
لم يكد سعر برميل النفط ينخفض حتى ضربت العالم عاصفة مالية هوجاء أطاحت أعتى مصارفها وبنوكها؛ الأمر الذي بدأ يسرع من عملية إفلاس لشركات الطيران بالجملة، أثر بشكل ملموس على حجم الحركة الجوية للمسافرين، وهو ما سينعكس سلبا على الاقتصاد العالمي الذي هو في أسوأ حالاته. ويبدو أن نمطا جديدا من أنماط السفر الجوي الجماعي سيظهر في الأفق. لكن قبل الخوض بماهية هذا النمط وكيف سيكون، لا بد من الخوض في مدى ما أحدثه الانهيار المالي في العالم من أضرار على صناعة النقل الجوي،،

تعتبر شركات الطيران قطاعا حيويا يغذي الاقتصاد العالمي ويدعمه، ويساهم في وتيرة الحياة الانسانية وازدهارها. فشركات الطيران وحدها توظف ما لا يقل عن 29 مليون شخص في العالم وتدعم نشاطا اقتصاديا يوازي 2,9 تريليون دولار، ومع اتاحة الحريات شيئا فشيئا لشركات الطيران العالمية وتحرير الأجواء اثر الانفتاح العالمي، انتعش نتيجة لذلك عدد كبير من المؤسسات بعد التخفيف من الحواجز التجارية، وتغير معه نمط الحياة وبات كل شيء ممكن الحصول عليه وأي مقصد يمكن الوصول اليه. لكن هذا كان أشبه بشهر عسل قصير انتهى بفجيعة مؤلمة .. فها هي صناعة النقل الجوي تنحدر الى هاوية مظلمة لا يبدو أن لها قاعا، وبدأت الحركة الجوية تنخفض تباعا حتى بلغ معدل انخفاضها 2,9% وانخفض معها معدل حركة الشحن الجوي الى 7,7% حسب ما ذكرته «الأياتا» (الاتحاد الدولي للنقل الجوي) ويتوقع أن تصل خسائر قطاع النقل الجوي عموما 5,2 مليارات دولار نهاية هذا العام، الا أن قطاع الطيران بالخليج لا يزال قويا رغم تعثر شركة «سما» للطيران السعودية واعلانها عن خسائر جاءت نتيجة ارتفاع سعر الوقود والتنافس المحلي.
إفلاس بالجملة
بين فترة وأخرى نسمع عن ان شركة طيران عالمية أو محلية اعلنت عن افلاسها، والظاهرة بدأت مع شركات طيران من نمط المنخفضة الكلفة وأخرى لنقل رجال الأعمال مثل «أيوس» و«سيلفر غيت» وما سواها، لتنضم اليها شركات عالمية مثل «أليطاليا». ونجد في الوقت نفسه الاندماجات هنا وهناك والتحالفات وعمليات الاستحواذ وهي عبارة عن محاولات يائسة في معظم الأحيان للاستمرار بالبقاء، لكن هذا لم يعد كافيا، لماذا؟ .. ربما لان السبب يكمن في اختفاء بعض من الشرائح الحيوية من المسافرين كركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمال، فقد تسببت الأزمة المالية والتجارية العالمية في تقويض أعداد هؤلاء من طبقة النخبة بالسفر جوا نتيجة تدهور الاقتصاد العالمي وافلاس بعض البنوك العالمية، والذين كانوا يمثلون مديريها ورؤساءها في مجملهم.
بين فترة وأخرى نسمع عن ان شركة طيران عالمية أو محلية اعلنت عن افلاسها، والظاهرة بدأت مع شركات طيران من نمط المنخفضة الكلفة وأخرى لنقل رجال الأعمال مثل «أيوس» و«سيلفر غيت» وما سواها، لتنضم اليها شركات عالمية مثل «أليطاليا». ونجد في الوقت نفسه الاندماجات هنا وهناك والتحالفات وعمليات الاستحواذ وهي عبارة عن محاولات يائسة في معظم الأحيان للاستمرار بالبقاء، لكن هذا لم يعد كافيا، لماذا؟ .. ربما لان السبب يكمن في اختفاء بعض من الشرائح الحيوية من المسافرين كركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمال، فقد تسببت الأزمة المالية والتجارية العالمية في تقويض أعداد هؤلاء من طبقة النخبة بالسفر جوا نتيجة تدهور الاقتصاد العالمي وافلاس بعض البنوك العالمية، والذين كانوا يمثلون مديريها ورؤساءها في مجملهم.
