عرض مشاركة واحدة
قديم 15-09-2010, 10:52 PM  
  مشاركة [ 1 ]
الصورة الرمزية الفك المفترس
الفك المفترس الفك المفترس غير متواجد حالياً
المهاجر الحزين
 
تاريخ التسجيل: 12 - 05 - 2009
الدولة: ارض الله
المشاركات: 188
شكر غيره: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
معدل تقييم المستوى: 521
الفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقدير
الفك المفترس الفك المفترس غير متواجد حالياً
المهاجر الحزين


الصورة الرمزية الفك المفترس

مشاهدة ملفه الشخصي
تاريخ التسجيل: 12 - 05 - 2009
الدولة: ارض الله
المشاركات: 188
شكر غيره: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
معدل تقييم المستوى: 521
الفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقديرالفك المفترس يستحق الثقة والتقدير
افتراضي سوق أم درمان التاريخي





سوق أم درمان التاريخي ترجمة حقيقية للأصالة في السودان










ذلك السوق الذي يعود تاريخه الى حوالي قرنين، وجغرافيته تبدأ من مبنى البوستة أو البريد العتيق شمالا، وينتهي بحي المسالمة العريق جنوبا وشارع كرري شرقا وشارع الشنقيطي غربا، هو نموذج مصغر لمدينة أم درمان التاريخية، التي تعتبر العاصمة القومية للسودان، التي تعيش بها الأعراق والديانات المختلفة، اليهودية والمسيحية والإسلامية والبوذية. ففي هذا السوق الكبير كانت محلات التجار الهنود تجاور محلات الأقباط، ويتخصصون في المنسوجات والمفروشات، تجاور محلات اليمنيين أو «اليمانية»، الذين يشتهرون بتخصصهم فى مجال البقالات، ولا يزال موقع محل العدني شهيرا ودليلا للأجانب والسياح رغم زواله عن الوجود! كما هناك شارع يعرف بسوق اليهود، الذي ما زال يحمل اسمه .


وبانتشار السوبرماركت العملاقة والعصرية والمحلات الضخمة والمولات في أنحاء العاصمة الخرطوم، ما زال سوق أدرمان من الأماكن التى يكثر السياح زيارتها بمدينة أم درمان، حيث ظل محتفظا بماضيه القديم في صناعة المنتجات المحلية وشكل عرض السلع والمحلات القديمة، والباعة يقومون بعملهم في خدمة الزبائن بالجلابيب التقليدية.


يبدأ سوق أم درمان شمالا بمبنى البوستة أو البريد، الذي شيد إبان الاستعمار الإنجليزي، والذي يسور مبناه الضخم، باعة الكتب والمجلات قديمها وحديثها، يفرشونها على الأرض أو يعرضونها في محلات قد لا تتجاوز مساحة بعضها المترين، ويحوي السوق مئات الكتب المختلفة المتخصصة والعامة، ويعتبر هذا السوق قبلة لباحثي الثقافة القديمة، التي لم يدرج محتواها بعد أو يفرّغ على شبكة الإنترنت، وقد يحالفك الحظ وتجد الطبعات الأولى من الكتب القديمة للعقاد وطه حسين ومارون عبود، والروايات الغربية، التي أصبح يستغني عنها أصحابها ببيعها بأثمان زهيدة، نظرا للضائقة الاقتصادية أو لرؤية الجيل القديم أن الجيل الحديث قد لا تعني له شيئا هذه الكتب، ثم الكتب الدينية على الواجهة الشمالية للمبنى تشاركها السبح وسجادات الصلاة، وعلى الجانب الآخر يقف الحلاقون في محلاتهم في الهواء الطلق مع زبائنهم الغارقين فى قراءة المجلات أو متابعة حركة السوق، بينما أيادي الحلاقين تجري على رؤوسهم.


