

قبل أن أبدأ مقالتي هذه (أدبيات الطيران) رغبت بادئ ذي بدء أن أتطرق لمعنى الأدب وقد وجدت في الموسوعة العربية العالمية تعريفاً مفيداً فاختصرت أهم ما ورد فيه وهو: (الأدب تعبير راق عن الفكر والرأي والخبرة الإنسانية، و هو في معناه العام يشمل كل ما كُتب عن التجارب الإنسانية العامة و يشمل الكتابات المختلفة من معلقات العرب و ملاحم الإغريق و ما سجله المصريون القدماء، و الأدب من الفنون الجميلة، و من أهم فنون الأدب: (الرواية، القصة، الشعر، المسرحية، وأهم أشكال الأدب الأسطورة و التراث الشعبي، السيرة، النقد، المقالة واليوميات)، والخلاصة و مما نسمعه من الناس أن ما يوصف بالأدب يعني الشيء الجميل الراقي من فكر راسخ و قول بليغ وسلوك حسن وتصرف لائق، والأدب يريح النفس ويسليها ويهذبها ويبعث على السعادة، ونقول إن فلاناً (مؤدب أو أديب) لما نسمع من جمال قوله و نرى من حسن سلوكه ورقي تفكيره ولباقته وتميزه بفن من فنون الأدب، والأدب فرع أو رافد مهم من روافد الثقافة التي بدورها تؤثر على مستوى الحضارة.
وعالم الطيران عالم راق قائم بذاته بما فيه من طيارين ومهندسين وفنيين وقادة وإداريين، ولا يصل إلى حرفة الطيران وخاصة قيادة الطائرات ويســتمر فيها إلا صفوة من الناس يتم اختيارهم بعناية ويوجهون إلى برامج تدريبية مستمرة طوال خدمتهم، من دورات تأهيلية وأساسية ومتوسطة ومتقدمة وعليا، ويتم تقييمهم دورياً حتى يكون هناك اطمئنان لاستمرار قدراتهم وفعالياتهم، حيث إن مسؤولياتهم جسام والطيران الحربي والمدني عالم لافت للانتباه لذلك تجد إنجازاته وأهميته معروفة وملموسة في الحرب والسلم، كما أن حوادثه لا يمكن إخفاؤها بينما تحصل حوادث وكوارث في جهات أخرى ولايعلم عنها سوى عدد محدود جداً، كما أن الطائرة التي هي وســـيلة النقل هي ســفينة جوية حديثة ومكلفة وحساسة، والمســـافرون وخـــاصة كبار الشــخصيات ورجال الأعمــال يقــبلون على الســـفر بها لسرعتها وســـلامتها وما يجـــدونه من راحة وخدمات وحسن تعامل ممن يحتــكون بهم في صـالات الســـفر أو داخل الطـــائرة، والطـــائرة تُطلى بدهـــان خاص ناعم وتزين بألوان متناسقة وتحمل علم الدولة وشعار المؤسسة التابعة لها فكأنها ترتدي لباساً قشيباً ومميزاً، والطائرة مادامت بهذا القدر من

الأطقم المسؤولة
وقبل الحديث بإيجاز عن أدبيات الطيران ومن باب الثقافة الجوية، رأينا أن نستعرض الأطقم المسؤولة عن قيادة وصيانة ومساندة وإدارة كل هؤلاء الناس الذين يقدرون بالآلاف، وكل تلك الأساطيل من الطائرات ومايتبع لهم جميعاً من معدات وإمكانات ومنشآت وإمـــدادات وخدمات.
والعاملون في الطيران المدني التجاري يمكن تقسيمهم إلى أربع فئات رئيسية هي:

الأطقم الجوية:
وهم الملاحون الذين يعملون داخل الطائرة سواء كانوا في قمرة الطيار أو في مقصورة الركاب، والملاحون هم: قائد الطائرة ومساعده ومهندس الطيران وأحياناً الملاح الجوي (في الطائرات الأولى)، أما في الحديثة فيكتفى بالثلاثة المذكورين، وهؤلاء مسؤوليتهم القيام بأعمالهم تحت إمرة قائد الطائرة ويتعاونون معه ويشدون من أزره وخاصة في حالة الطوارئ، وهم فريق ماهر يعملون لإنجاح الرحلة الجوية، وهم يرتدون ملابس موحدة وعلى صدورهم يظهر جناح الطيران الذهبي أو على سواعدهم، وأحياناً تبدو الأشرطة الذهبية على أكتافهم توضح مرتبتهم وتسلسلهم في المسؤوليات، ويتميز قائد الطائرة بوجود أربعة أشرطة على ساعديه ونجمة ذهبية، وكذا نجمة ذهبية فوق الجناح وهذه المجموعة القيادية الجوية يقودها- كما ذكرنا- قائد الطائرة ليحقق أعلى مستويات المهارة والسلامة للرحلة الجوية، والمسؤولية تمتد من وجودهم في الطائرة في انتظار الطيران وأثناء تحليقها في الجو وحتى عودتها من الرحلة حتى تتوقف تماماً، أما مقصورة الركاب فيوجد بها المضيفون والمشرف عليهم، ومسؤوليتهم تتركز في خدمة وسلامة وراحة الركاب وضيافتهم بكل أدب واحترام، والإجابة عن أسئلتهـم وهم أيضاً يخضعــــون لأي توجيهات من قائد الطائرة في الأحوال العادية أو عند الطوارئ، وهؤلاء يرتدون ملابس موحدة ويحملـــون أشرطة فضية على أكتافهم وعلى صدورهم جناح فضي، وعادة تكتفي المضيفات باللبس الموحد الخاص بمؤسسة الطيران.
الفنيون العاملون في الصيانة

