وحلت ''الوطن'' ضيفاً على ''قصر السيف''، حيث كان نوخذة الشوعي (نوع السفينة) متربعاً على التفر (مؤخرة السفينة) ويده اليسرى قابضة على الدفة بإحكام، كان جالساً وعلى مقربة منه سلة مصنوعة من خوص النخيل تحوي رطباً جنياً، يرمق كل ما يدور على سطح السفينة بدقة لا متناهية، ويراقب كل صغيرة وكبيرة من تحركات البحارة والغواصين على الصدر (المقدمة)، فهدير المحرك لا يمنعه من سماع حديثهم وفهم همساتهم، ومثال ذلك عندما سمع أحدهم يأمر زميله بشد حبال الشراع صرخ بوجهه، قائلاً: ''اسكت.. أنا النوخذة هنا وليس أنت!''.
بدأ النوخذة مسيطراً تماًماً على زمام الأمور، وكأن هناك نظاماً دقيقاً وصارماً لا يمكن لأي من الطاقم الحياد عنه، فكل واحد يعرف موقعه من السفينة ويلزمه، كما يعرف كل منهم دوره ومتى يبادر إليه، وحتى رجال الصحافة والإعلام لم يسلموا من صيحات النوخذة التي أمرتهم مرات عدة بالابتعاد عن ناظريه ليواصل رصد ما حوله!
واتضح أن النوخذة يتحدث اللغة الفرنسية إلى جانب الإنجليزية، بطلاقة، إذ خاض حديثاً طويلاً وسريعاً بكلتا اللغتين مع مجموعة من الأجانب كانوا على متن السفينة.
على المياه الهادئة في مصيد بوصياح، استقرت السفن الخمس بعد أن أنزلت أشرعتها التي صارعت رياح ''الكوس''، ليبدأ العد التنازلي للحظات التي طال انتظارها تحت لهيب الشمس ولفح الحر، وهي لحظات الغوص في أعماق البحر والخروج بالمحار الذي كان يبدو جلياً من خلال المياه الصافية.
تعليق