بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقصود بالاستئذان : طلب الإذن بالدخول ، خوفاً من الاطلاع على عورات المسلمين ، أو وقوع النظر على ما لا يرغبه صاحب البيت ، ويقرّر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ( إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ) متفق عليه .
وإذا نظرنا إلى الآداب المتعلّقة بالاستئذان وجدنا أنها تنقسم إلى قسمين : قسمٌ يتعلّق بالدخول إلى البيت ، فقال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون } ( النور : 27 ) .
وآخر بالحركة داخله ، وينبّه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ضرورة حفظ النظر عند الوقوف والانتظار فيقول : ( لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيتٍ حتى يستأذن ، فإن فعل فقد دخل ) رواه البخاري في الأدب المفرد .
ولخطورة النظر على العورات والاطلاع عليها ، أهدر النبي – صلى الله عليه وسلم – عين الناظر إلى بيوت الآخرين وأسقط عنها الدية فقال : ( لو أن رجلا اطّلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة – أي رميته بها - ففقأت عينه ، ما كان عليك من جناح ) متفق عليه ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلي ، فاطّلع رجل في بيته ، فأخذ سهماً من كنانته فسدّد نحو عينيه ، رواه البخاري في الأدب المفرد .
الأداب الشرعية في الاستئـــــذان
عدم رفع الصوت أو إزعاج أهل البيت ، ولذلك نرى من أدب الصحابة أنهم كانوا يقرعون أبواب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأظافير ، رواه البخاري في الأدب المفرد ،
ينبغي للمستأذن أن يُفصح عن اسمه حتى يعرفه صاحب البيت فيتهيّأ له ، وبذلك نفهم سرّ غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما استأذنه جابر رضي الله عنه بالدخول ، فسأله عن اسمه ، فقال : أنا ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( أنا أنا ) كأنه كرهها ، متفق عليه .
اذا قال أهل المنزل للمستأذن : ارجع ، وجب عليه الرجوع ؛ لأنهم ما طلبوا منه الرجوع إلا لعدم تهيّئهم لاستقباله وحصول الضرر والإحراج من دخوله ، قال تعالى : { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم } ( النور : 28 ) .
النهي عن الدخول على أهل البيت عند القدوم من السفر دون إشعارٍ سابقٍ ، حتى تتهيّأ المرأة لزوجها ولا يطّلع منها على ما يكره ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحدّ المغيبة وتمتشط الشعثة ) متفق عليه .
ومن سنن الاستئذان ألا يزيد عن ثلاث مرّات ، فإن أذن صاحب البيت وإلا انصرف ، يشير إلى ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد سعد بن عبادة ، حتى أتاه فسلّم فلم يؤذن له ، ثم سلّم الثانية ثم الثالثة ، فلم يؤذن له ، فقال : ( قضينا ما علينا ) ، ثم رجع فأدركه سعد فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ما سلّمت من مرة إلا وأنا أسمع وأرد عليك ، ولكن أحببت أن تكثر من السلام عليّ وعلى أهل بيتي ، رواه البخاري في الأدب المفرد .
تعليق