:: Flying Way :: - أحدث نسور "طيران الإمارات"

شباب الوطن ... مبارك المهيري: المواقف الصعبة تصنع طياراً خبيراً

https://www.geocities.com/mohamant/s-2.jpg

لم يغره الزي المميز ولا المرتب الضخم أو حتى المكانة الاجتماعية المرموقة للطيار، وإنما جذبته الرغبة في أن يرى العالم بكل تفاصيله ويقهر خوفه الطبيعي من الطيران، فأصبح طياراً وهو في الحادية والعشرين من عمره، إنه مبارك علي المهيري أحد نسور “طيران الإمارات” تحت التدريب الذي التقته “الخليج” في هذا الحوار.

حوار: أحمد شلبي

في البداية سألناه عن حكايته مع “الطيران” وكيف دخل هذا العالم الممتع؟
البداية مع الطيران لم تبدأ مع دخولي إلى اختبارات الترشح للبرنامج التدريبي ولكنها أسبق من ذلك بكثير حيث كنت طفلاً تدهشه وتخيفه الطائرة بكل ما تحمل من تفاصيل مجهولة بالنسبة لي في هذه السن، بل كنت اعتبر الطيار انساناً خارقاً للعادة فهو وحده يستطيع ان يحرك هذا الجسم الضخم المعروف بالطائرة ليحلق في الهواء، وهو وحده ايضاً الذي يملك القدرة على الهبوط به في المكان الذي يختار، لم أكن في تلك الفترة مستوعباً لتفاصيل أخرى كثيرة عن عالم الطيران، وامتد شغفي بالطيار والطائرة فكنت أتابع دون قصد ما يعرض في التلفزيون وما يكتب عن هذا العالم السحري، لذا لم أجد مشقة في الاختيار بعد الثانوية العامة، ولم يعجزني المجهود الضخم المطلوب ليصبح الانسان طياراً.

ألم تغرك الامتيازات الأخرى للطيار؟
بالطبع هي مهمة وحيوية ويفكر فيها أي شاب يتقدم لهذه المهنة، ولكنها إذا ظلت وحدها هي الشغل الشاغل للشاب فمن الصعب أن ينجح أو يتفوق في هذا العمل الذي يستلزم الكثير من الصبر والعلم ويمكن أن أضيف إلى هذه المغريات أني أبحث عن ذاتي لأحققها داخل هذا الزي، كما يلزمني أن أعالج عدم معرفتي بهذا العالم الذي يجري تحديثه كل يوم.

هل ترى في الطيران موهبة أم مجرد تدريب؟
التدريب والدورات المكثفة شيء مهم وحيوي جداً ولكن تلزم الموهبة لاشك فإن كان التدريب مهماً للحصول على رخصة لقيادة السيارة تجد أعداداً ضخمة يحصلون عليها ولكن الموهبة في القيادة تخلق بطلاً للسباقات مثلاً، والشيء نفسه ينطبق على الطائرة لذا فإن الاختبارات التي تتم قبل الاختبار بها جانب كبير من الأسئلة للتعرف إلى موهبة المتقدم وقدراته الذهنية والمعلوماتية، وبالفعل لا يتخطى هذه الاختبارات إلا من لديه الحد الأدنى من الموهبة في عالم الطيران.

ماذا عن النظام التدريبي داخل طيران الإمارات؟
البرنامج مُجهد للغاية ويتطلب قدراً كبيراً من المثابرة خصوصاً في الجزء النظري منه الذي يطلب من الدارس أن يعرف الكثير من المعلومات عن اللغة وعلوم الطيران والرياضيات والطبيعة وغيرها من البرامج التدريبية ولا يكفي المعرفة فقط بل إن الاستفادة منها وتوظيفها يعد الأهم بل هو ما يُسأل عنه الطالب عادة ويقيم على أساسه، وأعتقد بعد اجتياز هذه المرحلة أنها كانت ضرورية للغاية بل ويسَّرت كل ما بعدها على كل المتدربين.

ما الخبرات الواجب اكتسابها خلال التدريب؟
الخبرات العلمية مهمة للغاية ولكن خبرة الطيران لها أولوياتها خاصة بالنسبة لي في هذه المرحلة فلا بد لكل طيار من التحليق لمدة لا تقل عن 200 ساعة طيران، وهو في هذه الحالة يشارك كابتن الطائرة ويكون مساعداً له، ومن خلال هذه العلاقة يكتسب الخبرة من كل المواقف التي تقع خلال الرحلة كما أن التدريب على الجهاز التشبيهي (السميوليتر) يكون مفيداً للغاية حيث يوضع الطيار من خلال برمجة الجهاز في أصعب الظروف والمشكلات التي يمكن ان تواجهه وهو في هذه الحالة يملك فقط اختيار القرار الأصوب للنجاح ومن خلاله إما يعمل الطيار المساعد على البوينج 777 أو إيرباص 330 ايه.

كنت ضمن آخر الدفعات تخرجاً ما خططكم للمستقبل؟
كنت ضمن 23 خريجاً انضممنا جميعاً إلى أسطول طيران الإمارات على طائرات البوينج والايرباص بوظيفة “طيار مساعد”.
وهي فرصة لكل منا أن يظهر قدراته التي اكتسبها أثناء فترة الدراسة الطويلة، كما لا ننسى توجيهات اساتذتنا من الخبراء أن الهدف الرئيسي وراء ذلك هو توطين الكادر المواطن في تلك الوظائف الراقية، لذا علينا أن نبذل مجهوداً ضخماً للوصول إلى أرقى المستويات العالمية خصوصاً وأن طيران الإمارات تتواصل مع الأحدث والأفضل على مستوى التقنيات والتدريب في كل مجالات العمل في قطاع الطيران.

