
منذ عدة أيام خرجت طائرة تابعة لشركة طيران تاكا – TACA السلفادورية من نوع إيرباص 320 عن المدرج وانزلقت عنه لتنتهي خارج نطاقه مصطدمة بحاجز وبعض السيارات القريبة هناك ومخلفة 4 قتلى هم قائد الطائرة وراكبين إلى جانب شخص على الأرض ولتثير هذه الحادثة مسألة خروج الطائرات عن المدرج وانزلاقها. وتأتي هذه الحادثة المماثلة لحادثة أكثر مأساوية ودموية والتي حدثت قبل عام حينما خرجت نفس نوع الطائرة التابعة لشركة تام – TAM البرازيلية عن المدرج لتصطدم بشكل مروع بعدة مركبات على طريق محاذية وتنتهي كرة نارية في مستودع تابع للشركة بالقرب من المطار ويقتل حوالي 200 شخص من بينهم جميع من كانوا على متن الطائرة، لتعيد إلى الأذهان خطورة الهبوط على المدارج القصيرة عندما يكون سطحها زلقاً بفعل الأمطار أو وجود ماء أو سائل ما عليه.
مرحلة الهبوط للطائرات النفاثة
تختلف الطائرات النفاثة عن تلك المروحية الدفع في سرعة اقترابها من المدرج للهبوط، وبالطبع تعتبر الطائرات ذات الدفع النفاث أعلى سرعة حيث تتراوح سرعة اقترابها حسب النوع ما بين 200 إلى 300 كلم/ساعة وهي سرعة عالية وكلما كانت الطائرة النفاثة أثقل كانت سرعة اقترابها من المدرج للهبوط أعلى وكلما كانت المسافة التي تحتاجها للتوقف أطول. وتؤثر عوامل عدة في تلك العملية كدرجة الحرارة وارتفاع المدرج عن مستوى سطح البحر، حيث كلما ارتفعت درجة الحرارة وزاد ارتفاع المدرج عن سطح البحر تطلب ذلك زيادة في طول المدرج، والأهم ينبغي أن تكون أرضية المدرج الموازية لطوله تحتوي على أخاديد دقيقة بواقع إنشين عرضاً ( 5 سم ) تقريباً حتى تعمل هذه الهيئة من السماح لإطارات الطائرة عند ملامستها لها أثناء تغطيتها بالمياه الناتجة عن الأمطار أو أي كان بإزاحة الماء بسهولة والثبات أكثر نتيجة الاحتكاك الناتج عن التلامس المباشر للإطارات مع أرضية المدرج، بعكس الأرضية المستوية التي تكون فيها المياه حاجزاً ما بين الإطارات والأرضية فتنزلق نتيجة ذلك.

في الطريق إلى الانزلاق
لا شك أن الكثير منا عندما يقود سيارة في جو ماطر تكون فيه الطرق مملوءة بطبقة من الماء ليلاحظ كيف أن الثبات فيها يكون متدنياً، وأن تماسكها ليقل على الطريق عندما يكون مغطى بالماء أو الثلج، وكيف يصبح السطح زلقاً معها، والحقيقة أن الدواليب لن تكون أحياناً ملتصقة كما أشرنا أعلاه كلياً بالطريق للحصول على التماسك الكامل للثبات لأن هناك طبقة من الماء تحول بينها وبين الطريق، وبالتالي يحدث الانزلاق، وهذه الحال تنطبق على إطارات الطائرة عند الهبوط على السطح المغطى بالماء، وتسمى هذه الحالة بالسطح المائي أو Hydroplaning / Aquaplaningوتزداد هذه الحالة كلما زادت سرعة المركبة وزاد عمق طبقة المياه، وتؤثر في قدرة الكبح للمركبة والتي هي هنا الطائرة.

