[محمد احمد عسيري]

حثّ على الإبقاء عليها .. الخطوط الفرنسية - الهولندية:
إلغاء القيود على شركات الطيران الخليجي انتحارٌ

أندرو باركر وهيو كارنيجي من لندن

كان ذلك نوعا من العودة إلى المستقبل بالنسبة إلى شركة طيران كيه إل إم الهولندية وشركة طيران إير فرانس الفرنسية في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2011، حين عين مجلس الإدارة جان سيريل سبينِتا لفترة ثانية ليكون رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمجموعة.

لكن هذه الفترة، بالنسبة إلى سبينِتا، كانت مليئة بالتحديات إلى حد يفوق كثيرا ما كانت عليه الحال حين عمل في هذين الدورين خلال الفترة من 2004 إلى 2008. في ذلك الحين، فاز بالثناء، لأنه كان يتمتع بالرؤية التي جعلته يصمم أول اندماج في أوروبا بين اثنتين من أنجح شركات الطيران، وهما ''إير فرانس'' و''كيه إل إم''، في صفقة أُبرِمت في عام 2004 وأدت إلى إنشاء واحدة من أكبر مجموعات الخطوط الجوية في العالم.

لكنه في هذا الطور الثاني كان يسعى لضمان أن يبقى إنجازه المتمثل في الاندماج، الذي أعقبته فترة من النمو القوي في الأرباح، أن يبقى بلا شوائب تشوبه، بسبب المخاوف اللاحقة حول التنامي في الديون وتكاليف التشغيل.

هذا الوضع المالي الضعيف، الذي تعود بعض أسبابه إلى هيكل المجموعة الذي يفتقر إلى الكفاءة، أثار في نهاية الأمر أزمة في عام 2011، حين سجلت المجموعة خسارة صافية مقدارها 809 ملايين يورو. نتيجة لذلك استقال الرئيس التنفيذي للمجموعة، بيير هنري جورجيون. وبالتالي عُيِّن سبينِتا، الذي قصر نفسه في عام 2009 على دور رئيس مجلس الإدارة، مرة أخرى ليشغل أعلى منصب إداري في المجموعة.

وباعتباره ''الأب المؤسس'' لعملية الاندماج، فقد وقعت على عاتقه مهمة وضع هيكل أفضل للمجموعة، وأن يضع، وهذا هو الأهم، الخطوط النهائية لخطة ترمي إلى اختصار التكاليف -وهي خطة أطلِق عليها اسم ''التحول 2015''- يكون من شأنها تقليص الديون الكبيرة التي تنوء بها ''إير فرانس'' و''كيه إل إم'' والعودة إلى تحقيق الأرباح.

يقول سبينِتا لـ ''فاينانشيال تايمز'' في مقابلة معه: ''أنا متفائل تماما بخصوص النتيجة النهائية لخطة إعادة الهيكلة هذه''. وهو يبلغ من العمر 69 عاما، ويعتزم التنحي عن منصبيه في شهر تموز (يوليو)، على اعتبار أنه أنجز عمله، رغم أن خطة التحول في حظوظ الشركة لن يتم تنفيذها بتمامها إلا في عام 2015.

سبينِتا، الذي تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، وهي كلية ذات سمعة رفيعة، وحيث يشتمل معاصروه على أشخاص من قبيل لوي جالوا، الرئيس السابق لمجموعة آي إيه دي إس، يقول: إن متاعب ''إير فرانس'' و''كيه إل إم'' يمكن ردها إلى الأزمة المصرفية والهبوط الحاد الذي أعقبها في الطلب من المسافرين.

لكنه يعترف بأن عددا من متاعب المجموعة كانت بفعل المجموعة نفسها، حيث يقول: إن المجموعة رفعت من طاقتها بصورة نشطة مبالغ فيها في 2011 بعد أن استنتجت بصورة خاطئة أن التعافي الاقتصادي العالمي المستدام كان يمضي قدما. ويقول: ''تبين أن هذا الاستنتاج كان خاطئا.'' فالطاقة الفائضة تثقل كاهل أسعار التذاكر، وتراجعت إيرادات وحدة المسافرين في المجموعة في عام 2011 بنسبة 0.7 في المائة على أساس المبيعات الكامنة (أي دون احتساب التكاليف الإضافية). لكن التحديات التي تواجه المجموعة في الوقت الحاضر تتركز بصورة رئيسية على ''إير فرانس''، وهي الشركة التي تولى سبينِتا إدارتها للمرة الأولى في عام 1997. ورغم أن المجموعة لا تعطي أرقاما مستقلة لكل شركة من شركتيها، إلا أن سبينِتا كشف النقاب عن أن ''كيه إل إم'' حققت أرباحا في عام 2012، في حين أن ''إير فرانس'' سجلت خسائر.

