اختفاء الرحمة من حياتنا

تقليص
هذا الموضوع مغلق
X
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Flying Way

    ابو خالد

    • 23 - 12 - 2004
    • 3062
    • FLYING WAY
    • Pilot
    • جامعي
    • الاتحاد للطيران
    • B777

    اختفاء الرحمة من حياتنا

    كل القيم التي تشتمل عليها منظومة القيم الأخلاقية الإسلامية قيمة رفيعة القدر بالغة الأهمية تتصدر هذه المنظومة وترتفع فوق قمتها، ألا وهي قيمة الرحمة، والرحمة ليست مجرد عاطفة عارضة أو شفقة وقتية مرتبطة بموقف معين، وإنما هي بطبيعتها ينبغي أن تكون خلقا ثابتا ومتأصلا في النفس الإنسانية، وشاملا لكل قيم السلوك الفاضل في التعامل مع البشر ومع كل الكائنات الأخرى في هذا الوجود ومن هنا كانت الرحمة هي الهدف الأسمى والغاية العظمى للرسالة الإسلامية، كما جاء ذلك في القرآن الكريم في قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.

    وتأكيدا لذلك وترسيخا لهذه القيمة العظيمة في النفوس تكرر مفهوم الرحمة مئات المرات في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية وفي أول كل سورة من سور القرآن الكريم، وفضلا عن ذلك فإن كل عمل يبدؤه المسلم يفتتحه في العادة بالقول “بسم الله الرحمن الرحيم” وهذا التأكيد من شأنه أن يجعل قيمة الرحمة حاضرة باستمرار في وعي الناس حتى يكون التعامل فيما بينهم قائما على هذا الأساس، فالله هو الرحمن وهو الرحيم، ورحمته وسعت كل شيء، والله يحب من عباده أن يكونوا على صفته وأن يتخلقوا بأخلاقه، وما دامت الرحمة من أبرز صفاته فينبغي أن يكونوا رحماء فيما بينهم.

    ولكننا للأسف الشديد نفتقد هذه القيمة العظيمة في كثير من تعاملاتنا اليومية فالقسوة قد حلت محل الرحمة في كثير من علاقات الناس اليومية وتعاملاتهم الحياتية. والأمثلة على ذلك كثيرة، فهناك الأب الذي يقسو على أبنائه والأولاد الذين يقسون على آبائهم ويتنكرون لكل ما قدموه لهم، والزوج الذي يقسو على زوجته والزوجة التي تقسو على زوجها، والرئيس في العمل الذي يقسو على مرؤوسيه، ناهيك عن الإقدام على ظلم الأبرياء واغتصاب حقوقهم وإراقة دمائهم بلا ذنب ولا جريرة، أو الإقدام على إزهاق الأرواح لأتفه الأسباب.

    وصفحات الحوادث في الصحف اليومية تطالعنا بالكثير من حوادث القتل التي لا مبرر لها أو التي تنجم عن أسباب تافهة أو متوهمة حتى في داخل الأسرة الواحدة وقد شبه الله قلوب هؤلاء الذين قست قلوبهم ونزعت منها الرحمة بأنها “كالحجارة أو أشد قسوة” وهذه ظواهر غريبة على مجتمعنا المعروف بالاعتدال على مدى تاريخه الطويل والذي تنطلق تقاليده الدينية منذ التاريخ القديم من قيم التسامح والمحبة والرحمة.

    سلوك شاذ

    وإذا كان التعامل في محيط البشر على هذا النحو من القسوة فإن التعامل مع الحيوان ليس أسعد حظا، فالقسوة هي الغالبة حتى لدى البعض من الأطفال الذين يلهون ببعض الحيوانات أو الطيور بطريقة بشعة ولا يجدون من يردعهم عن ذلك. وكثيرون في القرى يتعاملون بقسوة مع دوابهم التي تحمل لهم أمتعتهم ومحاصيلهم وأسمدتهم.

    وهذا السلوك الذي يخلو من الرحمة يعد سلوكاً لا يليق بالإنسان الذي كرمه الله وجعله خليفة في الأرض ليعمرها بالخير وينشر فيها القيم الفاضلة وعلى رأسها قيمة الرحمة، تلك القيمة التي إذا تمكنت من النفوس وترسخت في العقول فإنها تتحول تلقائيا ودون تكلف إلى أسلوب للتعامل مع كل الكائنات، وتمثل الرحمة أرقى درجات السمو الأخلاقي الإنساني، لأن هذا السلوك مرتبط في الوقت نفسه بالتسامح والحب لكل الكائنات. ولا يمكن لمن يتخلق حقيقة بهذا الخلق أن يكون ظالما أو متعصبا أو حقودا أو متطرفا في فكره أو في سلوكه.

