بعد مرور 60 عاماً على اختراق حاجز الصوت «العابرة القارية» لخلافة الكونكورد
السرعة.. وما أدراك ما السرعة؟ انها عنصر تفوق من دون شك ومطلب ملح في هذا الزمن بالذات؛ ولأن الطيران اعتمد من قبل البشرية كقدرة فائقة على بلوغ أي موقع في الأرض بزمن يسير، بعد أن كان يأخذ فترة زمنية طويلة تتراوح ما بين أيام الى أشهر، فان عامل السرعة شكل أساس تطور هذه الخاصية. ومع ظهور الطائرة وبلوغها لسرعات أعلى في كل حقبة، شكل حاجر الصوت عائقاً نحو الوصول الى غايات أبعد، وبالتالي عندما تمكن الانسان من اختراق ذلك الحاجز انتقل العالم الى أبعاد لم تكن متوفرة ولا متاحة، وأصبح العامل الزمني أقصر وأكثر استثماراً. أما المستفيد الأكبر فهو القطاع العسكري للطيران، فيما ظل القطاع المدني والمتمثل بالنقل الجوي محصوراً بطائرة واحدة وهي الكونكورد سرعان ما اختفت من الساحة، وظل الطيران المدني دون ذلك الحاجز مرة أخرى نتيجة لاعتبارات اقتصادية بحتة وربما سياسية. واليوم ومع مرور 60 عاماً على اختراق حاجز الصوت، يطل مشروع طائرة النقل الجوي الفرط صوتية كبارقة أمل نحو اعادة النقل الجوي الأسرع من الصوت الى أبعد مما سبق. فما هي تلك الأبعاد؟
فيما ينعى العديد من عشاق وهواة الطيران طائرة الكونكورد الأنجلوفرنسية الصنع، التي كانت ايقونة في عالم الطيران وتحفة فنية لخلاصة التعاون التقني ما بين الصناعتين الجويتين البريطانية والفرنسية، والتي أثمرت بعد ذلك عن تحالف ضخم تمخض عنه ما بات يعرف «بالايرباص»، تتأهب تحالفات أوروبية أخرى لاطلاق مشروع طائرة العقد المقبل ذات السرعة الفرط (البالغة) صوتية للأمد الطويل والتي تأمل من خلالها أن تختصر زمن الرحلات الطويلة جداً من 19 ساعة الى 4 ساعات ونصف، أي من لندن الى سدني في أستراليا دون توقف وبسرعة عالية جداً تتراوح ما بين 5 الى 7 أضعاف سرعة الصوت (ماخ).
السرعة الفرط صوتية
تعرف السرعة الفرط صوتية على أنها سرعة يتجاوز بها الجسم أو الدفق الغازي أو أياً كان معدل 5 أضعاف حاجز الصوت أو 5 ماخ، أي أسرع من الصوت بخمسة مرات ( أكثر من 6 آلاف كلم/ساعة )، وهي سرعة رهيبة وعالية جداً ولها قوانينها الايروديناميكية الخاصة بها. وقد كانت فترة الخمسينات والستينات أوج الأبحاث الفرط صوتية والمركبات الاختبارية الجوية الخاصة بها، ولعل أشهرها كانت طائرة «X-15» التي بلغت سرعتها 7 أضعاف سرعة الصوت، ووصلت الى حافة الفضاء الخارجي.
المبادرة لم تأت من فراغ
منذ عدة عقود ومهندسو صناعة الطائرات يحاولون جاهدين نحو صنع طائرة فرط صوتية معدة للخدمة الفعلية، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك؛ وكانت جميع الطائرات التي تنتج معدة للاختبار فقط. لكن في الوقت نفسه أدت تلك الاختبارات الدور المرجو منها وصار لديهم قاعدة بيانات غنية عن السرعات الفرط صوتية، وهو ما تم الاستناد اليه في وضع التصاميم المستقبلية للمركبات الجوية الفرط صوتية. واليوم تمكن فريق من المهندسين البريطانيين مع دعم أوروبي عبر المفوضية الأوروبية من وضع تصميم لطائرة ركاب فرط صوتية قادرة على اختزال زمن الرحلات الجوية البالغة الطول الى أقل من النصف ولهذا ارتأيت أن أطلق عليها لقب «العابرة القارية» نسبة لقدرتها الفائقة على عبور القارات بسرعات هائلة.
