التدريب بين الأمس واليوم
ملاح الأمس يختلف عن ملاح اليوم، فملاح الأمس لم تكن لديه حصيلة من المعلومات الثقافية تساعد في عملية التدريب بالإضافة إلى ضعف اللغة الانجليزية، وملاح اليوم تجد لديه حصيلة وافرة من المعلومات الأمر الذي يضطرنا إلى مراجعة دائمة للمواد التدريبية التي تقدم لهم حتى لا تتعارض مع معلوماتهم، كما أن بعض ملاحي اليوم يقدم اقتراحات وأفكاراً لتطوير برامج التدريب، بالإضافة إلى أن ملاح اليوم يتمتع بمعرفة نسبية في اللغة الانجليزية، كما أن النظرة لملاح اليوم اختلفت جذرياً عن ملاحي الأمس وكان الوضع صعباً بالنسبة للملاح أن يحدث الآخرين بذلك، حيث يكتفي بالتعميم بأنه يعمل في الخطوط السعودية، ولكن الآن اختلف الوضع تماماً، وهذا إن دل على شيء فإنما يؤكد أن النظرة الاجتماعية إلى الملاح الجوي قد تبدلت وأصبح ينظر إليه كشخص مثقف وعملي بحكم انفتاحه على ثقافات وطبائع شرائح مختلفة من عملاء السعودية، إضافة إلى كونه يمثل بلده والشركة العملاقة التي يعمل بها "السعودية".
اليوم الأول للخدمة
وبالنسبة لشرح المرحلة الانتقالية للمضيف الجوي من التدريب إلى الانخراط في الخدمة الفعلية أوضح مدير الخدمة الجوية للمضيفات عبدالله الجارد، أنه عند حضور أي مضيف جديد إلى الخدمة الجوية في أول أيام خدمته يتم إجراء اختبار مبدئي له للوقوف على مستواه العملي فعلياً حيث يقوم أحد المشرفين بتقييمه بشكل نهائي من جميع النواحي: السلامة والخدمة والاستقبال وغيرها من مهام المضيف وعند عدم وجود ملاحظات على المضيف يتم انخراطه بعد ذلك بشكل طبيعي.
آلية التبليغ
وفيما يخص طريقة وآلية تبليغ الملاحين للحضور لتأدية العمل فإن إدارة الخدمة الجوية تتسلم من إدارة تنسيق طاقم ملاحي المقصورة جداول الملاحين بصفة شهرية توزيع على الملاحين مع إعطائهم مهلة حوالي أسبوع لاختيار المناسب لهم والمفاضلة بين الخيارات المطروحة وذلك حسب أقدميه الخدمة بـ"السعودية" وبعدها يتم إشعار إدارة شؤون الملاحين باختيارات جداول الملاحين وتقوم بدورها بتعيين الملاحين على رحلاتهم المختارة، مشيراً إلى أنه توجد جـداول أخرى خاصة بالملاحين الاحتيـاط والمتفرغين لسد الحاجة عند طلبهم في أي وقت مع مراعاة أن يكون الملاح قانونياً يستطيع الطيران، بالإضافة إلى جداول خاصة برحلات اللغة.
وتجدر الإشارة إلى أن"السعودية" في مايو عام 2007م طبقت نظام الرسائل النصية في تبليغ الملاحين الاحتياطيين بأي تغيير يطرأ على أوضاعهم وجداولهم، بالإضافة إلى الاستفادة من النظام بإرسال رسائل توعوية وإرشادية في كل ما يخص الطيران والسلامة بصفة عامة والملاحين بصفة خاصة من طلب حضور اجتماعات معينة، كما يعتبر هذا النظام حلقة وصل هامة بين إدارة الخدمة الجوية والملاحين.
الاستعداد للرحلة
ولابد أن نشير إلى حجم المعاناة التي يواجهها الملاحون من ناحية عدم استمتاعهم بحياتهم الطبيعية كأقرانهم من الموظفين الآخرين خاصة فيما يتعلق بقضاء الأعياد والمناسبات الاجتماعية خارج أوطانهم في كثير من الأحيان، حيث أن الاستعداد والتهيئة للرحلة يعتمد على اعتبارات عديدة منها مسار الرحلة سواء داخلياً أو دولياً بالإضافة إلى المدة الزمنية التي سيقضيها الملاح في الخدمة حتى الرجوع إلى بيته وأسرته، كما يفرض على الملاح قضاء وقت كاف من الراحة والاستعداد لضمان قيامه بأدائه لعمله بكفاءة عالية، كما انه خلال مرحلة استعداد الملاح للرحلة يأتي دور هام لزوجته التي تتقمص أوتوماتيكيا دور الرجل بالمنزل والاهتمام بشؤونه، والتي لها دور رائع وأساسي في مشوار زوجها والتقليل من الأعباء والمعاناة التي يتكبدها في حياته الوظيفية وتساعده بشكل فعال في التهيئة والاستعداد الجيد للرحلة والعمل.
