بأن نهذب أنفسنا ونزكيها ونطهرها من المعايب فقال جلا وعلا في كتابه الكريم :
( قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها )
سورة الشمس آيه :" 9:10 "
فالفلاح في تزكية النفس والخسران
في إهمالها وتركها بدون تزكية
وتهذيب فيُترك لها العنان
في أن تقترف من الذنوب ما تشاء وتُحصل من المباحات ما تهوى دون محاسبة ومعاتبة
وانظر إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم حين يقول " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت
والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " ، ولهذا نبه الكثير من الصالحين
على ضرورة محاسبة النفس فقال ميمون بن مهران
" إن التقي أشد محاسبة لنفسه من سلطان
عاص ومن شريك شحيح " ،
وقال أيضا : "
لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه .
ولهذا قيل :
النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك "
وقال الحسن البصري :
" إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته يستقصرها فيندم ويلوم نفسه
وإن الفاجر ليمضي قدما لا يعاتب نفسه " .
تدعوه إلى الخير وتحببه فيه وتنهاه عن المنكر
وتنفره منه وهذا التهذيب
لن يكون إلا إذا عاد المرء
إلى نفسه فعلمها و أدبها
وذكرها بتقصيرها في حق ربها ثم جعل لها القرآن قائدا والرسول أسوةً وانظر إلى حال مالك بن دينار حينما يدعو إلى العبد الذي يرجع إلى نفسه فيهذبها ويذكرها بتقصيرها فيقول: "رحم الله عبداً قال لنفسه : ألست صاحبة كذا ؟ ألست صاحبة كذا ؟ ثم ذمها ، ثم خطمها ، ثم ألزمها كتاب الله عزوجل فكان لها قائدا ً " .
نفسه حتى تقوى صلته بالله
فما بالنا بالدعاة والمصلحين
وأصحاب الهمم الذين يحملون همّ الدعوة والإصلاح ويسيرون بين الناس هنا وهناك
لنشر دعوتهم فلهم أشد حاجة
إلى تهذيب أنفسهم حتى يستطيعوا أن يهذبوا غيرهم
ولهذا رأينا الأمام علي رضي الله عنه ينصح الأئمة والدعاة والمصلحين فينادي عليهم قائلاً :
" من نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتهذيب نفسه قبل تهذيب غيره ، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ومعلم نفسه
ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم" : - بالطبع إذا ترك تعليم نفسه وتهذيبها –
فانظرإلى هذا الكلام الراقي
الذي يفتقده الكثير من الدعاة والمصلحين
خاصة من طلبة العلم
وأهل الألتزم الجدد الذين ينصبون أنفسهم في بعض الأحيان أئمة يريدون
أن يهذبوا الناس على الرغم من أنهم لم يهذبوا أنفسهم وتجد أفعالهم وسلوكياتهم وأخلاقهم بعيدة كل البعد عن أقوالهم وأحاديثهم ، فيامن تنصب نفسك إماماً وداعيا لهذا الدين راجع نفسك وهذبها وأعلم أنك مسؤول وأن الناس ينظرون إليك ويقتدون بأفعالك فاحذر أن تكون معول هدم دون ان تشعر .
" من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه " .
تعليق