قصة حقيقية لشخص أعرفه
سمح لي بأن أرويها لكم :
كنت في ضيعة جميلة بعيدة عن الحضارة المدنية
لا أسلاك كهرباء ولا أبراج إتصالات ولا طرق مواصلات لكن ...
كنت فيها بمثابة الملك غير أن صغر سني جعلني تحت الوصاية
وجميع من حولي يخدمونني بكل إخلاص وتفاني
ولدت هناك وعشت هناك ولعبت وأكلت وشربت هناك ....
وفي ليلة ظلماء سمعت صراخآ يتلوه صراخ و بصوت عال جدآ
صوت رهيب أشبه ما يكون بالموت المفجع القادم
لا أعلم صاحب الصوت ولا أدري ما الذي يحصل
فقدت الوعي غبت عن الدنيا وأحسست كأن أحد يعصرني
وأحسست ببعض الأيدي تمتد إلى جسمي غير أني لا أدري
وبعد أن ذهب عني ما أغمني و سكنت الأصوات من حولي
علمت أنني كنت ضحية عملية إختطاف ........
ووجدت نفسي في غرفة ضيقة
وأنا عاري تمامآ إلا من خرقة قماش تسترني
حاولت أن أخلص نفسي لعلي أهرب
لكن وجدتهم شدوا وثاقي وسلمت أمري للذي
فطرني سبحانه
ونظرت حولي فإذا كل من حولي مثلي مختطفون وموثوقون
علمت حين إذن أني كنت ضحية عملية مدبرة ومدروسة ومنظمة
وكانت تدخل علينا بعض النساء معهم بعض الطعام
ففكرت أن أضرب عن الطعام لعلهم يخشون على صحتي فيطلقوا سراحي
ولكنهم أدخلوا الطعام في فمي بأيديهم بالقوة فتارة أخرجه وتارة أبلعه
حتى إستسلمت للأمر الواقع ..............
تمنيت أن يحدثني أحد منهم لماذا إختطفوني ؟
وماذا يريدون مني ؟ وماذا فعلو بمن تركتهم بعدي ؟
لكن لا مجيب ........ فألتفت لمن هم حولي وهم مثلي مختطفون
فإذا بهم جميعآ قد أشغلتهم همومهم عني فمنهم من يصرخ ...
ومنهم من أعياه الصراخ فغاب عن الوعي ....
و كل منا يفكر في مصيبته .....
وبعد يومين أخرجوني من هذه الغرفة إلى غرفة أخرى
كنت فيها بمفردي لا أحد يكلمني ولا أعلم ماذا حدث لي ؟
مرت علي الثواني كالسنين وقت رهيب ومستقبل مظلم
وبعد لحظات فتح باب الغرفة فإذا هم يحملون إمرأة قد أنهكها التعب
و أسقطوها على سرير بجانبي
فنظرة إليها فإذا هي شاحبة الوجه مصفرة اللون
لكنها بمجرد أن رأتني تبسمة في وجهي ثم غابت عن الوعي
فعلمت أني ميت لا محاله فمن لا يرحم هذه المرأة الضعيفة
فهل تأخذه رأفت بحالي ؟؟
أغلقوا باب الغرفة علينا أنا وهذه المرأة .......
وبقيت أعد أنفاسي وأنظر إليها فأحزن لحالي وأحزن لحالها
وبعد ساعات فتح الباب فإذا بالنساء معهم طعام لنا
لكنهم كانوا لطيفين هذه المرة فلقد وضعوا الطعام
بجانبي وبجانبها وخرجوا وأغلقوا الباب .....
فكرة مليآ لكن مافعلوه لم يدع لي لحظة للتفائل
أني وضعي مزري لا يوجد ما أستر به نفسي
غير خرقة من قماش تركوها لي ........
مرة ساعات ثم إستيقظت المرأة و نظرة إلى طعامها
ثم نظرة إلي وحدثتي بلغة لا أفهمها !!
لم أتعرف على هذه اللغة ولا عن جنسية هذه المرأة
المهم مازالت هذه المرأة تخاطبني وأنا أنظر إليها بإستغراب
يا ترى ماذا تريد هذه المسكينة ؟ وعن ماذا تشتكي لي ؟
ماذا فعل المجرمون بها ؟؟ وما هي قصتها ؟؟
وما زلت في أسئلتي حتى فاجئتني بأن فكت وثاقي
ففرحت بذلك كثيرآ لكن سرعان ما تفاجئت أني
لا أستطيع الحراك أبدآ بسبب ما فعلوه بي غير
بعض الحركات البسيطة التي لا تذكر
فأظلمت الدنيا في وجهي وفقدت طعم الحياة
فأصبحت الحياة والموت عندي سيان .......