السر بالقوة الدافعة
عندما قرر مصممو العابرة القارية، أو كما يرمز لها بالرمز A2، وضعوا في حسبانهم الأسباب التي أدت الى خروج طائرة الكونكورد، كي لا يتكرر السيناريو الدرامي نفسه لل A2 التي تتلخص بقصر مدى تحليق الكونكورد بسبب استهلاكها العالي للوقود. والثاني عدم كفاءة محركاتها الا على السرعات العالية بضعفي سرعة الصوت أو 2 ماخ، الأمر الذي انعكس سلباً على الطيران باقتصاره على السرعات التي تقل عن سرعة الصوت عند التقيد بالحظر المفروض على عدم اختراق حاجز الصوت فوق الأراضي والمدن. وبالتالي تم تلافي ذلك في العابرة القارية من خلال تزويدها بآخر ما توصلت اليه تكنولوجيا المحركات وهي المحرك المدمج، حيث يعمل المحرك بنظامي دفع شبه منفصلين، بمعنى آخر عند السرعات التحت صوتية ( 0.9 ماخ ) تراه يعمل بنمط المحركات النفاثة التوربينية التقليدية، كالتي تستخدم في دفع الطائرات الحالية؛ أما عندما يسمح لها بالطيران على السرعات الفرط صوتية، فانه يتحول الى نمط المحرك النافوري الانضغاطي RAMJET، وبالتالي تكون الطائرة محتفظة بكفاءتها العالية واقتصاديتها بكلا الحالتين وهو الأمر الذي لم تكن الكونكورد لتوفره.
طائرة المعايير البيئية
اذا كانت طائرات الايرباص العملاقة A380 والأحدث A350 الى جانب البوينغ 787 دريملاينر تلقب بطائرات المعايير البيئية من ناحية قلة الملوثات، فان مصممو A2 يؤكدون أن طائرتهم ستكون هي المعيار الحقيقي للطائرة غير الملوثة للبيئة، لكونها ستستخدم وقود الهيدروجين بدلاً من الميثان أو الكيروسين، الذي سيؤمن لها خاصية التبريد لأجزاء من بدنها، ناهيك عن نظام التبريد الخاص بالمحرك، الذي يعتمد عليه في ذلك. ومن المعروف أن حرق غاز الهيدروجين لن ينتج عنه سوى بخار الماء ونسبة ضئيلة من أكسيد النيتروس، فلا وجود لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، كما هو في الطائرات الحالية وهذا ما شجع الاتحاد الأوروبي نحو دعم المشروع بقوة.
أسعار تذاكر تنافسية
على سبيل المقارنة من ناحية سعر التذكرة على طائرة العابرة القارية A2 وبين التذكرة على الطائرة التقليدية الحالية، يرى المحللون أن هناك فرصة كبيرة لرواج طائرة الركاب الأسرع من الصوت تلك، حيث أن سعر تذكرتها ستكون كسعر تذكرة درجة رجال الأعمال على شركات الطيران الحالية، التي بدأت في الرواج اخيراً وبالتالي سيكون معظم ركاب تلك الطائرة من مشتري تذاكر درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى الذين يشكل عامل الوقت أموالاً طائلة لهم. لهذا فان 300 مقعد هي سعة العابرة القارية ستكون مجزية من الناحية الاقتصادية لشركة الطيران التي ستقتنيها.
الحقيقة أن هذه الطائرة ان وجدت فلابد لها أن تسوق بشكل متقن وبطريقة مقنعة، لأن التاريخ أثبت مدى تحفظ قطاع النقل الجوي من ناحية المغامرة بشراء نموذج جديد غير مجرب، حتى لو كان متقناً وذو مردود مجز. وبعد مرور 60 عاماً على اختراق حاجز الصوت فإن الأمر يستحق المغامرة.