وبسيرنا شمالا تطل علينا من الجانبين محلات الأغذية والإنارة والكهرباء والأحذية، التي ترص على الحائط حتى علو ثلاثة أمتار، بحيث يتشوش نظرك حتى تقع عيناك على حذاء ملائم، وتشير إليه بعد عناء وينزله لك البائع بمهارة بعصا طويلة، أما الباعة المتجولون فيرصون بضاعتهم المختلفة من ملابس وأدوات مطبخ وأحذية، التي تغلب عليها علامة «صنع فى الصين» وبأسعار زهيدة، يفرشونها على الأرض ويأخذون فى التغني بصوت عال يصاحبه التصفيق، حيث يكوّنون فرقا غنائية لها فنان وكورس في تنسيق تام وأحيانا يصاحبها الطبل مما يجعل المارة لا شعوريا يتجهون نحو هذا الطرب، وحين يجهدون بعد ساعات طويلة يجلسون ويفتحون جهاز تسجيل بالقرب منهم، ليحل محلهم في دعوة المارة، «هذه البضاعة جابوها بالطيارة وباعوها بالخسارة» أي هؤلاء التجار، وبالطبع ليس هناك تاجر شاطر يبيع بالخسارة، ولكنها حيل الباعة التي يصدقها الكثيرون فيشترون بشعور حصولهم على غنيمة! و«أي حاجة بسبعة ونص» أو «ما تمشي البيت وتقول يا ريت»، وغيرها من العبارات المسجوعة.


تنتشر بائعات الشاي والقهوة في كل ركن بالسوق، يضعن المواقد الى جانبهن وحولها مقاعد قصيرة، بينما لا يزال القهوجي يأخذ حيزا من المشهد، فهو متمسك بتقاليده بحمل الصينية الدائرية وعليها الفناجين البيضاء والدلات المعدنية الصغيرة، التي لا تزيد سعتها عن فنجانين، ويأخذ في بيع «الجبنة» أي القهوة باللهجة العامية، يدور بها على الدكاكين والمارة، أما الوجبات فتحصل عليها من المطاعم الشعبية المنتشرة، وتعتمد على الكسرة والعصيدة والملاح والفول، ويتم حملها لأصحاب المحلات عند مواعيد الوجبات يضعونها على الأرض ويجتمعون حول الصحن الكبير ويدعون زبائنهم المارين بكرم أصيل ليشاركوهم تناول الوجبة.


نمضي شمالا متوغلين في السوق، الذي يبدأ في الازدحام بعد الثانية عشرة ظهرا، ونصل محلات بيع الذهب، التي تنتشر على الجانبين، وبها ما لا يحصي من المعروضات المزينة بالأنوار البراقة، وتكاد تكون هذه المحلات الوحيدة، التي طالتها يد التحديث من إنارة وسيراميك وأجهزة تكييف وطرق عرض جذابة، وبعدها تبدأ محلات بيع الألبسة، التي ترص وتعلق على شماعات يلعب الهواء ببعضها، الباعة الصغار المتجولون يحيطونك بما خف حمله ورخص ثمنه من المنتجات يرفعونها أمام وجهك ويلاحقونك ولا ييأسون أبدا مهما زجرتهم وينزلون بأسعار بضاعتهم حتى أقل من النصف، وفي كل مرة يتبعها القسم المغلظ أن هذا أقل من سعرها! ونصل بعد ذلك الى محلات بيع الجملة وأكثرها محلات بيع لمستحضرات التجميل للماركات العالمية الشهيرة، التي تباع بأسعار مناسبة وقد تجد تقليدا متقنا لها مما يصنع بالصين، وكذلك العطور التقليدية التي تستخدمها المرأة السودانية كالصندل والفلير دمور، وبقربها سوق الحلي الذهبية المقلدة «الهندية»، التي احتلت مساحات كبيرة والتي لاقت رواجا كبيرا عند النساء اللواتي يرغبن في شراء الحلي الذهبية، التي تشابه الذهب الأصلي ليتباهين بها في المناسبات، وبعض البائعات المصريات يعرضن حلي وأكسسوارات على «طبالي أو طربيزات» كبيرة، وفجأة تتوقف سيارة بوكس أو «البيك آب» وعليها البضاعة من الملابس المختلفة ويقف فوقها البائع ويحمل ميكرفونا يدعو الزبائن ألا يفوّتوا الفرصة، فيتجمع المارة حول البوكس كل يبحث عن مبتغاه..