فلما رأت هذه المرأة حالي دمعت عيناها لمصيبتي
وضمتني لها وبدون أن أفكر أو أشعر رميت نفسي عليها
وبكيت وبكيت حتى جفت الدمعة من عيني
وليتني بكيت دمآ فماذا بقي لي أعيش لأجله
لقد أصبحت نكرة في مجتمع مجهول لا عزة لي
ولا كرامة ..... ولا نسب ولا حسب .....
و لا لباس يواري سوئتي ..... ولا شيء أبدآ
ونظرت إلى المرأة وقد أرجعتني إلى سريري
وهي تبكي لبكائي وتتألم لألمي فخففت عني
مثقال ذرة من جبال ثقال من الحزن والأسى
لكنها أخذت طعامي و وضعت في فمي
وأنا لاأستطيع الحراك فشكرتها بدموعي
التي أصبحت هي لغتي الوحيدة في هذه الدنيا
و عجبت لهذه المرأة لقد كانت كريمة وحنونة
على مافيها من تعب ومرض لكنها قدمت إطعامي
على إطعامها لنفسها وتعاطفت معي ولعل قصتها
أشد سوءآ من قصتي عندها بدأت الحياة تعود لي
وكأن الله قد بعث هذه المرأة لتساعدني في محنتي
ولكن اللغة مازالت عائق كبيرآ بيننا .....
غير أن إنسانيتها وعطفها علي أنساني بعض أحزاني
فأصبحت هي التي تطعمني وهي التي تحركني
وفاجئتي بأن أحضر ملابس لي لا أدري من أين؟ أو كيف؟
بدأت أرى الحياة في نظراتها والخير في لمساتها
لقد أحسنت لي أيما إحسان وأغرقتني بعطفها وحنانها
ولقد تحسنت صحتي بسببها ولكني مازلت قليل الحراك
وبعد يومين من النعيم معها جاء رجل عظيم الجسم
ودخل عليها و أنا نائم فلم أشعرهم بي .....
وتكلموا بلغة لا أفهمها فأيقنت أني في بلد غير
بلدي ولكن كيف أخرجوني ؟؟ وإلى أي بلد
إختطفوني ؟؟
وإذا بالرجل يبتسم في وجه هذه المرأة وكأنه يوعدها خيرآ
ففرحة هي أيما فرح وأصبح الإثنان ينظرون إلي ويتهامسون
وأحسست أنهم يخططون على أمر ما .......
لكن خشيت أن يفقدني هذا الرجل الشيء الوحيد الذي
أصبحت أعيش لأجله أتعرفون ما هو ؟؟
إنه هذه المرأة ...... عندها أدركت أني أحببتها !!!
لكني لم أعرف حقيقة هذا الشعور علاوة على إسمه
فقد كنت صغيرآ على هذا الحب العظيم
ولكنها لم تدع لي بدآ من حبها
فلقد أحسنت لي يوم أساء الأخرون
و أطعمتني يوم تخلى عني الأقربون
وألبستني يوم عراني المجرمون
وعطفت علي يوم ظلمني الظالمون
وضمتني إليها يوم طردتني الدنيا بأكملها
لقد عرفتها لأيام لكن قنبلة نووية من الحب تفجرت بيننا
فخشيت أن أفقد هذا كله وأعود للحرمان والغد المفجع
فكأنها أحست بي و بخوفي من زيارة هذا الرجل
فأصبحت تتودد لي أكثر و تحن علي أكثر
وتحادثني وتظن أني أفهمها وأنا لست أفهمها
ولكني أحبها ..............
وهي تحرك يدها وتشير على الباب و لا أعلم ماذا تقصد !!!
وبعد ساعات عاد الرجل الضخم ثانية ولكن هذه المرة
لكي يأخذ المرأة ويبعدها عني فبدأت بالصراخ والبكاء
فلعله يرحمني بها ...............
فإذا به يحملني و يأخذنا معآ خارج الغرفة في نفق طويل
كريه المنظر به من المجرمون مالله به عليم
وكأنه يعرفهم وكأنهم يعرفوه وأنا ليس همي إلا
أن لا يفرقوا بيننا ............
ثم خرجنا إلى مكان أجهله وإذا بعيني تدمعان
من غرابة ضوء الشمس عليهما و مازلنا نذهب
لكني لا أفهم ما أراه فأول مرة أدخل المدينة
فكنت أنظر إلى الأشياء ولا أعلم أسمائها
وأرى العجب في كل مكان في البناء واللباس
وكثرت الناس وغيرها .............
أصابني الدوار وغبت عن الوعي وغبت عن الدنيا
وبمجرد ما إستيقظت صرخت خوفآ .....
أين المرأة .................
ولحظات فإذا هي قادمة مسرعة لي تهدئني
وتطمئنني أنها لا زالت بجانبي
وأعدكم بإكمال القصة لاحقآ بإذن الله
أخوكم أبو معاذ
تعليق