وصول الملاح للمطار
في هذا الصدد أوضح كبير مشرفي الملاحين فاروق باطرفي أن المضيف يحضر قبل موعد إقلاع الرحلة بحد أدنى ساعة ونصف ومن ثم يتم إثبات حضوره لدى قسم شؤون الملاحين والانتظار حتى اكتمال مجموعة الملاحين المعينين على الرحلة بعد ذلك يُعقد اجتماع لقائد الطائرة ومشرف الرحلة يتم فيه مناقشة أمور عديدة عن السلامة وبعض التعليمات من قائد الطائرة، بعد ذلك يتم عقد اجتماع ما قبل الرحلة لجميع الملاحين يهتم بسلامة الطائرة والركاب بشكل أساسي ويتم فيه توزيع مواقع الخدمة بين طاقم الخدمة وذلك حسب الاقدمية، كما يتم عرض بعض الخبرات والمواقف السابقة وذلك للاستفادة منها بالإضافة إلى تأكد مشرف الرحلة من كفاءة المضيفين ومدى درايتهم بمهامهم المناطة بهم، بعد ذلك يتوجه الملاحون لإنهاء إجراءات الجوازات وعبورهم مع أمتعتهم المصاحبة من خلال جهاز التفتيش الأمني بعدها يستقلون الباص المخصص لنقلهم للطائرة.
بداية العمل
ويقضي نظام العمل بضرورة وصول الباص المخصص لنقل الملاحين قبل إقلاع الرحلة بساعة وعشر دقائق وذلك ليتمكن الملاحون من القيام بأعمال كثيرة حيث يتوجهون حال وصولهم للطائرة إلى مواقع خدمتهم المحددة مسبقاً في اجتماع ما قبل الرحلة فالبعض يجري فحصاً أمنيا على متن الطائرة والتأكد من خلوها من أي شيء مشتبه فيه، والبعض الآخر يفحصون أدوات السلامة ويتأكدون من توفر الوجبات الكافية للمسافرين وتوفر المشروبات المختلفة بالإضافة إلى المواد الأخرى من صحف وبطانيات وغيرها، وآخرون يتأكدون من نظافة الطائرة بالإضافة إلى تأكد كافة الملاحين من خلو مواقعهم من أية مشاكل أو أعطال مثل عربات الخدمة والأدوات المستخدمة والأبواب والمقاعد ودورات المياه، كما يتولى مشرف الرحلة والمضيف الأول بالإضافة إلى إشرافهما على الملاحين والتأكد من عملهم لإجراءات الأمن والسلامة على متن الطائرة والقيام بأعمال أخرى عديدة منها التأكد من أعمال الصيانة التي تم إجراؤها على الطائرة وقراءة كتيب السلامة والاطلاع على الأعطال السابقة والتأكد من إصلاحها، بعد ذلك يقوم المضيف الأول باستلام المبيعات الجوية والأطفال المرحلين والجوازات والبريد الخاص والمقعدين.
استقبال المسافرين
وأشارت مسؤولة المضيفات سحر إلى عملية استقبال المسافرين الكرام تختلف عنها في شركات الطيران الأخرى من عدة نواحِ، فيجد المسافرون الكرام الملاحين يستقبلونهم بابتسامة عريضة وتقدير لما تكبدوه من معاناة للوصول إلى الطائرة حيث تمثل هذه اللحظات منعطفاً حاسماً للتخفيف من معاناة المسافر والعمل على راحته ومساعدته في إجلاسه بمقعده المخصص له بعد التأكد من صحة المعلومات المدونة على بطاقة صعود الطائرة وحمل حقائبه إن دعت الحاجة وقفل صندوق الأمتعة بالإضافة إلى الاهتمام بمسألة مقاعد العوائل المتجاورة، وبعد التأكد من إجلاس جميع المسافرين وربط أحزمة المقاعد والتأكد من إرجاع وضعية مقاعد الركاب إلى وضعها الطبيعي وفتح النوافذ (لمدة ثلاث دقائق) بعد ذلك يقوم مشرف الرحلة بإبلاغ قائد الطائرة بأن جميع المسافرين أخذوا أماكنهم وتم التأكد من ربطهم لأحزمة المقاعد ويتم بعدها عرض الفيلم المرئي الخاص بتعليمات السلامة ومن ثم يتم تشغيل دعاء السفر وفي المرحلة الأخيرة قبيل الإقلاع يتم وضع ذراع مخارج الطوارئ على وضع تشغيل وتهيئة الزلاجات للطوارئ.
