ساقتني قدماي بفعل ريح أفكارٍ هائجة...
والرغبة تلح علي أن أجلس داخل مقهى..
وسط غمامة من البن الساخن ويحيطني ضجيج البشر...
وأخرج ورقة أكتب عليها فكرتي..
عن شعور الوحدة الذي يستبد بي..
نعم...في المقهى سوف أكتب هذا...
دفعت الباب...وقعت عيني على طاولة منزوية...
جلست والفكرة تدور في رأسي...
هب النادل من توه راكضاً..
قال..
" لا شك أنك تنتظر أحداً..أتحب تأجيل الطلب إلى مابعد قليل؟؟..
تمتمت..أوشكت أن أندفع وأفاتحه بالفكرة التي تجول في رأسي..
تجاوباً مع حرارة سؤاله..
هل أقول له؟!
لكني عدلت في اللحظة الأخيرة..
ماذا سيظن بي؟؟..
كيف يمكنني أن أشرح له عن الوحدة التي تشبه..
قفصاً زجاجي!!..
الناس من حولك في كل مكان ولكن تكون معزول عنهم...!!
قلت..
" لا فقط..أريد واحداً..فنجاناً من القهوة..كثيفة ومركزة "..
تلفت حولي..رائحة البن تعبق أنفي..والمكان مكتظ بالناس..
نعم..هذا هو المكان المناسب..
أخرجت ورقة من جيبي.. وقلم..
وبدأت أكتب..
" كأي إنسان..خُلق ومعه حلم..نماه داخله..
وغذاه بعواطفه وتفكيره وأحاسيسه..
كبر هذا الحلم ونما حتى تملكني وسيطر على كياني..
فكان مبعث قوتي وإندفاعي في الحياة..وروح ثقتي في نفسي..
حلمي..كان مثل حلم أي إنسان..له مواصفات لكن دون حدود..
ولما بلغت حد الإكتمال..شعرت أني مازلت لا أملك إلا أشكال الحلم..
حاولت دفع نفسي إلى القمة..إلى مستوى الحلم..
فوجدت أن الطريق إلى القمة يحتاج إلى أحلام أخرى..
جمعت الكثير منها..
ومازلت أحاول الوصول بها إلى الحلم الكبير أعلى القمة "..
" عفواً "..
رفعت رأسي عن الورقة..
قلت..
" ماذا هناك؟؟ "..
قال..
" القهوة..يا أستاذ "..
تمالكت نفسي..نسيت أني في المقهى..
نعم..لهذا السبب أتيت إلى هنا..
لأعرف مدى الوحدة التي تستبد بي..
لدرجة أني لم أشعر بنفسي وسط هذا الضجيج..
قلت..
" نعم..ضعها هنا من فضلك"..
وضع النادل قدح القهوة على الطاولة..
وبدأت عليه علامات التعجب..
لا يهم..مازالت رائحة القهوة تعبق أنفي..والضجيج يملئ أذني..
تابعت الكتابة..
" لا يهم..الكل يمضي وننساه ولم يبقى في الدنيا ما سنذكره..
في محيط نفسي تقبع مئات الأسئلة وضعفها الآهات..
داهمتني الوحدة وعلى تلك الحال لا أزال..
أنسج عالماً بذاته له طموحاته ومشكلاته "..
وضعت القلم على الطاولة..رفعت الفنجان..إرتشفت رشفة..
وعيناي تتأملا زخات المطر التي بدأت تنزف على زجاج المقهى الخارجي..
نعم.. هذه هي الحياة..ثمت شئ يحدث هناك..!!
2003-2-12
تعليق