مقال
نتحدث كثيراً عن السعودة وأهميتها، ونفرح أكثر عندما نرى السعوديين وهم يعملون في شتى القطاعات، ولقد بدأنا نرى أن السعوديين ينخرطون في شتى مجالات العمل، وأن السبب الرئيسي كان في إنعدام الحاجة لمثل هذه الوظيفة إما لوجود بدائل أفضل أو أن البيئة الاجتماعية لم تكن لتشجع مثل هذا النوع من الوظائف ليتم تشغيلها بالعمالة الوطنية..
لقد شاهدنا السعوديين في وظائف مهنية لم تكن محط أنظارهم في السابق وفي مواقع كانت أبعد من أن يتواجدوا بها، خاصة بعد الطفرة التي مرت على بلادنا في السنوات الماضية مثل المطاعم والأسواق التجارية وسيارات الأجرة ومراكز الصيانة..
إلا أن الملاحظ على هؤلاء السعوديين الذين دخلوا سوق العمل في الوظائف الحرفية والتي تتطلب الكثير من التغيير السلوكي والسعي الجاد للمنافسة الأجنبية لم يستطيعوا استيعاب أهمية التأقلم الوظيفي ومعرفة واجبات الوظيفة وسلوكياتها بحيث نقلوا معهم نظرة الفوقية الحكومية وأرادوا أن يحولوا وظيفة القطاع الخاص الى احدى وظائف القطاع العام من خلال تعريفاتهم الوظيفية، وقد يكون بعض أسباب هذا التدني السعودي في أداء واجبات الوظيفة قناعة الموظف بأن هذه الوظيفة لم تخلق له اصلاً ودخل إليها لمرحلة قصيرة يخرج منها إلى وظيفة القطاع العام أو شعوره بالحماية الحكومية في حالة طي قيده من خلال مساندة نظام العمل والعمال له أو قد يكون السبب في ذلك هو عجز القطاع الخاص عن تقديم التدريب والتأهيل وحسن الاختيار لشاغل هذه الوظيفة أو تلك وهذا ما يسبب إرباكاً لصاحب الوظيفة وطالبها..
أحد الأمثلة الواضحة على تنافر الأداء الوظيفي وعجز السعودة عن شغل بعض هذه الوظائف هو مضيف الخطوط السعودية الذي دخل إلى هذه الوظيفة دون أن يستوعب طبيعتها على ما يبدو وهي ظاهرة شبه عامة في موظفي الخطوط السعوية وتشعر وهم يقدمون لك الخدمة بأنك أمام أحد موظفي الإدارات الحكومية بنظرة الشموخ والفوقية بدلاً من الانحناء والتودد والسعي إلى خدمتك، وهذه هي طبيعة هذا العمل وهذا هو إحدى قواعد العمل في وظيفة نادل المطعم وهي نفسها وظيفة المضيف فلا فرق مطلقاً بين وظيفة النادل على الأرض أو في السماء، ويجب أن يقتنع طالبو وظيفة مضيف الخطوط السعودية بذلك، وإلا فإن المنافسة مع المضيف الأجنبي سوف تنتهي لصالح الأخير..
يبدو أن المشكلة في تنافر الأداء بين المضيف الأجنبي والسعودي هو نقص التأهيل لمثل هذه الوظيفة لدى الخطوط السعودية واختيار من يحتاج لمثل هذه الوظيفة ويؤدي متطلباتها بقناعة بأن هذا النوع من العمل يحتاج الى نوع من الأداء قد يخدش الرغبة في المساواة بعملائه على متن الطائرة من موظفي الاستقبال في الادارة الحكومية..
كتبت كثيراً وطالبت بمساندة السعودة ومارستها في عملي الخاص وشجعتها، إلا أنني بعد رحلاتي الأخيرة مع الخطوط السعوية تمنيت لو أن سعودة وظائف المضيفين في الخطوط السعودية كانت هي آخر أولوياتها..
تعليق