الوقود
بالرغم من انخفاض سعر الوقود بصورة كبيرة الا أنه لا يزال أعلى بمعدل 25% عما كان عليه في العام الماضي، وبالتالي لم يتغير شيء. بل على العكس ربما يكون ارتفاع الوقود وبلوغه معدلات قياسية قد ساهم في احداث مثل هذه الأزمة العالمية، وبالطبع دفعت شركات الطيران الثمن غاليا سواء عند ارتفاعه الى معدلات فاقت التوقعات، او عند هبوطه الى مستويات أيضا لم تكن في الحسبان لكن كيف ذلك؟.
في الأولى علمنا أن الارتفاع في سعر برميل النفط يعني ضررا كبيرا بالنسبة لشركة الطيران، لكن في الثانية فان الضرر يحدث اذا ما كانت الناقلة الجوية قد اعتمدت نظام «التحوط» أو fuel hedging وهو عبارة عن عملية شراء كميات من الوقود لمدة تتراوح بين نصف عام وعام كامل بأسعار ثابتة، والغرض من ذلك الحماية من التقلبات في حال ارتفعت أسعار بيع الوقود، هذا في حال بقيت تلك الأسعار في حدود اتفاقية الشراء لكن اذا ما تجاوزت الأسعار المعدلات المتفق عليها فان ذلك سيؤدي الى خسارة كبيرة للناقلة الجوية وبالفعل سقطت شركات الطعم فلم ينج بعضها من الافلاس والانهيار نتيجة ذلك، فقد تكبدت شركات طيران كل من يونايتد ايرلاينز ويو أس اير خسائر في الربع الثالث من هذا العام. لقد كان ذلك آخر الحلول لمواجهة معدل الارتفاع الكبير لسعر برميل النفط، الذي اقترب معدل سعره من حدود 150 دولارا، وللأسف انقلب وبالا عليها فكانت نتيجته، الوقوع في المحظور بدلا من البقاء في أمان منه.
بالرغم من انخفاض سعر الوقود بصورة كبيرة الا أنه لا يزال أعلى بمعدل 25% عما كان عليه في العام الماضي، وبالتالي لم يتغير شيء. بل على العكس ربما يكون ارتفاع الوقود وبلوغه معدلات قياسية قد ساهم في احداث مثل هذه الأزمة العالمية، وبالطبع دفعت شركات الطيران الثمن غاليا سواء عند ارتفاعه الى معدلات فاقت التوقعات، او عند هبوطه الى مستويات أيضا لم تكن في الحسبان لكن كيف ذلك؟.
في الأولى علمنا أن الارتفاع في سعر برميل النفط يعني ضررا كبيرا بالنسبة لشركة الطيران، لكن في الثانية فان الضرر يحدث اذا ما كانت الناقلة الجوية قد اعتمدت نظام «التحوط» أو fuel hedging وهو عبارة عن عملية شراء كميات من الوقود لمدة تتراوح بين نصف عام وعام كامل بأسعار ثابتة، والغرض من ذلك الحماية من التقلبات في حال ارتفعت أسعار بيع الوقود، هذا في حال بقيت تلك الأسعار في حدود اتفاقية الشراء لكن اذا ما تجاوزت الأسعار المعدلات المتفق عليها فان ذلك سيؤدي الى خسارة كبيرة للناقلة الجوية وبالفعل سقطت شركات الطعم فلم ينج بعضها من الافلاس والانهيار نتيجة ذلك، فقد تكبدت شركات طيران كل من يونايتد ايرلاينز ويو أس اير خسائر في الربع الثالث من هذا العام. لقد كان ذلك آخر الحلول لمواجهة معدل الارتفاع الكبير لسعر برميل النفط، الذي اقترب معدل سعره من حدود 150 دولارا، وللأسف انقلب وبالا عليها فكانت نتيجته، الوقوع في المحظور بدلا من البقاء في أمان منه.