فعالية الكبح
يؤثر السطح المغطى بالماء على كفاءة الكبح للمركبة، وبالنسبة للطائرات فإن الوضع قد يكون لمصلحتها نظراً لاحتوائها على تكنولوجيا تكون أكثر تقدماً في مقابل المركبات الأخرى، ولكن هذا لا يكون ضماناً لعدم تعرضها للانزلاق من على المدرج، وقد زودت معظم الطائرات الحالية بنظام كبح عالي الجودة يعتمد على الكوابح ذات السطوح الكربونية المصنوعة من الألياف الكربونية (مواد مركبة) بدلاً من المعدنية، وهذه من شأنها أن تعزز من قدرتها على التوقف وهي قادرة على امتصاص أكثر من 60 مليون قدم لكل رطل من الطاقة، ويتم تعزيزها بنظام منع الانزلاق وتعزيز التماسك على الطريق والذي يعمل على توزيع الكبح حسب الحاجة على الإطارات بصورة منفصلة.
إجراءات احترازية
من الأمور التي ينبغي اتخاذها لمنع انزلاق الطائرة عن المدرج أثناء الهبوط عندما يكون سطحه مغطى بالماء أو غيره من العوامل الزلقة، مد المدارج بمسافة إضافية تتجاوز 60 متراً إن أمكن، لكن ذلك لا يتوافر أحياناً في معظم المطارات حيث التقيد بالمساحات المسموح بها تكون صارمة، أو استخدام سطح مثبط كابح لامتصاص طاقة اندفاع الطائرة عند ناهية المدرج، وهناك بالطبع إجراءات يجب أن يتخذها الطيار والحقيقة أن تقديره الصحيح هو الذي يمكن أن يمنع حدوث كارثة، وغالباً ما تكون الانزلاقات عن المدرج نتيجة خطأ مباشر من الطيار كما أن استعمال طائرات كبيرة الحجم في مطارات لا تصلح مدارجها إلا لعمل الطائرات المروحية الدفع سبب رئيسي لحدوث مثل تلك الحالات التي يروح ضحيتها أناس أبرياء.
إجراءات التعامل مع المدرج المغطى بالماء
1- تحديد المسافة المطلوبة والفعلية للهبوط على المدرج حسب وزن الطائرة المستخدمة والتي يتم حسابها 50 قدما (15 مترا) فوق سطح الهبوط مع سرعة الاقتراب وأقصى كبح مع نظام منع الانزلاق على أن تكون المثبطات الايروديناميكية (السطوح الانسيابية الكابحة على الجناح) – Spoilers – جميعها عاملة والدفع العكسي أو الكبح العكسي للمحركات والتي لا تتأثر بوجود الماء لكنها تتطلب مسافة طويلة كي تؤتي ثمارها.
2- أن يكون معامل الرياح الجانبية منخفضاً حسب الحدود المذكورة للطائرة من المصنع.
3- اتخاذ زاوية هبوط مائلة بدرجة 3 درجات والطائرة فوق المسار الاعتيادي للهبوط حيث يزيد من مسافة الهبوط بحوالي ألف قدم (300 متر) أما إذا تعذر ذلك فان الطيار ينبغي عليه اتخاذ إجراء الإقلاع بعد ملامسة العجلات المدرج لمسافة معينة بسبب عدم كفاية المسافة المطلوبة وبالتالي يكون لديه حيز لاكتساب القوة اللازمة لتوليد الرفع والإقلاع لمحاولة الهبوط مرة أخرى بما يعرف اصطلاحاً .
Go - around-4 يجب زيادة السرعة 10 عقد (18 كلم - ساعة) عن المعدل الاعتيادي عند سرعة الاقتراب وتصحيح اتجاه الريح، وهذا بدوره يكسب مسافة تتراوح ما بين 500 - 600 قدم (152 - 182 مترا) عند الهبوط.
5- الهبوط بطريقة تثبيت العجلات بحيث وكأنها تغرس بالنقطة المحددة للهبوط وهذا بدوره يزيد من ثقل وزن الطائرة عليها فيساعد على إزاحتها للماء المغطى لسطح المدرج.
أعـّد المادة : علي محمد الهاشم
تعليق