يزداد الازدحام وتبطئ الحركة كلما تحركنا شمالا، وفي مواسم الأعياد تكاد ترى بحرا من الناس بأمواج متلاطمة صاخبة، بحيث لا تجد لك موضع قدم، فالسوق قبلة لسكان أم درمان تزاحمهم الركشات الصغيرة وعربات الكارو التي تجرها الأحصنة والسيارات، ونصل بعدها الى سوق الخضر والفاكهة والتوابل الحريفة، التي يسبقها العطس من المارة تعرض على أوان معدنية صدئة مكوّمة على شكل جبال صغيرة، ومن بعدها لنهاية السوق حيث عمارة أبومرين، وهي أشهر موقع بالسوق فهي أول عمارة بنيت هناك يعود تاريخها لأربعينات القرن الماضي، ويستقر بها بعض أبناء عائلة أبومرين، الذين اشتهروا بتجارة كل مستلزمات الأعراس، كالحنة والبخور والصبغة والمباخر والإكسسوارات الذهبية أو «ذهب الجمل»، التي ترتديها العروس فى صبحيتها وأيضا ما يخص العريس من حلّى، وبشرق المبني نجد سوق الدباغة، التي تدلنا رائحته عليه قبل سؤالنا عنه، حيث تجمع مئات من جلود الخراف وتتم دباغتها بحرفية وخبرة طويلة، ومن بعد توزع للتصنيع، بينما غرب المبنى نجد سوق «العناقريب» أي «الأسرة ـ جمع سرير» وتصنع العناقريب من جذوع الأشجار الضخمة وتربط أضلاعها بالحبال، وهذه الصناعة على وشك التلاشي، ولا يستخدم «العنقريب» الخشبي الآن إلا في الأعراس، حيث يجلس عليه العروسان فى طقس «الجرتق !..

فى زقاق آخر كما تلقب الشوارع الضيقة، هناك سوق الحرفيين القديم الذي يتوارث أصحابه مهارات التصنيع أبا عن جد، يبدو هادئا منزويا من صخب السوق، هناك لا تسمع إلا هديرا واهنا لماكينات الخياطة قديمة الطراز، يجلس الحرفيون مستغرقون في صناعة الأحذية والأحزمة والحقائب الجلدية المصنوعة من جلد التماسيح والثعابين الكبيرة وجلد التيوس، وآخرون يعملون في صناعة المنحوتات الخشبية والحلي والأواني الفضية، وسوق الحرفيين يهدده الانقراض بسبب تغير الأذواق التي باتت تفضل الأحذية الإيطالية والسورية التي تملأ السوق والأواني الفضية والخزفية صارت تستجلب من الصين بأبخس الأثمان، وكذلك بسبب القوانين المشددة في صيد التماسيح والثعابين التي يتهددها الانقراض. ولكن الحرفيين يقاومون تغيرات الزمن بإصرار، بأن يقوموا بتصنيع الأحذية من جلود الأبقار ويضعون عليها نقاطا سوداء ليصبح شكلها مشابها لجلد النمر، فهذه «المراكيب» أو الأحذية بما يعرف بجلد النمر ما زال يقبل على ارتدائها كبار التجار، عموما قامت منظمات عديدة في محاولة حفظ هذا التراث المهني العريق ولتدريب مواهب جديدة تسير على نهج الأقدمين، فهو يشكل جزءا مهما من التراث الفني السوداني، الذي تشكل منتجاته رافدا للمحلات الكبيرة وفنادق الخمسة نجوم بالعاصمة وسوقا رائجة هدفها الأول السياح، فهل ستصمد كما نجح سوق أم درمان التاريخي في الصمود؟!
التوقيع  الفك المفترس
الفك المفترس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس