حياكم الله جميعا
حبيت انقلكم تجربتي مع اليابان واليابانيين ؟؟
بصراحة الموضوع كبير ذلك سأقسم الموضوع الى حلقات بداية من بدء علاقتي باليابانيين حتى
زيارتي لليابان وكذلك سأكتب بشكل محدد عن بعض جوانب الحياة في اليابان.
------------------------------------------------------------------------
الحلقة رقم (1)
بداية علاقتي مع اليابانيين كانت قبل أكثر من سنة ,أنضممت الى شركة يابانية متخصصة في
مجال البتروكيماويات . كان العدد قليل جداً حيث كنت أول سعودي في الشركة في المجال
الهندسي والفني , كان مجموع الموظفين لا يتعدى 12 شخص 7 يابنيين و 5 سعوديين
كانت بداية عملنا هو تأسيس الشركة , كنا نعمل في كل شئ لتجهيز الشركة من الصفر.
تخيلوا مع من الصفر. أعمال إدارية , ومالية وهندسية وفنية .
ومع مرور الوقت بدأ عدد الموظفين يزداد وبدأ العمل في أحد مصانع البتروكيماويت عدد
الموظفين الان وصل الى أكثر من 120 شخص. من خلال عملي مع اليابانيين وجدتهم شعب
مختلف تماماً. حيث أن قد عملت في عدد من الشركات من قبل والتي كانت تتبع الأنظمة
الأمريكية أو البريطانية وكانت تحتوي على عدد لا بأس به من تلك الشعوب.
لكن النظام الياباني كان مختلفاً تماماَ. أول شئ تتم ملاحظته أن هؤلاء الناس عمليين بشكل لا
يصدق.
وقتهم كله عمل في عمل فقط إستراحة وقت الغداء. متعاونين جداً.
الأمانة في العمل شئ أساسي وعلى أستعداد أن يبذل المزيد من الوقت والجهد بمقابل خروج
العمل بصورة متميزة.
ليس هناك ما يسمى بالوصف الوظيفي أي مهمات عمل محددة لكل شخص يتم تحديدها عند
تسلم الوظيفة , فالطريقة العمل لدى اليابانيين هي أن تعمل في كل مجال ممكن ويشبهون ذلك
بوجبة الطعام المتعددة الأصناف حيث أن تذوق مقدار بسيط من كل طبق أفضل من الأكل من طبق واحد فقط!
لا يوجد ما يسمى نظام الحضور والأنصراف في نظام العمل الياباني وأقصد بذلك كرت
الدخول أو نظام البصمة وهذا ما سأتحدث عنه لاحقاً عند زيارتي لأحد الشركات في اليابان.
أيضاً إحترام الغير بشكل ملفت جداً من حيث ما يخص الغير من دين أو عادات أومعتقدات مثل
أوقات الصلاة , وصيام رمضان. وكذلك إعتبار الأشخاص سواسيه لا فرق بين هذا وذاك.
وكذلك في التعامل لا فرق في منصب أو عمل كلنا نعمل كفريق واحد. وبصراحة وجدت أنه
كلما زاد منصب الياباني كلما زاد تواضعه, فرئيس الشركة لم أشاهد في تواضعه أحد بل يعتبرنا
كأحد أبنائه. بل أنه قدم مرة من اليابان وأعطاني هدية على شكل علبة صغيرة , فرحت بها فقال
لي "هذه ليست لك ولكن لأبنتك الصغيرة ذات الأربعة أعوام , فعندما كنت في أحد المكتبات في
اليابان تذكرتها وأردت أن آتي بها بهدية!!".
كانت الهدية عبارة عن لعبة بالورق مشهورة في اليابان تسمى "أورجامي" :
النظام الإداري الياباني :
م
ا يميز الطريقة اليابانية في العمل هي سياسية المكاتب المتراصة.
نعم تجد جميع الموظفين الإداريين في غرفة واحدة كبيرة فقط!!
لكم أن تتخيلوا. غرفة كبيرة بمساحة 12 X 12 متر يوجد فيها جميع أعضاء الفريق الإداري لا يفصل بينهم شئ
ل
يس مثل الإدارات لدينا كل شخص في غرفة خاصة او مكاتب مربعة منفصلة بحواجز.
ويفصل بينك وبين المدراء سكرتير , بينما هنا الجميع يعمل معاً , لا يفصل بينك وبين المدير العام الا بضعة أمتار.
العجيب أن توزيع المكاتب هو نفسه الهيكل التنظيمي للشركة Orgnization chart
تجده مطبق على أرض الواقع وهذا مثال ذلك إذا كان توزيع الموظفين في الهيكل التنظيمي كالتالي :
فعلى أرض الواقع تجد توزيع المكاتب كما هو مبين في الرسم :
العمل في هذه الغرفة مثل خلية النحل , كل شخص يقوم بعمله بلا توقف واذا أرد احد أفراد
الفريق من زميله أي شئ (كالسؤال عن شئ معين , أو تنفيذ عمل ما)
, فبكل بساطة ذلك الشخص يبعد عنك خطوات معدودة فقط.
ومن المميزات أيضاً وجود لوحة عند المدخل يوجد بها جدول يحتوي جميع أسماء الموظفين
الذين يعملون في تلك الغرفة مكتوبة على قطع مغناطيسية القطعة تحتوي على وجهين بلونين
الابيض والأحمر فعندما تريد أن تغادر المكتب فقط قم بتدوير القطعة المغناطيسية التي تحمل
أسمك الى اللون الأحمر وبعد ذلك أختيار احد الأماكن التي قد تكون وجهتك مثل
(المصنع , الإدارة , البنك , اجازة ,)
وايضاً تكون هذه الوجهات مطبوعة على قطع مغناطيسية فتقوم بوضع المناسب بجانب أسمك
وكذلك تكتب الوقت المتوقع لحضورك.