الأمر المهم بالنسبة لخطة إنعاش ''إير فرانس'' هي إعادة التفاوض حول اتفاقيات الرواتب والإنتاجية مع اتحادات العمال التي تمثل الطيارين والمضيفين وموظفي المطار التابعين للشركة.

لم يكن هذا بالأمر السهل، لأنه كان يُطلَب من الموظفين القبول بتجميد الرواتب، والعمل لساعات أكثر، مع تقليص عدد الموظفين بنسبة 10 في المائة، حيث سيغادر 5.200 موظف من ''إير فرانس'' خلال العامين 2012 و2013. وعلى خلاف عملية إعادة الهيكلة في ''أيبيريا''، شركة الخطوط الإسبانية الرئيسة التي تسجل الخسائر، فإنه لم يتم تخفيض الأجور في ''إير فرانس''، لكن سبينِتا يرفض الانتقادات التي وجهها بعض المحللين، التي مفادها أن خطة التحول تتسم بالخجل والتهيب. وحيث إن سبينِتا شحذ مواهبه في منهجه القائم على الاسترضاء في العلاقات الصناعية أثناء عمله في الخدمة المدنية، فإنه يقول: إن من المهم تماما إبقاء الموظفين إلى جانبك، لأن الطيران هو صناعة خدمات -وحين تكون القوة العاملة مستاءة فإن من الممكن أن يؤدي ذلك إلى إتلاف سمعة الشركة. ومن رأيه أنك ''حين تخلق هذا النوع من المواقف، فإن الشركة سينتهي أمرها''.

ومع ذلك، وحيث إن الرحلات القصيرة التي تقوم بها ''إير فرانس'' تسجل خسائر في الوقت الذي تتنافس فيه مع خطوط الطيران الاقتصادي، يقول سبينِتا: إن الشركة مهتمة بتحقيق المزيد من تقليص التكاليف عن طريق توسيع دور'' ترانسيفيا''، وهي الخطوط الجوية التابعة لها التي تتقاضى أسعارا رخيصة، هو تَوَجُّه يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التوتر مع اتحادات العمال.

تعطي الرحلات الطويلة من ''كيه إل إم'' و''إير فرانس'' إمكانات أفضل، خصوصا من خلال مشروع مشترك على الخطوط العابرة للأطلسي مع شركة الطيران الأمريكية، ''دلتا''.

وفي نتائجها المالية لعام 2012، كانت هناك علامات محدودة تشير إلى التحسن بالنسبة للمجموعة ككل: فقد تراجع صافي الديون بمقدار 549 مليون يورو، ليصل إلى ستة مليارات يورو في السنة المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر).

لكن حتى على هذا المستوى، لا تزال الديون تسجل نسبة ثقيلة تبلغ 4.1 أضعاف أرباح السنة الماضية قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء.

تشير تقديرات محللي بنك كريدي سويس إلى أن المكرر سيصبح 6.1 ضعف حين تُحتسَب الإيجارات التشغيلية للطائرات.

من جانب آخر، ارتفعت صافي خسائر المجموعة بنسبة 47 في المائة لتصل إلى 1.2 مليار يورو في عام 2012، ويعود ذلك بصورة رئيسة إلى ارتفاع تكاليف الوقود ورسوم إعادة الهيكلة.

لذلك ليس من المستغرب أن يتنبأ سبينِتا -الذي يقول: إن أسوأ لحظة مرت عليه خلال الأعوام الـ 16 الذي قضاها منذ أن أصبح رئيس ''إير فرانس'' هي تحطم طائرة الكونكورد في عام 2000- يتنبأ بأن مجموعة ''إير فرانس'' ''وكيه إل إم'' ستحقق أهدافها لتقليص الديون إلى 4.5 مليار يورو بنهاية عام 2014. ويقول: إنه بحلول ذلك الوقت ستكون المجموعة قد قلصت تكاليف الوحدة لديها ''باستثناء الوقود'' بنسبة 10 في المائة عن مستويات عام 2011.

بعض المساهمين غير مقتنعين بهذا الكلام، ويقولون: إن المجموعة بحاجة إلى إطلاق إصدار لحقوق الاكتتاب لمساهميها إذا أرادت تعزيز ميزانيتها العمومية.

يدعي سبيِنِتا أن هذا الأمر ليس ضروريا. فهو يلقي الضوء على حقيقة أن المجموعة جمعت مليار يورو من خلال إصدار السندات خلال الأشهر الأربعة الماضية، ويضيف أن هذا لم يكن ممكنا لو أن السندات طرحت في مطلع عام 2012.

ويقول معلقا: ''إن كون المجموعة قامت بإصدار طبيعي للسندات إنما هو دلالة على ثقة المستثمرين والسوق بخصوص قدراتنا المالية''.



https://www.aleqt.com/2013/04/02/article_744104.html