أجهزة التشبيه الأولى
مع حلول عام 1910 كانت الوسائل البدائية للتدرب على الطيران بالطائرات تأخذ شكلها الأولي، فقد كان هناك مجسم كامل لطائرة حقيقية معلقة بطريقة مواجهة لتيار هوائي وكان يمكن إمالتها جانبيا بحرية تامة لكنها كانت ضخمة وصعبة التحريك والصيانة، وهي بالتالي غير عملية، ثم جاءت فكرة البرميل 'برميل النبيذ' المجوف والذي تم ابتكاره بنفس الفترة، ويتألف من نصفي برميل، حيث يتألف النصف السفلي القاعدة ويمثل القسم العلوي حجرة القيادة بالطائرة، ووصلت ببكرات وأسلاك بضوابط لتشبيه عملية حفظ توازن الطائرة الحقيقية وهي في الجومن ناحية الارتفاع والانخفاض والميلان.
جهاز 'لنك' لمحاكاة الطيران
حدث التوسع الرئيسي في ميدان صناعة أنظمة التشبيه ومحاكيات الطيران في الفترة ما بين الحربين العالميتين ( 1919 - 1939 ) حيث شهدت تلك الفترة البداية الحقيقية للنقل الجوي، وانتشرت خلالها أندية الطيران والمسابقات الجوية، وظهرت هناك شريحة من الأثرياء وميسوري الحال لديهم رغبة في تعلم الطيران، وراحوا يأخذون دروسا بذلك، وقد كان من بينهم الأميركي صانع الأثاث إد لنك Ed Linkالذي أراد تعلم الطيران كهواية، لكنه لم يكن راضيا عن التدريب الذي كان يتلقاه، فقام بتصميم آلة التدريب الخاصة به، وكانت تصميماته الأولية على قدر من الإتقان والبراعة لدرجة جعلت من سلاح الجو الأميركي يقرر شراء عدد من تلك المشبهات والتي تعتبر بالمفهوم العملي الجيل الأول من أنظمة التشبيه Flight Simulator، وأدى هذا التدفق من السيولة النقدية للنك من توسيع تجارته وتحسين تصميماته وصنع مشبهات طيران أكثر تطورا وتعقيدا استخدمت في جميع أرجاء العالم .
مراحل تطور أجهزة التشبيه
مرت أجهزة محاكاة الطيران أوالسميوليتور كما يطلق عليها، بمراحل تطور واكبت تلك التي للطائرات، فبعد جهاز لنك ذي التحكم الالكتروميكانيكي، ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة أجهزة محاكاة تعتمد على الكمبيوترات القياسية البدائية ومن هنا بدأ الكمبيوتر يأخذ نصيبه في تسهيل وتحسين المعطيات لأجهزة محاكاة الطيران . وفي عام 1948 سلمت شركة 'كيرتس رايت' أول جهاز تشبيهي للتدرب على الطيران، لشركة طيران مدنية وهي بان آمريكان الأميركية، ولم يكن وقتها ذلك الجهاز متحركا بل ثابتا ولا حتى ذا نظم لعرض تشبيه الجوالخارجي للطائرة، لكنه كان يوفر فرصة ممتازة لفهم أنظمة الطائرة بالنسبة لطاقم الطيارين، مما يجعل عملية التطبيق الفعلي للطيران بعد ذلك أمرا ميسرا.
المشبهات السداسية الأرجل والرقمية
ظهرت أنظمة محاكاة الطيران القابلة للحركة في أواخر الخمسينات، وكانت مزودة بنظام لعرض التضاريس والتي كانت محدودة الحيز بالنسبة للعرض واقتصرت على المنطقة المحاذية للمطار المراد العمل فيه، والسبب يرجع إلى أنها كانت محاكاتها تتم من خلال بناء نموذج مصغر للمنطقة تلك ويتم وضع كاميرا مصغرة لنقل الصورة وكأنها مضخمة وبالتالي إذا ما أريد عمل رحلة جوية قصيرة جدا سيتطلب ذلك مجسما بحجم استاد رياضي عملاق.
في فترة الستينات تم الاستخدام الأول للكمبيوترات الرقمية في أجهزة التشبيه للتدرب على الطيران، ومع عام 1969 ودخول فترة السبعينات ظهرت المشبهات السداسية الأرجل، والتي تستند على ستة أرجل صناعية هيدروليكية، وفي عام 1977 أصبحت معزولة في قاعات ويتم دخولها بطريقة تشبه دخول أي مركبة جوية أوسفينة، أي بواسطة جسر يفصلها عن غرفة المراقبة التي يجلس بها الفنيون.
ولا بد من الإشارة الى أن أجهزة محاكاة الطيران باتت تخضع هي الأخرى للترخيص كي تكون معتمدة كجهاز تدريب على الطيران تماما كالطائرات ويتم ذلك من خلال هيئة الطيران المدني بالدولة FAA / CAA / DGCA وهي بذلك أصبحت تماثل الطائرة حتى بإجراءات التشغيل.
مستقبل أنظمة محاكاة الطيران
لا شك أنه لا غنى عن أنظمة محاكاة الطيران وأجهزة التشبيه 'المشبهات' ومع تطور الكمبيوتر والأنظمة البصرية سيتحسن الإحساس لدى الطيارين من خلال الواقع الافتراضي الذي تولده تلك الاجهزة وبالتالي سيكون مردود ذلك مجزيا من الناحية العملية ومزيدا من السلامة والتوفير في الكلفة، ويبقى أن نعرف أن التحليق في الجهاز التشبيهي يكون عادة أصعب من التحليق بالطائرة نفسها فعليا، وذلك كما أشرنا لانها صممت لذلك، ومن أجل محاكاة أحلك الظروف ولكن من دون إزهاق للأرواح.
الجهاز التشبيهي يجب ان يحاكي قمرة القيادة في الطائرات كما هو موضح في الصورة
في الاعلى اول جهاز تشبيهي عملي.. وفي الاسقل نموذج حديث
نظام تشبيه الطيران الشخصي
يمكن أن نطلق تسمية 'زمن الكمبيوتر' على هذه العصر حيث طغت أجهزته الشخصية على جميع الأماكن وفي جميع الدول على امتداد المعمورة وبالطبع تطورت برمجياته بحيث باتت تخدم شرائح وليس شريحة واحدة من البشر ، وأصبحت توفر واقعا افتراضيا كما توفره أنظمة محاكاة الطيران التي تستخدم بقطاع الطيران العسكري والمدني ، وفي بداية عام 2000 أصبحت برامج الترفيه الكمبيوترية أكثر واقعية من ذي قبل وأصبح بإمكان الشخص العادي حيازة برنامج محاكاة الطيران بجهاز كمبيوتره الشخصي والذي يتضمن جميع أنواع الطائرات العسكرية منها والمدنية، كذلك الهليكوبترات، وبدأت بعض الأوساط الأمنية تعرب عن خشيتها من تلك البرامج التي يقال انها ساعدت على سرية تدريب مرتكبي احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 على أجزاء مهمة من مراحل التدريب ودروس الطيران قبل تنفيذ مخططهم البطولي ذاك.
واليوم أصبح هناك أشخاص يبنون مخطط رحلات جوية افتراضية بواسطتها وهي متاحة للجميع على الانترنت.
تعليق