والقيـــادات الإدارية الفنية الذكية تعطي هؤلاء اهتماماً كبيراً وحوافز حتى ترتفع معنوياتهم، والكل يعرف أهمية العمل وانعكاس ذلك على سلامة الطائرة.
رجال التسويق وخدمات الركاب

القياديون ورجال العمليات والإدارة
لابـد للفئات الثلاث المذكورة أعلاه وما لديها من قوى عاملة ماهرة وطائرات وإمكانات هائلة من قيادة رئيسية لتخطط وتدعم وتوجه وتتأكد أن الأهداف المرسومة للنقل الجوي تتم وفقاً لما هو مطلوب، وأن التحسين والتطوير قائمان وأن المؤسسة المسؤولة عن الطيران تحقق عائداً مناسـباً ولا تتعرض للخسارة، لذلك فهؤلاء القياديون الاستراتيجيون يديرون دفة الإنتاج والعمليات بكل الوسائل القيادية والإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه وتنسيق ومراقبة حازمة، ويدخل ضمن مسؤولياتهم الإدارية إدارة الشؤون المالية والميزانية والاتصالات الإدارية والتدريب والأمن والسلامة الجوية ومراقبة مستوى الجودة والعناية بالشؤون القانونية والاهتمام بسمعة المؤسسة وحسن علاقاتها بموظفيها وبعملائها وبالجمهور عامة، وذلك من خلال إدارة العلاقات العامة والإعلام ويضم هؤلاء مبنى رئيسي يقع خارج المطار ويتسع لكل هؤلاء المسؤولين الذين يقودهم المدير العام للمؤسسة، والذي يرتبط بدوره بجهة أعلى، وهذه الجهة العليا مرتبطة بالوزير الذي من ضمن مسؤولياته النقل الجوي التجاري، وعادة ما يكون للمدير العام نائب واحد، ومن أهم مسؤولياته التسويق التجاري والدعاية والإعلان وخدمات العملاء وخدمات الطعام (الإعاشة) وخدمات الركاب والشحن الجوي، ويرتبط بالمدير العام مديرون يصل عددهم إلى حوالي خمسة عشر، وأبرز مسؤولياتهم تتلخص في الاهتمام بعمليات الطيران والصيانة وتوفير قطع الغيار ومواد الإصلاح وكل الخدمات المطلوبة وتحقيق عدد ساعات الطيران والرحلات الجوية المطلوب الوصول إليها والاهتمام بتنفيذ أوامر الدولة فيما يخص رحلات الإغاثة في الطوارئ وخدمات كبار الشخصيات والرحلات الخاصة والتركيز على الأمن وسلامة الطيران وإدارة المواد والامدادات بصفة عامة. ويدخل ضمن الخدمات والاهتمام بالقوى العاملة واحتياجاتها المتعددة واتخاذ القرارات العادلة ضد المقصرين والعمل على تحقيق الربح مع المحافظة العالية على الجودة في كل شيء، ومن الأمور المهمة لضمان التنسيق بين المديرين والتشاور فيما بينهم لسرعة تنفيذ المهام والمحافظة على الجودة، عقد اجتماعات دورية على جميع المستويات والخروج بتوصيات يتم متابعتها وتنفيذها مع الاهتمام بتعليم وتدريب جميع منسوبي المؤسسة كل في تخصصه لرفع الفعالية وتقليل التكاليف، إلى غير ذلك من الأعمال التي يحتاجها الطيران، والفئات الأربع تعمل كفريق واحد لهدف واحد وهو خدمة الركاب وبقية العملاء بأعلى درجات الإتقان والسلامة وكسب رضاهم إذا حصلت مشكلات وصعوبات (وهذه يصعب القضاء عليها تماماً) فيجب تقبلها بصدر رحب ودراستها ثم إيجاد الحل المناسب لها لعدم تكرارها

تعليق