عملية الإقلاع
تعتبر الفترة الوحيدة التي يرتاح فيها الملاح جسدياً هي مرحلة الإقلاع حيث يجلس على مقعده المخصص ولكن ذهنه يبقى مشغولا في أمور السلامة بشكل كلي والاستعداد لأي طارئ لا سمح الله مع متابعة الركاب في حالة وجود أي احتياج لمساعدة أو طلب يمكن تنفيذه.
تقديم الخدمة
بعد إطفاء إشارة ربط أحزمة الأمان ينهض جميع الملاحين ويتوجهون إلى مواقعهم لتنفيذ قائمة طويلة من الأعمال تعتمد بشكل أساسي على الوقت الذي يجهل بعض الركاب الكرام بأنه في حالة وقوف الملاح للحديث مع راكب ومرة أخرى وأعطى معلومات إضافية طلبها راكب آخر فإن الوقت لن يسعفه لتقديم كامل الخدمة المطلوبة لجميع الركاب، وعليه تجد أن الملاحين بحكم الخبرة والدراية السابقة يبتسمون للركاب الكرام ويحاولون قدر المستطاع الإجابة على استفساراتهم بسرعة واختصار ويعتذرون بلباقة وذلك ليتمكنوا من تقديم الخدمة لجميع المسافرين، كما أن أول من تقدم لهم الخدمة هم فئة الأطفال وتكون باليد، هدية عبارة عن شنطة تحتوي على مجموعة ألعاب ومواد خاصة بهم، بعد ذلك يقوم الملاحون بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة ثم يتم تقديم الخدمة من وجبات ومشروبات لباقي المسافرين الكرام حسب البرنامج المعمول به على متن الرحلة وتوزيع سماعات الأذن وتشغيل برامج الترفيه على الطائرة، وتلبية أي طلب أو مساعدة ممكنة للمسافرين الكرام من مخدات أو بطانيات أو كراسي معلقة للأطفال، وهناك فترات راحة للملاحين بالنسبة للرحلات الطويلة ووجبات خاصة لهم، كما يتم الإعلان بين فينة وأخرى عن أي بيانات أو معلومات هامة للمسافرين من قبل طاقم الطائرة مثل المواقيت، بعدها يتم مرور عربة المبيعات الجوية قبل الهبوط بفترة مناسبة بعد ذلك يتم تأكد الملاحين كل في موقعه من وسائل السلامة وخلو منطقته من أي معوقات والتأكد من ربط أحزمة مقاعد المسافرين وإرجاعها إلى وضعها الطبيعي مع فتح النوافذ (لمدة ثمان دقائق)، بعد ذلك يتم تنسيق مشرف الرحلة مع قائد الطائرة وتتم إضاءة إشارة ربط أحزمة المقاعد، بعدها يجلس جميع الملاحين على مقاعدهم المخصصة لهم.
مرحلة الهبوط
كما أوضحت المضيفة الجوية حنان أنه أثناء بقاء جميع الملاحين في مقاعدهم مع استعدادهم التام لإجراءات السلامة لا سمح الله ينتظرون إشارة خاصة من كابتن الطائرة تفيد بالهبوط بسلام حينها يتوجه جميع الملاحين لأخذ أماكنهم المخصصة مرة أخرى وينتظرون إشارة أخرى من كابتن الطائرة تفيد أن الطائرة وصلت إلى المكان المخصص لها في أرض المطار وعليه يتم تحويل ذراع باب الطوارئ إلى وضعه الطبيعي ونزع زلاجات النجاة من الباب.
توديع المسافرين
وعند وصول الطائرة إلى المكان المخصص لها بالمطار يقوم كابتن الطائرة بإطفاء الأضواء الخارجية العلوية والسفلية للطائرة وهذه اشارة تفيد بالسماح للخدمات الأرضية بتقديم الخدمة فيتم تركيب السلم الخاص بنزول الركاب، ويتم الطرق على باب الطائرة بانتهاء التركيب وبفتح الباب مع التأكد من قرب السلم وسهولة استخدامه حينها يتم توديع المسافرين بصفة شخصية وبنفس حرارة استقبالهم، ويتم توديع ذوي الاحتياجات الخاصة أخيراً لزيادة الاهتمام بهم ، كما يتم تسليم جميع المواد والرسائل التي تم استلامها في محطة المغادرة بالإضافة إلى تفتيش جميع مناطق الطائرة للتأكد من خلوها من أي متعلقات للمسافرين.
