[محمد احمد عسيري]

علي الجحلي
جاء الصيف وجاءت معه عبارة ''لا توجد إمكانية''. تخيلوا أنني بحثت عن حجز من الرياض إلى أبها في أول أيام الاختبارات النهائية، فأكد لي الموظف أنه لا توجد إمكانية على الرحلات الـ (12) من القطع الصغير ''أيرباص 320 '' التي تتسع لـ 145 راكبا فقط، لم أصدق فتوجهت إلى صفحة ''الخطوط السعودية'' في الإنترنت فوجدت مقعداً واحداً بعد 31 يوماً.

هذه مشكلة مستديمة بين الرياض وأبها، لكنها تبرز في فترة الإجازات لتجعل الوسيلة الوحيدة للمواطن هي السفر عن طريق البر، وهذه معاناة أخرى. كيف يمكن أن تكتفي ''الخطوط'' بأربعة آلاف مقعد لخدمة بين منطقتين يبلغ تعداد سكانهما ثمانية ملايين نسمة؟ هذا يعني أن المقاعد المتوافرة تعادل مقعدا واحدا لكل ألفي ساكن، بمعنى 184 مقعدا لكل ألف ساكن في العام، وهذا يضعنا في المرتبة 106 عالمياً، حيث المعدل العالمي لعدد المقاعد لكل ألف نسمة هو 793 مقعدا سنوياً. لاحظ أن أغلبية الدول تقل مساحتها عن نصف مساحة المملكة وأن أغلبها تتوافر فيها بدائل للسفر أهمها القطارات.

شاهدت في اليوم نفسه كاريكاتيرا في جريدة ''الوطن'' يلخص أمل الناس في تشغيل الخطوط الأجنبية على أنه مثل اللعبة التي توضع أعلى سرير الطفل، فهو يشاهد الطائرات، لكنه لا يستطيع أن يلمسها. المعبر في الكاريكاتير أنه يذكر أن الطفل عندما يبكي أو يبحث عن الانتباه، تقوم الأم أو الأب أو الخادمة ''في أغلب الحالات''، بتحريك تلك الطائرات لإشعاره بأن هناك أملاً.

أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني عن فوز شركتي الطيران القطرية وطيران الخليج برخصتي تشغيل الرحلات الداخلية، وأن إجراءات الترخيص ستكتمل خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر، كان هذا قبل ستة أشهر بالتمام والكمال، لكننا صحونا بالأمس على تصريح من المتحدث الرسمي باسم الهيئة يقول إنه ''من المرجح'' أن يبدأ التشغيل الفعلي للشركتين نهاية العام الجاري. أي ستة أشهر إضافية من الانتظار وتحمل ''الخطوط السعودية''.

الأكيد أن ''الخطوط السعودية'' لا ترغب في دخول منافسين أقوياء في سوق الرحلات الداخلية رغم تأكيدات وإيمان المسؤولين في ''الخطوط'' أن المؤسسة لا تستفيد من تسيير الرحلات الداخلية. كما أن الأكيد كذلك أنه لا بد من فصل ''الخطوط السعودية'' عن الهيئة العامة للطيران المدني بحكم ''تعارض المصالح'' بين منظم الخدمة ومقدمها.

أقترح على ''الخطوط السعودية'' أن تبدأ برنامج إصلاح اقتصادي يتم من خلاله المحافظة على اسم المؤسسة، وتخفيض التزاماتها، وتحقيق إيرادات - بعون الله. فبعد أن حسبت ''بحسبة بدو'' تكلفة الراكب على رحلات الخطوط التي تبلغ ألفي ريال للراكب بغض النظر عن الوجهة التي يقصدها، وهذا ناتج عن قسمة ميزانية الخطوط على عدد الركاب. وبعد أن أوقفت منظمة سلامة الطيران الأوروبية (EASA)، وهي سلطة الطيران المدني التي تتبع لها جميع دول الاتحاد الأوروبي أخيرا ولأول مرة العمل برخصة ''الخطوط السعودية'' لصيانة طائرات دول الاتحاد الأوروبي، وما يعنيه ذلك من مخاطر يواجهها المواطن الذي ستضطره الحاجة إلى ركوب طائرات الخطوط. فقد يرى المسؤولون في ''الخطوط السعودية'' أن التوجه نحو تفويض الأعمال أو الـ outsourcing فكرة جيدة.

يمكن أن تبيع المؤسسة جميع طائراتها بسعر السوق، رغم شكي في قدرتها على ذلك بالنظر لقضية طائرات ترايستار، لكنني ممن ''يحسنون الظن''، وتلغي في الوقت نفسه جميع طلبيات الطائرات القائمة أو المخططة. وتبقي جميع موظفيها على رأس العمل يأكلون ويشربون ويمشون في المطارات. وتقوم بدور الحجوزات فقط.

تبنى هذه الفكرة على التعاقد مع ثلاثين أو أربعين شركة، يقوم موظفو ''الخطوط'' بحجز المقاعد للراغبين، وعندما يكتمل نصاب الرحلة، تكلف الشركة المتعاقدة بتوفير الطائرة، طبعاً هذا يستدعي أن تكون هناك رحلات طوارئ ''كالعادة'' مجهزة في المطارات ذات الحركة العالية. لم يعد أحد يهتم بالشعار الخارجي أو الخدمات داخل الطائرة ولن يلاحظوا ذلك أصلاً، بل إنهم سيشاهدون شيئا اسمه ''الابتسامة'' بعد أن نسوا شكلها عندما يقابلون الموظفين ذوي البدلات الكحلية أو الخضراء الغامقة، وهي ألوان تبعث الكآبة أصلاً.

لماذا أقترح هذا الاقتراح؟ إن تكاليف صيانة الطائرات وتجهيزها وتكاليف الوقود ستختفي من ميزانية ''الخطوط السعودية''، وبهذا تكون الشركات المشغلة مسؤولة عن هذه الجزئية، وبحسبتي ستكون تكلفة المسافر أقل من 500 ريال هي عبارة عن رواتب الموظفين فقط، يضاف إليها 200 ريال قيمة تذكرة الراكب على الشركة المشغلة. وبهذا توفر ''الخطوط السعودية'' 1300 ريال لكل راكب وتستعيد سمعتها التي فقدتها، ولا تضطر لاعتماد مشاريع تحديث الأسطول المكلفة للغاية، أو مشاريع تحديث مرافق الصيانة التي تكلف قريباً من تكلفة تحديث الأسطول.

تتخلص كذلك الجهات الحكومية الأخرى مثل الديوان الملكي وغيره من مؤسسات الإقراض الحكومية من أكبر ''متسول'' في تاريخ المملكة، وتحافظ السعودية على مواردها البشرية، بدل صرف الشيكات الذهبية الذي لم يحقق أي تقدم في وضع المؤسسة، وتضمن للمواطن رحلات توصله إلى حيث يريد دون أن يخطط لحالات الوفاة أو المرض قبل موعدها بستة أشهر.
https://www.aleqt.com/2013/06/02/article_760080.html

[faisalugc]

الخطوط السعودية تحتاج إلى إعادة النظر وبكل جدية في الرحلات الداخليه والدولية على حد سواء.