حامت على شجرة زيتون خضراء حمامتان بيضاوتان جعلتا الطفل أحمد يتابعهما بصمت كل لا يهربا ، استقرت الحمامتان فوق غصن تديران رأسيهما تأسفا على شجر الزيتون وما لحقه من تخريب من طرف العدو المحتل

أحنت إحدى الحمامتين وهي ذكر رأسها على الأخرى وهمست في أذنها قائلة : " هل ترين يا ملكتي مقدار الدمار الذي أحدثه العدو في هذا المكان دون رحمة أو شفقة .. فاقتلع الأخضر واليابس وكأنه الموت تحوم وتخطف من الناس أرواحهم في عز شبابهم أو عمق شيخوختهم ؟.." سكت الذكر وهو ينفض جناحيه بأسى كبير ، تنهدت الحمامة الأنثى بعمق وهي تبكي بصمت قاتل وقالت : " ملاكي لقد دمروا شجرتنا وحرمونا من دفئها الذي كان يغمرنا وتركونا مشردين نتنقل بين ما بقي من الشجر لعلنا نجد لشجرتنا مثيلا .. " فرد الذكر جناحه الأيسر وضم إليه ملكته في حنان ليخفف عنها صدمتها

كل هذا والطفل أحمد يشاهد المنظر ويستمع إلى الحوار الذي جعله يناجي نفسه : " وا أسفاه ...حتى الطيور تعرف معنى الرأفة والشفقة على بعضها البعض أما نحن البشر فقد ضعنا في سباقاتنا نحو المجد والشهرة ولتبوء المقامات العليا على حساب ديننا ومبادئنا .. لكن الله لن ينسانا .. الله معنا ولو تخلى عنا الجميع .. ففلسطين أرض القدس ... أرض الإسراء والمعراج .. قبلة الأنبياء والرسل .. مستحيل أن تبقى بين أيدي متسخة بدماء شهدائنا بل هي حرة ولو بعد دهر " نزلت دمعة ساخنة من عيني أحمد فيها إصرار وتحدي يفوقان عمره الصغير بسنوات ولا عجب .. فالشدة تصنع الرجال ..

لم يلحظ الطفل جنديا إسرائيليا يترصد حركاته ويتحين الفرصة لمنحه شرف الشهادة ، لكن الحمامتين لاحظتا الأمر وبدأتا تحومان حول الطفل وتصيحان بأعلى صوتهما كي يهرب وينجو بنفسه ، لكن كان الأوان قد فات .. أطلق الجندي رصاصة غادرة اخترقت قلب أحمد الذي كان ممتلئا بحبه لوطنه .. ثم رصاصة ثانية وثالثة ورابعة .. لم يتوقف الجندي حتى انقضت ذخيرته وبعد أن تأكد أن الطفل قد فارق الحياة عاد أدراجه حاملا معه البشرى فقد قتل طفلا ليس كباقي أطفال العالم ، بل هو جيل واع بأوضاع وطنه ويشكل خطرا على العدو إن هو بقي على قيد الحياة ، هذه كانت خطة العدو الغاصب : إبادة الأطفال ورثة عرش فلسطين ...

اقتربت الحمامتين من الطفل الذي كان وسط بركة من الدماء فأمسك الملاك بيد ملكته وغطسا في البركة بالكامل

وبعد لحظات خرجا وريشهما الأبيض قد أصبح مكسوا بالكامل بدماء لا تزال تقطر من ريشهما ... حلقا معا بعيدا في السماء حاملين معهما دليلا على مجزرة حدثت في بلد كاد العالم أن ينسى مأساته .. وخلف ستار الدليل رسالة سلام تمنيا أن تصل إلى كل ذي ضمير حي .
بقلم : طيارة المستقبل ايمان

أحنت إحدى الحمامتين وهي ذكر رأسها على الأخرى وهمست في أذنها قائلة : " هل ترين يا ملكتي مقدار الدمار الذي أحدثه العدو في هذا المكان دون رحمة أو شفقة .. فاقتلع الأخضر واليابس وكأنه الموت تحوم وتخطف من الناس أرواحهم في عز شبابهم أو عمق شيخوختهم ؟.." سكت الذكر وهو ينفض جناحيه بأسى كبير ، تنهدت الحمامة الأنثى بعمق وهي تبكي بصمت قاتل وقالت : " ملاكي لقد دمروا شجرتنا وحرمونا من دفئها الذي كان يغمرنا وتركونا مشردين نتنقل بين ما بقي من الشجر لعلنا نجد لشجرتنا مثيلا .. " فرد الذكر جناحه الأيسر وضم إليه ملكته في حنان ليخفف عنها صدمتها

كل هذا والطفل أحمد يشاهد المنظر ويستمع إلى الحوار الذي جعله يناجي نفسه : " وا أسفاه ...حتى الطيور تعرف معنى الرأفة والشفقة على بعضها البعض أما نحن البشر فقد ضعنا في سباقاتنا نحو المجد والشهرة ولتبوء المقامات العليا على حساب ديننا ومبادئنا .. لكن الله لن ينسانا .. الله معنا ولو تخلى عنا الجميع .. ففلسطين أرض القدس ... أرض الإسراء والمعراج .. قبلة الأنبياء والرسل .. مستحيل أن تبقى بين أيدي متسخة بدماء شهدائنا بل هي حرة ولو بعد دهر " نزلت دمعة ساخنة من عيني أحمد فيها إصرار وتحدي يفوقان عمره الصغير بسنوات ولا عجب .. فالشدة تصنع الرجال ..

لم يلحظ الطفل جنديا إسرائيليا يترصد حركاته ويتحين الفرصة لمنحه شرف الشهادة ، لكن الحمامتين لاحظتا الأمر وبدأتا تحومان حول الطفل وتصيحان بأعلى صوتهما كي يهرب وينجو بنفسه ، لكن كان الأوان قد فات .. أطلق الجندي رصاصة غادرة اخترقت قلب أحمد الذي كان ممتلئا بحبه لوطنه .. ثم رصاصة ثانية وثالثة ورابعة .. لم يتوقف الجندي حتى انقضت ذخيرته وبعد أن تأكد أن الطفل قد فارق الحياة عاد أدراجه حاملا معه البشرى فقد قتل طفلا ليس كباقي أطفال العالم ، بل هو جيل واع بأوضاع وطنه ويشكل خطرا على العدو إن هو بقي على قيد الحياة ، هذه كانت خطة العدو الغاصب : إبادة الأطفال ورثة عرش فلسطين ...

اقتربت الحمامتين من الطفل الذي كان وسط بركة من الدماء فأمسك الملاك بيد ملكته وغطسا في البركة بالكامل

وبعد لحظات خرجا وريشهما الأبيض قد أصبح مكسوا بالكامل بدماء لا تزال تقطر من ريشهما ... حلقا معا بعيدا في السماء حاملين معهما دليلا على مجزرة حدثت في بلد كاد العالم أن ينسى مأساته .. وخلف ستار الدليل رسالة سلام تمنيا أن تصل إلى كل ذي ضمير حي .
بقلم : طيارة المستقبل ايمان
تعليق