السرعة.. وما أدراك ما السرعة؟ انها عنصر تفوق من دون شك ومطلب ملح في هذا الزمن بالذات؛ ولأن الطيران اعتمد من قبل البشرية كقدرة فائقة على بلوغ أي موقع في الأرض بزمن يسير، بعد أن كان يأخذ فترة زمنية طويلة تتراوح ما بين أيام الى أشهر، فان عامل السرعة شكل أساس تطور هذه الخاصية. ومع ظهور الطائرة وبلوغها لسرعات أعلى في كل حقبة، شكل حاجر الصوت عائقاً نحو الوصول الى غايات أبعد، وبالتالي عندما تمكن الانسان من اختراق ذلك الحاجز انتقل العالم الى أبعاد لم تكن متوفرة ولا متاحة، وأصبح العامل الزمني أقصر وأكثر استثماراً. أما المستفيد الأكبر فهو القطاع العسكري للطيران، فيما ظل القطاع المدني والمتمثل بالنقل الجوي محصوراً بطائرة واحدة وهي الكونكورد سرعان ما اختفت من الساحة، وظل الطيران المدني دون ذلك الحاجز مرة أخرى نتيجة لاعتبارات اقتصادية بحتة وربما سياسية. واليوم ومع مرور 60 عاماً على اختراق حاجز الصوت، يطل مشروع طائرة النقل الجوي الفرط صوتية كبارقة أمل نحو اعادة النقل الجوي الأسرع من الصوت الى أبعد مما سبق. فما هي تلك الأبعاد؟
فيما ينعى العديد من عشاق وهواة الطيران طائرة الكونكورد الأنجلوفرنسية الصنع، التي كانت ايقونة في عالم الطيران وتحفة فنية لخلاصة التعاون التقني ما بين الصناعتين الجويتين البريطانية والفرنسية، والتي أثمرت بعد ذلك عن تحالف ضخم تمخض عنه ما بات يعرف «بالايرباص»، تتأهب تحالفات أوروبية أخرى لاطلاق مشروع طائرة العقد المقبل ذات السرعة الفرط (البالغة) صوتية للأمد الطويل والتي تأمل من خلالها أن تختصر زمن الرحلات الطويلة جداً من 19 ساعة الى 4 ساعات ونصف، أي من لندن الى سدني في أستراليا دون توقف وبسرعة عالية جداً تتراوح ما بين 5 الى 7 أضعاف سرعة الصوت (ماخ).
السرعة الفرط صوتية
تعرف السرعة الفرط صوتية على أنها سرعة يتجاوز بها الجسم أو الدفق الغازي أو أياً كان معدل 5 أضعاف حاجز الصوت أو 5 ماخ، أي أسرع من الصوت بخمسة مرات ( أكثر من 6 آلاف كلم/ساعة )، وهي سرعة رهيبة وعالية جداً ولها قوانينها الايروديناميكية الخاصة بها. وقد كانت فترة الخمسينات والستينات أوج الأبحاث الفرط صوتية والمركبات الاختبارية الجوية الخاصة بها، ولعل أشهرها كانت طائرة «X-15» التي بلغت سرعتها 7 أضعاف سرعة الصوت، ووصلت الى حافة الفضاء الخارجي.
المبادرة لم تأت من فراغ
منذ عدة عقود ومهندسو صناعة الطائرات يحاولون جاهدين نحو صنع طائرة فرط صوتية معدة للخدمة الفعلية، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك؛ وكانت جميع الطائرات التي تنتج معدة للاختبار فقط. لكن في الوقت نفسه أدت تلك الاختبارات الدور المرجو منها وصار لديهم قاعدة بيانات غنية عن السرعات الفرط صوتية، وهو ما تم الاستناد اليه في وضع التصاميم المستقبلية للمركبات الجوية الفرط صوتية. واليوم تمكن فريق من المهندسين البريطانيين مع دعم أوروبي عبر المفوضية الأوروبية من وضع تصميم لطائرة ركاب فرط صوتية قادرة على اختزال زمن الرحلات الجوية البالغة الطول الى أقل من النصف ولهذا ارتأيت أن أطلق عليها لقب «العابرة القارية» نسبة لقدرتها الفائقة على عبور القارات بسرعات هائلة.
