:: Flying Way :: - أضخم الطائرات وأحدث التكنولوجيات الجوية في معرض باريس للطيران

أضخم الطائرات وأحدث التكنولوجيات الجوية في معرض باريس للطيران

إعداد - عدنان عضيمة:
https://www.9o9i.com/uploads/799b7aa8a4.jpg
بالرغم من أن معرض باريس للطيران الذي ينظم كل سنتين في ضاحية لوبورجيه شمالي العاصمة الفرنسية، يعد أضخم معرض جوي في العالم، إلا أن دورته السابعة والأربعين التي تفتتح اليوم هي الأضخم في تاريخه على الإطلاق، حيث تشهد هذه الدورة كما في الدورات السابقة، جولة جديدة من الصراع على الأسواق بين شركتي بوينج الأميركية وإيرباص الأوروبية·
وخلافاً لما حدث في الدورة السابقة التي نظمت عام ،2005 والتي تألقت فيها شركة إيرباص بشكل واضح عندما راحت تعرض بافتخار شديد ضخامة ومزايا طائرتها الجمبو جيت العملاقة A083، إلا أن الخبراء يؤكدون أنها ستواجه هذه المرة منافسة ضارية من غريمتها اللدود بوينج التي ستعرض برنامجها الجريء لصناعة الطائرة المتطورة ''بوينج 787 دريملاينر''·

ويعبّر بيير بوشيني المحلل الاقتصادي في مؤسسة كيبلر إكويتيز التي يوجد مقرها في باريس عن أهمية هذه الدورة بقوله ''يأتي معرض باريس للطيران هذه المرة في واحدة من الفترات المتميزة التي تمر بها صناعة النقل الجوي وحيث يزداد الطلب على الطائرات مدفوعاً بارتفاع معدل النمو الاقتصادي العالمي، ولا شك أن هذا الوضع سوف يساعد إيرباص على استعادة قدرتها على منافسة بوينج''·
وبعد أن عانت العديد من شركات الخطوط الجوية العالمية من الخسائر خلال السنتين الماضيتين بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وأكدت توقعات صادرة عن الرابطة العالمية للنقل الجوي ''إياتا'' أن الصناعة العالمية للنقل الجوي سوف تسجل هذا العام أرباحاً متواضعة تقدر بنحو 5 مليارات دولار بالرغم من بقاء أسعار الوقود على وتيرتها المرتفعة·
ويذكر أن شركات الخطوط الجوية المسجلة في الرابطة والتي يبلغ عددها 250 شركة عالمية تستأثر بنحو 94% من هذه الصناعة، وقال شارل إديلستين رئيس المجموعة الفرنسية للصناعة الجوية خلال مؤتمر صحفي شرح فيه أهمية هذه الدورة من معرض باريس: يأتي نجاح معرض لوبورجيه من أنه يعكس الحال الذي توجد عليه الصناعة العالمية للنقل الجوي·
ويتوقع المراقبون أن يحتدم الصراع بين بوينج وإيرباص للفوز بأكبر طلبيات الطائرات العملاقة الجديدة، خاصة وأن معظم شركات الخطوط الجوية العالمية تنتهز فرصة هذا المعرض لتختار الطائرات التي تتفق مع مشاريعها الاستثمارية المقبلة، وفي دورة عام 2005 من معرض لوبورجيه فازت شركة إيرباص بعقود بيع بلغت قيمتها الإجمالية 33,5 مليار دولار، وهي تمثل أكثر من ضعف قيمة الطلبيات التي فازت بها شركة بوينج خلال الدورة ذاتها من المعرض والتي بلغت 15 مليار دولار فقط، وقال المحلل الفرنسي كريستوف كارانت ''منذ نهاية الدورة السابقة للمعرض، تمكنت بوينج من تسجيل عودتها القوية لهذا السباق''·
ولا يشك الخبراء في أن العامين الماضيين شهدا تغيرات كبيرة في مواقع وحظوظ كل من الشركتين المتنافستين، وقد أعلنت بوينج عن تحقيق أعلى مستوى مبيعات في عام ،2006 وتمكنت من الفوز بطلبيات تفوق تلك التي فازت بها إيرباص لأول مرة منذ عام 2000 بعد أن قدمت طائرتها المثيرة الجديدة ''إيرباص 787 دريملاينر''، وكان من بين العوامل الإيجابية التي جاءت لصالح بوينج أنها تمكنت من معالجة فضائحها المالية التي أدت إلى إقالة اثنين من كبار المدراء التنفيذيين وتم إيداع اثنين آخرين في السجن·