أيهما تفضل البوينج أم الإيرباص؟
لكل منهما مميزاتها الضخمة والكثيرة، وفي اسطول “طيران الإمارات” يوجد حرص على وجود أحدث إنتاج للشركتين ولعل أساليب الأمان الهاجس الأكبر لكلا الشركتين، ولكن كل منهما تفعل ذلك بطريقتها الخاصة.
فبالنسبة للإيرباص فإن غرفة القيادة مصممة بحيث لا تقبل الطائرة الانصياع إلى أوامر بشرية أي من الطيار ومساعدته تعتقد من خلال برمجتها أنها خاطئة، وتفضل اتخاذ قرار من وحي برمجتها فيما يعرف بالطيار الآلي، ولذا من خبرتي المتواضعة أعتقد أن الايرباص بهذه التكنولوجيا لا تمنح الطيار فرصة كاملة للإبداع فكل شيء محسوب بعكس البوينج التي بها نسبة عالية للأمان وتسمح للطيار بالإبداع مع العلم أن الطيار الناجح هو الذي يتحول كل جسم الطائرة إلى جزء منه ويحافظ عليه فهذا ما تعلمناه.

ولكن ألست معي أن معظم حوادث الطيران ترجع للأخطاء البشرية؟
هذا صحيح وهنا تأتي أهمية التدريب خصوصاً على الجهاز التشبيهي حيث يوجد لديه كافة التجارب والخبرات التي تؤهله لاتخاذ القرار السليم في وقت قياسي.

الأحوال الجوية تعد عدواً للطيار خصوصاً في الظروف غير المواتية، ما مدى صحة ذلك؟
أولاً عملية الطيران لا تعتمد فقط على الطيار، وإنما هناك كوادر أخرى كثيرة على الأرض تسهم في أن تتم عملية الطيران في أمان، وهذا لا يمنع أن الأحوال الجوية في بعض الأحيان تعرقل عملية الطيران وتجعلها صعبة وتدربنا على مواجهة لكل هذه المواقف بشكل جيد، حيث يوجد العديد من الخيارات في مثل هذه الحالة للتغلب على المشكلة.

هل يملك الطيران المدني قدرة على المناورة؟
هي قدرة بسيطة جداً بالمقارنة بالطيران الحربي مثلاً، وذلك ليس لضعف امكانات الطيار المدني وإنما للغرض من عملية الطيران، فالطيار المدني مهمته الأساسية النقل والوصول إلى هدفه بأمان، لذا فحجم الطائرة كبير جداً، كما أن معه عدداً كبيراً من البشر تكون مسؤوليته الأساسية حماية أرواحهم، أما الطيار العسكري فالوضع مختلف بالنسبة لحجم الطائرة وهدفها من عملية الاقلاع والعدد القليل جداً الذي يستقلها، وإمكانات الطائرة المقاتلة.

هل تتدربون على فنون السلوك والحوار؟
تعلمنا أن الطيار ليس مجرد شخص يجلس في غرفة القيادة ويدير الأجهزة فقط رغم أهمية ذلك، ولكنه قائد بكل معنى الكلمة لكل الطاقم ومن تقلهم الطائرة بمعنى أنه فاعل ومتفاعل مع من حوله وكل ما يطرأ من أمور أثناء الرحلة منذ الدخول إلى الطائرة وحتى مغادرتها، لذا عليه أن يكون مؤهلاً بشكل جيد لإدارة حوار وتهدئة الركاب في ظل أي ظروف طارئة وهذا يكتسب بالخبرة والممارسة.
و”طيران الإمارات” مدرسة عالمية في هذا الشأن حيث يحس كل من يتعامل معنا مهما كانت لغته أو جنسيته أننا أهل وأنه مرحب به دائماً، وهناك نقطة اخرى لا يمكن اغفالها وهو الذي يفرض على الطيار مراعاة كافة قواعد الأخلاق والسلوك القويم احتراماً لهذا الزي لأنه في أي مكان يمثل مؤسسته ويعد سفيراً لها.

هل يملك الطيار المساعد سلطة اصدار القرار؟
من خلال مكانه إلى جوار قائد الطائرة لديه مهام معينة عليه القيام بها، كما أن له دوراً إذا تشاور معه قائد الطائرة في مشكلة، واتخاذ القرار يجب أن يكون سريعاً وحاسماً ولا مجال للخطأ، وقد حدث عام 1977 أن اصطدمت طائرتا بان أمريكان وحجث وراح ضحية ذلك 583 فرداً لأن القائد لم يستمع لنصيحة المساعد، كما يمكن للطيار المساعد القيام بأي مهام يكلفه بها كابتن الطائرة خلال الرحلة.

ما المطارات التي تفضلها؟
بعد دبي يأتي مطار أولين باستراليا فقد تدربنا هناك لمدة سنة وأصبحنا نعرفه جيداً كما أنه يدار بطريقة رائعة تجعل الهبوط والأقلاع أكثر أماناً، وهذا شأن معظم مطارات العالم الآن التي تهبط بها طائرات “طيران الإمارات”.

هل مهنة الطيار شاقة؟
أي مهنة لها صعوباتها، ومهنة الطيار ممتعة خصوصاً إذا كانت نابعة عن رغبة وهواية رغم ما يكتنفها من مشاعر متباينة كل يوم، وأصعب ما فيها جسامة المسؤولية عن أرواح البشر.