وقد تحدثت مرات عديدة عن تقادم الأجهزة ومعدات الاتصالات وعدم وجود وسائل احتياطية لتلك الأجهزة أو معدات الاتصالات ووجود ملاحظات كثيرة على الإجراءات الموجودة حالياً لخدمات المراقبة الجوية للعديد من المطارات السعودية أو المجال الجوي السعودي وإن بعض هذه الإجراءات لا تخدم سلامة الطيران ولا تخدم النواحي الاقتصادية لكثير من شركات الطيران المستخدمة للمجال الجوي السعودي أو المطارات السعودية والتي تسعى إلى الربحية في ظل سياسة المنافسة.
العنصر الأخير وهو المهم في صناعة النقل الجوي ألا وهو المراقب الجوي الذي لازال يعمل بكفاءة رغم تقادم وعدم توفر الأدوات التي تعينه وتساعده على أداء عمله بكفاءة واحترافية و غياب الحوافز والاعتبار وقلة العائد المادي لهذه المهنة الذي أدى بدورة إلى الشعور بالإحباط ونتج عنها بيئة عمل سيئة للغاية.
ورغم اجتهادات المراقبين الجويين وسعيهم الدائم لتحسين بيئة العمل من خلال أدائهم لهذه المهنة بكفاءة واقتدار ـ بحسب قدراتهم وإمكانياتهم ـ وطرح الأفكار والمقترحات والكتابة للمسئولين عن الوضع القائم ومحاولتهم الدائمة لفت النظر إلى خطورة الوضع وضرورة التحرك لتفادي حدوث ما لا يحمد عقباه إلا أن ردة الفعل من قبل الإدارة العليا المسئولة عن خدمات الملاحة الجوية كانت دائماً تحمل مسئولية ما يحدث للمراقبين الجويين أنفسهم واختلاق أسباب ليست واقعية وغير حقيقية بأنها هي السبب في تدني مستويات سلامة الحركة الجوية في المجال الجوي والمطارات السعودية والسبب ـ من وجهة نظرهم ـ هو المراقب الجوي.
إن مستويات سلامة الحركة الجوية في المجال الجوي والمطارات السعودية مقلقة جداً ويجب الإسراع في تحسينها، فخلال الشهرين الماضيين تم تسجيل أكثر من 37 حالة تقارب جوي وهو رقم مخيف جداً ومرعب ونتيجة طبيعية للظروف الحالية لخدمات الملاحة الجوية بإمكانياتها الضعيفة جداً والمحدودة مقارنة بما يجب أن تكون عليه في ظل تنامي وتزايد حجم الحركة الجوية في المجال الجوي والمطارات السعودية، وهذه الزيادة يجب أن يوازيها تطوير تقني وبشري عالي للبنية التحتية لصناعة النقل الجوي في السعودية.
اليوم تشهد الاتصالات بين المراقب الجوي والطيارين في المجال الجوي السعودي انقطاعات متكررة قد تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 12 ساعة متواصلة لعدم وجود أجهزة اتصالات احتياطية في حال انقطاع أو تعطل أجهزة الاتصالات الرئيسية. فلكم أن تتخيلوا أن الطائرات تعبر المجال الجوي السعودي دون أن تتحدث مع المراقب الجوي وبعض الطيارين يطلب الهبوط أو الإقلاع من بعض المطارات بواسطة التلفون!! وكذلك أعطال الرادارات وانقطاع الصور الرادارية وعدم وجود رادارات احتياطية عند انقطاع أو تعطل الرادارات الأساسية وهو ما يجعل العمل يتحول من العمل بالرادار إلى العمل بدون رادار ويتحمل المراقب الجوي عبء العمل الكبير في هذه الحالة وينتح عنها تأخير كبير للطائرات القادمة والمغادرة للمطارات وينتج عنه كذلك خسائر مادية جسيمة لشركات الطيران لأن مئات من الأطنان من الوقود سوف تُحرق في السماء انتظاراً للهبوط أو على أرض المطار انتظارًا للمغادرة أو على ارتفاعات منخفضة بالنسبة للطائرات العابرة لأن فاصل الوقت والمسافة سيزيد في حالة العمل بدون رادار وستفقد العديد من الرحلات فرصة الطيران في الارتفاعات العالية.
إن الوضع مأساوي ولا يمكن لأحد أن يتخيله أو يتصوره أو يتوقعه إلا عندما يقف على الحقائق ويرى بعينه ما يحدث على أرض الواقع،فبعد أن فشلت الأجهزة الحديثة التي تم تركيبها في مطار الملك خالد الدولي والتي كان من المفترض أن تعمل في شهر 6 / 2008م ولم تعمل حتى هذه اللحظة وفشل تشغيل النظام الجديد الذي تم تركيبه في مطار الملك عبد العزيز بجده واستمرار أعطال الأجهزة الملاحية ومعدات الاتصالات وعجز الهيئة العامة للطيران المدني ممثلة بخدمات الملاحة الجوية عن النهوض بهذا المرفق الهام وتطويره بما تناسب مع الظروف المحيطة كل هذا يزيد من احتمالات حدوث كارثة لا سمح الله فالمعطيات تنبئ بذلك وكل مراقب جوي يشعر بذلك لكن أعيننا جميعاً لا تتمنى أن ترى الكارثة.
لازلت في نفس المحراب أصلى وأدعو أن يقيض الله لهذه المهنة من ينتشلها من الضياع والسقوط والتخلف إلى التطور والتقدم والرقي ، وأسأل الله العظيم في هذا الشهر الفضيل أن يكون ذلك قريباً.. فارفعوا أيديكم معي .. لنقول جميعاً .. آمين.
تعليق