الهبوط لتعزيز القدرة على الكبح وتقليل المسافة المخصصة للهبوط، لكن إذا ما عمل نظام عاكس الدفع أو Thrust Reversal أثناء الإقلاع فإن ذلك يعد خطرا محدقا بالطائرة، فغير مخصص له أن يعمل أثناء ذلك، ورغم وجود عدد قليل من الطائرات التي تستخدمه أثناء التطواف للتقليل من سرعتها أو أثناء وجودها على الأرض للتحرك والابتعاد عن جسر عبور الركاب من وإلى المطار/ الطائرة PUSH BACK عند عدم وجود سيارة القطر، فان معظم استخدامه يكون للكبح أثناء الهبوط والتوقف على المدرج، وحتى هذه الحادثة يعود السبب في سقوط ثلاث طائرات ومقتل ركابها.
المحرك عند التحليق
المحرك أثناء استخدام عاكس الدفع
نسبة نجاة الركاب في كابينة الطائرة اثناء الحوادث
ركاب درجة الأولى 49%
ركاب درجة رجال الأعمال 56%
فوق الجناح 56%
مؤخرة الكابينة 69%
ما مدى جدوى اختبارات الإخلاء؟
تعتبر عملية إخلاء الطائرة بالسرعة الممكنة من الإجراءات الأساسية للسلامة، ولا يمكن أن يتم ترخيص أي نموذج لطائرة جديدة سواء كانت صغيرة الحجم أم عملاقة كإيرباص A380، لكن مؤخرا أثار الناقدون لإجراءات العملية أمورا مهمة تتعلق بمدى مطابقة جدية اختبارات الإخلاء التي تتم بواسطة متطوعين يعلمون ماذا عليهم عمله وما هو المطلوب منهم وبين تصرف الركاب العفوي والحقيقي لعملية إخلاء عند حدوث كارثة ما. ويطالب الناقدون الفنيون بان يتم إدخال المعطيات الخاصة بعمليات الإخلاء الحقيقية بواسطة الكمبيوتر وعمل محاكاة لها على النموذج المراد منحه الترخيص، وأن يتم تدعيم بعض المفاجآت في عملية الاختبار التي تتم بواسطة متطوعين، بدلا من التكرار الروتيني الذي لم يتم تطويره حتى يومنا هذا، مع التركيز على أن تصرف أو ردة فعل الراكب نفسه هي المعيار لقياس مدى نجاح عملية الإخلاء من عدمها.
عموما لا يزال الطيران أأمن وسائل النقل بالمقارنة مع الوسائل الأخرى مثل القطارات والمركبات البرية، فالإحصائيات الأخيرة تبين أن ركوب الطائرة يعطي نسبة نجاة تقدر بـ 2.5 مليون مقابل 1 وفاة، بينما تنخفض هذه النسبة للراكب حينما يستخدم القطار لتصل إلى 50 ألفا مقابل 1 وفاة، أما إذا ما استقل الراكب مركبة برية كالسيارة أو الحافلة فإن هذه النسبة ستنخفض أكثر لتصل إلى 200 مقابل 1 حالة وفاة.
إعداد: علي محمد الهاشم
عاد معدل سقوط الطائرات في الآونة الأخيرة إلى الارتفاع بصورة مثيرة للقلق رغم أن الخبراء في مجال الطيران ما زالوا يعتبرون الطيران هو أكثر وسائل السفر أمنا، واشتملت هذه السنة على حوادث متعددة وكثيرة للطائرات، ناهيك عن إيقاف عدد من شركات الطيران الكبرى لبعض أساطيل طائراتها بعد أن بينت الفحوصات الدورية وجود أعطال وتصدعات بالبدن فيها الأمر الذي جلب خسائر لم تكن في الحسبان لتلك الشركات خصوصا مع ارتفاع أسعار الوقود الذي صاحب ذلك؛ ويعزو البعض سبب احتفاظ تلك الشركات بأساطيلها المتصدعة والقديمة من الطائرات إلى عدم توافر السيولة النقدية لديها نتيجة الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها شركات الطيران العالمية في الوقت الحالي، لشراء طائرات جديدة أكثر أمانا وأفضل أداء واقتصادية في التشغيل لاستبدالها، وهذا بحد ذاته معضلة تحتاج إلى حل.
إيرباص تتفوق
وبينما كانت الطائرات من طراز إيرباص الأوروبية الصنع هي الأقل تعرضا للحوادث أو السقوط، كانت طائرات بوينغ الأميركية وتوبوليف الروسية الأكثر تعرضا للحوادث والتي بعضها كانت مميتة، والسبب في تفوق إيرباص يرجع إلى عدة عوامل أهمها حداثة عمر طائراتها عن تلك التي لبوينغ والتي يعود بعضها إلى فترة قديمة، حيث أن الطائرات التي تستعمل في معظم شركات الطيران التي لديها إيرباص هي من الجيل المزود بنظام الطيران بواسطة الأوامر الكهربائية Fly-By-Wire والتي يقودها كمبيوتر يقوم بحساب الأوامر التي تصدر عن الطيارين في ثوان معدودة قبل أن يسمح بالقيام بها دون أن يسمح بخروج الطائرة عن الحدود القصوى للطائرة وبالتالي يقلل ذلك وربما في بعض الأحيان يمنع من حدوث الأخطاء، وليس هذا وحسب، بل يتدخل هذا النظام أحيانا في إحداث ردة فعل فورية عند حدوث طارئ ما، حيث أن ردة فعل الكمبيوتر الحسابية هي أضعاف ما لدى الإنسان، الأمر الذي يعزز من فرص الأمان في الطائرة.