حسابات خاطئة
ظن العالم، بمجرد اجتيازه أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ومعضلة مرض سارس وأنفلونزا الطيور عام 2003، انه قد تغلب على الأوقات العصيبة التي مر بها النقل الجوي العالمي الى غير رجعة. لكن ما لم يحسب له حسابا هو اضطراب سعر النفط وفقدان السيطرة عليه وعدم التنبؤ بتقلباته وأن هناك حاجة كبيرة الى كميات أكبر مما سبق، وعليه باتت في تصاعد مستمر من قبل العالم.
فانشغلت على سبيل المثال شركات الطيران في التوسع غير المدروس نتيجة الهوس المحموم في التنافس فيما بينها، وساعد في تفاقم الأزمة صناع الطائرات الذين باعوا كميات كبيرة من الطائرات، مما زاد من اعتماد شركات الطيران على الاقتراض من البنوك، وما أن تعرضت تلك البنوك لنكستها الأخيرة حتى أثر ذلك سلبا وتلقائيا في شركات الطيران المقترضة خصوصا تلك الحديثة التأسيس منها. وساهم تشبع السوق بشركات طيران من فئة المنخفضة التكاليف بأكثر من المحتاج في زيادة الطلب على الوقود، الأمر الذي أدى الى ارتفاع أسعاره، ناهيك عن تأثير ذلك مباشرة على انخفاض نسبة الطلب على العرض.
ظن العالم، بمجرد اجتيازه أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ومعضلة مرض سارس وأنفلونزا الطيور عام 2003، انه قد تغلب على الأوقات العصيبة التي مر بها النقل الجوي العالمي الى غير رجعة. لكن ما لم يحسب له حسابا هو اضطراب سعر النفط وفقدان السيطرة عليه وعدم التنبؤ بتقلباته وأن هناك حاجة كبيرة الى كميات أكبر مما سبق، وعليه باتت في تصاعد مستمر من قبل العالم.
فانشغلت على سبيل المثال شركات الطيران في التوسع غير المدروس نتيجة الهوس المحموم في التنافس فيما بينها، وساعد في تفاقم الأزمة صناع الطائرات الذين باعوا كميات كبيرة من الطائرات، مما زاد من اعتماد شركات الطيران على الاقتراض من البنوك، وما أن تعرضت تلك البنوك لنكستها الأخيرة حتى أثر ذلك سلبا وتلقائيا في شركات الطيران المقترضة خصوصا تلك الحديثة التأسيس منها. وساهم تشبع السوق بشركات طيران من فئة المنخفضة التكاليف بأكثر من المحتاج في زيادة الطلب على الوقود، الأمر الذي أدى الى ارتفاع أسعاره، ناهيك عن تأثير ذلك مباشرة على انخفاض نسبة الطلب على العرض.
الحل في تغيير قواعد اللعبة
لا بد من تغيير نمط السفر جوا بما يتناسب مع الظروف الحالية، وبالطبع مع ما يتطلبه سوق النقل الجوي وما يريده المسافرون. فعلى سبيل المثال قامت شركات طيران عدة في الغاء بعض الرسوم المفروضة على الحقيبة الاضافية للراكب، وخفضت من اسعار الضرائب الاضافية نتيجة انخفاض أسعار البترول، لكن هذا يعد غيضا من فيض؛ أما ما يمكنه أن يحدث الفرق هو في اعتماد الطائرات العملاقة الضخمة كايرباص 380 ذات الخمسمائة مسافر فما فوق، فالنقل الجماعي الكبير هو الحل لازدحام الأجواء، ونقص المقاعد، وخفض الملوثات في الجو، وأيضا لا بد من أن يتم تحوير أو تغيير الخدمات أو شكل الخدمات بالمقاعد على متن الطائرات، فمسافرو الدرجة السياحية باتوا هم المصدر الأساسي للربحية ، وبالتالي لا بد من أن يعاد النظر في نوعية الخدمات المقدمة لهم وأمور أخرى تتعلق بها. مع ضرورة الحرص على كفاءة التشغيل ونوع الوجهات التي تتجه اليها طائرات الناقلات الجوية عند التشغيل، فالواضح أن السفر جوا سيعود كما كان ابان فترة الثمانينات، مجرد نقل جماعي أشبه بالحافلات.