السر بالقوة الدافعة
عندما قرر مصممو العابرة القارية، أو كما يرمز لها بالرمز A2، وضعوا في حسبانهم الأسباب التي أدت الى خروج طائرة الكونكورد، كي لا يتكرر السيناريو الدرامي نفسه لل A2 التي تتلخص بقصر مدى تحليق الكونكورد بسبب استهلاكها العالي للوقود. والثاني عدم كفاءة محركاتها الا على السرعات العالية بضعفي سرعة الصوت أو 2 ماخ، الأمر الذي انعكس سلباً على الطيران باقتصاره على السرعات التي تقل عن سرعة الصوت عند التقيد بالحظر المفروض على عدم اختراق حاجز الصوت فوق الأراضي والمدن. وبالتالي تم تلافي ذلك في العابرة القارية من خلال تزويدها بآخر ما توصلت اليه تكنولوجيا المحركات وهي المحرك المدمج، حيث يعمل المحرك بنظامي دفع شبه منفصلين، بمعنى آخر عند السرعات التحت صوتية ( 0.9 ماخ ) تراه يعمل بنمط المحركات النفاثة التوربينية التقليدية، كالتي تستخدم في دفع الطائرات الحالية؛ أما عندما يسمح لها بالطيران على السرعات الفرط صوتية، فانه يتحول الى نمط المحرك النافوري الانضغاطي RAMJET، وبالتالي تكون الطائرة محتفظة بكفاءتها العالية واقتصاديتها بكلا الحالتين وهو الأمر الذي لم تكن الكونكورد لتوفره.
طائرة المعايير البيئية
اذا كانت طائرات الايرباص العملاقة A380 والأحدث A350 الى جانب البوينغ 787 دريملاينر تلقب بطائرات المعايير البيئية من ناحية قلة الملوثات، فان مصممو A2 يؤكدون أن طائرتهم ستكون هي المعيار الحقيقي للطائرة غير الملوثة للبيئة، لكونها ستستخدم وقود الهيدروجين بدلاً من الميثان أو الكيروسين، الذي سيؤمن لها خاصية التبريد لأجزاء من بدنها، ناهيك عن نظام التبريد الخاص بالمحرك، الذي يعتمد عليه في ذلك. ومن المعروف أن حرق غاز الهيدروجين لن ينتج عنه سوى بخار الماء ونسبة ضئيلة من أكسيد النيتروس، فلا وجود لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، كما هو في الطائرات الحالية وهذا ما شجع الاتحاد الأوروبي نحو دعم المشروع بقوة.
أسعار تذاكر تنافسية
على سبيل المقارنة من ناحية سعر التذكرة على طائرة العابرة القارية A2 وبين التذكرة على الطائرة التقليدية الحالية، يرى المحللون أن هناك فرصة كبيرة لرواج طائرة الركاب الأسرع من الصوت تلك، حيث أن سعر تذكرتها ستكون كسعر تذكرة درجة رجال الأعمال على شركات الطيران الحالية، التي بدأت في الرواج اخيراً وبالتالي سيكون معظم ركاب تلك الطائرة من مشتري تذاكر درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى الذين يشكل عامل الوقت أموالاً طائلة لهم. لهذا فان 300 مقعد هي سعة العابرة القارية ستكون مجزية من الناحية الاقتصادية لشركة الطيران التي ستقتنيها.
الحقيقة أن هذه الطائرة ان وجدت فلابد لها أن تسوق بشكل متقن وبطريقة مقنعة، لأن التاريخ أثبت مدى تحفظ قطاع النقل الجوي من ناحية المغامرة بشراء نموذج جديد غير مجرب، حتى لو كان متقناً وذو مردود مجز. وبعد مرور 60 عاماً على اختراق حاجز الصوت فإن الأمر يستحق المغامرة.
منقول
تعليق