لأفق.. هذا الخط الأزرق العجيب الذي تتعانق عنده السماء مع الأرض، هذا الخط الذي كلما اقتربت منه ابتعد عنك، لا لشيء ولكن ليكون معك دائماً أينما قلبت وجهك في السماء، فهو هناك في صدر السماء في كل اتجاه وفي كل الارتفاعات ما دمت قادراً على النظر إليه من فوق قمة جبل أو محلقاً في السماء، والأفق كلمة جميلة أنيقة لخط وهمي يحجب الشمس في آخر النهار فيكون الغروب، وتصعد الشمس من خلاله فيكون الشروق، وكثير من الناس وخاصة في الغرب يستمتعون بمشاهدة قرص الشمس وهي تشرق رويداً رويداً خلف الأفق بلونها الذهبي الخلاب حتى يكتمل الشروق وتبدو ناصعة البياض أو عندما تميل للغروب مخلفة وراءها رداء الشفق الشفاف البديع ومنهية يوماً من أيام الحياة في الجهة التي غربت فيها.
من خلال الأفق نعرف صفاء الجو ومدى الرؤية مقارنة بزرقة السماء مع أديم الأرض، ومن المؤلم وخاصة في المدن الكبيرة أن ترى الأفق وما فوقه تغشاه طبقة رمادية تميل إلى السواد والصفار تحجب عنك الأفق وتجعلك تشعر بالانقباض وأنت تشاهد تلوث الهواء الذي نستنشقه وتدرك ما قام به الإنسان من تدمير للبيئة وتلويثها بالكميات الهائلة من الدخان التي تنفثها المركبــات والمصانع التي تعمل بالوقود بجــانب الحـــرائق الأخرى مما يــدفع بغــاز ثـاني أكسيد الكربون إلى عنان السماء ويختلط ببخـــار الماء والأتربة فينتج عن ذلك تلك الطبقة الرمادية المحزنة التي تشــوه صــــفاء الأفــــق ولا يخفف قسوتها قليلاً سوى الأمطار.
الأفق والطيار
وكلمة الأفق عند الطيارين تذكرهم بأيامهم الأولى عندما كانوا يتدربون بطائراتهم الصغيرة، ويتذكرون مدرس الطيران وهو في الطائرة يشير بإصبعه إلى الأفق البعيد المنحني ثم يأخذ بعصا قيادة الطائرة ويجعل مقدمتها تسير برفق بمحاذاة الأفق ثم يميل بالطائرة ذات اليمين وذات الشمال ثم يصعد تارة فوق خط الأفق وتارة أخرى تحت الأفق، ويرى الطالب أن مقدمة الطائرة ما دامت تسير بمحاذاة الأفق وهي مستوية أو في حالة الميلان فإن ارتفاع الطائرة يظل ثابتاً وأن مقدمة الطائرة إذا ارتفعت فوق الأفق زاد الارتفاع، وعلى النقيض إذا نزلت تحت خط الأفق، ومن هنا يبدأ الطالب في تنمية قدراتـه أو مهاراتـــه بالتحكم في الطائرة وتنسيق الحركات بضوابط الطائرة للمحافظة على وضع الطائرة حسب الحاجة، ويجد الطالب الطيار نفسه مع استمرار التدريبات الجوية مرتبطاً بالأفق الذي يعتبره بمثابة المسطرة التي يقيس بها وضع الطائرة وهي مستوية أو حتى وهي مقلوبة وخاصة عندما يتدرب على الحركات البهلوانية التي تزيد من ثقته في الطائرة والتحكم فيها وتبعده عن الخوف من الطيران في الأوضاع غير العادية، وإذا ما أقبل الليل أو اختفى الأفق وراء السحب فإن الطيار يعتمد على عداد (الأفق الاصطناعي) الموجود أمامه في قــمرة القيادة والذي يعوضه عن الأفق الطبيعــــي.
تعريف الأفق
والأفق كما جاء في كتب الطيران وفي الموسوعة العربية العالمية هو الخط الأزرق البعيد المنحني الذي تلتقي عنده السماء والأرض، ولا يستطيع أغلب الناس وهم على اليابسة مشاهدة الأفق لأن المباني وتضاريس الأرض والأشجار والجبال تحجبه عنهم لكن يمكن لإنسان على ظهر سفينة في يوم صحو أن يرى الأفق، وكلما ارتفعنا عن الأرض زادت المساحة التي نراها من الأفق لأن الشخص الذي يقف على علو يمكنه الرؤية بعيداً فوق منحنى الأرض أكثر من الشخص الذي يقف على مستوى سطح البحر، ويبعد الأفق حوالي (4 كم) عن شخص ( مستوي ) على مستوى سطح البحــــــر ويبعد (113 كم) بالنسبة لشخص داخل طائرة أو على قمة جبل يرتفع كيلومتراً واحداً فوق سطح البحر، والملاحون وخاصة الطيارين وكذلك الفلكيون يدركون أهمية الأفق لأن الطيارات وحتى المركبات الفضائية تقيس دورانها وارتفاعها (قبل أن تصل إلى الفضاء) بالزوايا المئوية للأفق، وبالرغم من أن التقنية الفضائية والأقمار الاصطناعية قللت من الاعتماد على الأفق الطبيعي لكن تظل النفس مجبولة على رؤية الشواهد الطبيعية التي تريح النفس مثلما تحس بالارتياح لرؤية السماء ونور الشمس أكثر من إحساسك بالكهرباء في غرفة مغلقة لا ترى فيها السماء، كما أنه لو حصل خلل في الأجهـــزة الفنية فمن الطبيعي الاعتماد في وقت الطوارئ على الشواهـد الطبيعيـة.
اللهم اجعلني خيراً مما يظنون ، ولا تؤاخذني بما يقولون ، واغفر لي ما لا يعلمون .. اللهم إني أعلم بنفسي منهم ، وأنت اعلم بنفسي مني ، وقد اثنوا بما أظهرته لهم ، فلا تفضحني بما سترته عنهم ، وكما أكرمتني في دنياي بعدم الفضيحة ،فاسترني في أخراي بجميل سترك يا منان ..
تعليق