حاولنا ولكنها المنيه

كانت الساعه تشير الى الثانيه عشره عند منتصف الليل وكان الركاب يتقاطرون نحو الطائره وذلك في احد المطارات الواقعه في شمال المملكه ولفت نظري وجود امرأه مسنه ومعها ابنها الذي كان يعتني بها بدرجه كبيره فطلبت المضيف الاول وسألته عنها فأجاب انه تحدث الى ابنها فأخبره انها تعاني من مرض خبيث ولديها موعد في صباح اليوم التالي في احد مستشفيات الرياض فطلبت منه اجلاسها في مقاعد الدرجه الاولى وتحققنا من موظفي الحركه من انها لاتحتاج الى تقرير طبي لركوب الطائره , وبعد صعود جميع الركاب واغلاق الابواب توجها الى المدرج المخصص للاقلاع .
ثم اقلعنا باتجاه الرياض وماهي الا دقائق حيث بدأنا التحدث الى برج المراقبه الجويه في جــده الذي صرح لنا بدوره بمواصلة الارتفاع الى 29000 قدم والتوجه مباشره الى مطار الملك خالد بالرياض دون المرور فوق حائل والقصيم .
وحين استوت الطائره وكنا قد تجاوزنا محاذاة مطار حائل وانا والمساعد نتجاذب اطراف الحديث وأذا بالمضيفه تطلب الاذن بالدخول ففتحنا لها الباب فقالت كابتن هل تريد ان اعد لك وجبة العشاء فقلت لها نعم وكنت مخططا لذلك ان اتناول وجبتي اثناء عودتنا الى الرياض حتى لا اصاب بالنعاس او التثاقل منذ البدايه ....ولكن لحظه انتظري .... فاذا بي اسمع عبر المذياع الداخلي انهم يبحثون عن طبيب فقلت لها اذهبي واطلبي لي المضيف الاول ودعك من الوجبه الان وماهي الا ثواني وكان المضيف في غرفة القياده فأستفسرت منه عن الامر فأخبرني ان تلك المرأه المسنه قد ظهر عليها التعب مع بعض الصعوبه في التنفس وقد طلبنا اي طبيب او طبيبه ربما يكونوا على متن الرحله فقلت له حسنا تابع الحاله واخبرني عن وضعها اولا بأول ..
فطلبت من المساعد ان يستمع الى برج المراقبه الجويه في جده وقمت بدوري بالاتصال ببرج المراقبه الجويه في القصيم وسألته عدة اسأله
1 - هل لديكم سيارة اسعاف في المطار
2 - ماهو اقرب مستشفى لديكم وكم تستغرق المسافه اليه
فأجابني بان لديهم سياره اسعاف واقرب مستشفى هو في حدود 15 كيلو مترا . سألته بعدها عن حالة الطقس والمدرج المستخدم فاعطاني كل مااحتاج اليه من معلومات وقلت له في حالة توجهنا نحو مطار القصيم فسوف اتخذ مسار مباشر نحو المدرج مباشرة فقال لك ماطلبت ياكابتن ونحن في اهبة الاستعداد فقط اعلمنا متى تبدا التوجه نحو المطار بعد اخذ الاذن من برج المراقبه في جـده .. ( حيث ان برج المراقبه في جـده هو من يتحكم في هذه المنطقه وحتى فوق مطار القصيم ).
كانت المسافه قد انتصفت تقريبا بين حائل والقصيم فذكرني المساعد بما هو مكتوب في كتيب نظام العمليات الجويه بالنسبه لمثل هذه الحالات فقلت له نعم ولكن همي الوحيد الان هو كيف اساعد في انقاذ حياة تلك المرأه .
قمنا بعد ذلك بتجهيز خرائط المطار وتوجيه اجهزه الضغط وكمبيوتر الملاحه ومراجعه كميه الوقود ومدى تأثيرها على وزن الهبوط ... ولم يتبق لنا سوى راي الطبيب ..
فأتصلت على المضيف الاول مره اخرى وطلبت منه ان اتحدث الى الطبيب متى سنحت الفرصه .....
وبعد اقل من دقيقه طلب المضيف الاول الدخول الى غرفة القياده وبصحبته الطبيب ففتحنا لهم الباب وكنت اعد الثواني وما ان دخل الطبيب وعرف بنفسه وأبرز هويته ومقر عمله حتى بدأت انا بالسؤال .... دكتور طمني عن حالتها انا في اتم الاستعداد للهبوط في مطار القصيم والكل بأنتظارنا ..... اجبني بسرعه
فسكت للحظات وقال لا اعتقد ان ذلك سيفيد فقد وافاها الاجل المحتوم واسلمت الروح الى باريئها .... فخيم الوجوم علينا في غرفة القياده ولم اكن لاترك الطبيب فقلت له ربما الاجهزه التي لدينا ليست بكافيه لانقاذ حياتها وربما يكون لديهم في المستشفى اجهزه تساعد على اعاده التنفس او ماشابه ....
فأكد لي وفاتها وقال ادعوا لها بالرحمه
شكرت الطبيب على تجاوبه ومساعدته وقمنا بأخذ بياناته وطلبت من المضيف احضار ابنها الذي كان متأثرا بوفاة والدته وصابرا ومحتسبا لامر الله فقدمت له التعازي وان كان يحتاج لاي امر استطيع ان اقدمه له . فقال الحمد لله على قضاء الله وقدره ولكن اتمنى ان نكمل رحلتنا الى الرياض فأهلنا سوف يكونون بأنتظارنا .
احسست بحزن كبير تجاه تلك المرأه ودعونا لها بالرحمه وبدأت اسال نفسي هل تقاعست في عمل شئ كان بالامكان فعله ولم افعله وهل تأخرت في اخذ قرار ما قدنقذ حياتها فنظر الي المساعد وقال انه قضاء الله وقدره
رحم الله تلك المراه واسكنها فسيح جناته والهم اهلها وذويها الصبر والسلوان
( انا لله وانا اليه راجعون )