وقد شكل هذا الإعلان مفاجأة لم تكن متوقعة لبوينغ وللكثيرين ممن يتابعون الصفقة، الذين كانوا يتوقعون أن يذهب العقد لشركة بوينغ بدلاً من «نورث روب غرومان» التي تستعين بخبرة إيرباص الأوروبية لتزويدها بهياكل طائرات التزويد بالوقود.
و ستكون الصفقة البالغة قيمتها 40 مليار دولار لاستبدال 179 طائرة مبدئياً شاملة لعقود أخرى استكمالية لاستبدال كامل الأسطول المتقادم من طائرات البوينغ «KC-135» العاملة حالياً والذي يصل الى 500 طائرة، أي أن هناك 100 مليار دولار أخرى تنتظر تحالف «نورث روب»' وإيرباص في المستقبل العاجل وفق ما ذكره سلاح الجو الأميركي، والذي يملك اكبر أسطول جوي من طائرات التزود بالوقود جواً في العالم.
النموذجان في الميزان
كي تكون المقارنة منصفة لا بد من استعراض ما قدم من قبل بوينغ وإيرباص بقيادة نورث روب؛ فبوينغ قدمت البديل بواسطة نموذج معدل من طائرة الركاب التجارية البوينغ 767 والتي هي أصغر حجماً من طائرة إيرباص المبنية أيضا على أساس نموذجها التجاري من طائرة A330-200 الأوسع انتشاراً والأكثر اقتصادية في وقتنا الحالي حتى موعد دخول منافستها البوينغ 787، وهي أكبر وأكثر تطوراً حيث تعمل بنظام الطيران بواسطة السلك أو الأوامر الكهربائية والتي تضمن عدم خروج الطائرة عن نطاق الحدود القصوى لأدائها أثناء التحليق، وهي صفة تعزز من عامل الأمان للطائرة، وهذا لا يتوفر بنموذج بوينغ. ثانياً قدرة الحمل بالنسبة للوقود والشحن لطائرة الإيرباص هي أكبر من تلك للبوينغ، وهذه أحد المطالب التي يحتاجها سلاح الجو الأميركي، وبالتالي لم تقدم بوينغ سوى نموذج قديم لا يلبي سوى أمل بوينغ في مد عمر خط تجميع الطائرة لا أكثر. وهذا ما تم ذكره من مبررات عندما وقع الاختيار لصالح نموذج إيرباص المتقدم.
غضب عارم وتحرك في الكونغرس
فيما ساد جدل كبير ما بين أعضاء الكونغرس الأميركي حول اختيار نموذج من خارج الولايات المتحدة الأميركية ولو بمتعهد محلي هو «نورث روب غرومان»، حيث تجمهر عدد من العاملين بمصانع بوينغ حاملين لافتات بها عبارات استهجان وتأنيب للجنة الاختيار بقيادة سلاح الجو الأميركي والبنتاغون، ومطالبين بتحرك الكونغرس لإعادة النظر في اختيار طائرة إيرباص بدلا من التي يصنعونها ببوينغ، وأن ذلك سيكون مقدمة لانهيار الصناعة الوطنية في اعتقادهم والأمر ليس إلا مجرد وقت.
في حين ينظر الأوروبيون لهذه الصفقة باعتبارها نصراً تاريخياً عظيماً، أعادت للصناعات الجوية الأوروبية هيبتها وأن المعركة القادمة مع بوينغ غريمتهم الأولى والوحيدة ستتخذ منحى مختلفاً عن ذلك الذي كان منذ سنتين ماضيتين حينما استعادت اللقب منهم بعد نزاع مرير؛ وسيؤمن هذا العقد آلافا من وظائف العاملين بمجال الصناعات الجوية ببريطانيا وحدها، حيث سيتم صنع الأجنحة كما هو معروف بمصانع تقع في منطقة بريستول في شمال مقاطعة ويلز البريطانية .
إن الذي يراقب الوضع في مجال الصناعاتالجوية يلاحظ أن الأمور في سياتل معقل بوينغ ليست على ما يرام، فبالرغم من اجتيازطائرة بوينغ 787 الواعدة لاختبارات المتانة لبدن الطائرة المصنوع كلياً من الموادالمركبة، والأول من نوعه في ذلك، إلا أن إعلانها خلال معرض سنغافورة الأخير من أنهاقررت اختزال النماذج المطروحة من الطائرة من ثلاثة إلى اثنين شكل صدمة للكثيرين منالمهتمين بمشروع هذه الطائرة الفريدة من نوعها. فقد قررت بوينغ أن تركز على تصنيعالنموذجين 787-8 و787-9 الأطول بدناً وأن تقصي النموذج 787-3 الأقصر مدى والذي لميحز على طلبات سوى من شركتي «أول نيبون» والخطوط الجوية اليابانية - جال، بينماجاءت معظم الطلبات على نموذجي -8 -9 فقط؛ أيضاً يبدو أن طائرتها المحدثة من الشهيرةالجامبو بوينغ والتي تزعم أنها منافسة لنموذج إيرباص العملاقة A380 والمرمز لها 747-8 آي لم يتلق سوى طلب واحد هو 20 طائرة فقط من شركة لوفتهانزا الألمانية، وأنعيوباً بدأت تظهر في نظام الوقود على طائراتها الناجحة البوينغ 777 الواسعةالانتشار وكذلك كساد الطلب على طائرات البوينغ 737 ذات الممر الواحد والصغيرة الحجمبعد أن نجحت سلسلة إيرباص A320 من سلب السوق منها وتهافت الطلب عليها نظراًلحداثتها واقتصاديتها العالية وسعة حجمها عنها.
إن الحقيقة تبين أن بوينغ تمر فيظروف صعبة للغاية، لكن كما هي العادة بهذه الصناعة، فإنها مرحلة وربما ستتحسنالظروف بعد ذلك، ومن دون شك، لدى بوينغ الكثير كي تصلحه.
تعليق