    ومن هنا نفهم لماذا كان تركيز الإسلام على هذه القيمة بالذات أكثر من تركيزه على أي قيمة أخرى، لأنها المفهوم الجامع لكل قيم الحق والخير في هذا الوجود، ومن أجل ذلك أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم تأكيدا واضحا في العديد من الأحاديث النبوية، ومن ذلك قوله: “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وقوله “الراحمون يرحمهم الرحمن” كما أكد في الوقت نفسه على التمسك بهذا الخلق في التعامل مع الحيوان في قوله: “اتقوا الله في هذه البهائم العجماوات” لأنها لا تستطيع أن تفصح عما في نفسها، أو تعبر عما تشعر به، ويشير النبي العظيم صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد إلى بعض الأمثلة من بينها أن “رجلا رأى كلبا يلهث من العطش فنزل بئرا وملأ خفه ماء فسقى الكلب فشكر الله له وغفر له” وفي المقابل يخبرنا بأن “امرأة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض”.


    حرمة الحياة

    إن الحياة سواء كانت حياة إنسان أو حيوان لها حرمتها التي ينبغي الحفاظ عليها وصيانتها وإنقاذها من كل ما يمكن أن تتعرض له من مخاطر، وقد جعل الإسلام الاعتداء على نفس إنسانية واحدة بمثابة اعتداء على الإنسانية كلها، كما جاء ذلك بوضوح تام في القرآن الكريم، والرحمة هي الخلق الذي يمثل سياجا منيعا لحماية الحياة في شتى صورها من مختلف الأخطار. ومن أجل ذلك فإنه من العبث بالقيم والأخلاقيات وصف قتل الإنسان الميؤوس من شفائه بأنه “قتل رحيم” لتخليص المريض من آلامه، فهذا القتل يعد بكل المقاييس امتهانا للحياة الإنسانية، ولا صلة له بالرحمة من قريب أو من بعيد، حتى وإن كان بموافقة المريض نفسه، لأنه في هذه الحالة يعد انتحارا بالوكالة، وليس من حق أحد أن ينهي هذه الحياة بأي شكل من الأشكال، فصاحب الحق الوحيد في إنهاء الحياة هو واهب الحياة وهو “الله” الذي جعل لكل أجل كتابا ووقتا محددا لا يتقدم ولا يتأخر.

    إن رصيدنا الديني والأخلاقي بصفة خاصة، والحضاري بصفة عامة يحتم علينا أن نعيد النظر في الكثير من سلوكياتنا اليومية لنرتفع بها إلى مستوى القيم التي تضمن لمجتمعنا التقدم والازدهار، والأمن والأمان والسلام والاستقرار حتى ينعم الجميع بحياتهم ويسعدوا بدنياهم في جو من الرحمة والتراحم والمحبة والتسامح والألفة والتعاون على كل ما فيه الخير والصلاح للوطن والمواطنين.
  • جناح جده

    نجم خط الطيران الشراعي
    مدرب طيران شراعي

    • 13 - 10 - 2006
    • 5148
    • ملف أخضرعلاقي
    • طيار شراعي
    • Parachutist
    • طايرتي الشراعية
    • paramotors
    • الطيران الشراعي

    #2
    مشاركة اختفاء الرحمة من حياتنا

    جزاك الله خير .
    الحمدلله الذي جعلنا مسلمين
    صحيح الاسلام دين العداله
    اللهم صلي على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
    الهم انا نشهد انه قد بلغ الامانه واداء الرساله ونصح الامه
    فجازه الله عنا خير ما جاز نبيً عن امته

    عليه الصلاة والسلام وعلى كافة الانبي والرسل

    تعليق

    • صقر الثمامه

      .. مجلس الادارة ..

      • 25 - 01 - 2005
      • 4693
      • الرياض



      #3
      مشاركة اختفاء الرحمة من حياتنا

      الله يعطيك العافيه كابتن هشام على هذا الموضوع المتميز ...
      دائماً تتحفنا بإبداعاتك المتواصله وكتاباتك الشيقه ...

      تقبل تحياتي ،،،

      تعليق

      • الفراشه الدلوعه

        مساعد طيار
        • 25 - 06 - 2006
        • 183
        • بيت الله الحرام
        • هواية السباحه واهتمامي في القراءه وامنيتي ان اكون طيارة يوما ما
        • طالبه
        • الخطوط الامارتيه وو الماليزيه ايضا
        • بونيج747
        • كلووووووووو وبذا المنتدى العام
        • على كفي على دربي على صفحه من الدفتر نقشت حروفك العذرا على شريان من دمي وجيتك عاشق هارب من همومي معك بسهر ابشكي لك و افضفض لك بقربك ينجلي همي ازخرف حبنا الوردي على جدران من مر مر و الونها و اشكلها و احط اسمك قبل اسمي

        #4
        رد: اختفاء الرحمة من حياتنا

        الله يعطيك العافيه يااخ هشام وجزاك الله خير على موضوعك الرائع

        تعليق

        يعمل...