لا بد من تغيير نمط السفر جوا بما يتناسب مع الظروف الحالية، وبالطبع مع ما يتطلبه سوق النقل الجوي وما يريده المسافرون. فعلى سبيل المثال قامت شركات طيران عدة في الغاء بعض الرسوم المفروضة على الحقيبة الاضافية للراكب، وخفضت من اسعار الضرائب الاضافية نتيجة انخفاض أسعار البترول، لكن هذا يعد غيضا من فيض؛ أما ما يمكنه أن يحدث الفرق هو في اعتماد الطائرات العملاقة الضخمة كايرباص 380 ذات الخمسمائة مسافر فما فوق، فالنقل الجماعي الكبير هو الحل لازدحام الأجواء، ونقص المقاعد، وخفض الملوثات في الجو، وأيضا لا بد من أن يتم تحوير أو تغيير الخدمات أو شكل الخدمات بالمقاعد على متن الطائرات، فمسافرو الدرجة السياحية باتوا هم المصدر الأساسي للربحية ، وبالتالي لا بد من أن يعاد النظر في نوعية الخدمات المقدمة لهم وأمور أخرى تتعلق بها. مع ضرورة الحرص على كفاءة التشغيل ونوع الوجهات التي تتجه اليها طائرات الناقلات الجوية عند التشغيل، فالواضح أن السفر جوا سيعود كما كان ابان فترة الثمانينات، مجرد نقل جماعي أشبه بالحافلات.
لماذا على الناقلات الخليجية أن تقلق؟
ما يحدث في منطقة الخليج من قيام شركات طيران هنا وهناك، أمر ليبعث في القلق، فإن تشبع السوق بالشركات بات واضحا، فكل دولة في الخليج تقريبا باتت تملك شركة طيران منخفضة التكاليف هذا إلى جانب شركات الطيران التجارية الأساسية التي باتت تتنافس في حيز ضيق. ومع أي أزمة مالية قد تمر بها المنطقة قد نشهد انهيارا كبيرا للكثير من تلك الشركات، حيث لم يعد السفر رخيصا بعد اليوم. لا شك في أن الباعث الأساسي لنجاح تلك الشركات الخليجية ما هو إلا نتيجة ارتفاع مستوى الدخل لدى الفرد لكن مع انهيار البورصات المحلية وبعض المؤسسات المالية فإن موقف الكثير من الشركات الجوية بالمنطقة التي تقترض لتمويل شراء طائراتها قد يتحول إلى خطر محدق. إن الأجدى هو في تفعيل عملية التأجير بدلا من الشراء المباشر، بالنسبة لشركات الطيران الاقتصادية، والتشغيل بما يتناسب وحجم السوق بالوقت نفسه، أما شركات الطيران التجارية الأساسية فإن عملية التأجير أيضا مطلوبة مع عمليات شراء مدروسة وأسعار تذاكر مقبولة وخدمات مغرية.
ما يحدث في منطقة الخليج من قيام شركات طيران هنا وهناك، أمر ليبعث في القلق، فإن تشبع السوق بالشركات بات واضحا، فكل دولة في الخليج تقريبا باتت تملك شركة طيران منخفضة التكاليف هذا إلى جانب شركات الطيران التجارية الأساسية التي باتت تتنافس في حيز ضيق. ومع أي أزمة مالية قد تمر بها المنطقة قد نشهد انهيارا كبيرا للكثير من تلك الشركات، حيث لم يعد السفر رخيصا بعد اليوم. لا شك في أن الباعث الأساسي لنجاح تلك الشركات الخليجية ما هو إلا نتيجة ارتفاع مستوى الدخل لدى الفرد لكن مع انهيار البورصات المحلية وبعض المؤسسات المالية فإن موقف الكثير من الشركات الجوية بالمنطقة التي تقترض لتمويل شراء طائراتها قد يتحول إلى خطر محدق. إن الأجدى هو في تفعيل عملية التأجير بدلا من الشراء المباشر، بالنسبة لشركات الطيران الاقتصادية، والتشغيل بما يتناسب وحجم السوق بالوقت نفسه، أما شركات الطيران التجارية الأساسية فإن عملية التأجير أيضا مطلوبة مع عمليات شراء مدروسة وأسعار تذاكر مقبولة وخدمات مغرية.

منقول من القبس
تعليق