الحالات الطارئة
وتجدر الإشارة إلى أن المسافرين ليسوا على درجة واحدة من الارتياح والاطمئنان لعملية ركوب الطائرة فهم متفاوتون في ذلك، وبصفة عامة تجد جميع المسافرين يراقبون تصرفات الملاحين ومدى ثقتهم في الوضع ويرصدون ملامحهم وتصرفاتهم بدقة شديدة، وطاقم الخدمة الجوية يعي ذلك فتجد الملاحين في بعض الحالات الطارئة لا سمح الله يوزعون الابتسامات ويهدئون الركاب ويطمئنونهم ويتحركون بهدوء وبشكل طبيعي على متن الطائرة، وهم لديهم تدريبات مكثفة في هذا الصدد حيث تعتبر هذه المهام هي الأساسية للملاح الجوي.
معاناة الملاحين
الملاح هو الموظف الوحيد الذي يتعامل مع عملاء "السعودية" الحقيقيين وأن هناك ارتفاعا كبيراً لمستوى الوعي بالنسبة للخدمات التي تقدمها "السعودية" بشكل عام ووظيفة الملاح بشكل خاص، كما أن هناك بعض العقبات التي يواجهها الملاح أثناء تأديته لعمله تعود في مجملها لعدم وعي بعض المسافرين الكرام بأنظمة وتعليمات "السعودية" حيث يرفض البعض ربط أحزمة المقاعد لقناعتهم بعدم أهميتها، أو رفض إقفال الهاتف الجوال لجهلهم بخطورتها على أجهزة الطائرة، والبعض الآخر يريد خدمة في أوقات إضاءة إشارة ربط أحزمة المقاعد والتي لا يسمح فيها بتقديم الخدمة.
سعادة الملاح
ويؤكد مدير عام الخدمة الجوية للخدمات المساندة أمين غبره بأن وظيفة الملاح تعد من أفضل الوظائف سواء من حيث العائد المادي أو بناء العلاقات والاتصال بشرائح مختلفة يومياً ويجد فيها الفرد متعة حقيقية في التنوع والبعد عن الروتين، بالإضافة إلى أن الملاح يكتسب خبرات ويتاح له الاطلاع واكتشاف بيئات وثقافات عديدة. كما أن سعادة الملاح تتمثل في الخدمات الإنسانية التي يتشرف بتقديمها للمسافرين على متن طائرات "السعودية" وقمة السعادة التي يحققها الملاح تتمثل في سعادة المسافرين الكرام ورضاهم عن الخدمة التي يقدمها لهم كافة الملاحين منذ استقبالهم للركاب على باب الطائرة من محطة المغادرة وحتى توديعهم على الباب في محطة الوصول بحفظ الله ورعايته، مشيراً إلى أن بعض المضيفين يطلبون إنزالهم كموظفين أرضيين ويتم قبول طلبهم حسب رغبتهم ولكن نفاجأ بعد عدة أشهر بأنه يقدم طلبا بإرجاعه إلى الخدمة على متن الطائرة وذلك لأن وظيفة الملاح الجوي أصبحت بالنسبة لهم عشقاً وتحقق لهم السعادة.
وأضاف أن سعادة ملاح مقصورة الركاب في تأدية عمله تعتمد على الملاح نفسه ومدى اقتناعه بأهمية المهام والأعمال التي يقوم بها بالإضافة إلى العوامل المحيطة بعمله واستعداده لتقديم خدمات لأشخاص يحتاجون إليها، كما أن "السعودية" أولت اهتماما كبيراً بطاقم الخدمة الجوية وظيفيا وتدريبياً وتعمل على تحسين أوضاعهم بصورة مستمرة حتى يتسنى لهم تقديم خدمات راقية تختلف عن شركات طيران أخرى، كما أن وظيفة الملاح تمكنه من قياس مدى نجاحه أثناء تقديم الخدمة بشكل مباشر وذلك عن طريق اتصاله بالعميل مباشرة على متن الرحلة وتفاعله مع زملائه الملاحين.
وفي النهاية اوجه شكر خاص لمجلة عالم السعودية على هذا التقرير الرائع عن حياة المضيفين الجويين في الخطوط الجوية العربية السعودية
نعتز بخدمتكم
ونهتم بكم
اخوكم
احمد موسى