عصر جديد من الرفاهية

تراهن شركة بوينج على طائرتها ''787 دريملاينر'' ذات الحجم المتوسط التي تمثل ثورة جديدة تماماً في عالم الطيران التجاري· وهذه الطائرة المتميزة وليدة برامج كاملة من البحوث الميدانية والمخبرية أطلقتها الشركة الأميركية قبل عدة سنوات في إطار الإعداد لاستراتيجية جديدة تهدف إلى التفوق على شركة إيرباص في الأسواق العالمية للطيران التجاري·
وتقول مصادر بوينج أن ''دريملاينر'' التي لم يتم تسليم أي منها إلى الزبائن حتى الآن، ستكون الطائرة التجارية الأكثر مبيعاً في تاريخ صناعة الطيران التجاري على الإطلاق· وحتى الآن، تسلمت الشركة طلبيات لشرائها تفوق بكثير ما كانت تنتظره أو تطمح إليه بالرغم من أن سعر الطائرة الواحدة يقدر بنحو 153 مليون دولار· وتضم مقصورة الطائرة 2400 قدم مربع (240 متراً مربعاً) من المساحات الداخلية الخاصة بالترفيه مثل صالات التسلية والمقاهي وغرفة الكومبيوتر والإنترنت وقاعة السينما والمطاعم وغيرها من وسائل الترفيه التي تقتحم عالم الطائرات التجارية للمرة الأولى·
ويعجّ النفق الداخلي للركاب فيها بالتصاميم البنائية الهندسية المتميزة مثل السقوف المقببة المضاءة بأحدث الأساليب ووفق دراسات تعتمد على أسس علم النفس البشري، والسلالم اللولبية للانتقال من طابق إلى آخر·· ويذكر أن عشرات المهندسين المعماريين والتشكيليين والمتخصصين حتى بتصميم الأزياء شاركوا في نقل هذه الطائرة من عالم الخيال إلى واقع عملي·
ولا يقتصر أمر التطور الذي أتت به ''بوينج 787 دريملاينر'' على تصميمها الهندسي، بل أعدّت الشركة أيضاً أنظمة وأساليب جديدة تماماً لخدمة ورفاهية الركاب، وفيما تحاول شركة إيرباص الأوروبية إعادة تلميع صورتها بعد التأخير المسجل في تسليم طائرتها العملاقة ''إيه ''380 التي توصف بأنها أضخم طائرة ركاب في التاريخ، فإن ''بوينج'' تطلق الآن حملة إعلامية واسعة للترويج لـ''دريملاينر'' الأشبه بقصر طائر والتي كانت تحمل الاسم المؤقت ،77 وهي تصنف في فئة الطائرات المتوسطة التي تتسع لما بين 200 و350 راكباً وفقاً لطريقة توزيع المقاعد في نفق الركاب، ومن المقرر إطلاقها رسمياً للخدمة في بداية عام ·2008ويقول خبراء بوينج أن ''787 دريملاينر'' تتميز بكفاءتها العالية في حرق الوقود ''الكيروسين''، مما يسمح بتخفيض تكاليف تشغيلها وإنقاص معدل الغازات الضارة بالبيئة المنبعثة من محركاتها الأربعة· وهي أيضاً أول طائرة تجارية تستخدم مادة ''الكومبوزيت'' الخفيفة في تركيب أعمدة وصفائح هيكلها· وتم تصميم هيكلها الخارجي وفقاً لأحدث البحوث والتقنيات المتعلقة بعلوم الديناميكا الهوائية وبحيث تحتكم إلى قدرة عالية على اختراق الهواء بأقل مقاومة ممكنة·
حل بديل
وكانت لشركة بوينج مبرراتها التجارية لبناء هذه الطائرة الجديدة من أهمها ما صادفته طائرتها ''''767 من تراجع مبيعاتها في أسواق النقل الجوي بسبب المنافسة الشديدة التي واجهتها من طائرة إيرباص ''إيه 330-''200 في أواخر عقد التسعينات· ومنذ ذلك الوقت انكبّ خبراؤها على تصميم طائرة بديلة أكثر تطوراً· وفي تلك الأوقات، كانت الطائرة العملاقة ''بوينج 747-''400 قد بدأت بدورها تواجه مشكلة تراجع الطلب عليها مما دفع الشركة إلى تصميم طائرتين بديلتين لها أطلق على إحداهما ''سونيك كرويزر''، وكان من المفترض أن تقترب سرعتها من سرعة الصوت بحيث تبلغ ''0,98 ماك''· واتفقت آراء الخبراء بعد ذلك على استبدال هذه الطائرة الأخيرة بواحدة جديدة تماماً أعطيت الاسم الرمزي 77 وحيث اشتق الحرف الأوسط للاسم من الكلمة الإنجليزية التي تعني ''الفعالية''· وبالرغم من أن هذه الطائرة الجديدة بدت مختلفة كثيراً عن ''سونيك كرويزر'' من حيث التصميم الهيكلي، إلا أنها احتفظت لنفسها بأنظمتها التكنولوجية الأساسية وأطلق عليها بعد ذلك اسم ''787 دريملاينر''·
وأشار خبراء شركة بوينج إلى أن الطائرة 787 يمكنها أن توفر نسبة 20 بالمئة من الوقود الذي تستهلكه الطائرات الأخرى التي تنتجها الشركة· وتقف وراء هذا الوفر الكبير في استهلاك الطاقة عدة عوامل من أهمها انخفاض مقاومة الهواء بسبب الهندسة الديناميكية الانسيابية المتطورة للهيكل الخارجي، ونقص الوزن الكلي للطائرة بالرغم من ضخامتها بسبب الاستخدام المكثف لمادة الكومبوزيت الخفيفة، بالإضافة إلى الكفاءة العالية للمحركات الأربعة التي تدفع الطائرة·
وإذا كان من عادة زبائن شركات الخطوط الجوية ألا يهتموا بمثل هذه التفاصيل بقدر اهتمامهم براحة الركوب وسرعة الوصول إلى المكان المقصود بالإضافة لعنصر الأمن والسلامة، فلقد صممت ''البوينج ''787 بحيث تجمع كل هذه الميزات معاً·
عصر جديد
ويؤكد خبراء بوينج أن ''دريملاينر'' تفتتح عصراً جديداً من الطيران التجاري الآمن والممتزج بالكثير من المتعة والتسلية؛ وسيكون ركابها قادرين على استخدام الهاتف الخليوي والإنترنت والاتصال بالهواتف الأرضية في أي بلد من بلدان العالم، وسيتمتعون بأساليب جديدة للضيافة فضلاً عن قوائم غير مسبوقة من وجبات الطعام·
ويستخدم في الطائرة لأول مرة نظام ''ملصقات التعريف بواسطة الترددات اللاسلكية'' التي يتم تثبيتها على كل حقيبة أثناء إتمام كشف الدخول إلى الطائرة· وبهذا يمكن التعرف بطريقة لاسلكية عما إذا كانت الحقيبة الضائعة موجودة على متن الطائرة أو في إحدى صالات الركوب أو أنها شحنت بطريق الخطأ في طائرة أخرى· ومن الفوائد الأخرى للنظام أنه يسمح لشركات الخطوط الجوية بتأسيس قاعدة بيانات يمكن استخدامها على متن الطائرة المحلقة حتى يتأكد كل واحد من الركاب بأن حقائبه موجودة بالفعل في عنبر الشحن· ومن شأن مثل هذه المعلومات أن تترك أثراً نفسياً إيجابياً لدى الركاب، وأن تزيل من نفوسهم عامل القلق من احتمال فقد حقائبهم·