تتفاوت امراض السفر جوا وتتعدد من وقت لآخر ومن موقع لآخر، ولكل مرض اعراضه وطرق علاجه الخاصة به ووسائل التعامل معه، ومنذ استخدام السفن في التاريخ، كانت هي والقطارات وسائل النقل الجماعية ذات السعة الكبيرة من البشر للنقل التي تنتقل بواسطتها الامراض والاوبئة، قبل ان تخترع الطائرة وتصبح هي وسيلة السفر الاولى عالمياً والوحيدة ربما للتنقل في ما بين قارات العالم، لتصبح تلك الامراض والاوبئة تنتشر بسرعة رهيبة لم تكن متوقعة.

وضع الأسس
بعد ان دخلت الطائرة مضمار النقل العام للبشر، متفوقة على السفن والقطارات بأشواط، فان تحركا دوليا صار ضروريا لوضع اسس للحد من انتشار واحتواء الاوبئة المعدية والامراض الناتجة عن النقل الجوي، فكانت المعاهدة الاولى في العام 1924، بواسطة طيران «بان اميركان» في هافانا بكوبا آنذاك، لتتبعها الاتفاقية الدولية العالمية للصحة والحد من انتشار الامراض المعدية في العام 1933وتم التوقيع عليها في هولندا، وتوالت التحديثات والاضافات بتلك الاتفاقية مع تطور وانتشار الطيران بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى وقتنا الحالي، وتم فرض ضرورة التطعيم ضد أمراض معدية كالحمى الصفراء والكوليرا وغيرها قبل السفر من وعلى مناطق معينة في العالم كضرورة لمنع انتشار العدوى عالمياً.
لان كبائن الطائرات تعد مكانا حساسا، فان نوعية معينة من المبيدات الحشرية والطاردة للقوارض تم تطويرها خصيصا كي لا تؤثر في فرش كبائن الطائرات، ولا تسبب التلوث والاعراض الضارة للركاب، فهي تكون سريعة الجفاف والامتصاص بالفرش فور رشها وغير قابلة للاشتعال او تساعد في ذلك، وكان قبل ذلك يتم استخدام الدخان الناتج عن مواد سامة لطرد وقتل تلك الحشرات والقوارض، لكن تلك العملية المكلفة والتي تستدعي عزل الطائرة في موقع بعيد ومعزول على ارض المطار لتطبيقها تمت الاستعاضة عنها بوسائل واجراءات مكافحة اكثر كفاءة منها مثل التي تم ذكرها.
تخيل انك مواطن بدولة اسكندنافية باردة وجوها نظيف، وفجأة ترتفع درجة حرارتك وتتدهور صحتك وبعد معاينة الطبيب لك تكتشف انك مصاب بالملاريا، والسبب في اصابتك بهذا المرض الذي يتواجد في الدول ذات الجو المداري والاستوائي الدافئ، يرجع الى انتقاله عبر الطائرة بواسطة بعوضة ولجت من مطار دولة شرق آسيوية اثناء صعود الركاب الى الطائرة هناك، وسافرت معهم الى هذه الدولة الاسكندنافية وخروجها مع الركاب بالمطار، وصادف ان لدغتك وانت تودع احد اقربائك هناك. نعم هذا وارد فما بين عام 1969 و1999 رصدت 89 حالة اصابة بالملاريا بمطارات لأناس لم يسافروا قط من بلدانهم، بل اصيبوا نتيجة للسيناريو نفسه المذكور اعلاه خلال تواجدهم بالمطارات هناك، لتوديع اقربائهم، ولا ننسى ان الركاب ايضاً معرضون للاصابة.
تأثير الضغط داخل الكابينة
لا يخفى على العديد منا ان مرض او اعراض ما تعرف بمتلازمة الدرجة السياحية او DVT، هي هاجس للعديد من الناس، خصوصا مع دخول الطائرات ذات المديات البعيدة جدا والتي تحلق بصورة متواصلة دون توقف لأكثر من 10 ساعات، الأمر الذي يتسبب في تخثر الدم في الساقين وامكانية حدوث جلطة ووفاة للراكب دون سابق انذار، وقد تم التغلب على مثل هذه الحالة بجعل المقاعد اكثر رحابة وسعة وهناك اختراع لمقعد مزود بأداة تدليك ميكانيكية للساقين ورفعهما للتغلب على هذه الحالة، قد يتم اعتماده حديثا على بعض الطائرات التابعة لشركات طيران عالمية.
يبدو أن الصراع والتنافس الحاد ما بين ايرباص وبين بوينغ امتد ليشمل حتى بناء الكبائن الأكثر صحية، فايرباص قدمت كابينتها الأكثر رحابة في تاريخ الطيران عبر طائرتها A380 السوبر جامبو، وتساهم المقاعد ذات المسافة الرحبة في التقليل من الإصابة بحالات جلطات الأوردة في الساقين لدى ركاب الرحلات الطويلة، أما بوينغ فإنها تفخر بأن كابينة طائرتها الواعدة 787 دريملاينر والتي تنتظرها شركات الطيران بفارغ الصبر يمكنها تأمين ضغط جوي يوازي ارتفاع 6 آلاف قدم من سطح البحر، وذلك بفضل بنية الطائرة المتكونة من المواد المركبة، والتي يمكنها من تأمين ذلك بينما لا يمكن معدن الألمونيوم والذي تصنع منه طائرات الركاب الحالية من تأمين ذلك.
تعليق