:: Flying Way :: - مقاه تحولت إلى معالم سياحية في أميركا

في «ستارباك».. تشرب وتأكل وتقرأ وتطرب وتسبح في الشبكة

https://www.asharqalawsat.com/2007/03...vel.411458.jpg

طلحة جبريل
وقوقفت الحافلة الفاخرة التي تقل عدداً من السياح الالمان امام مقهى «ستارباك» في مدينة فيرفاكس العتيقة. هذه المدينة الصغيرة الانيقة التي تشبه بلدات الريف الاسكوتلندي هي عاصمة مقاطعة فيرفاكس، واحدة من أغنى المقاطعات في ولاية فرجينيا بل وعلى الصعيد الاميركي.
تناول السياح وجبة الغداء في مطعم «اولد كنتري بوفيه» الذي يقدم الأكل على طريقة البوفيه الاميركي. تدفع مبلغاً في الغالب لا يتجاوز عشرة دولارات، ثم تسرح وتمرح مع ما لذ وطاب من المشهيات والوجبات الساخنة المتنوعة والحلويات والمشروبات الباردة والساخنة. جاء السياح الالمان للمقهى للتعرف على ظاهرة اصبحت معلمة من المعالم السياحية في المدن الاميركية. لم تعد سلسلة «ستارباك» هي مجرد مقاه تقدم قهوة ستارباك الشهيرة، بل أضحت «فضاء سياحياً واجتماعياً.. بل وحتى ثقافياً». تقف شابتان أنيقتان، وهما طالبتان تعملان في المقهى لتغطية مصاريفهما الشخصية، خلف صندوق الأداء. قبل ان تصل الى احداهما وتحييك بابتسامة، تسألك فتاة ثالثة تقف خلف ماكينة القهوة بالاسلوب الاميركي: ماذا يمكنني أن اقدم لك اليوم؟ سؤال في منتهى الرقة. أليس كذلك؟

اذا كنت من الذين يعرفون «لغة» مقاهي «ستارباك» ستقول بثقة: «غراندي كوفي». اي قهوة من الحجم المتوسط. في حين القهوة من الحجم الصغير هي «توول كوفي». وهناك لفظة خاصة للقهوة من الحجم الكبير.. نسيتها.

ثم تقف في الصف الى ان يأتي دورك امام فتاة الصندوق المبتسمة دوما. في جميع مقاهي «ستارباك»، توجد صفوف في الصباح الباكر وحتى حدود العاشرة. ثم صفوف أخرى في عطلات نهاية الاسبوع. هذه ايضاَ ظاهرة اميركية. تقف في« الطابور» من أجل قهوة. (ستارباك تبيع جميع مشروباتها الساخنة والباردة في كاسات من الورق الابيض المقوى عليها شعار السلسلة باللون الاخضر مع عبارات واقوال منتقاة).

تسألك الفتاة: كيف حالك اليوم؟ وهذا ايضاً سؤال على الطريقة الاميركية، ولا يعني بحال من الاحوال انها مهتمة بحالك الى ذلك الحد الذي توهمته شخصياً في ايام اميركا الاولى. وبعد ان تسدد لها قيمة ثمن كأس القهوة، تعود لسؤالك: هل تريد شيئا آخر؟ ولان فضولي عارم لم آبه كثيراً للطابور خلفي بل سألتها السؤال الذي يدل طرحه في اميركا على انك شخص «نزق» او قليل الذوق. قلت لها كم تتقاضين؟. أجابت بامتعاض: عشرة دولارات في الساعة.

هناك ثلاثة طرق لأداء ثمن كأس القهوة. اما ان تدفع عبر بطاقات القروض كما يفعل معظم الاميركيين، حتى لو كان المبلغ زهيداً، حيث يتراوح سعر كأس القهوة ما بين 1.6 الى 1.9 دولار، او نقداً اذا لم ترض بعد عليك البنوك وشركات القروض. او يمكنك ان تؤدي ببطاقة «ستارباك» وهي بطاقة يمكن تعبئتها لتصبح بطاقة أداء في اي مقهى من مقاهي «ستارباك» حيث تضع فيها المبلغ الذي تريد.

بعد ان يقدم لك كأس القهوة، توجد طاولتان في ركنين توضع عليهما جميع نواع الحليب والسكر والعسل لتضيف ما تشاء الى كأسك بعد ذلك هناك اربعة افتراضات.

تجلس وتقرأ الصحيفة. سلسلة مقاهي «ستارباك» تقدم في جميع انحاء الولايات المتحدة صحيفة «نيويورك تايمز» على وجه التحديد. وفي هذا السياق يقول رئيس المجموعة هوارد شولتز اخترناها لانها «تجعلك تشعر بانها على حق».

او ان تعمل على هاتفك الجوال كما يفعل كثير من السياح او اولئك الذين ينتقلون من مدينة الى اخرى لان مقاهي «ستارباك» مرتبطة بشبكة انترنت قوية يبلغ الاشتراك فيها حوالي 30 دولاراً في الشهر. ويفضل كثيرون ان يعملوا في هذه المقاهي على أجهزتهم. ان تستمع للموسيقى سواء الموسيقى التي تبث داخل المقهى او من أجهزة «آي بود» التي تنتشر مثل الفِطر في اميركا، ويكاد يحملها جميع الناس.

أما الخيار الرابع هو ان تجلس في مكانك وتتأمل زبائن المقهى.

ولا تقتصر «ستارباك» على المشروبات الساخنة والباردة، بل هناك ايضاَ الساندوتشات الساخنة والباردة لوجبتي الافطار والغداء. وتقول آخر الاحصاءات إن أي مقهى من مقاهي «ستارباك» في كل من نيويورك وشيكاغو زادت ارقام معاملاته شهرياً بحوالي 35 الف دولار، بعد ادخال الساندوتشات.

تبيع مقاهي «ستارباك» كل انواع القهوة، من الكابتشينو الايطالية الى الاكسبريسو الفرنسية وحتى البن الحبشي واليمني. ثم الشاي والمثلجات والكريمات. والقهوة المعبأة في أحجام مختلفة. والساندوتشات وبعض الاواني والكاسات التي تحمل شعارات «ستارباك»، والاقراص المدمجة (سي دي) لافضل الاغاني، وكذلك نسخ من كتاب ما يختلف عنوانه من مقهى الى آخر...ثم «نيويورك تايمز».

رائحة مقاهي «ستارباك» خليط من روائح القهوة والساندوتشات والخبز الساخن. واحياناً عطور الصبايا.

كان الدليل الذي يرافق السياح الالمان يشرح لهم كيف ان مقاهي «ستارباك» تحولت الى جزء من «الثقافة الاميركية». وكيف ان مختلف الشرائح الاجتماعية والصغار والكبار يأتون الى المقهى. كان السياح يصغون بانتباه شديد لحديث الدليل السياحي. لكن فئة قليلة جداً طلبت قهوة. الالمان يحتسون في العادة مشروبات اخرى. القهوة ليست من بينها. الفتيات اللائي يعملن في المقهى لم يفهمن كيف ان هذا «الحشد» من الزبائن لم يطلب شيئاً. مقاهي «ستارباك» خرجت من اميركا وانتشرت في جميع انحاء العالم. من الصين الى البرازيل. بيد انها هنا.. مقهى ومعلم سياحي.