كذلك هناك تمرين الصباح..
نعم يتم أصطفاف الموظفين من رئيس الشركة الى اصغر موظف ونبدأ معاً بتمرين الصباح
بأتباع إرشادات ضابط السلامة في الشركة أو من خلال مكبرات الصوت الموزعة في المبنى
أسباب التفوق الياباني :
إن من اهم العوامل التي تكمن خلف النجاح في اليابان كراهية اليابانيين للعزلة والانانية وحب
الذات والغرور. وحبهم للتعاون مع الجماعة والانطواء تحت لوائها والاخلاص لها والتفاني في
خدمتها وتحقيق اهدافها القريبة والبعيدة ويرجع ذلك الى طبيعة الخلق القومي لليابان اذ من
خصائصه تضحية الفرد للجماعة وحب العمل الجماعي وتحمل المسؤولية الجماعية والتعاون
والتكاتف. كل ذلك جعل الفرد الياباني ذا طبيعة اجتماعية يريد الانتماء الى الجماعة والتكيف
معها سواءً كانت جماعة عمل او انتاج او دراسة او حتى على مستوى دولة.
نظام الأسرة في اليابان متين جداً- (سأتحدث عنه بالتفصيل لا حقاً) - وأنعكس ذلك على نظام
العمل لذا يحب اليابانيون العمل بشكل فرق او جماعات ويسمى الياباني رئيسه في العمل
(اويابوم Oyabum) أي (في مقام الوالد) كما يسمي مرؤوسه باسم (كوبوم Kobum)
أي (في مقام الابن) وان الفرد الياباني يشعر بالفخر بالمؤسسة التي يعمل بها.
ويرتدي اليابانيون الشارات الخاصة بشركاتهم على صدورهم في خارج اوقات الدوام الرسمي،
شعوراً بالافتخار للانضمام الى هذه الشركة، وتلتزم الشركات في المقابل موظفيها اذ تتعاقد
معهم مدداً طويلة الى سن الاحالة على التقاعد. لذلك تجد أغلب اليابانيين من بدأ دخوله مجال
العمل بعد الدراسة حتى تقاعده يكون قد قضى كل مدته في شركة واحدة فقط!!.
وكذلك الحال عند التعامل مع الشركات الفرعية (Sub-contractors) او مجهزي المواد
(Suppliers) اذ تبرم العقود الطويلة الامد.
الدقة والأنضباط :
بعد اطلاعي على مجموعة من المصادر حول هذا الموضوع والذي قد أشغلني منذ مدة لمعرفة
ما سبب هذه الدقة المتناهية والأنضباط الصارم؟؟؟
هو أنني وجدت أن هناك الكثير من الاسباب التاريخية التي تجعل الفرد الياباني من اكثر الافراد
في العالم دقة وانضباطاً وذلك يعود لاسباب نابعة من تربية وتنشئة الطفل باشراف دقيق جداً تقوم
به الام ليصبح مواطناً شعوره بالمسؤولية عال جداً، ولا يعرف الفشل !!
اذ يقدم المسؤول الياباني استقالته فوراً عند قيامه بعمل خطاء ما ،
وهذا ماحدث عند وقوع حادثة الطائرة اليابانية من نوع بوينق 747 عند اصطدامها بجبل توفي
كل من عليها الا أربعة ركاب , حيث قدم رئيس الشركة فوراً إستقالته.
واحياناً يعد الانتحار فعلاً مقبولاً للتعبير عن مسؤولية شخص ما عن خطأ ارتكبه اذ تزيد نسبة
انتحار الشباب في اليابان بـ (25%) عن الغرب.
وان الشخص الياباني لا يعرف الفشل اذ كان المحاربون (الساموراي) تاريخياً يقومون بالانتحار
بطريقة (هاراكيري) او ( بقر البطون) حيث يعدونه اسلوباً مشرفاً للموت عند الهزيمة.
ان للفرد الياباني ولاءً كبيراً لشركته لانها في المقابل تولي اهتماماً ابوياً بكل العمال والموظفين
بمختلف درجاتهم. ويشعر الياباني بالسعادة اذا تم تكليفه بعمل اضافي وان كان بغير مقابل.
وقد انعكست تلك الجهود على المؤسسات الاقتصادية اليابانية التي اصبحت تحذو حذو العائلة الواحدة،
تحكمها الاعراف والتقاليد الحاكمة للعائلة كارتباط العائلة وســيادة روح الالفــة والتضامن
واحترام الصغير للكبير وقد اسفرت هذه القيم عن ارتباط العمال اليابانيين بمؤسساتهم حتى سن
التقاعد او العجز كما ان العلاقة بين الحكومات وشركات الاعمال وكذلك العلاقة بين الشركات
والشركات الفرعية او مجهزي المواد الاولية ليست علاقة خصوم يرتاب كل منهم من الاخر كما
هو الحال في الغرب. بلا على العكس فهي علاقة ترغب في الفوز للجميع (win - win)
وان هذه هي بعض الاسباب التي جعلت معدل النمو الاقتصادي لليابان نحو (10%) سنوياً وهي
اسرع من معدلات النمو في معظم دول العالم الاخرى.
ولنا لقاء في الحلقة رقم (2)
تحياتي للجميع
أخوكم
mechanic