سر التفوق
هذا ما تدعوه إيرباص «بمحتوى الطيران المحمي». ومثال على ذلك، حادثة جوية مماثلة لطائرتين في رحلة جوية، الأولى من صنع إيرباص، والثانية من صنع بوينغ، وأثناء قيام الطائرتين بالإقلاع من على المدرج، وبسبب قوة دفع المحركين المزودة بهما الطائرتان تطايرت قطع من أرضية المدرج واصطدمت بجنيحات الموازنة الأفقية (الذيل الأفقي) ولم يع الطياران لما حدث، واستمرا بالإقلاع، وما إن ارتفعت الطائرتان عن المدرج بقليل حتى اعترتهما هزة قوية نتيجة الأضرار التي لحقت بالجنيحات الأفقية للطائرتين، والنتيجة توقف طائرة البوينغ 737 عن الإقلاع، بينما استمرت الإيرباص 320 في الإقلاع بعد أن تدخل نظام المحتوى المحمي بها وعالج الموقف وتوقفت الاهتزازات بعد أن أرسل الكمبيوتر الملحق بالطائرة إشارات إلى دفتي الجناح الخلفيتين اللتين يطلق عليهما elevons وهما عبارة عن سطوح تعمل كقلابات ailerons عندما يتم تحريكها عكسيا لميلان الطائرة يمينا أو شمالا، وكروافع elevators عندما يتم تحريكها بالتوازي مع بعضها البعض سواء إلى الأسفل أم الأعلى وهذه السطوح تعوض تعطل السطوح الرافعة على الجنيحات الأفقية، وكل هذا دون أي تدخل أو أن يعي الطياران ذلك.
ما مدى أمان عاكس الدفع؟
تعزو التقارير الأولية لتحطم الطائرة التابعة لشركة «سبان إير» إلى عمل نظام عاكس الدفع للمحرك أثناء الإقلاع، ويستخدم في الغالب نظام عاكس الدفع أثناء الهبوط لتعزيز القدرة على الكبح وتقليل المسافة المخصصة للهبوط، لكن إذا ما عمل نظام عاكس الدفع أو Thrust Reversal أثناء الإقلاع فإن ذلك يعد خطرا محدقا بالطائرة، فغير مخصص له أن يعمل أثناء ذلك، ورغم وجود عدد قليل من الطائرات التي تستخدمه أثناء التطواف للتقليل من سرعتها أو أثناء وجودها على الأرض للتحرك والابتعاد عن جسر عبور الركاب من وإلى المطار/ الطائرة PUSH BACK عند عدم وجود سيارة القطر، فان معظم استخدامه يكون للكبح أثناء الهبوط والتوقف على المدرج، وحتى هذه الحادثة يعود السبب في سقوط ثلاث طائرات ومقتل ركابها.
المحرك عند التحليق
المحرك أثناء استخدام عاكس الدفع
نسبة نجاة الركاب في كابينة الطائرة اثناء الحوادث
ركاب درجة الأولى 49%
ركاب درجة رجال الأعمال 56%
فوق الجناح 56%
مؤخرة الكابينة 69%
ما مدى جدوى اختبارات الإخلاء؟
تعتبر عملية إخلاء الطائرة بالسرعة الممكنة من الإجراءات الأساسية للسلامة، ولا يمكن أن يتم ترخيص أي نموذج لطائرة جديدة سواء كانت صغيرة الحجم أم عملاقة كإيرباص A380، لكن مؤخرا أثار الناقدون لإجراءات العملية أمورا مهمة تتعلق بمدى مطابقة جدية اختبارات الإخلاء التي تتم بواسطة متطوعين يعلمون ماذا عليهم عمله وما هو المطلوب منهم وبين تصرف الركاب العفوي والحقيقي لعملية إخلاء عند حدوث كارثة ما. ويطالب الناقدون الفنيون بان يتم إدخال المعطيات الخاصة بعمليات الإخلاء الحقيقية بواسطة الكمبيوتر وعمل محاكاة لها على النموذج المراد منحه الترخيص، وأن يتم تدعيم بعض المفاجآت في عملية الاختبار التي تتم بواسطة متطوعين، بدلا من التكرار الروتيني الذي لم يتم تطويره حتى يومنا هذا، مع التركيز على أن تصرف أو ردة فعل الراكب نفسه هي المعيار لقياس مدى نجاح عملية الإخلاء من عدمها.
عموما لا يزال الطيران أأمن وسائل النقل بالمقارنة مع الوسائل الأخرى مثل القطارات والمركبات البرية، فالإحصائيات الأخيرة تبين أن ركوب الطائرة يعطي نسبة نجاة تقدر بـ 2.5 مليون مقابل 1 وفاة، بينما تنخفض هذه النسبة للراكب حينما يستخدم القطار لتصل إلى 50 ألفا مقابل 1 وفاة، أما إذا ما استقل الراكب مركبة برية كالسيارة أو الحافلة فإن هذه النسبة ستنخفض أكثر لتصل إلى 200 مقابل 1 حالة وفاة.
إعداد: علي محمد الهاشم
تعليق